القائمة الرئيسة
الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (30) أحكام اللعن: تتمة الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)

2025-07-21

صورة 1
الجزء (30) أحكام اللعن: تتمة الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

من أحكام اللعن الضعيفة ورد فيها أحاديث لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم التكذيب بالقدر وذم الإرجاء، فجميع الأحاديث التي وردت في القدرية فهي منكرة وكذلك الأحاديث التي وردت في المرجئة كلها ضعيفة، لكن هناك آثار عن السلف في تبيين منهج القدرية وكذلك تبيين منهج المرجئة، ويكفي في ذلك.

وأما بالنسبة للقدرية أنهم مبتدعة فإنهم ملعونون من هذا الجانب، وبينا ذلك في الدروس التي سلفت، وكذلك المرجئة لأنهم مبتدعة فيدخلون في اللعن، وبينا هذا في الدروس التي سلفت، لكن الأحاديث ضعيفة، منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي مجاب الدعوة»، فذكر في الحديث «الزائد في كتاب الله»؛ الذي يزيد في كتاب الله، وهذا بالنسبة للمعنى صحيح، الذي يزيد، الذي يحرف، وهؤلاء مبتدعة، بينا أمرهم في الدروس التي سلفت.

ثانيا: «والمكذب بقدر الله تعالى»؛ وهؤلاء القدرية ملعونون من وجه آخر ليس من هذا الحديث.

«والمتسلط بالجبروت فيعز بذلك من أذله الله ويذل من أعزه الله»؛ هذا الذي يتجبر ويعاند ويكابر، ويتعدى حدود الله سبحانه وتعالى ويحارب الله فيعز من أذله الله سبحانه وتعالى، ولا تكن له العزة، لأنه أذله الله، فهذا يتصور له ويتخيل له أنه يعز المذلول، كالمبتدعة الآن من الإخوانية والمرجئة والقدرية والسرورية والقطبية والصوفية وكل هؤلاء، هؤلاء الرؤوس وغيرهم كل رأس يريد أن يعز أتباعه، والله سبحانه وتعالى أذلهم، فهذا تصور له ذلك أنه يستطيع أن يعز أتباعه بالمال مثلا، وتنصيب أتباعه في المناصب الاجتماعية في البلد، والأموال، وكثرة العمارات.. وغير ذلك، لكنه ما يدري أن هذا الأمر فيه ذل له ولأتباعه وهو لا يشعر.

ولذلك انظر إلى أتباع جميع الجماعات الحزبية كلهم مذلولون في هذه الدنيا، مذلولون بالمال، ينافقون لأجل الدنيا، يكذبون لأجل كسب المال ولأجل هذه الوظيفة، ينافقون المجتمع كله، فهذا هو الذل ويظنون أنهم سوف يحصلون العزة، ﴿ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين﴾ [المنافقون: 8]؛ هذا هو الأصل، ما في عزة إلا للطائفة المنصورة ومن تابعهم من عوام المسلمين، أمة الإجابة هي التي لها العزة من الله سبحانه وتعالى، كما هو معروف قديما وحديثا.

ولعل جاهل ما يعرف شيء مسكين في هذه الدنيا يظن أن أمة الإجابة مذلولة لما يحصل لهم من الحروب وإعراض الرعاع والهمج من أتباع المبتدعة عنهم، أن هؤلاء ليس عندهم شيء ومذلولون، وما يدري أن هؤلاء لهم العزة، والله سبحانه وتعالى أعزهم في هذه الحياة الدنيا بهذا الدين، والله سبحانه وتعالى نصرهم في مواطن كثيرة قديما وحديثا إلى قيام الساعة، وسنن الله ما تتبدل، فعلى قلتهم وقوة أهل البدع في البلدان مع هذا لهم الظهور ولهم العلم ولهم الالتزام، فالله سبحانه وتعالى أعزهم بهذا الدين، ولذلك ترى الانتصارات لهم على كثرة أهل البدع ومناصبهم، ولهم ما لهم من الظهير، ومع هذا لهم البقاء إلى قيام الساعة، «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق»، ما في أحد يستطيع عليهم، يمكرون والله سبحانه وتعالى يمكر بهم والسنوات الطويلة وليست بشيء، فالمكر يعود عليهم، والعاقبة للمتقين، كسراب بقيعة، هم يحسبون أنهم سوف يفعلون شيئا لكنهم في الحقيقة ما يستطيعون أن يفعلوا شيئا إلا أشياء يسيرة يكتبها الله سبحانه وتعالى على عباده حكمة منه، وفتنة لكي يتبين لهم الكذاب المنافق الذي معهم، كالمنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم من عرفهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من لم يعرفهم حتى عرفه الله سبحانه وتعالى بما حدث من الفتن والابتلاءات، فيتبين هذا الأمر.

ولذلك بين الإمام الآجري في «الشريعة» بقوله: إن الله سبحانه وتعالى في هذه الفتن فضح خلقا كثيرا. وبين هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى»، وكذلك ابن القيم في «مدارج السالكين»، وأن الله يجري هذه الفتن ولا بد عودا عودا، لماذا؟ لكي يكشف لكم -أيها المسلمون الطيبون- المنافقين، الذين يتسترون ويتسللون لواذا مع أهل السنة فإذا سنحت لهم الفرصة لدغوا كأنهم عقارب، فأهل البدع مثل العقارب، فإذا سنحت لهم الفرصة لدغوا المسلمين، وهذا ظاهر فيما يحدث في العالم.

ولا تظن أن هذه الثورات هي صحيح فتنة وشر- في بلدان المسلمين لكنها فيها منفعة للمؤمنين، وفيها المضرة للمنافقين والمبتدعين والذين يتسترون في هذه الحياة الدنيا فالله سبحانه وتعالى يكشفهم لكم، فتعجب أن هذا يخرج لك منافق ومبتدع من بعد ما كان مع المسلمين ويؤيد المسلمين، ويناصر المسلمين، وبزعمه أنه ينصر الله سبحانه وتعالى وينصر دينه وينصر النبي صلى الله عليه وسلم تبين أمره للعامة في الجملة، وإلا الطائفة المنصورة الناجية أمة الإجابة كشفت هذا قبل هذه الفتن وتعرفه وبينت أمره للناس، فمنهم من أخذ ومنهم من أعرض، فالذي أعرض بعد ذلك يعرف في الفتن أن هذا مضر ومجرم لا يحب الله ولا يحب النبي صلى الله عليه وسلم ولا يحب المؤمنين، ولا يحب الوطن، فكلهم كذابون، ما عليك من أنه خطيب أو إمام أو دكتور أو واعظ أو مفتي ففي الفتن يتبين حقيقة هؤلاء.

فانظر إلى أصحاب الطرابيش الأزعريين أنهم تحت الحكومات، فلما سنحت لهم الفرصة في مصر هم الذين خرجوا على حاكمهم، وحرضوا الناس، فأصحاب الأزهر هؤلاء هم الذين خرجوا على حاكمهم الذي قبل هذا، وهم الذين حرضوا على الثورة وسفك الدماء والإجرام وغير ذلك، فعند ما كشفوا رجعوا الآن ينافقون الحكومة الجديدة المصرية، فهؤلاء اعرفهم، فلذلك فهذه الفتن في حد ذاتها شر، لكن فيها منفعة للمؤمنين وفيها مضرة للمفتونين، وكل فتنة يخرج أناس تظن فيهم الخير.

فانظر إلى القرضاوي أهل السنة أنهوا أمره من قديم، فلم يعرفه العامة إلا بعد هذه الفتن التي جرت، كذلك العودة ومحمد العريفي وعائض القرني وعرعور وغير ذلك، وكذلك الآن انظر بينا أمر ربيع وأتباعه، وانظر إلى السحيمي هذا الذي فعل نفسه علامة فقيه، وعبيد المكابري، ومحمد المخربي وغير هؤلاء، وقفوا معه لأنه يزعم أنه على السنة، فتبين الآن أمره لهم، وأنه مجرم من المجرمين يخوض في سفك الدماء والثورات، وانظر الآن إلى أتباعه في اليمن فأتباعه في اليمن هم الذين يحرضون على الحكومة اليمنية، وهم الذين خرجوا بالمظاهرات والاعتصامات، وهذا هاني البريك هذا مجرم من قديم ومع أهل البدع في مكة أصلا، مع السرورية، وهذا هاني البريك هذا من أتباع ربيع، ومعروف أنه من أتباع ربيع، انظر كيف يثور الناس، وهذا أمره معروف، فهذا يدل على أن ربيع وأتباعه ثورية وخارجية، فمن هم الخوارج، يا ربيع أنت وأتباعك، هذه أمور ظاهرة مصورة، الكل ينظر ويرى أن أنت وأتباعك خوارج، تقتلون المسلمين، وتخرجون في بلدان المسلمين، وعندكم الثورات والمظاهرات والاعتصامات، وهذا فلان وعلان يردون عليكم وهم من أتباعكم كالسحيمي والمكابري وغيرهما.

فلذلك اعرف هذا الأمر؛ أن هذه الفتن تجري عودا عودا، ما تقف، ولا تنتظر. أنت ماذا تفعل؟ لأن هذه تجري إلى قيام الساعة، سنن الله ما تتبدل، فأنت لازم تكون جاهز لهذه الفتن، عليك أن تتسلح بالتمسك بالكتاب والسنة والآثار، بالسنة وبالدعوة الأثرية تقوي إيمانك وتثبت عند هذه الفتن، سوف تأتيك في بلدك أو في غير بلدك وترى أشياء كثيرة من هذه الفتن.

والنبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة في صحيح مسلم بين هذا: «تعرض الفتن على الناس عودا عودا»؛ يعني متتابعة لا تقف، فإذا لم يكن عندك الإيمان القوي والتمسك بالقرآن والسنة والآثار، فإذا لم يكن عندك الدعوة الأثرية في قلبك فاعلم أنك هالك مع الهالكين في أي فتنة اختار، إذا لم تكن سقطت في هذه الفتنة فاعلم أنه في الفتنة الأخرى، وإذا لم تكن في الثانية ففي الثالثة وهكذا فلا بد، يعني بالعربي ما تفلت من أي فتنة قبل أن تموت، فلذلك أنت تسلح فالأمر خطير، من الآن بالتمسك بالكتاب والسنة، والله سبحانه وتعالى يجري هذه الفتن على الناس، فهؤلاء المبتدعة يظنون أنهم بالبدع يعزون أتباعهم وهم في الحقيقة يذلونهم.

وكذلك الأمر الآخر: ويذل من أعزه الله؛ كيف يكون؟ الله سبحانه وتعالى أعز شخص من عباده، أعز المسلمين، فيأتيك المبتدعة هنا وهناك يريدون إذلال هذا العبد لله سبحانه وتعالى أو إذلال المؤمنين أو أهل السنة، أو أهل الأثر، أو أهل الحديث، فيريدون إذلال هؤلاء ولا يستطيعون، فهذا هو الجبار، فمعنى الحديث صحيح وإن كان منكرا، فلذلك لا تلتفت إلى هذا المذلول الذي يريد أن يذلك فلا تلتفت إليه، ولا تظن إذا أصابك شيء منه أنك مذلول، لكن الله سبحانه وتعالى يفتنك، ليراك هل أنت صادق أو كاذب، فعند ما تثبت عند هذه المحن فانظر بعد فترة أن أنت الله سبحانه وتعالى أعزك، الله سبحانه وتعالى يريك ذلك.

وأما الابتلاءات العامة كأمراض وأشياء أخرى فهذه ما يفلت منها أحد، لا كافر ولا مسلم، ولا مؤمن، ولا مبتدع، ولا سني، ولا غير ذلك، الله يجريها لحكمة عقاب للمبتدعة والكفرة، وكفارة للمسلمين، لا بد كل بني آدم خطاء؛ يقع في هذه المعصية وما يدري، وفي كذا وفي كذا، فالله سبحانه وتعالى يكفر عنه، يقصر في شيء، فهكذا تحده نفسه على بعض الأشياء فيفعلها، النفس أمارة بالسوء، فالله سبحانه وتعالى بهذه الابتلاءات يكفر عنك سيئاتك وذنوبك، فهكذا سنن الله تعالى ما تتغير في كل شيء، فاعلم أن لك العزة.

فانظر إلى الأنبياء والرسل منهم من سجن لكنه في عزة، انظر بعض الأنبياء والرسل قتلوا وهم في عزة، فلا يلزم من ذلك، انظر إلى بعض الأنبياء والرسل طردوا وهم في عزة.... ابتلاءات، الله يجري أشياء ثم تعود على عدوك كل هذه الأمور ابتداء، فالله سبحانه وتعالى يريد أن يستدرج هؤلاء الكفرة وهؤلاء المبتدعة ثم تعود عليهم الكرة من حيث لا يشعرون، يملي الله سبحانه وتعالى لهذا الظالم ولهذا الظالم، الناس يظلمونك في الوظيفة وفي غيرها في دينك، في دنياك، اصبر، ما تريد الأجر؟ فأي واحد يظلمك الله سبحانه وتعالى ممكن بمشيئته أن يعيد لك هذه المظلمة، ومنها ما يدخرها لك في الآخرة، وتأخذ حسنات هذا، اتركه يظلمك، ماذا سيفعل؟ فأنت تأخذ حسناته،  والله يعطيك حسناته، ولعل بهذا الأمر وصبرك على أن هذا ظلمك تدخل الجنة، اصبر.

حتى الأمور التي تجري في البلدان وهي ظلم العباد، ومثلا قل المخالفات المرورية يأخذون منك أموالا كثيرة، اتركهم، لا تحدث أي شيء في البلد، تقول كذا وكذا وأن هؤلاء ظلمونا، اتركهم يأخذون أموالك هكذا فأنت تأخذ حسناتهم يوم القيامة، لأن كل شيء بالمعقول العقاب للمرور وغير ذلك لا بد أن يكون بالمعقول الشرعي، ولا بد الرجوع إلى العلماء: هل يجوز هذا أو لا يجوز، فإذا لم يرجعوا إلى العلماء وظلموك فأنت  اتركهم لكي تأخذ حسناتهم يوم القيامة، ما في شيء يذهب عليك أصلا، هؤلاء أو هؤلاء وهؤلاء يظلمونك في المطارات في الخارج في أي بلد ما تستطيع أن تفعل شيئا اتركهم، اتركهم لله سبحانه وتعالى، هؤلاء الذين ظلموك في أي مطار أو في أي بلد تأتي يوم القيامة والله سبحانه وتعالى بسبب هذا الظلم وصبرك الله يدخلك الجنة بسبب هذا الأمر، وهؤلاء الله يعاقبهم لك، فلا تظن أن أي شيء يظلمك فيه الناس يذهب عليك هكذا، لكن بشرط أن تصبر لله، لا تثور، ولا تسب ولا تلعن.

أنت تستطيع أن ترد هذا الظلم فهذا لك في محاكم أو في غيرها، حاول، فيه أشياء الله سبحانه وتعالى بمشيئته سوف يرجعها لك كما هو حادث في البلدان، رجعت أشياء كثيرة للناس الذين ظلموا، وفيه أشياء الله سبحانه وتعالى يدخرها لك، اترك هذا الأمر، لعل بهذا الأمر الله سبحانه وتعالى يدخلك الجنة بسببه، وهذا كل ما يتمناه المرء، يعني أنت الآن تستطيع كل شخص يظلمك تستطيع أن ترد هذه المظلمة؟ ما تستطيع، لأن سنن الله ما تتغير ولا تتبدل، لكن احتسب هذا الأمر واصبر، لأن الله سبحانه وتعالى سيعوضك، وهذا الظالم الله سبحانه وتعالى سيكبه لك في نار جهنم أمامك وأنت ستدخل الجنة، فلا تتحسر على هذا الأمر، فما في شيء صغير أو كبير يصيبك من الناس ولا تستطيع إنقاذ نفسك أو استرجاع حقك فاعلم أن هذا الأمر سوف يكن لك أجر فيه في الدنيا والآخرة، والناس بجهلهم يظنون أن هذه الأشياء تذهب عليهم، لا، ما في شيء يذهب عليك، إذا الله سبحانه وتعالى ما عوضك في الدنيا فالله سبحانه وتعالى وعده الحق أنه سوف يعوضك في الآخرة، سنن الله ما تتغير ولا تتبدل، واقرأ القرآن والسنة، فلا بد أن الله سبحانه وتعالى يعوضك أشياء في الدنيا، وأشياء سوف تدخر لك في الآخرة تعوض هناك، وهذا يتمناه كل مسلم، اتركهم يأخذون أموالنا ويظلموننا ما دام فيه تعويض خلاص، فأنتم إذا سوف يعوضكم الشخص إذا أصابكم الضرر تفرحون بذلك افرحوا بتعويض الله الأكبر والأعظم يوم القيامة، فأنت اجتهد وجاهد لاسترجاع حقك وتكلمت ما صار شيء، اترك هذا الأمر لله، بأن الله سبحانه وتعالى يعوضك في الآخرة ولا بد.

فالعزة لله سبحانه وتعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين الكرام في الدنيا والآخرة، من قال لك أن أهل السنة مذلولين؟ هذا من جهلك أن تنظر إلى هذا الأمر، لكن لو رأيت ما في قلوب هؤلاء المؤمنين لرأيت العزة، وإنهم مطمئنون في هذه الحياة الدنيا سعيدون بالله سبحانه وتعالى وبهذا الدين وقائمون على العبادة، يغدون ويروحون، فإن أردت ذلك فعليك بالتمسك بالكتاب والسنة، فإذا شعرت فعلا بالذل ففتش عن نفسك هل أنت مبتدع؟ عاصي؟ صاحب بلوى؟ عاق والديك؟ تسرق أو تكذب؟ انظر ماذا تفعل، بعد ذلك تعلم وإلا ليس الأمر في الظاهر أن هذا مثلا يضرب أو طرد أنه مذلول، لا؛ هذا يوسف عليه السلام سجن وهو عزيز عند الله وعند الناس، حتى المسجونين قالوا: ﴿إنا نراك من المحسنين﴾ [يوسف: 36]، حتى هؤلاء الكفرة في السجن ومجرمين يعرفون أن هذا محسن فهو عزيز، يرون أنه عزيز ومع هذا في السجن، ما قالوا عنه مجرم، فانظر إلى هذا الأمر.

وانظر ماذا فعل المشركون في النبي صلى الله عليه وسلم؛ آخر شيء قالوا إن محمدا أصبح له ملكا كبيرا، هذا كلام المشركين، قوم فكك في هذا الكلام الآن. وانظر إلى الصحابة أهل الصفة فالذي يراهم يقول: هؤلاء كذا وكذا، لا، هم عندهم العزة، لكن الناس الآن قصور وأموال وهو مذلول، وترى على وجهه الذل، لأنه بعيد عن دين الله سبحانه وتعالى، فليس الأمر بكثرة الأموال، الأمر الأول والأخير هو قوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى، فالمقصود أن لك العزة بالله سبحانه وتعالى.

الأمر الآخر في الحديث: «والمستحل لحرم الله»؛ يعني: الذي يحدث البدع والضرر في  الحرم المكي أو الحرم النبوي، وهذا ملعون، وبينا الأمر أن هذا الصنف ملعون عند الله سبحانه وتعالى ليس في هذا الحديث.

«والمستحل من عترتي ما حرم الله» يعني يؤذي أقارب الرسول صلى الله عليه وسلم، يسب أقارب الرسول، فهذا ملعون، هذا أكيد مبتدع ملعون.

«والتارك لسنتي»؛ أي المبتدعة يتركون سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

فالحديث منكر لا يصح، لكن محتويات هذا الحديث ومعناه صحيح، وبينا هذا، لكن الحديث منكر، أخرجه الترمذي في «سننه»، والحاكم في «المستدرك»، والطبراني في «المعجم الكبير»، وفي «المعجم الأوسط»، وابن حبان في «صحيحه»، والطحاوي في «مشكل الآثار»، وابن أبي عاصم في «السنة»، وغيرهم، وتضعيف هذا الحديث موجود.

وكذلك حديث ابن عمر: «لعنت القدرية على لسان سبعين نبيا ومحمد نبينا صلى الله عليه وسلم»، وهذا حديث منكر أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط»، وأخرجه أبو يعلى في «المسند الكبير»، وهو حديث منكر.

وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله أهل القدر» حديث منكر أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط».

والقدرية هؤلاء مبتدعة، وأجمع أهل السنة على ذلك، وهم الذين يقولون أن الخير من الله سبحانه وتعالى والشر من الإنسان، وإن الله لا يريد أفعال العصاة، وسموا بذلك لأنهم أثبتوا للعبد قدرة توجد الفعل بانفرادها واستقلالها دون الله سبحانه وتعالى، يعني ليس على مشيئة الله ولا على قدر الله فسموا قدرية، فيدعون أن هذه الأفعال وهذه الأمور من العبد وحده يفعلها العباد بانفرادها واستقلالها دون الله سبحانه وتعالى، رغم أن كل شيء بقدر الله وكل شيء بمشيئة الله، فعلا أن العبد له فعل، لكن هذا الفعل مقدر، وكذلك نفوا أن تكون الأشياء بقدر الله وقضائه، وهذه الأمور الخير من الله والشر من العباد، وهذا صحيح، لكن هذا الشر مخلوق ومقدر من الله سبحانه وتعالى، فهؤلاء القدرية ليس عندهم هذا الأمر.

وكذلك حديث أبي أمامة مرفوعا: «لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيا الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل»، ولو رأيت المرجئة الخامسة الآن يقولون بذلك، عندهم الإيمان فقط في القلب، وهذا قول ربيع، وكتبه حدث ولا حرج، تنضح من الإرجاء ومع هذا يقول ليس بمرجئ، الناس ما يفهمون، الناس ما عندهم عيون وعلم، ولا يرى العمل من الإيمان، وعنده الذي يقر بقلبه ولا يعمل مسلم، وهذا الأمر موجود عنده هو وأتباعه، وهم المرجئة الآن، وهو الناطق الرسمي عند أتباعه لأفكار المرجئة الخامسة، فلذلك اعرف القدرية واعرف المرجئة ولهم وجود الآن.

هذا باختصار، وأطلنا في الحديث الأول لأن فيه فوائد لكي تعرف دينك جيدا، وفي القرآن الله سبحانه وتعالى بين للناس كل شيء، والرسول صلى الله عليه وسلم لكن يجهلون أشياء ويظنون أنهم مذلولون، وإذا نقص عليه عشرة دينار أنه مذلول، وإذا نقص عليه الطعام مذلول، وإذا ما عنده سيارة مذلول، وإذا ما عنده بيت من إيجار إلى إيجار فهو مذلول، يظن الجهلة كل هذه الأمور، وانظر إلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرة الصحابة، وهجرة الأنبياء والرسل؛ إبراهيم عليه السلام هاجر، وموسى عليه السلام هاجر، وخلق من الأنبياء والرسل والصحابة والمسلمون هاجروا لله سبحانه وتعالى ولهم العزة.

لكن سنن هذه الدنيا هكذا؛ يوم عليك لحاف وغدا ما في عندك لحاف، حصلت ثورة ورحت في البر، في الخيمة، ولا في شيء، تصير هذه الأمور، اليوم في بلدك تأكل وتشرب وتنام، وغدا لا، فيه حروب فيه زلازل فيه إعصار، فيه دك للبلد، ما ترى نفسك إلا ما عندك تأكل ولا تشرب، ويكذبون للناس واحد له ثلاثة أيام يشرب بوله، يضعون لك في الجريدة وكله كذب، هؤلاء الذين أصابهم الزلزال وجدوا واحد تحت هذا الحصى حي، قالوا: كيف أنت حي لمدة ثلاثة أيام؟ قال: أشرب بولي، كيف هذا؟ ومصورينه وهو يضحك على كرسي، فأشياء عجيبة وغريبة، فالله يجري أشياء، يوم تأكل كيك وتشرب عصير طازج، وغدا تشرب البول على قولة هذا، هكذا الدنيا تجري، فأنت ماذا تفعل؟ أنت تتمسك بالكتاب والسنة، وتقوي إيمانك أمام هذه الأشياء التي تجري في هذا العالم، لأن الأمر هكذا، لكن الله سبحانه وتعالى بهذه الفتن يثبت الذين آمنوا، هذا الأمر الذي يتغير وما يتساوى.

وأهل المعاصي وأهل البدع لهم عقاب، وممكن تدك البلد كاملة الصالح والطالح كلهم، والله سبحانه وتعالى يبعث الناس على نياتهم، هذا يبعث مؤمن يدخل الجنة، أصلا أول دكة لك وتهلك مباشرة إلى الجنة، ممكن تقول ياريت تكون دكتين وثلاث هكذا الناس لما يدخلون الجنة يقولون: يا ليتنا كذا وكذا، فهذا هو الأصل؛ الأصل رضا الله سبحانه وتعالى ودخول الجنة، وفيه أناس من أهل البدع وأهل النفاق هؤلاء بمجرد ما يموتون إلى نار جهنم، فهذا هو الفرق بين المؤمن وبين المبتدع، فأنت في هذه الدنيا يكون خوفك الخوف الطبيعي، ما يجرك هذا الخوف إلى أشياء أخرى كالتشكيك في الدين، ﴿أفي الله شك فاطر﴾ [إبراهيم: 10]، لا تشك في الله، ولا تموت إلا وأنت تحسن الظن بالله تعالى.

والكفرة والمبتدعة والعصاة هم الذين يشكون في الله وفي وجوده وفي دينه، هذا لأنهم ضعاف النفوس أتباع المبتدعة وأتباع الكفرة وأتباع العصاة والفسقة، أنت برأ نفسك من هذا الشك وعليك بالكتاب والسنة، تأتيك الوساوس هنا وهناك ما عليك منها، أصلا تأتي الوساوس للمؤمن والكافر، أنت تعرض عنها وتستغفر الله وانتهى الأمر، ولك أجر، أما المبتدع والكافر والفاسق تقر هذه الوساوس في قلبه وبعد ذلك تتمكن الشبهات في قلبه، وإلا الوساوس أصلا تجري على الجميع، ولا فيها أي شيء، أنت تعرض عنها وانتهى الأمر، جاءك الشيطان وقال لك: كذا كذا تستغفر الله وما يضرك شيء، وما عليك شيء، والنبي صلى الله عليه وسلم بين للناس، ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾ [البقرة: 185]، الله يسر للناس هذا الدين، فتح للناس هذا الدين، ما شاءوا يفعلون لكن تحت حدود الشريعة، يترخصون، الله ما يؤاخذ الناس على الوساوس، لو وسوست بقتل الناس كلهم ولم تفعل ما عليك شيء، وسواس يقول لك أن تفعل جريمة، الله ما يؤاخذ على الوساوس، ولا على الخطأ، الله سبحانه وتعالى بين لكم ذلك والرسول صلى الله عليه وسلم، لم تفعل ما عليك شيء، ما تؤاخذ هذه الأمة إلا إذا فعلت، وإذا فعلت وتابت ذهب هذا الفعل وصار لك حسنة.

فلذلك لا بد على الناس أن يفهموا هذا الأمر، فلا يهلكون أنفسهم بالوساوس أني أنا فعلت كذا ولم يغفر لي، وهل يغفر لي؟ وهل كذا؟ وهل سأدخل الجنة أو النار؟ وما أدري، هذه كلها وساوس، ﴿وكان بالمؤمنين رحيما﴾ [الأحزاب: 43]، الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده، فلذلك هذه الأمور طبيعية، لا بد تعرفونها، ﴿وبشر المؤمنين﴾ [الأحزاب: 47]، فالله سبحانه وتعالى يبشر المؤمنين ورحيم بالمؤمنين، فاعلم ذلك مهما تفعل، انظر الذي قتل تسعة وتسعين نفس، وزاد فأكملهم مائة، الكل يتمنى دخول الجنة، فالله غفر له لأنه تاب، فانظر إلى رحمة الله سبحانه وتعالى بالناس، فللناس أجر عظيم ما يتصورنه يوم القيامة، فعلى الناس الصبر، ومهما يحصل منهم ويفعلون ويوسوس لهم الشيطان، وساوس الشيطان هذه كسراب بقيعة عند المؤمنين، فعلى الناس الصبر.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. 

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan