القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح: نيل الفلاح في صحيح أذكار المساء والصباح (تفريغ) / الجزء (6) نيل الفلاح في صحيح أذكار المساء والصباح: شرح حديث أبي بكر: (اللهم عالم الغيب والشهادة...) (تفريغ)

2025-12-15

صورة 1
الجزء (6) نيل الفلاح في صحيح أذكار المساء والصباح: شرح حديث أبي بكر: (اللهم عالم الغيب والشهادة...) (تفريغ)

المتن:

الحديث الرابع من أحاديث أذكار المساء والصباح: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله علمني شيئا أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت. قال: «قل: اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السماوات والأرض، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه، قله إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك».

حديث صحيح، أخرجه البخاري في «الأدب المفرد»، وفي «خلق أفعال العباد»، وأبو داود في «سننه»، وغيرهما.

الشرح:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله علمني شيئا أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت».

ليتحصن بالله سبحانه وتعالى، وهو أفضل رجل بعد الأنبياء والرسل هو أبو بكر الصديق، مع هذا يريد أن يتحصن بالأذكار، فإذا كان كذلك فما بالك نحن؟ فعلينا بالأذكار.

فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يفعل في الصباح والمساء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قل: اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السماوات والأرض...»، إلى آخر الحديث. وهذا الحديث حديث صحيح أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» وغيره.

فهذا دعاء عظيم يستحب للمسلم أن يقوله في الصباح والمساء وعند النوم؛ لأن في آخر الحديث: «وإذا أخذت مضجعك»، وهو مشتمل على التعوذ بالله والالتجاء إليه والاعتصام به سبحانه من الشرور كلها، ومن مصادرها ونتائجها وخواتمها وغير ذلك، فأنت تتحصن في المساء والصباح، كذلك عليك بأذكار اليوم العامة المطلقة، كقراءة سورة الفلق وسورة الناس وآية الكرسي وغير ذلك.

فبدأه بالتوسلات بالله سبحانه وتعالى، وبعظمته وبذكر جملة من نعوته العظيمة وصفاته الكريمة الدالة على عظمته وجلاله وكماله، فتوسل إليه بأنه «فاطر السماوات والأرض»؛ أي: خالقهما، فاطر؛ أي: خالق.

فاطر الأرض: خالق الأرض، فاطر: خالق.

وأنه «عالم الغيب والشهادة»، فيعلم كل شيء، الخفاء عند الله علانية، والسر كذلك علانية، ما يخفى على الله شيء. فلذلك إذا خلا العبد فعليه بالطاعة، ولا يعصي؛ لأن الناس لا يرونه فإن الله سبحانه وتعالى  يراه، ولا يكن شيئا في قلبه من مكر أو حقد أو حسد أو غير ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى  يعلمه.

فالأمر خطير جدا، وأنه «عالم الغيب والشهادة»؛ أي: لا يخفى عليه خافية، وهو عليم بكل ما غاب عن العباد وما ظهر لهم، فالغيب عنده شهادة، والسر عنده علانية، فالله سبحانه وتعالى ما يخفى عليه شيء، فعليه بالطاعة.

وهو علمه سبحانه وتعالى محيط بكل شيء. وتوسل إليه بأنه «رب كل شيء ومليكه»، فهذا توسل، فلا يخرج شيء عن ربوبيته وهو المالك لكل شيء، فهو سبحانه وتعالى رب العالمين وهو المالك للخلق أجمعين.

ثم أعلن بعد ذلك توحيده، وأقر له بالعبودية، وأنه المعبود بحق ولا معبود بحق سواه، فقال: «أشهد أن لا إله إلا أنت». وكل ذلك جاء مقدمة بين يدي الدعاء، مظهرا فيه العبد فاقته وفقره واحتياجه إلى ربه، معترفا فيه بجلاله وعظمته، مثبتا لصفاته العظيمة ونعوته الكريمة.

ثم بعد ذلك ذكر حاجته وسؤاله، وهو أن يعيذه الله من الشرور كلها: «أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه». إلى هنا صحيح.

* «وأن أقترف على نفسي سوءا، أو أجره إلى مسلم»، فهذه الزيادة منكرة ضعيفة ما تصح في الحديث.

فالصحيح: «شر الشيطان وشركه»، إلى هنا الصحيح: «قله إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك».

أما زيادة: «وأن أقترف على نفسي سوءا، أو أجره إلى مسلم»، فهي زيادة ضعيفة، لكن معناها صحيح، يعني: أن تدعو الله سبحانه وتعالى أن لا تقع في سوء، ولا تجر إلى مسلم سوءا.

فلذلك انظر من الذي جر فكر الإخوان المسلمين إلى البلاد؟ وفكر الإخوان المفلسين من أكبر الشرور على الناس، انظر من جر فكر الإخوان إلى البلاد، فدخل في هذا الأمر. وكم أضلوا من المسلمين؟ وهنا مسلم، تجر على فساد مسلم عليك المسئولية، فما بالك إذا الألوف المؤلفة.

من الذي جر إلى البلد سوء فكر التراثيين إلى البلد هنا؟ ما كانوا يعرفونه. انظر إلى التراثيين هم الذين جلبوا وأتوا بهذا السوء فكر التراثية إلى البلد. من الذي جر بفكر الصوفي في البلد؟ ومن الذي جر الفكر الأشعري إلى البلد؟ ومن الذي جر الفكر العلماني والفكر الشيوعي وغير ذلك من الأفكار إلى البلد؟ وأضلوا بهذه الأفكار المسلمين. فهؤلاء لهم السوء والآثام في الدنيا وفي الآخرة وسوف يعاقبون.

المفروض أن يجرون إلى المسلمين الهدى والاستقامة والسنة والعلم، هذا هو الأصل، هذا هو الداعي إلى الله. أما هؤلاء هم الدعاة على أبواب جهنم، الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة في صحيح البخاري ومسلم.

هؤلاء هم دعاة إلى أبواب جهنم، إلى هذه السياسيات الغربية المهلكة التي جرت على بلدان المسلمين الشرور العظيمة والفتن الكبيرة، لم تنته إلى الآن ويسمون ذلك إصلاح! يسمون ذلك إصلاح، وهذا إفساد. {وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون} [البقرة: 11-12]. فهذه إصلاح؟ هذه إفساد.

فلذلك العبد يدعو الله سبحانه وتعالى أن لا يجر فسادا إلى مسلم، هذا مسلم واحد، فما بالك بالألوف المؤلفة والمئات، فلذلك عليهم السوء وعليهم العاقبة والذل والهلاك.

وانظر إلى دعاة الباطل في التلفاز يثورون العامة: اخرجوا، ثوروا، وثوروا دماءهم. فلذلك هؤلاء يظنون أنهم حصلوا الفرصة أنهم يتكلمون ويحثون ويحرضون العامة في البلدان، فوقعوا في الإثم، وهذا الأمر في صحيفتهم -والعياذ بالله-.

وإلا الأمر بينه النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أردتم أن يترك الظالم ظلمه على بلدكم فاتركوا الظلم، فالله سبحانه وتعالى يعزله لكم، {وكفى الله المؤمنين القتال} [الأحزاب: 25]. وأكبر دليل عندكم الأمم السالفة، ماذا الله سبحانه وتعالى فعل في فرعون؟

كان شعب ضعيف كما يقولون، أطاحه الله سبحانه وتعالى صاروا هم الحكام وصاروا هم بنو إسرائيل، وقادهم موسى عليه السلام. التزموا بالإسلام والتزموا بالدين والتزموا بما قال لهم موسى عليه السلام والتزموا بأمر الله، فالله أطاحه وانتهى الأمر. فلذلك على الناس التوبة.

وفي هذا جمع بين التعوذ بالله من أصول الشر ومنابعه ونهايته ونتائجه، ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في التعليق على هذا الحديث في «بدائع الفوائد» (ج2 ص209): فذكر أي النبي صلى الله عليه وسلم مصدري الشر وهما النفس والشيطان، وذكر مورديه ونهايتيه وهما عوده إلى النفس أو على أخيه المسلم. فجمع الحديث مصادر الشر وموارده في أوجز لفظه وأخصره وأجمعه وأبينه.

فلذلك عليك بهذا التعوذ، فالله سبحانه وتعالى يحفظ الناس من كل شر.

ولذلك مصدري الشر هما النفس والشيطان، فالنفس -والعياذ بالله- تتكبر على الله وعلى خلقه، فليحذر العبد من ذلك، وهذا بسبب الشيطان. والحديث فيه التعوذ بالله من أمور:

شر النفس، وشر النفس يولد الأعمال السيئة والذنوب والآثام، فلينظر فلابد من خضوع النفس لله سبحانه وتعالى.

والثاني: شر الشيطان، وعداوة الشيطان للعبد معلومة بتحريكه لفعل المعاصي والذنوب وتهييج الباطل في نفسه وقلبه.

وقوله: «وشركه»؛ أي: ما يدعو إليه من الشرك، فلأن الشرك أمر خطير جدا، وشركه؛ بفتح الراء؛ يعني: حباله.

فلذلك فعلى العبد أن يدعو الله سبحانه وتعالى بذلك.

وانظر: «مرقاة المفاتيح» للقاري (ج4 ص1658)، و«النفح الطيب» للطيار (ص72)، و«الفتوحات الربانية» لابن علان (ج2 ص86).

ولعل إن شاء الله نكمل الدرس القادم.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan