الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (31) والأخير أحكام اللعن: تتمة الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)
2025-07-21

الجزء (31) والأخير أحكام اللعن: تتمة الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام اللعن، وهذه الأحكام وردت في أحاديث الضعيفة، فما زلنا نبين هذه الأحاديث الضعيفة في أحكام اللعن.
وبينا لكم من قبل أن الأحاديث الصحيحة تكفي في أحكام اللعن، ولا حاجة لهذه الأحاديث الضعيفة لا في الترغيب ولا في الترهيب ولا في شيء، وذكرنا أحاديث كثيرة في ذلك.
من هذه الأحاديث كذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله المذكرات من النساء والمؤنثين من الرجال»، المذكرات يعني: الذكور، وهذا الحديث حديث ضعيف لا يصح، أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»، وهو مرسل؛ لأنه عن عطاء الخرساني قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، فالحديث مرسل، لأن عطاء تابعي وهو منقطع، والحديث المرسل حديث ضعيف لا يحتج به في الشريعة، وورد الحديث بلفظه من حديث أنس كذلك وهو حديث ضعيف لا يصح، فيه مبارك بن سحيم وهو متروك الحديث، فإذا هذا الحديث لا يصح.
الحديث الآخر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن زوارات القبور»، فهذا حديث ضعيف لا يصح، ويستدل به أهل السنة كثيرا في كتب التوحيد، وغير ذلك، لكنه حديث ضعيف لا يصح، أخرجه الترمذي في «سننه»، وابن ماجه في «سننه»، وأحمد في «المسند»، والطيالسي في «المسند»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وهو حديث عليه اختلاف واضطراب، وورد له شواهد كحديث حسان بن ثابت رضي الله عنه أخرجه ابن ماجه في «سننه»، وأحمد في «المسند»، والطبراني في «المعجم الكبير»، والحاكم في «المستدرك»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وكذلك ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أخرجه ابن ماجه في «سننه»، فهذا الحديث مع شواهده لا يصح، وهو حديث منكر، وورد بلفظ أخرجه أبو داود في «سننه»، والترمذي في «سننه»، والنسائي في «السنن»، وأحمد في «المسند»، والطيالسي في «المسند»، وابن حبان في «صحيحه»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، والحاكم في «المستدرك» عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» يعني: البناء والأنوار، وهذا اللفظ لفظ منكر.
وهذه الأحاديث كذلك فيها زيادات منكرة لا تصح، مثل: «والمتخذين عليها المساجد والسرج»، ففي إسنادها أبو صالح باذام وهو ضعيف مدلس وقد عنعنه، وتكلم فيه البخاري والنسائي، ولذلك هذا الحديث ضعفه الإمام مسلم، فإذا هذا الحديث مشهور ومعروف وهو حديث ضعيف لا يصح.
والحديث الثالث حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: أتى الرسول صلى الله عليه وسلم على قوم يتعاطون سيفا مسلولا فقال: «لعن الله من فعل هذا... الخ»، وهو حديث ضعيف لا يصح أخرجه أحمد في «المسند»، والحاكم في «المستدرك»، والطبراني في «المعجم الكبير»، وهو حديث ضعيف.
فذكرنا لكم الأحاديث الضعيفة في بعض هذه المسائل، لكن هناك أحاديث ضعيفة بهذه الألفاظ أحفظوها، بهذه الألفاظ فقط، فلا أحد يضعف حديثا في مثل هذا فيظن أن الحديث ضعيف، فأثبتنا الأحاديث الصحيحة، وفي هذه الدروس نثبت الأحاديث الضعيفة بهذه الألفاظ، وهذا الحديث فيه مبارك بن فضالة وهو مدلس ومعروف، وفيه كذلك ابن لهيعة وهو ضعيف الحديث.
الحديث الآخر حديث معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال الأمة على الشريعة ما لم يظهر فيها ثلاث؛ ما لم يقبض العلم منهم ويكثر فيهم ولد الحنث، ويظهر فيهم الصقارون، قالوا: وما الصقارون، يا رسول الله؟ قال: بشر يكون في آخر الزمان تحيتهم بينهم التلاعن»، فهو حديث منكر لا يصح، أخرجه أحمد في «المسند»، والحاكم في «المستدرك»، والحاكم قال: صحيح على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي في «المختصر» على المستدرك، قال: منكر، وزابان لم يخرجا له -يعني البخاري ومسلم- وهو ضعيف الحديث لا يصلح، وإن كان صالحا في نفسه.
وهذا الذي كذلك تكلمنا عنه كثيرا؛ ممكن يكون الشخص صالح في نفسه من العباد، معروف بالعبادة، صالح في دينه، لكنه في الحديث لا يصلح أن ينقل عنه أو يؤخذ عنه الحديث، لأن هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يؤخذ إلا عن الثقات والحفاظ والأثبات الذين يعرفون كيف ينقلون، وأما الصالحون فما أكثرهم كما بين السلف، ينقلون الأحاديث الصحيحة والضعيفة والمنكرة وغير ذلك، فهؤلاء ما يصلحون أن ينقلوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، مثل الذين عندنا من القصاص والوعاظ وما أكثرهم، فهؤلاء لا يصلح أن نحتج بهم في الدين ولا أن نأخذ عنهم أو نستفتيهم، فنأخذ على يد علماء السنة وفقط.
والحديث الآخر حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا... الحديث»، هذا الحديث أخرجه أبو داود في «سننه»، وهو حديث منكر، وإن كان الشيخ الألباني حسنه، فهو حديث منكر لا يصح، لا ترتفع اللعنة إلى السماء ولا تنزل ولا شيء.
والحديث الآخر حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أن اللعنة إذا وجهت إلى من وجهت إليه فإن أصابت عليه سبيلا أو وجدت فيه مسلكا..... الحديث»، فهذا الحديث أخرجه أحمد في «المسند»، وإسناده ضعيف لا يصح، فهذه الأحاديث بهذه الألفاظ لا تصح.
والحديث الآخر حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا لعن الريح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنها فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة إليه» أخرجه أبو داود في «سننه»، والترمذي في «سننه»، وابن حبان في «صحيحه»، وهو حديث ضعيف، ولذلك قال الترمذي: حديث حسن غريب، فلا يصح هذا الحديث.
وبينا من قبل بالنسبة للأحاديث أن الشخص يكفر شخص فإذا كان الشخص كافرا فعلا كما يثبت أهل السنة والجماعة، أهل الحديث على شخص فيكفرونه بدليل، فهذا كفره الله وكفره الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، فالكفر لا يعود على الشخص بل يبقى في هذا الشخص بأنه كافر، لكن قلنا إذا كان هذا الشخص ليس بكافر والشخص يرميه ويحكم عليه بالكفر وهو ليس بكافر فهذا الكفر يرجع إلى صاحبه فيكون كافرا، كالداعشية مثلا يكفرون العلماء ويكفرون المسلمين، فهذا الكفر غير واقع على المسلمين، حتى لو حكم هؤلاء حكمهم باطل، ولا يحتج بحكمهم، ولا يجوز لأي أحد أن يأخذ بقول هؤلاء ويحتج بقول هؤلاء أن المسلمين كفار، فهذا لا يجوز، فالكفر يعود إليه، كذلك اللعن؛ فالشخص يرمي شخص باللعن ويلعنه، ويقول له: الله يلعنك، وهذا الشخص غير ملعون فاللعن يرجع إلى صاحبه، وإذا كان اللعن يستحقه هذا الشخص وهو ملعون كمبتدع من المبتدعة لعن فيه إلى أن تموت، وكل لعنة بحسنة، ماذا تريدون أيضا، فالذي يستحق اللعن يلعن مثل أن تلعن الإخوانية دعاة الفساد في بلدان المسلمين، هؤلاء لك أجر فيهم، واللعن يقع عليهم، وبينا هذا جملة وتفصيلا، فلا يأتي شخص ويقول: لماذا تلعنون؟ نعلن لأن أنت ملعون، فهكذا، فلذلك تكفر شخص على حكم الله وحكم الرسول فهذا لك أجر، من قال لك أنه لا يجوز، ولذلك الله سبحانه وتعالى من صفاته أنه يلعن وبينا هذا، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم بين هذا، ويحكم باللعن، والصحابة رضي الله عنهم وبينا آثار في ذلك، والأئمة والحفاظ بينوا هذا الأمر، وهناك أبواب في لعن من يستحق اللعن من المبتدعة والفسقة، فلا يجوز لأي شخص أن يقول: لا يجوز اللعن، فاللعن يجوز في بعض الأمور، وبيناها، والإمام البخاري له أبواب في اللعن، وذكر أحاديث، فلذلك لا يتوقف الشخص في هذه الأمور، هذه أحكام في الكتاب والسنة والآثار، لك فيها أجر، واللعن هذا دعاء أن تدعو على هؤلاء المبتدعة بدل هذه الردود التمييعية، يقول: غفر الله له أو يقول: هداه الله، هذا مبتدع كيف تدعون له؟ حضرة الأستاذ الكبير والداعية الكبير وهو مبتدع مفسد مثل القرضاوي؟! أي أستاذ كبير؟ هذا الضال الكبير، فاعرف القوم واعرف الناس.
وفي الحقيقة الآن المميعة ميعوا الدين والردود، وهذا الذي يرد على برسيم ما أدري وسيم الابن البار قال: الابن البار كذا وهذا خلاف السنة، من هو الابن البار؟ أهذه ردود؟ هذا مبتدع من المبتدعة، الأبن والأبن، من متى صار ابنك هذا؟ تمييع الردود، ولا ذاك الذي يرد على محمد المخربي يقولون: بيننا وبينك صداقة، أهذه ردود؟ ميعوا الدين، ما بقي شيء، ماذا بعد صديق وابن؟ والداعية الكبير؟.
ولذلك بين شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين أن هؤلاء الذين يردون مثل هذه الردود هذا تضعيف لردهم، ولا يحسبه الناس شيئا، ولذلك الناس يحسبون لردود أهل الأثر شيئا، لأنها ردود معروفة على طريقة السلف، أما هذا الأمر فالناس يقبلون عليه ويغترون به، فلذلك فنحاسب مثل هذه الأمور.
كذلك رمي شخص بالنفاق؛ إذا كان منافقا فرميك له إصابة ولك أجر، وإذا لم يكن منافقا رجع النفاق على صاحبه.. وهكذا، فعدم اللعن مطلقا، وعدم التكفير مطلقا، وعدم رمي النفاق مطلقا، فهذا ليس من الإسلام في شيء، على التفصيل وعلى التقييد، ولا نرمي كل الناس إلا الذي يستحق فعلا وثبت ذلك بالأدلة، فأي داعشي كفره، ولا عليك أي شيء، ولك أجر فيهم، النبي صلى الله عليه وسلم بين كفرهم، ولو لحق عليهم لقاتلهم حتى يبيدهم كلهم، وبين النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يخرجون من الإسلام بغتة، فهذه الأشكال يجوز أن ترميهم بالكفر وأنهم كفار.
ويأتيك مميع يقول: لا، الصحابة ما كفروا الخوارج، نقول لك: الرسول كفر الخوارج، لا تقول قال فلان وقال علان، ثم من قال لك أن الصحابة لم يكفروا الخوارج؟ بينت في كفاية المفتين كفر الخوارج من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضي الله عنهم، وأن الإجماع الذي نقله شيخ الإسلام ابن تيمية غلط بلا شك، اجتهاد منه بأن إجماع الصحابة على عدم تكفير الخوارج وما يصير هذا نهائيا، ما دام القرآن كفرهم والسنة كفرتهم فاعلم أن الصحابة يكفرونهم، ورأى آثارا ورأى بعض أهل العلم آثارا فلم يكفروا الخوارج، وهذه الآثار عن الصحابة لا تصح وبينتها في كتابي كفاية المفتين في تحريم الخروج على ولاة أمر المسلمين، وهناك آثار عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبي سعيد الخدري وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وغير هؤلاء الصحابة على تكفير الخوارج، وأن ما نقله بعض أهل العلم عن علي بن أبي طالب أنه لم يكفر الخوارج فهذا غلط والأثر ضعيف لا يصح، بل تكفير علي بن أبي طالب للخوارج في صحيح البخاري ومسلم، من تدبر الحديث وأنهم يخرجون من الإسلام كما يخرج السهم من الرمية هذا واضح أنهم يخرجون من الإسلام، لا بد أن نعرف ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما يقول لك: هؤلاء كفار، للغة العرب ألفاظ لا بد على المسلمين أن يفهموها جيدا هل تدل هذه على الكفر أو تدل على غير الكفر، أو النفاق أو الأحكام الأخرى، فلغة العرب هكذا، فما دام النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يخرجون من الإسلام»، لكن هناك ناس ما يتفهمون هذه الألفاظ، يخرجون من الإسلام، ما معنى هذا؟ لا بد الناس أن يتفهموا هذه الأمور، ويتعلموا علم السلف، علم القرآن، علم السنة، علم الآثار، علم اللغة العربية، لكي يعرف كيف يحكم الناس.
فالمميعة والمقلدة والحزبية لا بد يرون من القرآن التكفير الصريح، ما يمشون على لغة العرب من جهلهم، وفي السنة كذلك، لا بد عندهم شيء ظاهر، وإذا فيه شيء ظاهر أولوه، وبينت لكم كثيرا عن هؤلاء المبتدعة من المقلدة والحزبية والمميعة، فيحرفون الآثار في ذلك، فاعرف هذا الأمر.
فالنبي صلى الله عليه وسلم بين هذا الأمر: "يخرجون من الإسلام"، انتهى الأمر، يعني كفار، لغة العرب هكذا، فالذي لم يتفهم لغة العرب فلا يستطيع أن يحكم بالقرآن ولا بالسنة ولا الآثار، ولا يعرف، سوف يدخل في حكم القرآن والسنة والآثار خبط وخلط في ديننا، ولا يصيب إلا قليلا ويخطئ كثيرا، فليحذر الناس من هذا، وليعرفوا الألفاظ لكي نحكم حكم الله سبحانه وتعالى وحكم الرسول صلى الله عليه وسلم وحكم الآثار، والذي يصيب حكم الله في هذا الزمان هذا موفق من رب العالمين.
وفي الحديث الآخر حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فلعنت بعيرا لها، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد، وقال: «لا يصاحبني شيء ملعون» حديث ضعيف أخرجه أحمد في المسند والطبراني في المعجم الأوسط وهو حديث ضعيف، وفيه عمرو بن مالك وفيه كلام.
وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر يسير فلعن رجل ناقة، فقال: أين صاحب الناقة؟ فقال الرجل: أنا، فقال: «أخرها فقد أجيب فيها»، يعني: وقعت على الناقة اللعنة من الله، استجاب الله له، لكنه حديث ضعيف لا يصح، أخرجه أحمد في «المسند»، وأبو يعلى في «المسند»، والطبراني في «المعجم الكبير».
وحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: لعن رجلا ديكا صاح عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي: «لا تلعنه فإنه يدعو إلى الصلاة» وهذا حديث مشهور عند العامة وإن هذا الديك يؤذن، غدا يخرج لنا واحد يقول: عندنا دجاجة تؤذن، هذا حديث منكر لا يصح، أخرجه أحمد في «المسند»، والبزار في «المسند» عن ابن عباس، وأخرجه البزار في «المسند»، والطبراني في «المعجم الكبير» عن ابن مسعود، وكلها أحاديث ضعيفة لا تصح، فيها عباد بن منصور وهو ضعيف، وكذلك بعض الرجال كمسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف الحديث، فهذا الحديث مشهور ولا يوجد حديث أن الديك يؤذن لصلاة الفجر، ولا يؤذن لأي صلاة، فالله سبحانه وتعالى شرع للناس مؤذنين آدميين ليس طيور ولا حيوانات، ما يصلح هذا في الدين، الله سبحانه وتعالى وضع للناس من بني آدم يؤذنون للصلوات مثل أبو المجتبى، فعلى كل حال؛ الله سبحانه وتعالى وضع مؤذنين يؤذنون للصلوات، هذا هو الأصل.
ولذلك مرة سألني بعض الإخوة: هل يجوز أن نروي هذه القصص للأطفال؟ مثل في قرية وضعت لهم ديك مؤذن. قلت: لماذا؟ قلت: لماذا لا يجعلون لهم مؤذن؟ هل ليس في القرية مؤذن؟ قالوا: هذه القصة، وقال: سأكمل لك القصة يا شيخ، قلت: أكمل، وقال: وأتاهم الشتاء وهذا الديك من البرد ما يؤذن ولا يقوم، قلت: هذا الديك يأخذ بالرخص! ما يؤذن للعوام حتى يصلون في بيوتهم، يقول: فكل يوم الديك واقف مكانه ولا يؤذن، لماذا؟ قال: من شدة البرد، وفي اليوم الثاني استيقظت القرية والشمس طالعة، أين هذا الديك؟ ذهبوا له وجدوه مريض، قلت: لماذا ما قالهم أنا آخذ بالرخص صلوا في بيوتكم؟ واليوم الثاني من شدة البرد ما قام، ما أذن لهم، استيقظوا فإذا الشمس طالعة، واليوم الثالث نفس الشيء، ذهبوا يقولون للعمدة، قال له العمدة: أنت لك ثلاثة أيام ما تؤذن وتقول مريض، نحن سنضع غيرك ديك ثاني وأنت سنذبحك، قام قال: خلاص، باكر حتى أذانين أؤذن لكم. المهم قلت له: لا، المفروض يروون مثل هذه القصص ويضعون لهم مؤذن آدمي، ليس ديك مؤذن، ويروون هذه القصص، وتكون قصص صحيحة مفيدة للأطفال، لصلاة الفجر، لصلاة الظهر، لصلاة العصر، لصلاة المغرب، لصلاة العشاء، ويشجعون الأطفال على الأذان، فهكذا.
فعلى كل حال؛ هذا الحديث مشهور وفي الحقيقة الديك هذا لا يؤذن ولا شيء، لكن ثبت في السنة النبوية الصحيحة أنه إذا صاح الديك يعني يرى ملائكة، فهذا صحيح.
وكذلك بالنسبة للبرغوث، هذا حديث أنس قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدغت رجلا برغوث فلعنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنها فإنها نبهت نبيا من الأنبياء للصلاة»، هذا حديث منكر رواه أبو يعلى في «المسند»، والبزار في «المسند»، والطبراني في «المعجم الأوسط» وهو حديث منكر لا يصح. كذلك ورد هذا الحديث عن علي بن أبي طالب يقول: نزلنا منزلا فآذتنا البراغيث ....الحديث، وأحاديث البراغيث هذه كلها ضعيفة لا تصح، ولا توقظ للصلاة ولا للذكر ولا غير ذلك، وإسناد علي بن أبي طالب فيه سويد بن إبراهيم وهو ضعيف في الحديث، وحديث علي بن أبي طالب أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط»، فقال الهيثمي: فيه سعد بن طريف وهو متروك.
والحديث الآخر حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شهر المسلم على أخيه سلاحا فلا تزال ملائكة الله تعلنه حتى يشمه عنه»؛ شهر سلاحا: أظهره عليه، يشمه عنه يعني يرفعه عنه، وهذا الحديث حديث منكر أخرجه البزار في «المسند»، وفيه سويد بن إبراهيم وهو ضعيف، لكن بينا في تشهير السلاح والسيف أنه ما يجوز بالأحاديث الصحيحة، لكن هذا اللفظ لا يصح، وهو في حديث أبي بكرة فقط، وهو عند البزار في «المسند».
بالنسبة للحكم بغير ما أنزل الله، والآيات في ذلك معروفة، وسنتكلم عنها، وتفسير هذه الآية يرجع إلى الصحابة لا إلى العلماء المتأخرين أو مثلا علماء الخوارج، لا، الصحابة كابن عباس وغيره أنه كفر دون كفر، وسيأتي الكلام عليها، وعندي كتاب كامل في هذه المسألة وتخريج هذا الحديث، لعله –إن شاء الله- يطبع.
س: هل صحيح أنه في آخر الزمان أن الصبي يلعب بالثعبان فلا يضره؟ والذئب لا يضر الغنم؟.
ج: هذا لم يثبت نهائيا، وإذا فيه صبي يلعب بالثعبان سيهلك ويموت، فالأب لا يدع ابنه يلعب بالثعبان في آخر الزمان، ينظر مثل هذه الأحاديث الضعيفة، والراعي يطلق الأغنام إلى الذئاب، يرجع ولا واحدة موجودة.
سبحانك اللهم وبحمدك، وأشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.