القائمة الرئيسة
الرئيسية / الزهر الفريد في أحكام التوحيد (تفريغ) / الجزء (6) الزهر الفريد في أحكام التوحيد: بيان توحيد الألوهية (تفريغ)

2025-11-11

صورة 1
الجزء (6) الزهر الفريد في أحكام التوحيد: بيان توحيد الألوهية (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ولعل نستأنف درس التوحيد، وبينا أصل التوحيد وحقيقة التوحيد، وإن هذا التوحيد عند الله سبحانه وتعالى شيء عظيم، فهذا التوحيد بالدنيا بأكملها، والله سبحانه وتعالى عظم التوحيد ونهى عن الشرك.

والذي يرزقه علم التوحيد حصل على أمر عظيم، وهذا علم التوحيد لا يرزق الجميع ولا أي واحد إلا الذي طلبه واشتاق إليه وعرفه وأراد تطبيق هذا التوحيد في هذه الأرض؛ فالله سبحانه وتعالى يعطيــه هـذا التــوحيد، لأن هـذا التوحيــد أعظــم شـيء على وجــه الأرض.

فعليك أن تقبل على هذا التوحيد وتشتاق إليه وتحب التوحيد وتريد التوحيد وتريد تطبيق هذا التوحيد، وتبغض الشرك وأهل الشرك وتنهى عن الشرك؛ فالله سبحانه وتعالى سوف يستعملك في التوحيد ويرزقك هذا التوحيد العظيم.

وبينا أن التوحيد: إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به من توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.

وأكبر دليل: أن هذا التوحيد هو فقه الأنبياء والرسل، والله سبحانه وتعالى أعطى الأنبياء والرسل.

وهذا يدل على عظم التوحيد، فإذا رزقك الله سبحانه وتعالى هذا التوحيد فحصلت على أمر عظيم، فعليك أن تهتم به وتحافظ عليه وتطبقه في هذه الحياة.

وتوحيد الربوبية قلنا: هو إفراد الله سبحانه وتعالى بأفعاله، كالخلق والملك والتدبير.

فإذا كان كذلك فلا تخاف شيء في هذه الحياة إلى أن تموت، وإذا قطع رزقك أحد مسئول مثلا- بوزارة لا تظن منه، لا تظن أن هذا القطع الرزق منه، وأنه هو يستطيع، لا ما يستطيع، لكن أراد الله سبحانه وتعالى أن يؤثمه وينكل به ويجعل له إثما يلقاه في قبره قبل آخرته.

وأنت الله سبحانه وتعالى يمتحنك في هذا قطع الرزق، ينظر إليك، وينظر إلى توحيدك، وينظر إلى دينك في قلبك كيف هو؟ هل بقوة أو بضعف؟ هل بحرض أو اهتمام أو غير ذلك؟

فالله سبحانه وتعالى يمتحن العباد يمتحنك، فهل تخاف هذا الذي قطع رزقك أو لا؟

فلذلك الله سبحانه وتعالى منفرد بالتدبير تدبير هذا الكون والخلق، وهو المالك مالك كل شيء الأرزاق وغير ذلك، فالله يبتلي العباد، والله سبحانه وتعالى هو الخالق.

فأنت تلجأ إلى الله في قطع رزقك هذا، فأما الله سبحانه وتعالى بمشيئته أن يرجعك إلى هذا العمل أو إلى هذه الوظيفة معزز ومكرم، أو الله سبحانه وتعالى يختار لك وظيفة أفضل من هذه الوظيفة بمليون مرة كما يقال، ما دام أنت لك رزق وحي.

فلابد أن يكون توحيدك على هذا، ما في أحد يستطيع يمنع أحد عن أي شيء، فهذا لابد أن يكون اعتقاد الناس، وإذا تمكن أحد من شيء فاعلم يريد الله سبحانه وتعالى أن ينكل به ويحمله في رقبته إثما عظيما.

وأنت في هذه الحياة سوف يعطيك الله سبحانه وتعالى ما يشاء، ويمتعك في الآخرة بدخول الجنة والغفران، ما تريد هذا؟! فالكل يريد هذا، فاصبر على من قطع رزقك أو منعك بأي شيء، فإن هذا لم يكن منه، لكن تنكيلا وامتحانا لك.

وتوحيد الألوهية: هو إفراد الله سبحانه وتعالى وحده بالعبادة كلها وإخلاص الدين له.

وتوحيد الأسماء والصفات: هو إفراد الله سبحانه وتعالى بما له من الأسماء الحسنى والصفات العلا من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.

فهذه أقسام التوحيد باختصار، وبينا هذا.

وقلنا: توحيد الربوبية: هو إفراد الله سبحانه وتعالى بأفعاله، كالخلق والملك والتدبير.

الخلق معناه: أن يعتقد الإنسان أنه لا خالق إلا الله.

والملك معناه: أن يعتقد الإنسان أنه لا يملك الخلق إلا خالقهم.

والتدبير معناه: أن يعتقد الإنسان أنه لا مدبر إلا الله وحده.

وفصلنا في هذا.

فإذا اعتقدت بهذا التوحيد فلا تهتم بشيء ولا تخاف شيء، وإن نكل بك وقطع رزقك أو ما شابه ذلك فاعلم أن الله سبحانه وتعالى يريد لك الأجر ويريد لك الرضا والجنة، ولابد من سنن الله سبحانه وتعالى في خلقه أنه لابد أن ينكل بأعدائك، لابد هذا، وهذا العذاب، يعني: الصغير والعذاب الكبير يوم القيامة، فاصبر على ما أصابك.

وبينا أن خلق الله سبحانه وتعالى حقيقي وإيجاد من عدم وشامل وكامل من كل وجه، وصنع الإنسان غير حقيقي وإيجاد من وجود أصلا وحصور وناقص من عدة وجوه.  

وبينا كذلك الثمرة من توحيد الربوبية: فأن تعتقد أن الله سبحانه وتعالى ربك، فلا يكون لك لين في هذه الحياة الدنيا من هذا التوحيد وعدم الاهتمام وعدم القوة، إذا قلت: ربي الله سبحانه وتعالى، فخذ هذا التوحيد وهذا الاعتقاد بقوة ولا تخاف شيء، وإن فعلت ذلك حصلت على ثمرات توحيد الربوبية، وإلا ما تحصل على ذلك.

وإلا كيف كفر أهل الكفر من اليهود والنصارى والمجوس؟ لأنهم ما يعتقدون الاعتقاد القوي بتوحيد الربوبية، وإلا يقولون: ربنا الله سبحانه وتعالى، إلهنا الله، لكن بتحريف ونفاق ومكر وكفر وشرك، فهذا العبد ما يحصل على ثمرات التوحيد، بل بقوا هؤلاء كفرة إلى أن يموتوا، وليس لهم إلا نار جهنم خالدين فيها.

وكذلك أهل البدع عندهم لين في توحيد الربوبية، فيتكلون على الأسباب وعلى المادة، وإلا لماذا هذا الإقبال على الحياة الدنيا، وأن بزعمهم لابد تفعل كذا وتفعل كذا لكي تحصل على منصب ومال وكذا وكذا ... وإلخ؟!

فهؤلاء في الحقيقة ما عندهم حقيقة توحيد الربوبية، وإن هؤلاء يصلون ويصومون ويحجون ويدعون إلى الله بزعمهم، لكن بانحراف كما ترون، بل هؤلاء يدعون إلى أنفسهم وإلى أفكارهم ومذاهبهم وجمعياتهم، هؤلاء ما عندهم حقيقة بتوحيد الربوبية.

لكن إن حققت توحيد الربوبية في نفسك حصلت على ثمرات توحيد الربوبية، الأنس بالله سبحانه وتعالى، طمأنينة وسعادة وسكينة والثقة بالله سبحانه وتعالى والتوكل على الله، لأنه هو المالك سبحانه وتعالى والقادر على كل شيء.

الثمرة الثانية: لا تخاف من قطع رزق، لأن هذا الرزق من الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يرزق جميع الخلق، والأرزاق بيده فهو المدبر لها، لكن في أناس ما عندهم تحقيق توحيد الربوبية، فتدخل في قلوبهم الغل والحسد والعداوة للخلق وللناس.

خاصة أهل البدع أو عداوة أهل البدع لأهل السنة، فالله يمكنهم أن يضرروا شيئا بأهل السنة أرزاق وأنفس وأشياء أخرى، وهذا التمكين لله سبحانه وتعالى يحملهم الآثام والأوزار، وأنت تحصل على الحسنات.

وانظر تمكين أهل الشرك لبعض الرسل والأنبياء، والأضرار، حتى من الأنبياء قتل هذا تنكيل بهؤلاء وتحميل هؤلاء الأوزار، وهذا النبي دخل الجنة وهؤلاء يدخلون النار.

وانظر ما حصل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الابتلاءات والأضرار هو والصحابة رضي الله عنهم، لكن العاقبة للمتقين، فاصبر وحقق التوحيد توحيد الربوبية، وإذا قلت: ربي الله، فلتدخل في نفسك وقلبك حقيقة وبقوة ولا تخاف شيء.

ومن ثمرات توحيد الربوبية: إذا مرض العبد لا يذهب إلى السحرة والمشعوذين وأصحاب الأعشاب المشعوذين هؤلاء، الذي يذهب كثير الخلق من الناس يذهبون إلى هؤلاء ويصرفون الأموال الكثيرة ولا يحصلون شيئا، بل يزدادون سوء كما اعتراف هؤلاء المرضى.

وبينا أن العبد يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى، ثم بالأسباب المباحة المعروفة للعلاج، والله سبحانه وتعالى يشفيه، لأن الله سبحانه وتعالى هو الشافي، لكن يذهب للسحرة والمشعوذين وأشكال هؤلاء الموجودين الآن، ففي الحقيقة يزداد سوء، والشفاء بيد الله سبحانه وتعالى.

وبتحقيق توحيد الربوبية، فلا ترى في نفس الشخص حسدا ولا غلا ولا حقدا على أحد، ونظيف القلب، وطاهر النفس، مطمئن، ما يأتيه شيئا في نفسه من أرزاق الناس، ويرى هو لا يرزق بشيئا من أرزاق الناس مثلا- مثل أصحاب الجاه السيارات الفاخرة يرى أن هؤلاء فسقة وفجرة، ومنهم لا يصلي أو مبتدعة فيأتي في نفسه شيء من ذلك، حتى لو رأى هذه الأشياء ما يأتيه شيء في نفسه، بل يحمد الله سبحانه وتعالى.

وإن هذه الأمور وحطام الدنيا فتنة لهم، وأن تحمد الله على ما رزقك من الأموال ومن هذه الحياة، واصبر على ذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم صبر على هذا الأمر فاصبر.

والنبي صلى الله عليه وسلم توفى وليس في بيوته شيء، ما في أي شيء، ويمر الهلال تلو الهلال ما يوقد شيء في بيوته صلى الله عليه وسلم، ومع هذا النبي صلى الله عليه وسلم صبر، ولا يأتيه شيء إلا يصرفه، ما في شيء إلا يصرفه للناس وللفقراء.

والنبي صلى الله عليه وسلم في الكافر الذي أتاه وقال: انظر إلى هذه الغنم وكانت بين جبلين كثيرة جدا، قال: أتريد أن تكون هذه لك، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو كافر، غنم في ذاك الوقت بين جبلين، من يستطيع الآن على كثرة الأموال ولا ترى أحد يفعل هذه الأشياء إلا من رحم الله سبحانه وتعالى.

وهذا الكافر أسلم، والناس لضعف التوحيد في قلوبهم إنفاقهم قليل وحرصهم على العلم قليل وعلى التوحيد وعلى الجهاد في الدين ... وإلخ ضعيف من كل وجه إلا من رحم الله سبحانه وتعالى.

وعلى كثرة الأموال ما ترى هذا الأمر، من يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا نقول من كل شيء، جزء مقسوم من أموالك لهذا الدين العظيم.

فلذلك هذا هو توحيد الربوبية في قلب النبي صلى الله عليه وسلم وقلب الصحابة رضي الله عنهم، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من يتصدق»، كلهم يتصدقون ببيوتهم، بزراعات، بأراضي، بأشياء كثيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يرجع عليهم، لا اترك بيتك لأولادك، اترك نخلك لكذا لأقاربك، وإلا هم، يعني: أين يسكن هذا الصحابي.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم، واشياء يتصدقون منها من الأموال يقبلها النبي صلى الله عليه وسلم ويأخذها.

وذاك الأعرابي أتى بشيء عظيم من الصدقة، يقول أنس: ما كاد يحملها على ظهره ووضعها عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ثم تتابع الناس بالصدقات.

هذا هو تحقيق توحيد الربوبية هكذا، وإلا إذا يشوف نفس الشخص ما يكون هكذا في الدين، هذا نقص وضعف في توحيد الربوبية، فلابد من الحرص على هذا الأمر، ودائما يلجأ العبد، يعني: ثمرات توحيد الربوبية يلجأ العبد إلى الله ويستعيذ بالله ولا يخاف المخلوقات.

فإذا رأى العبد هذه الثمرة ويطبقها في حياته اليومية، فاعلم أنك حققت توحيد الربوبية فعلا في القلب، وإذا رأيت ضعفا من ذلك فأنت ضعيف في حقيقة توحيد الربوبية.

لكن لما ضعفت في الدين فهذا ضعف في توحيد الربوبية، وكلما ازددت في الدين فاعلم أن حققت توحيد الربوبية.

ثم بعد ذلك القسم الثاني وهو الدرس الجديد، القسم الثاني: توحيد الألوهية، وهذا لابد من تحقيقه.

وهذا الأمر، يعني: هو الذي قامت بين الأنبياء والرسل وأتباعهم، وبين دعاة الشرك قديما وحديثا إلى قيام الساعة، هو توحيد الألوهية هذا لابد من تحقيقه، والله سبحانه وتعالى ما خلق الجن والإنس إلا للعبادة، وإلا لهذا التوحيد، فلابد من تحقيقه كذلك.

فتعبد الله بقوة والاجتهاد والاستمرار على هذه العبادة، ما في فتور، ما في ترك، وخاصة طلب العلم، طلب العلم يعرفك بكل ما تريد من العلوم التوحيد في الحديث، في التفسير، في الفقه، في كل شيء.

ويجعلك بإذن الله سبحانه وتعالى أن تعبد الله سبحانه وتعالى على الشريعة المطهرة لا على الشرك، لا على البدع، لا على المحرمات بل على الطاعة، وتعرف كيف تتعامل مع الخلق في هذه الحياة، كف تتعامل مع زوجتك وأولادك وبين أقاربك وبين جيرانك، وبين الموظفين، وبين الناس كلهم، كيف تتعامل مع الجن الذين لا تراهم، وغير ذلك.

لأن في أناس تعاملوا مع الجن ووقعوا في الشرك والكفر ... وإلخ، هؤلاء ما يفهمون حقيقة التوحيد وحقيقة توحيد الألوهية، خلق من الناس وقعوا في الشرك والبدع، وغدا انظر إلى المتصوفة وأتباعهم العامة ماذا يفعلون من البدع والشرك والكفر، هؤلاء لم يفقهوا شيئا من توحيد الألوهية، هؤلاء كيف انحرفوا هذا الانحراف؟

لأنهم لم يفهموا توحيد الألوهية ولا حقيقة توحيد الألوهية، ولم يدخل هذا التوحيد في قلوبهم، فوقعوا في هذا الأمر العظيم، كله آثام.

والرافضة بزعمهم أن عزاهم بعاشوراء اليوم العاشر، من يدخل محرم ابتدأوا بالشرك والبدع والمحرمات والمعاصي، إلى آخر محرم وهم يزعمون أنهم عزاهم يوم واحد، لكن نرى هؤلاء تتجارى بهم البدع والكفر والأهواء، وإلا لماذا تفعلون هذه البدع والشرك في ابتداء محرم؟!

نفس الشيء الصوفية بزعمهم مولدهم في الثاني عشر من ربيع الأول يبتدئون الموالد البدعية من أول الربيع الأول، وهذا يدل أن هؤلاء ما في قلوبهم شيء من التوحيد إلا مثل المشركين، مشركين يعتقدون أن الله هو الرب، هؤلاء كذلك يعتقدون أن الله الرب، لكن أين حقيقة توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية؟ ما في.

فلذلك هؤلاء لهم ديانات ليست دين الإسلام، بسبب إن هؤلاء لم يتحقق في نفوسهم توحيد الألوهية والربوبية.

فأنت إذا عرفت هذا فاحمد الله سبحانه وتعالى، فإنها نعمة كبيرة أن تعرف التوحيد نعمة كبيرة، فعليك بذلك.

والدليل على هذا: قول الله سبحانه وتعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56]؛ يعني: يوحدون ما يشركون، فهؤلاء المبتدعة في الداخل من الرافضة والصوفية وغيرهم يشركون، والله أمرهم بالتوحيد يوحدون وهم يشركون، ثم يقولون: نحن مسلمون، ما يصير هذا، أنتم مبتدعة وأنتم مشركون أصلا.

كذلك أهل الكفر في الخارج مشركون وكفرة، ويدعون أنهم يعبدون الله سبحانه وتعالى.

فلذلك لابد أن ننظر إلى هذا الأمر، الله سبحانه وتعالى أمر بالتوحيد بتوحيده، وأن نعبده بالتوحيد لا بالشرك، فالذي يعبده بالشرك هذه ليست عبادة، والذي يعبده بالتوحيد هذه هي العبادة.

وتوحيد الألوهية هو: إفراد الله سبحانه وتعالى وحده بالعبادة كلها وإخلاص الدين له.

والعبادة: التذلل والخشوع لله عز وجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه، محبة وتعظيما.

والعبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، كما بين شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه «العبودية».

والعبادة تكون باللسان، كالنطق بالشهادتين وتلاوة القرآن وذكر الله والدعاء والثناء عليه والحمد والشكر والاستغفار وصدق الحديث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب العلم؛ هذه كلها عبادات باللسان لابد أن نأتي بها.

فعلى حسب فعل العبد لهذه العبادات على حسب أن يقوى التوحيد في نفسه، فإذا رأى من نفسه قوة ويفعل هذه العبادات فليعلم أن هذا العبد التوحيد في قلبه قوي وحقق هذا التوحيد.

وهناك عبادات بالجوارح مثل الصلوات الخمس وما يتعلق بها وسائر أركان الإسلام من زكاة وصيام وحج والجهاد في سبيل الله، وسائر الواجبات والمندوبات.

فلابد من فعل هذه الأمور حتى يكون العبد موحد، وإلا الشخص ما يصلي ويدعي أنه عبد لله فقط يقول: أنا أقول: (لا إله إلا الله).

لذلك هؤلاء المرجئة يجعلون المرء مسلما بمجرد أن يقول: لا إله إلا الله، حتى لو ما صلى ولا صام ولا حج ولا سوى شيء، فهذا في الحقيقة ليس بمسلم وليس بموحد أصلا، فلابد من الإتيان بهذه الأمور.

وهناك اعتقادات بالقلب وباطنة كالحب الذي يمتلئ قلب العبد بمحبة الله ومحبة كل شيء يحبه الله، ولا يفعل شيء يبغضه.

الخوف أن يخاف من عقاب الله ومن عذابه أكثر من خوفه من الناس.

والرجاء كذلك من العبادات القلبية أن يرجو الله سبحانه وتعالى أن يغفر له ويغفر ذنبه ويدخله الجنة.

والتوكل على الله سبحانه وتعالى أن يعتمد على الله، لأنه قادر على كل شيء وبيده كل شيء، ولا اعتماده على المخلوقين إلا كاتخاذهم سببا.

التوبة يتوب إلى الله سبحانه وتعالى في كل يوم، فالنبي صلى الله عليه وسلم يتوب إلى الله سبحانه وتعالى في كل يوم سبعين مرة.

فالذي يتوب إلى الله في كل يوم ويقول: تبت إلى الله، واستغفر الله، ويذكر هذا في كل يوم؛ فهذا حقق التوحيد، لكن إذا تارك هذا الشيء أو يقولها أحيانا أو نادرا فهذا التوحيد في قلبه ضعيف.

فلابد من إتيان هذه الأمور حتى هذا العبد يعتبر أنه حقق التوحيد، فلابد من إتيان هذه الأمور، ولابد أن يفهم العبد أن العبادة هذه لا تقبل إلا بشرطين:

بالإخلاص لله تعالى.

والشرط الثاني: متابعة النبي صلى الله عليه وسلم.

والإخلاص: أمر الله سبحانه وتعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم، {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [البينة: 5].

وكذلك الشرط الثاني: متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، بين الله سبحانه وتعالى متابعة النبي، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم بين هذا الأمر، فلابد من متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء، في الفرائض، الواجبات، المستحبات، المندوبات.

وكل إنسان على قدر استطاعته، لكن لابد من التطبيق، {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} [آل عمران: 31]، فلابد من متابعة النبي صلى الله عليه وسلم لكي الله سبحانه وتعالى يحبك.

أما أهل البدع في الداخل وأهل الكفر في الخارج يتبعون رؤوس الضلالة ويحبونهم ويتبعونهم في كل شيء، ويدعون أنهم يحبون النبي صلى الله عليه وسلم ويتبعون النبي صلى الله عليه وسلم وهم كاذبون.

فالذي يحب الله يتبع النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الامتحان لهؤلاء، تدعون حب الله سبحانه وتعالى اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم يا الصوفية، يا الملاعين.

فتوحيد الألوهية أمره عظيم، وهؤلاء تساهلوا فيه المبتدعة، تساهلوا فيه فالله سبحانه وتعالى أذلهم في البدع والضلالات التي ليس لها أول ولا آخر إلى أن يموتوا.

فلذلك الأمر خطير جدا.

فتوحيد الألوهية هو: إفراد الله وحده بالعبادة، ما في لقبر ولا لقمر ولا لشمس ولا لفئران يا الفئران، وغير ذلك، ورأيت هذا هندي يعطي حليب للفئران، هذه فأر هذه.

فلذلك لابد نعرف هذه الأمور جيدا، يعبد الفئران فهذا مذلول وضعيف، يبين لك ما يشرب حليب، والفئران كل فأر ها المتن، فهذا بعد مشكلة الله سبحانه وتعالى معاقبه في هذا الأمر، ما يشرب الحليب ويشربون الفئران.

فلذلك الموحد لا، الموحد الله سبحانه وتعالى يرزقه ويعطيه ويبارك في رزقه وكذا وكذا، لأنه يعبد الله سبحانه وتعالى، يعني: لابد من تحقيق التوحيد.

وثمرات توحيد الألوهية في النفس، فبلا شك إذا تعلمت التوحيد سوف تصرف جميع أنواع العبادة لله سبحانه وتعالى، ما تصرف هذه العبادة لأي مخلوق، لا ملك ولا نبي ولا رسول ولا شخص ولا أي شيء ولا حيوان ولا طير ولا قبر ولا أي شيء، ولا جن، بل ترزق العبادة هذه التي هي عظيمة عند الله، والله سبحانه وتعالى يوفقك أن تجعل هذه العبادة له مخلص فيها.

وهذه نعمة كبيرة أن تعبد الله سبحانه وتعالى، لأن المشكلة الذي لا يعبد الله لابد أن يعبد المخلوقين، والذي لا يعبد الله ومات فهذا فاته أمر عظيم في الدنيا ما يتعوض، ما تعوضه بعد ذلك ما في فائدة، فعبادة الله عظيمة في هذه الحياة لا تفوت عليك هذا الأمر، لأن إن مات العبد ولم يعبد الله فاته أمر عظيم ما يتعوض.

ولذلك الذي لا يعبد الله لابد أن يذل، وذهبت عليه هذه الدنيا، ففي الحقيقة عبادة الله سبحانه وتعالى سعادة واطمئنان وسكينة ما يشعر بها أي أحد يعبد المخلوقات إلا الذي عبد الله حقيقة، هذه السعادة وهذا الاطمئنان ما يحصل عليه، إذا فات الحياة الدنيا ما يعود، فعليك بهذه العبادة لتشعر بهذا الأمر العظيم.

ففي توحيد الألوهية وبتحقيقه، يعني: تصلح العقيدة والإخلاص في العبادات وتوفق للعمل الصالح وموافقة السنة للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى الله سبحانه وتعالى يقبلها، الآن كثير من الناس بزعمهم يعبدون الله وأنهم يتبعون النبي وليس عندهم شيء من ذلك إلا الأشياء اليسيرة، لكن الغالب لا يجعلون عبادات بدعية لم يأمر الله سبحانه وتعالى بها، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها.

لكن إذا حققت التوحيد الله سبحانه وتعالى أصلح لك عقيدتك، ويسر لك العمل وموافقة للسنة، هذا أمر عظيم موافقة السنة ما يصيب كل أحد، {وما توفيقي إلا بالله} [هود: 88]، فهذه الموافقة ما يصبها كل أحد.

كم من شخص يقول: أصبت السنة ووفقت وهو لم يوفق، فلذلك تحقيق التوحيد تحصل هذه الثمرات، تعظم الله سبحانه وتعالى بقلبك وبلسانك وبجوارحك، إذا حققت توحيد الألوهية، والقلب لا يتعلق إلا بالله سبحانه وتعالى، دائما في ذكره ودائما تريد تنصر الله سبحانه وتعالى، ولا تريد تنصر نفسك ولا أهل ولا أقارب ولا قبيلة ولا عصبية ولا مذهب ولا جمعية ولا غير ذلك، بل قلبك متعلق بالله ونصرة الله سبحانه وتعالى.

وهذه الأشياء الدنيا على جنب عندك، على قدر الحاجة تستعملها، أما بقية هذه الحياة فهي لله سبحانه وتعالى.

فالذي يحقق توحيد الألوهية يحصل على هذه الثمرات.

هذا يعني آخر توحيد الألوهية، وهذا يعني باختصار.

ولعل الدرس القادم إن شاء الله توحيد الأسماء والصفات، ننتهي إن شاء الله من التوحيد، ولعل نتكلم بعد ذلك عن الشرك وبدع القوم.

في أمر يبين لك أن هؤلاء المبتدعة الذين يدعون السلفية ويدعون السنية ويدعون، هذا كان سؤال من فترة أن شخص يقول: إن ربيع المخربي له جنود.

قلت له: إبليس له جنود، وربيع المخربي إبليس إنسي والشيطان إبليس جني فقط ما في شيء ثاني، الكل عنده جنود، لكن يفرق جنود دون جنود، فيبين لك أن هذه كلها عصبيات وكذا ويكفرون به يوم القيامة.

يعني: ما في شيء الآن، يعني: باطل يتبع سواء طير، حيوان، صنم، وثن، شخص، إلا ماذا؟ إلا يوم القيامة أتباع هذه المخلوقات يكفرون بها، لازم أمام الله وأمام الخلق ما في، هذا لأنه يوم الفضائح والعياذ بالله- ويخرج حتى ما في القلوب والأشياء الباطنية، فضائح، مصائب، بلاوى.

فلذلك أنت اعرض عن الجاهلين واتبع التوحيد وامش ولا تفتر، لأن ترى القوم لهم شأن في هذه الدنيا وتفتر عن نشر التوحيد، لا، فأنت انظر إلى القرآن وانظر إلى قصص الأنبياء والرسل كيف صبروا حتى الله سبحانه وتعالى أعطاهم ونالوا ما يريد الله سبحانه وتعالى من نشر التوحيد.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.   

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan