الرئيسية / تحرير: مسألة شرط الإمام مسلم رحمه الله في السماع واللُّقيا والمعاصرة (تفريغ) / الجزء (5) تحرير مسألة شرط الإمام مسلم في السماع واللقيا والمعاصرة (تفريغ)
2025-12-25
الجزء (5) تحرير مسألة شرط الإمام مسلم في السماع واللقيا والمعاصرة (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن اشتراط العلم باللقاء، والسماع بين الراوي وبين شيخه.
وبينا في الدرس الذي سلف كلام الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى. ويتلخص من كلام ابن عبد البر رحمه الله تعالى ما يلي:
الإجماع على اشتراط العلم باللقاء؛ فلابد أن يلتقي التلميذ مع شيخه في مجالس الآمال أو غير ذلك، والشيخ يحدث التلميذ وهكذا، والشيوخ يحدثون التلاميذ، فيكون بينهم هناك لقاء.
ثانيا: قبول الحديث المعنعن إذا ثبت اللقاء والسماع؛ فلابد من لقيا التلميذ مع شيخه، ولابد أن يكون قد سمع منه، فلا يكفي مجرد اللقاء ومجرد المعاصرة. لأن بينت لكم في الدروس التي سلفت، ممكن أن التلميذ يلاقي الشيخ لكنه لم يسمع منه شيئا، وبينت لكم ذلك.
ثالثا: اشترط لقبول الحديث المعنعن المجالسة والمشاهدة؛ مجالسة التلميذ مع شيخه ومشاهدة التلميذ لشيخه.
فإذا: عندنا لابد من قبول الحديث المعنعن –يعني: الإسناد المعنعن- إذا ثبت اللقاء والسماع والمجالسة والمشاهدة، فلابد من هذا الأمر.
وشدد أهل الحديث في هذا الأمر لثبوت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولثبوت الآثار عن الصحابة، وكذلك عن الأئمة. فشددوا في هذا الأمر لكي ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة، أما من قوله أو فعله أو صفته أو تقريره. فلابد من نقل الثقات عن الثقات، هكذا جاء في ديننا.
ليس ديانات أهل الكفر في الخارج وديانات أهل البدع في الداخل ينقلون أي كلام، وينسبون هذا إلى الله سبحانه وتعالى وهو ليس من الله، وينسبون هذا إلى الأنبياء والرسل وهم لم يقولوا ذلك، ينسبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو لم يقل ذلك.
فلذلك لابد على أهل الإسلام أن يشددوا في هذا الأمر، فلا يأخذون أي حديث إلا بعد ثبوته عن الثقات، ولا أي حكم لا في الأصول ولا في الفروع، لأن هذا الأمر في ديننا التثبت من الأحاديث التي تنقل.
وإلا الذي لا يتثبت ينقل عن أي شيء وينقل أي حديث، فهذا لابد أن يقع في الأخطاء في العبادة، ولابد أن يقع في البدع، يتعبد في هذا الدين بالبدع والخرافات والمنكرات. فلذلك لابد من التثبت. كيف تتثبت؟
لابد أن تعرف هذه الشروط؛ شروط أهل الحديث في نقل الأحاديث التي عن النبي صلى الله عليه وسلم. فإذا توافرت هذه الشروط فنقلك للحديث من النبي صلى الله عليه وسلم ولك أجر: «بلغوا عني ولو آية»، آية تعرفها، تعرف معناها، تفهمها، تفهم هذا الحكم، تنقل هذا الحكم من هذه الآية فلك أجر عند الله سبحانه وتعالى وأنت مبلغ في الدين.
كذلك نقلك عن النبي صلى الله عليه وسلم تبلغ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم بالفهم الصحيح والاستنباط الأحكام الصحيحة من هذه الأحاديث فأنت مبلغ، فأنت داعية إلى الله سبحانه وتعالى، فهذا لك أجر. أما أن تنقل أي شيء بدون فهم، بدون المعنى الصحيح، أو بأحاديث ضعيفة فليس لك إلا الإثم. فلابد أن ينتبه الناس.
الأمر الرابع: الوقوف على نص صريح دال على اللقاء والسماع. فلابد يعني أن نقف على الأسانيد والأحاديث التي رواها الثقات، حتى بعد ذلك نعرف أن هذا التلميذ لقي شيخه وسمع منه، لكي لا نقع في أسانيد منقطعة كأهل الأهواء وأهل التميع الذين ينقلون أي شيء ولا يبالون.
خامسا: وجود المعاصرة مع وجود دلائل اللقاء ووجود قرائن على ذلك. لا مجرد المعاصرة، يقول لك: فلان عاصر شيخه فلان، هكذا مجرد، لكن لا، لابد هناك دلائل على اللقاء، جالس وشاهد، ووجود قرائن كذلك على هذا الأمر. وهذا الأمر يسير، أهل الحديث ما جعلوا لكم شيئا إلا ذكروا فيه علما.
فدلائل اللقاء ووجود القرائن والمجالسة والمشاهدة والسماع كل ذلك تكلم عليه أهل الحديث. كالإمام البخاري في التاريخ الكبير، في التاريخ الأوسط، كذلك الدارقطني في العلل، كذلك ابن أبي حاتم في العلل، كذلك المزي في تهذيب الكمال، كذلك ابن حجر في فتح الباري، في تهذيب التهذيب، في تقريب التهذيب.
وهناك يعني كتب كثيرة دائما نذكرها لكم في أصول الحديث. فعليك بهذه الكتب، فتبين لك لقاء الراوي مع شيخه، المجالسة، المشاهدة، السماع. وبينوا الرجال الثقات وبينوا الرجال الضعاف وغير ذلك. فعليك أنت أن تقرأ وتسأل لكي الله سبحانه وتعالى ييسر لك هذا العلم.
سادسا: عنعنة الراوي عن شيخه محمولة على اللقاء والسماع والمشاهدة بالإجماع. ما دام لقي وسمع منه ونعلم ذلك، كالآن عندك الأسانيد التي في صحيح البخاري، في صحيح مسلم، في سنن أبي داود، في سنن الترمذي، في سنن النسائي، في سنن ابن ماجه، وغير ذلك من الكتب.
هناك أسانيد كثيرة وأحاديث كثيرة يعني تبين السماع واللقاء والمشاهدة، وإن كانت هناك أسانيد منقطعة، لكن المراد أن هناك أدلة على هذا الأمر. فإذا كتبنا عن راوي وعن شيخه، اللقاء والسماع وهذا أمر معروف، فالعنعنة في موضع آخر تحمل على السماع، وأن هذا الراوي سمع من شيخه. وهذا الأمر بالإجماع كما بينت لكم.
سابعا: يقبل الحديث المعنعن بشرط ثقة رواته، وعدم قيام قرائن تغلب نفي اللقاء أو السماع، وتدل على عدم وقوعهما مع السلامة من التدليس.
الآن يقبل هذا الحديث المعنعن إذا كان الرواة ثقات، وهناك عندنا -ولم يكن عندنا- قرائن أن هذا الراوي لم يسمع من شيخه، ونفي اللقاء أو السماع، وما دام هذا الراوي سالم من التدليس فهذا الحديث يقبل.
كذلك ثامنا: يدل على كلام ابن عبد البر رحمه الله تعالى: أن (عن) محمولة في الحديث على الاتصال حتى يتبين الانقطاع فيها، أي: أن (عن) ظاهرها الاتصال حتى يثبت فيها غير ذلك.
ما دام هذا الراوي نعلم أنه سمع منه ولقيه ومشهور بشيخه وبالأسانيد، مثلا عندنا رواية مالك عن نافع عن ابن عمر. فهذا الإسناد يحمل على السماع، لأنه ثابت عن الرواة هنا اللقاء والسماع والمشاهدة والمجالسة، ونافع مولى ابن عمر دائما معه، دائما مع ابن عمر. فلذلك هذه العنعنة تحمل على السماع.
ولذلك يتبين هنا أن لا يكفي المعاصرة، وهؤلاء المميعة كيف يحملون العنعنة على الاتصال؟ وهذا أمر معروف ما يكفي، والإمام مسلم بينت لكم في الدروس التي سلفت هو يرى رأي الأئمة في مسألة اللقاء والسماع والقرائن ثابتة والمشاهدة والمجالسة، لكن بينت لكم أنه يرى بعض الأسانيد فيها المعاصرة فهذا رد عليه، وبين الأئمة أنها أسانيد منقطعة إذا تبين لنا الإسناد أن هذا مجرد المعاصرة، فأهل العلم يبينون أن هذا الإسناد منقطع لا يصح.
ولذلك لو قال الإمام مسلم بمطلق المعاصرة في صحيحه لا لم ينظر الأئمة ولا العلماء في صحيحه، لأن سوف تكون أحاديث ضعيفة كثيرة منقطعة ومرسلة. فلذلك هؤلاء المميعة في الحقيقة لم يفهموا كلام الإمام مسلم، وفقط يقولون بما ينقل إليهم وبما يشتهر في كتب أهل العلم ويشتهر في بلدانهم، فينقلون بدون تثبت وبدون معرفة لأصول الأئمة.
فالإمام مسلم له أصول بينتها لكم، فلابد على طالب الحديث أن يتعرف على هذه الأصول لكي ينقل عن الإمام مسلم على أصله وعلى شروطه.
ولذلك بينت لكم أن الإمام مسلم أخطأ في بعض الأسانيد وجعلها كفاية فيها المعاصرة، وأما غالب صحيح الإمام مسلم فهو مع الأئمة، كالإمام البخاري والإمام ابن المديني والإمام أبي حاتم وغير هؤلاء الأئمة، هو معهم ومع الإجماع. فلذلك من هنا يتبين أن لا يكفي المعاصرة.
حتى أنت في بلد، في بلد أو حتى في منطقة، لم تشاهد العشرات من الناس وهم في منطقتك وبلدك، ولم تراهم، ولم تجالسهم وأنت في بلد واحد وفي منطقة واحدة. حتى ممكن تلاقي شخص في مستشفى أو كذا أو كذا تتعرف عليه، أنت من أين؟ يقول: أنا من المنطقة الفلانية، أنت تقول له: أنا من المنطقة الفلانية، ما يعرفك أنت ما تعرفه. فكيف نحمل العنعنة على السماع مجرد المعاصرة؟
وفي أناس كثر لم تراهم أنت وهم في منطقتك وبلدك، لم تسمع منهم، لم يسمعوا منك، لم يشاهدوك. فأنت مثلا تنقل عنهم قالوا كذا وقالوا كذا؟ ما يصير. فلذلك المميعة هؤلاء ما فهموا كلام الأئمة في ذلك ولا شرط الإمام مسلم كما بينت لكم.
ولذلك لابد على طالب الحديث أن يتثبت في الأسانيد، ولابد من السماع واللقاء والمجالسة والمشاهدة، ولابد تكون هناك دلائل وقرائن على هذا الأمر بينها أهل الحديث في كتبهم، سواء في الصحاح أو السنن أو المسانيد أو المعاجم أو كتب الرجال أو كتب العلل، وهكذا.
تاسعا: أن الإسناد المعنعن دل على المشاهدة والمجالسة واللقاء والسماع بقرائن ودلائل. وهذا يعني أمر معروف.
عاشرا: أن الإسناد المعنعن إذا ثبتت دلائل وقرائن تشهد على الإرسال فهو يدل على الانقطاع.
فلا يأتي شخص يقول لك: لا، الإمام مسلم له شرط كذا، والإمام البخاري له شرط كذا، ويخوضون المميعة في أمر لم يعرفوه وبجهل بأصول الحديث. فإذا ضعفت إسناد في صحيح مسلم، قال لك: لا، شرط الإمام مسلم غير، وشرط الإمام البخاري غير.
يفرقون بين شروط الأئمة رغم أن الشروط واحدة بين الإمام مسلم وبين الإمام البخاري وبين الأئمة كما بينت لكم، كلهم يرون السماع واللقاء والمشاهدة والمجالسة. فلذلك ننتبه لهؤلاء، فإذا هذا الإسناد المعنعن لم تثبت فيه الدلائل ولا القرائن، تشهد على أنه ثابت السماع بين الراوي وشيخه، فهذا يحمل على الإرسال ويدل على الانقطاع.
الحادي عشر: عدم الاكتفاء بالمعاصرة المطلقة في الحديث بين الراوي وشيخه. مجرد المعاصرة. ولذلك هؤلاء في الحقيقة ما فهموا كلام الإمام مسلم حتى وضعوا له هذا الشرط، وهو ليس من شرطه أصلا، وقع في ذلك باجتهاد منه وبخطأ، رأى في بعض الأسانيد المعاصرة فنقلها في صحيحه، وإلا الغالب كما بينت لكم هو مع الإجماع في لابد وجود السماع، لابد من ذلك.
ولذلك يقول ابن حزم رحمه الله تعالى في «الإحكام» (ج2 ص21): (وإذا علمنا أن الراوي العدل قد أدرك من روى عنه من العدول، فهو على اللقاء والسماع، لأن شرط العدل القبول).
فهذا ابن حزم يبين يعني شروط الأئمة وشروط أهل الحديث. فإذا علمنا أن راوي العدل قد أدرك من روى عنه فهو على اللقاء والسماع. ما دام نعلم أنه لقيه وسمع منه ومشهور بذلك، فهذا يحمل على السماع.
ثم يقول يبين هذا الأمر: (والقبول أيضا تكليفه في أن يسند إلى غيره ما لم يسمعه إلا أن يقوم دليل على ذلك من فعله).
يعني: ممكن أنه لم يسمع، لقاه ولم يسمع منه، فلابد أن يسمع منه حتى يقبل منه، وإلا أن يسند إلى غيره ما لم يسمعه فهذا مردود بلا شك، إلا أن يقوم دليل على ذلك، على فعله أنه سمع منه، دليل لابد من الأدلة في ذلك.
ومن الأدلة أن يثبت العلم اليقين بذلك، كذلك يثبت عندنا الإدراك البين واللقاء البين وهكذا.
وهناك كذلك له كلام طويل ممكن ينقل الطالب إلى الكتاب الذي أشرنا إليه.
فابن حزم هنا رحمه الله تعالى في السند المعنعن شرط اللقاء والسماع لابد، بين الراوي وبين شيخه. ولابد هناك أن يكون العلم بالشيء، لا بد له من دلائل وقرائن تدل عليه في أصول الحديث. وهذا يكون بالإدراك البين لا بالمعاصرة المطلقة.
الإدراك البين؛ يعني: أن التلميذ أدرك شيخه، وبان لنا هذا الأمر، وهذا أمر معروف، لا مجرد المعاصرة المطلقة. وكذلك يعني الإسناد المعنعن لابد له من اللقاء والسماع عند أئمة الحديث.
ويقول الإمام الحميدي رحمه الله تعالى كما نقل عنه «الخطيب» في الكفاية (ص429): (والموصول وإن لم يقل فيه سمعت حتى ينتهي إلى النبي فإن ظاهره كظاهر السامع المدرك حتى يبين فيه غير ذلك).
فالموصول لابد له من السماع بين الرواة وبين مشيختهم، فبين التلميذ وبين الشيخ. ولا مجرد هكذا الظاهر، فلابد من الأمر البين في هذا الأمر. ولابد أن يصرح الرواة بالسماع في الظاهر، فيقول فلان: سمعت فلان، وفلان يقول: سمعت فلان، أو فلان يقول: حدثني فلان، أو أنبأني فلان، وهكذا، فلابد من هذا الأمر.
فإذا: عندنا الآن يتلخص عندنا الكلام فيما سلف؛ لابد من الراوي المعنعن أن يسمع من شيخه في بعض الأسانيد. وإذا عنعن في بعض الأسانيد فهذه تحمل على السماع. ولابد من توفر الشروط الآتية:
- ثبوت الإدراك البين بين المتعاصرين، يعني: الراوي مع شيخه.
- ثانيا: ثبوت العلم باللقاء بين الراوي وبين شيخه.
- ثالثا: ثبوت العلم بالسماع بين الراويين، يعني: التلميذ مع شيخه.
- رابعا: أن يكونا فيهم براءة من التدليس.
فإذا ثبتت هذه الشروط، فإذا عنعن الراوي عن شيخه في مواضع فتحمل على السماع. ولذلك ترى صحيح الإمام البخاري ممتلئ من ذلك، صحيح مسلم، سنن أبي داود، سنن الترمذي، سنن النسائي، يعني: فيهم أسانيد كثر بالعنعنة، تحمل على السماع ما دام عندنا قرائن ودلائل أن هذا الراوي سمع من شيخه.
الأسئلة:
السؤال: غير مسموع.
الجواب: هذه تكلمنا ورددنا عليهم في الدروس التي سلفت، حتى الآن. الآن نقول له: أن الأئمة اشترطوا شروط لقبول الحديث المعنعن، إذا توفرت هذه الشروط فهذا يقبل كما بينا الآن وبينا في الدروس التي سلفت، فهذا الحديث يقبل. وإذا لم تتوفر فيه هذه الشروط، أو شرط واحد أو شرطان، فلا يقبل هذا الحديث.
وإذا قال لنا: الإمام مسلم صححه وذكره في صحيحه، نقول: الإمام مسلم من أهل الاجتهاد، فخالف هنا الشروط التي وضعها الأئمة -أئمة الحديث- وهو كذلك على هذه الشروط، شروط الأئمة، لكنه في بعض الأسانيد أخطأ فيها.
فلذلك أهل الحديث ضعفوا أحاديث في صحيح مسلم، رغم أن الإمام مسلم صححها، والأئمة ضعفوها لأنها لم تتوفر فيها هذه الشروط. وأما هذا الذي يقول وينقل عن الإمام مسلم فهذا ليس من أهل الاجتهاد، ولا يعرف شيء في علم الحديث ولا أصول الحديث، ولم يتعلم علم الحديث، فقل له: أنت آثم، لأن الحديث هذا ضعيف عند الأئمة، لأن فقد شرطا أو شرطين أو ثلاثة، والإمام مسلم من أهل الاجتهاد، ما عليه أي شيء، ومغفور له باجتهاده.
وأما أنت قل له: أنت آثم، تنقل هذه الأحاديث أو تقول هذا الكلام أنت آثم، تجري عليك الآثام. ولذلك قل عليك أن تعرض عن هذا العلم، ولا تنقل أي شيء، ولا تتكلم، ولا تفتي، ولا تخطب، ولا تدرس. وإذا أصر فالله سبحانه وتعالى يقول: {وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199].
السؤال: غير مسموع.
الجواب: هذا تكلمنا عنه في الدروس التي سلفت عن هذا الأمر. يعني: بعض الأحاديث ليست هي في صحيح مسلم، ولم ينقلها الإمام مسلم في صحيحه، لكنها في كتب أخرى، في سنن أبي داود، سنن الترمذي، وهكذا. لكنها هي على شرط الإمام مسلم –يعني: الإسناد كلهم من رجال الإمام مسلم- فيحملون هذا الإسناد على الصحة، وهذا كذلك غلط، لأن ممكن يكون على شرط الإمام مسلم –يعني: على رجال الإمام مسلم- لكنه منقطع أو هناك مدلس.
ولذلك قال الهيثمي وغيره يقولون مثلا: (رجاله ثقات)، لأن يعلمون أنه منقطع أو في مدلس. وإن كان هو على شرط الإمام مسلم. فلا تنقل أن الإسناد صحيح على شرط مسلم حتى يتبين لك صحة الإسناد وأنه غير منقطع، وأن ليس فيه مدلس.
وكذلك قول الهيثمي: (رجاله رجال الصحيح) لا يعني أن هذا صحيح أو الإسناد صحيح، ممكن يصير في مدلس أو منقطع أو مرسل وهكذا، على ما بيناه.
ولذلك المميعة عندما تكلموا على بعض الأحاديث التي ضعفناها، ذكروا هذه الأمور والمصطلحات، كقول الهيثمي أو المنذري أو غير هؤلاء العلماء أن الإسناد رجاله ثقات أو رجاله رجال الصحيح وهكذا، لكي يمشوا هذه الخديعة والغش على العامة، وعلى أن هذا الإسناد ثابت ونقله الثقات. لكن بينا أن هذا من الغش، «من غشنا فليس منا»، فهؤلاء يدخلون في حديث الغش للأمة. فلذلك ما يلزم من ذلك الصحة.
فلابد على طالب الحديث أن لا يكون مميعا أو أشكال المميعة، ولا يكون عاميا، فدائما يتثبت في الأحاديث، وفي دوام على السؤال، {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43]، فهذه الآية لماذا؟ أن تسأل عن دينك دائما، أي شيء ما تعلم به لابد تسأل عنه، فلابد من السؤال.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ﭑ ﭑ ﭑ