الرئيسية / شرح: رفع الالتباس عن خطر رفع العلم عن الناس (تفريغ) / الجزء (2) رفع الالتباس عن خطر رفع العلم عن الناس: شرح حديث عوف بن مالك (تفريغ)
2025-12-25
الجزء (2) رفع الالتباس عن خطر رفع العلم عن الناس: شرح حديث عوف بن مالك (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين مسألة رفع العلم من كتاب «رفع الالتباس»، وبينا في الدرس الذي سلف أن هذا العلم نور، وهذا العلم فيه نور يبصر به العبد، يبصر به العبد في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة، وبينا الذي يفقد هذا النور في هذا العلم فهذا العبد يعيش في ظلمات؛ ظلمات الحياة الدنيا وظلمات الحياة الآخرة.
ولتوفيق الله سبحانه وتعالى بهذا النور للعبد، قلنا لابد له من أمر مهم، وهو علم الكتاب والسنة والأثار، ولابد من فهم العلم، هذا أمر مهم جدا؛ فهم العلم ومعرفة معانيه، فلابد من هذه الأمور، وإلا أناس أعطوا علما -كما بينت لكم- لكنهم لم يعطوا نورا في هذا العلم.
فعلى سعة علمهم هم ضلال، وعلى سعة دعوتهم وإلقاء الدروس والمحاضرات والدورات، سواء في بلدهم أو في البلدان الأخرى، مع أن هؤلاء ضالون وعلمهم مخلط خبط وخلط، إن أتيتهم في مسائل الإيمان خبط وخلط، حتى لو رجعوا عن شيء تبين لهم بزعمهم خطأ قالوا رجعنا، كمسألة العذر بالجهل، لكن كما قال الإمام الأوزاعي: لا يتركون بدعة إلا وقعوا في بدعة أكبر من أختها. وكعبد المحسن العباد، وكصالح السحيمي، وعبيد الجابري، ومحمد المخربي، وربيع المخربي، وخراب وفي خراب وكلهم خراب؛ لماذا؟ ما في نور في علمهم، والذي معهم خراب، وفتحوا لهم شبكة اسمها خراب (يعني سحاب)، لأن هؤلاء لم يعرفوا الخطاب ولم يفهموه، فأتاهم سريع العذاب.
فلذلك هؤلاء خبطوا وخلطوا، لماذا؟ لأن هؤلاء حصلوا على علم لكن هذا العلم ليس فيه نور.
وانظر إلى هؤلاء، رجعنا عن كذا ورجعنا عن كذا، فيقعون في بدعة أخرى وفي بلوى أخرى وفي منكر أخرى وهكذا. لماذا؟ علم هؤلاء ليس فيه نور، منهم من يدرس في المساجد من ثلاثين سنة، ومن خمس وعشرين سنة، ومن عشرين سنة، وعشر سنوات؛ ترى علمه كله خبط وخلط، وأتباعه والذين يدرسون عنده ما عندهم العلم الكافي، خبط وخلط وجهل، ما بعده جهل فيهم، ويظنون أنهم عندهم علم.
وبينت لكم لماذا هؤلاء وقعوا في ذلك؟ لأن هؤلاء أحبوا التمييع في الدين، فيدرسون أصول السنة مع التمييع، يدرسون التوحيد مع التمييع، يدرسون أصول الفقه مع التمييع، يدرسون علم الحديث مع التمييع، يدعون إلى الله بزعمهم مع التمييع، بيفتون مع التمييع، إلى آخره. ولذلك تراهم في تناقضات؛ مرة هكذا ومرة هكذا، مرة تبنا ومرة رجعنا، وحياتهم فوضى. هذا ليس من ديننا الإسلامي، هذا من دين هؤلاء ومن أفكار هؤلاء ومن اعتقاد هؤلاء ومن دعوة هؤلاء؛ فلذلك اعرف هذا الصنف من الناس.
ولذلك بين الحافظ الذهبي عن الكرابيسي يقول: ضال على سعة علمه. هذا في السير، «سير أعلام النبلاء»، ضال على سعة علمه! كيف يكون ذلك؟ ومعروف في العلم الكرابيسي.
وكما بين عنه كذلك الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»، عنده سعة علم لكنه منحرف، هو الذي يحمل وزر اللفظية بقوله: لفظي بالقرآن مخلوق، لكن الإمام أحمد عرفه ماذا يقصد؟ يقصد بدعة أخرى. ولذلك الإمام أحمد قال عنه عندما سئل، قال: هذا ضال وجهمي.
انظر إلى السلف كيف يكشفون هؤلاء الذين يزعمون أنهم عندهم علم.
وانظر إلى المميعة ومن ينتسب إلى العلم الآن، يثني على العباد ويثني على ابن جبرين ويزور القرني وكذا وكذا.
انظر إلى الإمام أحمد، هؤلاء لم يكشفوا هؤلاء إلا في الجملة، ما غمزوهم جيدا بالأسماء، ما أطاحوهم كما أطاح الإمام أحمد الكرابيسي ومن معه. هذا يدل أن السلف في تيقظ لأشكال هؤلاء.
فلابد أن نعرف منهج السلف لكي يطبق، ولذلك انظر إلى خلق من المميعة، هذه الآن أصبحت فرقة، فتطيح الآن بالدين شيئا فشيئا لكن هيهات هيهات، هم يريدون ذلك لكن ما يستطيعون، فمنهج السلف قائم وقامع التمييع جملة وتفصيلا.
فلابد أن تعرف هذا الأمر. عندما سئل الإمام أحمد أن الكرابيسي يقول لفظي بالقرآن مخلوق، قال: هذا ضلالة وغمزه وعرف ماذا يريد، وأطاح به وأمر بهجره، ولا يسوى فلسا بعد ذلك.
فأين الذين ينتسبون إلى العلم مع أشكال الكرابيسي؟ فيثنون على هؤلاء ويجالسونهم ويغررون العامة، ويضلون العامة بذلك، بالجلوس مع أهل البدع ومع أهل التحزب، وبعد ذلك يقولون نحن في آخر الزمان. أنتم تعينون أهل آخر الزمان أن يجالسوا المبتدعة، تثنون عليهم وعلى علمهم.
ففي فرق بين السلف والخلف، فلذلك انتبه، فعليك بعلم السلف وفقه السلف، واحذر من علم الخلف وفقه الخلف، فقه الخلف كله اختلف العلماء، وهؤلاء يأخذون واختلف العلماء واختلف العلماء، يفتون الناس بناء على هذا.
وانظر إلى المطلق هذا، وكيف يثني على أهل البدع كالعريفي وأشكاله والقرضاوي، ويذم السلفيين، ويدعي أن بلاد الحرمين لها أعداء، وهو من أعداء بلاد الحرمين ومن أعداء دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب، هو من المؤيدين للإخوان، وينشر الإخوانية هناك، ويثني على يوسف القرضاوي وعلى سلمان العودة وعلى محمد العريفي والقرني وأشكال هؤلاء، وهو عدو لهذا البلد، لأن الإخوان المفلسون أعداء لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فكيف هؤلاء ينصرون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهم إخوان؟ لكن يتسترون لضرب الدعوة السلفية وضرب السلفيين. فهؤلاء ليس عندهم النور الكافي، فخبطوا وخلطوا.
وانظر إلى ربيع المخربي وهو يخبط في دين الله سبحانه وتعالى في الأسماء والصفات، مسائل الإيمان، مسائل التوحيد، مسائل الدعوة السلفية، وإلى آخره.
انظر إلى صالح السحيمي، يأتي هنا إلى أهل البدع ودعاة الضلالة، ويدعي أنه ضد أهل البدع وضد أهل التحزب وهو في أحضانهم، كيف يكون ذلك؟
انظر إلى فلاح إسماعيل هذا الذي في الكويت، منتهي محترق في التمييع، يدعي أنه ضد عبد الرحمن عبد الخالق، فإذا هو في أحضان الآن هنا، في أحضان أتباع عبد الرحمن عبد الخالق. كيف تدعي أنك ضد وعدو لعبد الرحمن عبد الخالق وأنه ضال ومضل وأنت تأتي إلى أتباعه وإلى أهل التحزب، فكنت بزعمك ضد هؤلاء، فكيف الآن في أحضانهم تفعل لهم الدروس؟ أطاحك التمييع والبدعة مع هؤلاء، وإلا من أكثر من عشرين سنة عندما أتيت في البحرين أتيت إلى السلفيين أهل السنة، فما بالك أتيت الآن إلى أهل التحزب وأهل البدعة وتركت السلفيين؟ لأنك وقعت في الضلالة والبدعة، ما عندك شيء من نور، نور الكتاب والسنة كما بينا.
ولذلك هؤلاء يدخلون في قوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون} [البقرة: 17].
هؤلاء يظنون أنهم عندهم علم وعندهم نور وأوقدوا لهم نور يمشون به بين الناس ويدعون الناس ويفعلون الدروس والمحاضرات، لكن في الحقيقة الله سبحانه وتعالى ذهب بهذا النور، لأن هؤلاء لا يستحقون نور الكتاب ولا نور السنة ولا نور الآثار ولا نور الدعوة السلفية. ولذلك الله سبحانه وتعالى بعد ذلك يقول: {وتركهم في ظلمات لا يبصرون}، فهم في ضلال. وإلا كيف تذهبون هنا وهناك إلى أهل البدع، ثم تدعون أنكم على الدعوة السلفية وتدعون إلى الدعوة السلفية؟! والدعوة السلفية نور، أين النور الذي عندكم؟ وأنتم مع أعداء من أخبث الناس تأتونهم في البلدان، إلى الخوارج وإلى الداعشية وإلى التحزب وإلى التراثيين وإلى الإخوانيين وإلى السروريين والقطبيين، وأنتم تدعون أنكم ضد هؤلاء! هذا بسبب استحسان التمييع في الدعوة، وهذا ظاهر لجميع الناس أن هؤلاء أعداء الدين، وإلا كيف قامت هذه الجماعات الحزبية وهذه الدعوات الباطلة إلا من أمثال عبد المحسن العباد، هو هذا يشجع هؤلاء، شجع هؤلاء على القيام بدعواتهم.
صالح السحيمي، هذا من المشجعين لهؤلاء، عبيد المكابري، من المشجعين لهؤلاء أهل التحزب، هم الذين نهضوا بهؤلاء، القرضاوي، عبد الرحمن عبد الخالق، أشكال هؤلاء، هؤلاء هم الذين شجعوا هؤلاء.
وإلا كيف عبد المحسن العباد هذا يثني على عبد المالك الرمضاني هذا، محترق في الإرجاء، إلى الآن يثني عليه وهو صاحبه يقول. كيف يثني على المغراوي؟ قطبي منتهي تكفيري في المغرب، فمصيبة كبيرة، يثني على الحلبي، يثني على أشكال هؤلاء. فكيف هذا ينصر السنة وينصر أهلها وهو ينصر البدعة وينصر أهلها؟ هذا بسبب التمييع. ويجعل هؤلاء مرجع للأمة كما في كتابه «رفقا أهل السنة»، يأمر الناس ويأمر الشباب أن يرجعوا إلى المغراوي والحلبي وأشكال هؤلاء المبتدعة، وترك الآن فلا يأمر الشباب أن يرجعوا إلى اللجنة الدائمة، كان من قبل يقول الآن لا، هذا في كتابه هذا، وهو كتاب منحط في الضلالة كله بدع. وثم يدعي أن السلفيين يجرحون ويغتابون وإلى آخر كلامه المكتوب، وأن هذا ليس منهج الشيخ ابن باز وليس منهج الشيخ ابن عثيمين، يفتري عليهما الكذب وهو يعلم.
فلذلك لابد أن ننتبه، وهذا ابنه عبد الرزاق العباد محترق في التمييع ولم ينكر عليه بشيء، ما بقي مبتدع وأحزاب إلا ذهب إليهم، وهم من الخوارج والإرهابيين، هو وابنه يدعون أنهم يردون على الإرهابيين والخوارج وهم يذهبون إليهم هنا وهناك، وهذا عبد الرزاق العباد في أحضان خالد السبت والمنجد وأشكال هؤلاء في الخليج وغير ذلك، ما يذهب إلا إلى أهل البدع ويذهب إلى أخبث الناس، ثم يدعون أنهم ينصرون دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب، وهم ضد دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب، ويذهبون إلى أعداء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
فكيف يستوي؟ وبينا، لا يستوي الأموات ولا الأحياء، ما تستوي البدعة ولا السنة، ما يستوي الحق ولا الباطل، ما تستوي الظلمات ولا النور، على ما بينا. هؤلاء يريدون يساوون بهذا، والله سبحانه وتعالى بين ما تستوي هذه الأشياء.
هؤلاء المميعة الآن أخطر من اليهود والنصارى، هم الآن يطيحون بالدين، يطيحون بالسنة ويشجعون البدعة ويشجعون أهل البدعة.
ولذلك أهل البدع وأهل التحزب الآن هم الذين يركضون خلف هؤلاء، يأتون بهم بالبلدان، ويفتحون لهم المساجد والدورات ويعطونهم الأموال الكثيرة، لكي يصطادون بهم الشباب، ثم يضلونهم في التحزب، ثم يتباكى هذا عبد المحسن العباد على الشباب، ويتباكى صالح السحيمي على الشباب، وربيع المخربي يتباكى على الشباب، وهم يضلونهم حتى أوصلوهم إلى حروب وقتل وقتيل وسفك دماء، ثم يتباكون هؤلاء الآن ويقولون ما في علم وقلة العلماء وقلة العلم. أنتم ماذا خرجتم الآن؟ لماذا لم تخرجوا لنا علماء وطلبة علم على منهج السلف وفقه السلف؟ ثلاثين سنة تدرس -يا العباد- ما خرجت لنا واحد عدل مثل الناس يرجع الناس إليه؟ كلها نطيحة ومتردية. يذهبون إلى المدينة يريدون يدرسون التوحيد ثم يقولون سوف نرجع وننصر التوحيد، يرجعون ضد التوحيد ويرجعون بالبدعة من حلقات عبد المحسن العباد.
فالأمر خطير جدا، الآن تقولون شيعة وإباضية وغير ذلك؟ لا، الآن المميعة التركيز عليهم الآن.
وانظر الآن المميعة الذين عندنا يأتون بأشكال هؤلاء المميعة يصطادون بهم الشباب، وهم أصلا داعشية وحزبية أصلا على أفكار الإخوان المفسدين، ويدعون أنهم سلفية وقائمين بالسلفية وهم العدل، تركوا الإخوان وتركوا التراثيين بزعمهم، وهم منهم أصلا، فلو شاب يذهب إليهم يوم يومين خلاص ينتهي، أول ما تنتهي لحيته.
فلذلك لابد أن نعرف هؤلاء بزعمهم أوقدوا لهم نارا وعلما ونورا، وظنوا أنهم أضاءوا للناس وعلى ما بينا، لكن الله سبحانه وتعالى يعلم أنهم على هؤلاء على ضلالة.
ولذلك رؤوس الضلالة يؤيدون هؤلاء ويثنون على هؤلاء. {ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون}، ما يبصرون هؤلاء نهائيا. تراه يقول القول ثم يقول رجعت عنه، ويأتي بطامة أخرى يزعم أنه تراجع وتاب وصحح الخطأ. ما يبصر هذا! ثم يرجع عن هذا الأمر، وتبين بزعمه أن هذا غلط، ثم يذهب إلى أمر آخر ويستدل من الكتاب والسنة وأقوال السلف لكن على فهم خاطئ، ثم يرجع إلى بدعة أخرى تتجارى به الأهواء. لماذا؟ {لا يبصرون}، ما يبصرون هؤلاء نهائيا العلم ولا يبصرون الحق ولا السنة، هؤلاء في ظلمات، والذي في الظلمات كيف يحصل على العلم؟
ويبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر؛ كما في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى السماء يوما فقال صلى الله عليه وسلم: «هذا أوان يرفع العلم»، فقال رجل من الأنصار يقال له: لزياد بن لبيد: يا رسول الله يرفع العلم وقد أثبت ووعته القلوب؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة»، وذكر له ضلالة اليهود، والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله، قال: فلقيت شداد بن أوس، فحدثته بحديث عوف بن مالك، فقال: صدق عوف ألا أخبرك بأول ذلك يرفع؟، قلت: بلى، قال: الخشوع حتى لا ترى خاشعا.
وفي رواية: وذكر له ضلالة أهل الكتاب، وعندهم ما عندهم من كتاب الله.
حديث صحيح، أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «العلم» -وهذا الكتاب العلم من سنن الكبرى للنسائي- وابن حبان في «صحيحه»، والترمذي في «سننه» تعليقا، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى»، والطبراني في «المعجم الكبير»، وفي «مسند الشاميين»، وفي «الأوائل»، والخطيب البغدادي في «اقتضاء العلم العمل»، والحاكم في «المستدرك»، وأحمد في «المسند»، والبخاري في «خلق أفعال العباد»، وابن عبد البر في «الاستيعاب في معرفة الأصحاب»، وفي «جامع بيان العلم»، وأبو نعيم في «حلية الأولياء»، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى»، وابن أبي عاصم في «الأوائل»، والبزار في «المسند».
وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «تعليقه على اقتضاء العلم»، وكذلك يقول الحاكم: هذا حديث صحيح.
وفي الحديث هذا من الفقه: أن الكتب المدونة مهما كثرت وتعددت، والأدمغة الحافظة مهما أتقنت، لا تغني شيئا إذا لم يكن العلم عند أهله الذين يتقنونه نظرا ويطبقونه عملا وسلوكا. فاليهود والنصارى بأيديهم الكتب لكنهم أبعد الناس عن تعاليم الله وهداه.
فهذه التوراة بأيدي اليهود، وهذا الإنجيل بأيدي النصارى، ما يرفعون بهما رأسا. أولم تكن التوراة والإنجيل في بني إسرائيل فلم يغنيا عنهم شيئا أن ذهاب العلم أن يذهب حملته.
ويقول البيهقي في «المدخل»: يحتمل أن يكون المراد بقوله: «هذا أوان يذهب العلم»، ويختلس العلم تقريب الوقت، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: «كل ما هو آت قريب»، ويحتمل أن يكون المراد به اختلاس الانتفاع بالعلم وإن كانوا له حافظين، كما اختلس من اليهود والنصارى؛ كما قال سبحانه وتعالى: {فنبذوه وراء ظهورهم} [آل عمران: 187].
فهذا يعني الحديث عظيم ويبين أمرا خطير جدا على الناس. ولقد أصاب أكثر المسلمين ما أصاب اليهود والنصارى من الجهل البسيط والجهل المركب، فأكثرهم لا يحكمون كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في الأصول والفروع، فحكموا الجهل وأعرضوا عن العلم.
وانظر: «صحيح موارد الظمآن» للشيخ الألباني (ج1 ص135).
وهذه التوراة كانت في يد اليهود فماذا تغني عنهم؟ وهذا الإنجيل كان في يد النصارى فماذا يغني عنهم؟ فضلوا وأضلوا بسبب أنهم تركوا أمر الله -والعياذ بالله-.
فهذا الحديث من أعظم الأحاديث ويبين الواقع الآن المحيط بكم في جميع البلدان وفي جميع الأرض، يبين خطر ترك العلم وترك الفهم وترك علماء السنة.
فبين النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة عندما قالوا هذا الأمر، أليس القرآن موجود؟ أليس السنة موجودة؟ أليس القلوب تعي القرآن؟ فبين النبي صلى الله عليه وسلم، لا، ليس الأمر كذلك، ثم ضرب مثلا باليهود والنصارى. يقولون بعد النبي صلى الله عليه وسلم يذكر اليهود والنصارى على المسلمين؟ إذا قلنا أن هؤلاء أخطر من اليهود والنصارى، وهؤلاء يتشبهون باليهود والنصارى، هذا النبي صلى الله عليه وسلم يبين أن هؤلاء يتشبهون باليهود والنصارى، اليهود والنصارى بأيديهم التوراة والإنجيل، هذه التوراة بيد اليهود ما أغنت عنهم شيئا، لماذا؟ تركوا أمر الله، ما يطبقون، ما عندهم نور التوراة.
ولذا أكبر دليل أنهم ضلوا وحرفوا، هذا الإنجيل بيد النصارى، ما حصلوا على نور الإنجيل، تركوا أمر الله، تركوا التوراة، لم يعملوا، التوراة بأيدي اليهود موجود، يقرؤون التوراة، هؤلاء النصارى يقرؤون الإنجيل بأيديهم الإنجيل، ضلوا، ويدرسون التوراة ويدرسون الإنجيل ويقرؤونه على أتباعهم. هم ضلوا وأتباعهم، ماذا يغني عنهم ذلك؟
يقولون أن هؤلاء يدرسون كتب التوحيد وكتب السنة، ويشرحون شرح السنة للبربهاري وغيره، يشرحون كتاب الشريعة للآجري.. خرب المخربي هذا ربيع المخربي، خرب كتاب الشريعة عندما شرح الشريعة. أي شرح هذا؟ وثم كله رؤوس أقلام ما عنده الشرح الكافي، كشرح شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين للكتب. هذا جاهل، دراسته أكاديمية جامعية.
فيدعون أنهم يدرسون التوحيد وأصول السنة وإلى آخره ويفسرون القرآن، هؤلاء بأيديهم القرآن بأيديهم السنة لكن لم يفهموا القرآن ولا السنة، فضلوا مثل اليهود، مثل علماء وأحبار اليهود ورهبان النصارى بأيديهم التوراة بأيديهم الإنجيل لم ينتفعوا بذلك، لأنهم لم يفهموا التوراة والإنجيل. هؤلاء لم يفهموا الكتاب ولا السنة، لم يفهموا القرآن، فخبطوا وخلطوا.
فليس المسألة يكون بين يديك كتاب، بين يديك قرآن، ماذا تعرف في هذا القرآن؟ ماذا تفهم؟ ماذا تعمل؟ فهؤلاء لا يعملون، يقولون ولا يعملون.
فلذلك لابد النظر إلى هذا الأمر أن هؤلاء خبطوا وخلطوا، وبين النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم في هذا الحديث. فأول ما يدخل المميعة كلهم في هذا الحديث، وأن هؤلاء يتشبهون باليهود والنصارى، لم ينتفع اليهود بالتوراة ولم ينتفع النصارى بالإنجيل، وهؤلاء لم ينتفعوا بالقرآن، فيفهمون القرآن على عقولهم.
ولذلك يعني يبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر، وذكر له ضلالة أهل الكتاب وعندهم ما عندهم من كتاب الله، فلا يلزم وجود الشيء عند هؤلاء من الكتب يعرفون ما فيها. يدرسون كتب السلف لكن بفهمهم، بفهمهم!
وأكبر دليل عندك هذا عبيد المكابري، في قول الإمام البربهاري في شرح السنة أن الشخص ينقص في قلبه الإيمان حتى لا يبقى منه شيء، ماذا قال عبيد المكابري؟ قال ما يعقل أن المسلم يذهب إيمانه بالكلية. يلا! هذا لأنه دارس في كلية، فما يعرف لا كلية ولا شيء.
فلذلك لابد أن نعرف هذا الأمر، أن هؤلاء يخبطون في كتب السلف وخربوا كتب السلف، ولذلك تبين لجاهل من الجهلة من الذي يزعم أنه يدعو إلى السلفية، يقول لا هؤلاء يشرحون كتب التوحيد، هؤلاء يشرحون كتب السنة، أصول الدين، ...وإلى آخره، هؤلاء سلفيون، هؤلاء يدعون إلى الدعوة السلفية! هذا ممييع.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين لزياد بن لبيد رضي الله عنه -هذا من الصحابة- يقول له: «إن كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة»، لأنه ما عرف هذا الأمر، ما عرف قول النبي صلى الله عليه وسلم، ماذا يريد النبي صلى الله عليه وسلم؟ فبين له.
ولذلك هؤلاء المميعة والجهلة أتباع الجماعات يعتقدون أن هؤلاء من أفقه الناس، ويظنون بعبد المحسن العباد أنه أفقه أهل المدينة، وهو جاهل في المدينة، يحسبون أن هذا الرجل من أفقه أهل المدينة وهو جاهل. وحتى بن برجس عبد السلام البرجس يقول: لا أجد أعلم بالسنة في المدينة من عبد المحسن العباد! وهذا إخواني محترق، عاش مع الإخوان ومات على الإخوانية، وأكثر الذين ينتسبون إلى العلم لا يعرفون أن عبد السلام البرجس هذا من الإخوان المفلسين، وهو يغدو معهم في بلد الحرمين وفي الخليج وفي لبنان وغير ذلك، وصور هذا الرجل موجودة، ويؤيد الإخوان ويناصر الإخوان ضد السلفيين في البحرين، ويظنون أنه من أهل السنة إلى الآن.
إذا هؤلاء قريبين منهم ما كشفوهم، فكيف يكشفون الذين خارج بلدهم؟ كيف؟ لأن يدل أن هؤلاء ما يبحثون ما يسألون عن هؤلاء، فقط ظاهره السنة خلاص انتهى الأمر عندهم. طيب هؤلاء لهم حركات وأفعال في الخارج وأمور وسرية، ويثنون على الجهمية في لبنان، فمصيبة كبيرة.
فلذلك لابد أن نعرف أهل السنة من أهل البدعة لكي لا نقع مع أهل البدعة، والذي لا يميز بين هؤلاء وهؤلاء فهذا في الحقيقة لابد أن يقع، يعني من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، لابد. وهؤلاء يدعون أنهم سلفية، عبيد المكابري محمد المخربي وغيره، وأنهم يبصرون الرجال، وربيع إمام الجرح والتعديل ويعرف الرجال.. انظر، ما يميزون بين أجهل الناس، في أجهل الناس ما يميزون، فيثنون عليهم. وهذا بأصواتهم وفي كتبهم.
هذا ربيع المخربي يثني على كتب المرجئة ويقرظ لها ويقدم لها وهي ضلالة، ثم يقال له في هذا الكتاب كذا وكذا وكذا، وأنت راجعت هذا الكتاب، يقول ما راجعته ولا أدري به. يلا خذه! هؤلاء المميعة!
ثم يأتون بالكتاب إلى ربيع المخربي، يقول له هذه اسمك فيه وأنت مراجعه وكاتب تعليق ربيع مكتوب تعليقاتك بخطك وكذا، فيتفاجأ يقول نعم راجعت الكتاب! هذا لو أمامي صفقته بالميكرفون.
أنت تقدم لكتاب وفيه إرجاء وفيه منكرات وضلالات وتزكي المؤلف، ثم يقال لك في كتاب كذا أنت راجعته وأثنيت على المؤلف تقول لا أثنيت على المؤلف ولا أعرفه ولا قدمت له شيئا، ثم يؤتى لك بالكتاب في مكة ويقال لك هذا اسمك وهي تعليقاتك تقول نعم! وثم ماذا رأيك في هذا المؤلف؟ تقول من أهل الفضل. في بلوى أنتم عايشين الآن في هذا الزمان هذا؟ أين المشايخ وأين العلماء وأين السنة وأين أصول السنة؟ أين كتب السنة؟ هؤلاء يشرحون كتب السنة، هذه أحوال هؤلاء الآن.
أنتم محيطين الآن بذئاب شرسة تدعي السلفية والسنية وتطيح بالسلفية والسنية. أي نحن متشددة؟ والله نرى هؤلاء يعني من أكبر أهل الضلالة في هذا الزمان، لا يسكت عنهم وهم يطيحون بالسنة ويطيحون بالدين ونسكت؟ أنتم تقولون لا نسكت، فإذا أتي بهؤلاء أثنوا على هؤلاء، وأن هذا الذي يتكلم في هؤلاء لا أخطأ. كيف؟ يعني تطيحون ببعض أهل البدع وتشيدون ببعض أهل البدع؟ كيف يكون ذلك؟ ما لكم كيف تحكمون؟!
فهذا الحديث يبين ضلالات المميعة جملة وتفصيلا، هذه التوراة بين أيدي اليهود يقول النبي صلى الله عليه وسلم ما أغنت عنهم شيئا، وهذا الإنجيل بين أيدي النصارى ما أغنى عنهم شيئا، فالقرآن بيد هؤلاء لم يغن عنهم شيئا، لأن هؤلاء تركوا أوامر الله ويمشون بغير أوامر الله وأوامر النبي صلى الله عليه وسلم.
فالأمر خطير، ولعل إن شاء الله نكمل الدرس القادم، نأتي إلى حديث أبي الدرداء.
فهذا الحديث يبين خطر رفع العلم من قلوب الناس أو قلته في قلوبهم، أو أن يكون العلم في قلوبهم لكنه مخلط كالمميعة.
فلذلك لابد أن تأخذ العلم فيه نور، وعلم الكتاب والسنة والآثار على الحقيقة، تعيش بهذا النور وتموت عليه وتبعث عليه، لأن الإنسان يبعث على ما مات عليه. تبعث إخواني إذا مت إخواني، تبعث تراثي إذا مت على التراثية، تبعث سروري، تبعث قطبي، تبعث صوفي، تبعث مميع إذا مت على التمييع، إذا مت وأنت محرم تبعث محرما، تموت سكران يا السكران، تبعث سكران خمار، ماذا تفعل؟ بتقول بعد ماشرب؟ ينكرون؟ الله ينطق جلودهم، تتكلم، كل شيء تتكلم تعترف عليك. فالأمر خطير جدا، تموت على المخدرات تبعث على المخدرات، تموت على السنة تبعث سنيا، وهكذا.
فلذلك هؤلاء أهل التحزب الآن المصرين المكابرين أن يموتوا هذا على الإخوانية وهذا على التراثية وهذا على السرورية وهذا على الداعشية، هذا أمرهم خطير جدا، يبعثون على ما هم عليه. وهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: يبعث الشخص على ما مات عليه. أي شيء مات عليه يبعث عليه، فالأمر خطير جدا.
فاحرص أن تحيا على السنة وتموت على السنة لكي تبعث على السنة. الشخص يموت وهو صائم الصيام الصحيح، صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم، فيبعث صائما، وهكذا. هذا مصلي ومات على الصلاة يبعث مصليا من أهل الصلاة، من أهل الزكاة. هذا مات في الخروج يبعث خارجيا. مات في الثورات يبعث ثوريا خارجيا. كل واحد يبعث على ما مات عليه.
الأسئلة:
السؤال: غير مسموع.
الجواب: والله أنا ما أعلم يعني بالشيء هذا، هذا العصري ولا القديم؟ هذا أكاذيب هؤلاء كثيرة، وثم ممكن، لكن ما دام هو مبتدع فما فائدة أنه مات وهو في السجود؟ فالله سبحانه وتعالى يمتحن الناس، ممكن الله يفتن فيه الناس، دعاة الضلالة، فلا يلزم أن الشخص إذا مات مثلا في الصلاة أو هو صائم أو كذا أو كذا أنه... ممكن أن هذا صيامه باطل وهو مبتدع ما يفيده هذا العمل، وخاصة إذا البدعة مكفرة ما يفيده ذلك. فإن الخلق من الخوارج قديما وحديثا من أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن أهل قيام الليل، كما قال عنهم ابن عباس، لكنهم يبعثون خوارج وفي النار وكلاب النار وفي أشد العذاب. فنحن نتكلم عن المستقيمين إذا ماتوا على هذه الأمور.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ﭑ ﭑ ﭑ