القائمة الرئيسة
الرئيسية / تحرير: مسألة شرط الإمام مسلم رحمه الله في السماع واللُّقيا والمعاصرة (تفريغ) / الجزء (2) تحرير مسألة شرط الإمام مسلم في السماع واللقيا والمعاصرة (تفريغ)

2025-12-25

صورة 1
الجزء (2) تحرير مسألة شرط الإمام مسلم في السماع واللقيا والمعاصرة (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبينا شيئا من شروط الإمام مسلم رحمه الله تعالى في «صحيحه»، وكذلك بينا أن الإمام مسلم رحمه الله تعالى لا يرد على الأئمة، أئمة الحديث في «مقدمة صحيحه»، كالإمام البخاري والإمام ابن المديني وغيرهما، بل هو يرد على أناس معروفين في عصره على ما بينا.

ولذلك ذكر ابن رشيد رحمه الله تعالى في «السنن الأبين» عندما ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه في كفارة المجلس واللغو إذا قام العبد، فذكر الإمام مسلم هذا الحديث، فقال الإمام مسلم: (في الدنيا أحسن من هذا الحديث - عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل - يعرف بهذا الإسناد حديث في الدنيا)، فقال الإمام البخاري: (إلا أنه معلول).

قال الإمام مسلم: (لا إله إلا الله)، وارتعد، (أخبرني به) يعني: الإمام مسلم جالس مع الإمام البخاري، وذكر الإمام مسلم حديث كفارة المجلس على أنه صحيح عنده، لكن بين له الإمام البخاري أنه معلول ولا يصح - فبين له الإمام البخاري ضعف هذا الحديث.

ثم بعد ذلك الشاهد من ذكر هذه القصة، فقال الإمام مسلم عن الإمام البخاري: (لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أن ليس في الدنيا مثلك).

وهذه القصة كذلك ذكرها الخليلي في «الإرشاد»، وكذلك ذكر القصة الحاكم في «معرفة علوم الحديث»، وكذلك ذكر هذه القصة الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد».

وكذلك هناك لفظ في نفس القصة يقول الإمام مسلم عن الإمام البخاري وفيه: (فقبل بين عينيه يعني: قبل الإمام البخاري بين عينيه - وقال دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله).

فهذا يعني توقير الإمام مسلم للإمام البخاري، وتعظيم الإمام مسلم للإمام البخاري، وهكذا يعني شأن أهل الحديث قديما وحديثا في احترام شيوخهم وتوقير شيوخهم، فهذا التلميذ مع شيخه، هكذا أهل الحديث، فلذلك الله سبحانه وتعالى رفع قدرهم، بعد ذلك الله سبحانه وتعالى رفع قدر الإمام مسلم كما لا يخفى.

ومن هذه القصة كذلك وما نقله الإمام مسلم في «صحيحه»، وكذلك في كتبه عن الإمام البخاري وكيف استفاد منه، ونقل أشياء كثيرة في «صحيحه» عن الإمام البخاري، يعني: أسانيد الإمام البخاري ذكرها الإمام مسلم واستفاد استفادة كبيرة من الإمام البخاري.

فانظر إلى هذا التوقير والاحترام، فيستحيل أن يكون الإمام مسلم يتكلم على الإمام البخاري أو الأئمة، لأن بعض أهل العلم نسبوا هذا الأمر أن الإمام مسلم يتكلم على الإمام البخاري في «مقدمة صحيحه»، وهذا ليس بصحيح، وبينت لكم يتكلم عن أناس في عصره.

ولذلك يقول الإمام مسلم رحمه الله تعالى في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص28-29): (وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد)، فيدل على أن أناس في عصره يتكلم عليهم، وأن هؤلاء من منتحلي علم الحديث.

وكذلك يقول: (وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه غير أن تخوفنا من شرور العواقب واغترار الجهلة بمحدثات الأمور).

وكذلك يقول بعد ذلك: (والأقوال الساقطة عند العلماء، رأينا الكشف عن فساد قوله ورد مقالته بقدر ما يليق به من الرد).

فانظر يعني الإمام مسلم يرمي هذا الذي يرد عليه، بل يرمي أناسا وهو يرد عليهم، يعني يرميهم بالجهل وفساد القول؛ فيستحيل أن يكون الإمام البخاري جاهل عنده، فيستحيل أن الإمام البخاري عنده فساد في القول، فهو يرد على هؤلاء الذين بينا عنهم.

فوصف الإمام مسلم لصاحب تلك الشروط الفاسدة بأنه فاسد القول، لأنه وضع له أمور وتشدد في أمور على ما بينا.

ويقول الإمام مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص29): (وهذا القول يرحمك الله في الطعن في الأسانيد قول مخترع مستحدث غير مسبوق صاحبه إليه، ولا مساعد له من أهل العلم عليه).

فيستحيل أن يكون الإمام البخاري عنده اختراع أقوال ومستحدثة ولم يسبق من أحد، ولا مساعد له من أهل العلم، يستحيل أن يكون هذا الوصف للإمام البخاري والأئمة الذين قالوا بشرط السماع واللقاء بين التلميذ وشيخه في السند المعنعن.

فهنا هو يرمي هؤلاء الذين اخترعوا في الأسانيد شروطا، فبين أن قوله مخترع - يعني بدعة - ومستحدث ولم يسبق من أهل العلم ولا في معاون له، وهذه الأوصاف يستحيل أن تكون للإمام البخاري، وغيره من الأئمة، فإن الإمام البخاري أهل العلم كلهم معه، وأقواله على السنة، وشرطه هذا بالإجماع من أهل الحديث أنه لابد من شرط السماع واللقاء بين الراويين أو المعاصرين أو التلميذ وشيخه.

فلذلك يعني ما نستطيع أن نجمع بين أن الإمام مسلما مسلم وإمام عاقل معروف، فضلا عن كونه أحد أئمة الدين وسادة الأمة ورعا وعبادة وعلما وعملا، وأنه يقول بمثل هذا الكلام على أصول أئمة الإسلام، وأنها مبتدعة ومخترعة لم يقل بها العلماء في زمنهم، هذا مستحيل. لأن لماذا؟.

الإمام البخاري والإمام أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم، خلق من أهل العلم أصلا تكلموا بهذا الشرط، ومسألة السماع واللقاء والمعاصرة، وبينا شيئا وسوف يأتي كلام أهل العلم بعد ذلك.

ويدل كذلك أن الإمام مسلم لا يعني الإمام البخاري، كما قال الإمام مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج ص35): (وكان هذا القول الذي أحدثه القائل الذي حكيناه في توهين الحديث بالعلة التي وصفت، أقل من أن يعرج عليه).

فيبين وإلا كلام أهل العلم معروف، وأنهم يوافقون الإمام البخاري في شرطه هذا كما سوف يأتي بعد ذلك في ضرب الأمثلة.

حتى أن يقول الإمام مسلم: (فلا حاجة بنا في رده)، يعني: حتى أنه يقول ما عنده حاجة أن يرد عليه لكن رد عليه للضرورة.

ويا ليت الإمام مسلم سمى هذا الذي رد عليه، والذين رد عليهم، لكي ينتهي الأمر، لأن ما زال الناس في جدال عن هذه الأمور من زمانه إلى يومنا هذا في هذا الأمر، وأناس يقولون: يقصد الإمام البخاري، وأناس يقولون: يقصد أئمة الحديث، وأناس يقولون: يقصد أن أناس من عصره، وهكذا، وهو الصحيح أن أناس من عصره كما يتبين من ذكر هذا.

فهذا يدل على أن هذا الأمر ليس أمر البخاري رحمه الله تعالى، وإنما الأمر في هذا المعاصر أو المعاصرون هؤلاء للإمام مسلم، لأنه يقول: (ذاك الجاهل الخامل الذكر الذي لا وزن له في العلم وأحقر من أن يرد عليه)، والذي استحدث الأمر في توهين الحديث وعلله، فيستحيل أن يقصد الإمام البخاري هذا كما بينت لكم.

ويبين هذا الأمر ابن رشيد رحمه الله تعالى في «السنن الأبين» (ص149)؛ يقول عن الإمام مسلم الذي اشتد فيه بالإنكار على قائله وحمل عليه أشد الحمل: (وكأنه إنما تكلم مع بعض أقرانه أو من دونه ممن قال بذلك المذهب).

ولذلك يقول الإمام مسلم: (وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا)، فيستحيل أن يكون ابن المديني رحمه الله تعالى من منتحلي هذا العلم وهو إمام معروف جبل في علم الحديث الكل يرجع إليه، وكذا الإمام البخاري، فهو شيخ الإمام مسلم، والآخر شيخ شيخه، لأن ابن المديني شيخ الإمام البخاري، فالإمام ابن المديني شيخ الإمام البخاري. فيستحيل أن يقصد الإمام مسلم أن الإمام ابن المديني منتحل في الحديث، يستحيل وهو إمام معروف.

وبينت لكم يعني وقد شهد الإمام مسلم بأن البخاري أستاذ الأستاذين وطبيب الحديث في علله.

ولذلك الإمام البخاري يقول: (ما استصغرت لنفسي عند أحد إلا عند ابن المديني)، لعظمه في علم الحديث والعلل. رغم أن الإمام البخاري إمام في العلل، يستصغر نفسه أمام هذا الجبل، فهل يكون أن الإمام ابن المديني منتحل في الحديث؟

مستحيل هذا، فلذلك سوف ترى كلاما كثيرا في الكتب عن هذا، فلتعرف أن الإمام مسلم لا يقصد الإمام البخاري ولا يقصد أئمة الحديث المعروفين أئمة الإسلام، وحفظوا هذا الدين وبينوا الحديث الصحيح والسقيم.

ولذلك من الأمور التي ذكرها الإمام مسلم، كان لا يرد على واحد من منتحلي الحديث، بل يرد على عدد من منتحلي الحديث من أهل عصره أو من دونه كذلك، فيرد عليهم؛ من يرى الأسانيد الضعيفة كما في «مقدمة صحيحه» على أنه أسانيد صحيحة، ومنهم من يرى بين الراوي وشيخه المعاصرة المطلقة بين المتعاصرين، ومنهم من يرى ثبوت السماع في كل إسناد بين الراوي وشيخه حتى تثبت صحة الحديث على سبيل الإطلاق، فهؤلاء الإمام مسلم الذي يرد عليهم.

وأئمة الإسلام كالإمام البخاري وابن المديني وغيرهما ما يرون كل هذه الأشياء، فهم يرون المعاصرة لكن لابد لها من السماع واللقاء، حتى لو مرة واحدة، ولو بقيت العنعنة في الأسانيد الأخرى. وما دام أن التلميذ ثقة والشيخ ثقة، فأئمة الإسلام يحملون هذا على الاتصال، لأن هذا التلميذ له سماع من شيخه، وهذا الشيخ له سماع من شيخه، ولو مرة، فيكفي.

ولذلك روى الإمام البخاري أسانيد كثيرة بذلك، فتراه في موضع للتلميذ مع شيخه التصريح بالتحديث والسماع ويعرف باللقاء بين التلميذ وشيخه، وفي موضع آخر معنعن، التلميذ هذا معنعن عن الشيخ، والشيخ هذا معنعن عن شيخه، فهذه العنعنة تحمل على السماع، لأن ثبت سماع هذا، إلا في بعض الأسانيد التي يخالف فيها مثلا الراوي أو الشيخ وخالف ثقات، وممكن أن هذا الحديث لم يسمع منه، يبينون، الأئمة يبينون ذلك، لكن نحن على الأصل إذا ثبت بين التلميذ والشيخ السماع وعنعن في موضع آخر فتحمل هذه العنعنة على السماع.

أما الذين رد عليهم فمنهم من يقول: لابد ثبوت السماع في كل إسناد بين الراوي وشيخه حتى تثبت صحة الحديث على سبيل الإطلاق هكذا، فهذه يستحيل، ما توجد أسانيد ولا رواة فيما بينهما في الأسانيد كلها سماعات، فلا يوجد، لكن توجد أسانيد مصرح بين الراوي وشيخه والشيخ بين شيخه وهكذا، فهذا يكفي على اتصال الإسناد.

لكن سيأتي الكلام إذا كان الراوي لا يصرح نهائيا بينه وبين شيخه، خاصة التابعي بين الصحابي، فأهل الحديث يعلون هذا الإسناد إذا تبين أنه لم يسمع، ولا يكتفون هنا بالمعاصرة، يعني: المعاصرة أنه عاصر التلميذ هذا الشيخ، أو مثلا التابعي عاصر الصحابي، لا يلزم من هذا أنه سمع منه، ممكن يعاصره ولم يسمع منه، وممكن أن يراه ولا يسمع منه ولم يسمع منه، وهذا أمر معروف.

ولذلك كم شيخ الآن في بلد يرونه أناس كثر ما يدرسون عليه، ما يأتون إلى حلقاته، ما يستمعون إلى حديثه، رغم أنهم رأوه هؤلاء عاصروه، فهمتم كيف الآن المسألة؟ هكذا.

لكن الآن على الأصل، وأهل الحديث دائما يبينون هذه العنعنة، لكن ما دام الآن أن التلميذ سمع من شيخه في موضع وفي موضع آخر عنعن تحمل على السماع، لأن كلام الإمام مسلم مع أهل عصره على الحديث المعنعن، أما إذا صرح بالتحديث والسماع انتهى هذا الأمر.

وكذلك في بعض الأسانيد - ليس كل الأسانيد - الإمام مسلم يقول بالتعاصر بين الراوي وشيخه، هذه في بعض الأسانيد، أما من أطلق عليه أنه يرى المعاصرة المطلقة بين الراوي وشيخه غلط عليه، لأن صحيحه يدل على ذلك، وأن كان يرى السماع ويروي الأسانيد بالسماع بين الراوي وبين شيخه، وهذا موجود كثرة في «صحيحه»، فهي أدلة كبيرة.

وكذلك بعض المعاصرين الذي يتكلمون في المصطلح الحديث وأصول الحديث والتحديث بينوا أن الإمام مسلم يقول بالمعاصرة مطلقا، وهذه ليس بصحيح، بل منهم من تعصب له وقال قوله هذا الأمر هو الصحيح والراجح، وأن قول الأئمة غلط، وهو قوله هذا غلط أصلا.

أصلا الإمام مسلم ما يرى المعاصرة مطلقا بين الراوي وبين شيخه، نعم في بعض الأسانيد وهذه تكون غلط وخطأ، ولذلك رد على الإمام مسلم وبينوا أن هذه الأسانيد أو بعض الأسانيد التي قال بها بالمعاصرة فقط وإن لم يسمع منه على أن العنعنة تحمل على السماع خطأوه، وبينوا الأحاديث الضعيفة التي على هذا الشرط في «صحيحه»، كالإمام البخاري، الإمام أحمد، أبو زرعة، أبو حاتم، خلق من أهل العلم، بينوا عن هذه الأسانيد أنها غلط، سواء هؤلاء الأئمة قبل الإمام مسلم أو بعده.

لأن الأسانيد هذه وإن كان الإمام مسلم بعدهم وأخرج صحيحه بعدهم، فإنهم تكلموا على مثل هذه الأسانيد، والذين أتوا بعد الإمام مسلم تكلموا على أسانيد في صحيح الإمام مسلم، وخلق من الأئمة والعلماء، وهذا يدل على أن الكتاب الذي يؤلفه الناس لابد فيه من خطأ، وأبى الله سبحانه وتعالى أن لا يصح إلا كتابه، ما يصح إلا كتاب الله سبحانه وتعالى.

فلا أحد يأتينا يتعصب لصحيح البخاري، صحيح مسلم، كتب السنن، المسانيد، كتب كذا كتب كذا، لا، إذا كان الرد على هذه الكتب مخلص لله سبحانه وتعالى ويدافع عن السنة ويبين ذي، لابد أن يحترم ويوقر، لأن هذا يبين خطأ لكي لا تقعون فيه أنتم وتتعبدون الله بالأخطاء، فلابد أن يوقر ويشكر على هذا، وإلا الذي لا يحترم هذه الأقاويل ولا شيء في الحقيقة فهذا مبتلى بالباطل يتعبد الله بالباطل ما دام هو يريد أن يتعبد بهذه الأحاديث الضعيفة والشاذة والمعلة، فهذا لابد أن الله يبتليه بهذه الأحاديث الضعيفة ويتعبد الله، وليس له عذر يوم القيامة.

يقول: أنا أدافع عن صحيح مسلم أو عن كتاب كذا أو كتاب كذا، لا هذه الكتب كلها في خطأ، لابد يوجد فيها من الخطأ، بشر من طبيعة البشر يخطئون ويصيبون، والذي يقول عن كتاب الفلاني ما فيه خطأ ولا الكتاب الفلاني هذا، ساوى هذه الكتب بينها وبين كتاب الله سبحانه وتعالى، وهذا مستحيل وهذا آثم على هذا الأمر.

ما في أي مدافعة بزعمه عن السنة أو عن الأحاديث أو صحيح البخاري أو صحيح مسلم أو يدافع عن الإمام مسلم أو فلان أو علان، هذا كله تقليد، أهل الحديث ليسوا على ذلك، كما ترون أئمة الحديث قديما وحديثا بينوا الأسانيد الضعيفة والشاذة والمعلة، وبينوا الأحاديث الضعيفة وإن صححها بعض أهل العلم، فإنهم بشر يخطئون ويصيبون.

فلذلك لابد أن ننتبه، فالإمام مسلم يرد على أصناف من الناس؛ منهم من يرى الأسانيد الضعيفة صحيحة، ومنهم من يرى المعاصرة مطلقا، ومنهم من يرى اللقاء والسماع مطلقا، ويقول: لابد أن يروي الأسانيد كلها بالسماع: حدثنا وسمعت وأنبأنا وأخبرنا وهكذا.

ولذلك الإمام مسلم يقول في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص28)؛ بعدما ذكر جرح الأئمة في الرجال الضعفاء والأسانيد الضعيفة: (وأشباه ما ذكرنا من كلام أهل العلم في متهمي رواة الحديث وأخبارهم عن معايبهم كثير يطول الكتاب بذكره على استقصائه، وفيما ذكرنا كفاية لمن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا).

فبين أن الذي أثبت بعض الأسانيد الضعيفة والواهية وما شابه ذلك أن أهل العلم بينوا عن متهمي الحديث وما شابه ذلك، وبين في «مقدمة صحيحه» عن هذا الأمر هو يقول هكذا، فلا يقصد الإمام البخاري ولا يقصد الإمام ابن المديني ولا غيرهما، يقول: (لمن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا).

ثم يقول: (وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الأخبار وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر، إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب، فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته، كان آثما بفعله ذلك، غاشا لعوام المسلمين، إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها، ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها، مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع).

فيبين هو الآن ويرد على هؤلاء الذين يرون بالأسانيد الضعيفة، والإمام البخاري لا يرى بالأحاديث الضعيفة ولا الأسانيد الضعيفة ولا أئمة الحديث، بل نقدوها، ويبين هو أنهم نقدوا هذه الآثار وهذه الأخبار الضعيفة وكشفوا عن معايب رواة الحديث، فكيف الإمام مسلم يقولون أنه يرد على الإمام البخاري؟ مستحيل هذا.

ثم يقول: (ولا أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف أو الضعف، إلا أن الذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثر بذلك عند العوام، ولأن يقال ما أكثر ما جمع فلان من الحديث وألف من العدد، ومن ذهب في العلم هذا المذهب وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه، وكان بأن يسمى جاهلا أولى من أن ينسب إلى علم).

فيستحيل الإمام مسلم يعني يسمي الإمام البخاري جاهل، مستحيل، فهو يرد على هؤلاء الجهلة.

فكيف يقولون أن الإمام مسلم يرد على الإمام البخاري؟ رغم أن الذين قالوا هذا الكلام علماء وأئمة، فلينتبه الناس وطلبة الحديث لمثل هذا الكلام وما يكتب العلماء، فلابد على طالب الحديث أن يسأل إذا أشكل عليه شيء، ولا يمشي مع الناس وفلان وعلان أو كتاب كذا أو عالم كذا، كمثل الطيور يتبع بعضها بعضا.

لأن يعني قرأت للمتأخرين والمعاصرين أي واحد يقول أي شيء من العلماء اتبعوه، ولا تكاد يعني عبارات الناس بعده تتغير، حتى لو كان على خطأ فهم كلهم مخطئون وهكذا، فلابد من البحث والتنقيب والتحري والتدقيق والتحقيق.

فلذلك يقول: (ومن ذهب في العلم هذا المذهب وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه).

مستحيل أن يقول عن الإمام البخاري ليس لك نصيب في العلم، مستحيل هذا. فلذلك هو يرد على بعض منتحلي الحديث في عصره ممن يرى الأحاديث الضعيفة والأسانيد المجهولة ويعتد بروايتها، بعد معرفته بما فيها من الضعف أو الضعف.

وهذا بينا يعني أنه يرد على بعض منتحلي... في كلام كذلك للإمام مسلم لكن الظاهر مطول والوقت.

هذه كلها مقدمة صحيح مسلم ويرد على هؤلاء الذين في عصره، والرغم أن يعني على ما بينه الإمام مسلم أنه يرد على أهل عصره وبعض الجهلة وإلى ذاك، فللآن حتى طلبة الحديث حتى مشايخ الحديث الآن يتكلمون في الحديث في الجامعات في المدارس ينقلون أن الإمام مسلم يرد على الإمام البخاري، وأن الإمام مسلم يرى في الأسانيد المعاصرة بين الراوي وبين شيخه، وهذا كله ذلك غلط.

وذكر الإمام مسلم في مقدمته وطول في هذا الأمر، لكن وإن قرأ هؤلاء مقدمة صحيح مسلم لكن لم تفهم جيدا.

ولذلك ابن حزم في «الإحكام» يقول: المشكلة عندنا عدم تحرير المسائل، يعني: إيقاع الناس في الخطأ بسبب عدم تحرير المسائل.

حتى الذي شرح مقدمة صحيح مسلم، هناك أشرطة وهناك كتب، نفس الكلام ذاكرين أن الإمام مسلم يرد على الإمام البخاري، وأن الإمام مسلم يرى المعاصرة مطلقا، والإمام مسلم ما يرى المعاصرة مطلقا أصلا.

حتى النووي شرح صحيح مسلم، يعني ناس كثر، حتى القاضي عياض حتى ابن رجب يعني كثير، حتى الشيخ مقبل شارح في أشرطة، وخلق من الجامعات وكتب المصطلح موجودة عندي، الرسالات الجامعية، والذي تكلموا في مصطلح الحديث وتكلموا عن مسألة السماع واللقاء والأحاديث المعلقة بين الإمام مسلم والبخاري.

كذلك محدث العصر الإمام الجهبذ ربيع المخربي يقول بهذا، أن الإمام مسلم يرد على الإمام البخاري، هذا من جهله ولم يحرر المسائل، وقع في أخطاء كثيرة بين الدارقطني وبين مسلم في كتابه، وبينت هذا أخطاءه.

وكذلك يقول ربيع المخربي هذا أن الإمام مسلم يرى المعاصرة مطلقا، لماذا؟ يقلد، وهذه دليل ويزعم أنه ما يقلد، بس سمع الناس وقال، ويزعم أنه ما يقلد ولا شيء، كذلك هو من المقلدين في هذا.

فلذلك ننتبه ولعل نقرأ يعني بقية الأشياء، وممكن لأن الكلام مشكلة طويل يمكن عشر صفحات، بس نختصر الدرس القادم لكي ندخل في مسألة السماع واللقاء.

الأسئلة:

السؤال: هذا أيضا راوي يعنعن عن شيخه في جميع الأسانيد وحتى في الأحاديث الأخرى ولم نجد من أهل العلم من أثبت سماعه أو نفى سماعه فهل هذا النوع يضعف بأنه لم يثبت سماع التلميذ؟.

الجواب: هو يعني في الغالب أئمة الحديث ما تركوا شيئا إلا بينوه من ناحية المعاصرة اللقاء السماع بين التلميذ وشيخه، لكن أحيانا وهذا نادر ما نعلم أو ما تكلموا، فهنا يعني على أهل الحديث أن يجتهدوا في هذا الأمر ويتبينوا، لأن هذا يعرف بالوفيات هل لقيه أو لا هل رآه أو لا، لأن أحيانا ترى الراوي معنعن عن الشيخ لكنه لم يراه، هو الشيخ هذا كان موجودا والراوي لم يولد ليس بعد لم يولد هذا كيف يعرف بالوفيات بالطبقات، وهل هم أقران؟ هل هم معاصرون؟ وهكذا يعرف هذا.

كذلك يعرف بالمتون بالمتن يعني أهل الحديث بينوا الأحاديث الصحيحة والأسانيد نقلوا الأسانيد عن الثقات يعرف أن هذا المتن منكر وهذا مخالف للمتون الأخرى، وكذلك للثقات ويستحيل أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول بمثل هذا الكلام فيبينون، فيتبين حتى لو قلنا مثلا أن فيه الإسناد هذا كلهم رجال ثقات إلا واحد لم يعرف ومعنعن فاعلم أن هذا لم يسمع من شيخه وخاصة إذا كان تابعي يروي عن صحابي بمثل هذا المتن المنكر فيعرف أنه لم يسمع منه إذا كان من هذا القبيل وهكذا يعني يعرف.

السؤال: تكلمنا عن مسألة هل يجوز زيارة القبور للنساء؟.

الجواب: بينا أنه يجوز على القول الصحيح عند المتأخرين، وكذلك المعاصرين، والأحاديث التي استدلوا بها على عدم زيارة المرأة للقبور ضعيفة لا تصح، ولذلك الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، كذلك الصحابيات، وعائشة رخص لها النبي صلى الله عليه وسلم بالذهاب وزيارة القبور، وبينا هذا كثيرا.

السؤال: كيف يعني تنظيف الحواجب بدون تغيير الشكل؟ تشقير؟.

الجواب: الظاهر تكلمنا عنها كأنه في تواصل مرئي منزل مثل هذا، عن التشقير هذا وما شابه ذلك، هذا ما يجوز أصلا، هذا فيه تشبه بالكافرات، وهذا الشيء لم يأت به إلا الكافرات أصلا، من اليهوديات والنصرانيات وغيرهن، وليس عليه نساء المسلمات، فلذلك لا يجوز بذلك، ويكفي المرأة بطبيعتها في وجهها في جسمها في غير ذلك، وما تحتاج المرأة من ضرورة في العمليات التجميلية مثلا، فلابد أن تسأل، فإذا كان ما في بأس أن تفعل هذه العملية للتجميل كما يسمى، فلابد أن تسأل أهل العلم، فإذا ما في شيء سوف يبينون أهل العلم صحة ذلك ويجوز، وإلا فلا.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan