القائمة الرئيسة
الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (28) أحكام اللعن: تتمة الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)

2025-07-21

صورة 1
الجزء (28) أحكام اللعن: تتمة الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

وما زلنا نبين أحكام اللعن الضعيفة، وعندنا حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: «آكلوا الربا... إلخ»، لكن هناك زيادة: «ولاوي الصدقة، والمرتد أعرابيا بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة»، وهذا حديث ضعيف لا يصح بهذه الزيادة، أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه»، والنسائي في «السنن»، وأحمد في «المسند»، وابن حبان في «صحيحه»، والحاكم في «المستدرك»، والبيهقي في «السنن الكبرى».

وفي رواية أخرجها النسائي في «السنن»، وأحمد في «المسند»: «مانع الصدقة»، بدل «لاوي»، وهذا حديث ضعيف لا يصح فيه الحارث الأعور وهو متروك الحديث، ومعنى لاوي الصدقة يعني: مانع الصدقة كما في الرواية الأخرى، ملعون، فهذا الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

إذا مانع الصدقة لا يدخل في أحكام اللعن، لأن الحديث لم يثبت، وكما بينا في الدروس التي سلفت أن هناك أمور لا تدخل في أحكام اللعن، فلا يلعن صاحبها، فإذا مانع الصدقة لا يدخل في أحكام اللعن.

ولاوي الصدقة المماطل بدفع الزكاة بعد التمكن وحضور المستحق، والذي لا يدفعها إلا بإكراه، فهذا لاوي الصدقة لا يدخل في ذلك.

كذلك الذي لا يدخل في أحكام اللعن الذي يلعب الشطرنج؛ ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم يلعبون بالشطرنج.. إلى أن قال: لعنة الله على من يلعب بها»، وهذا الحديث حديث ضعيف لا يصح أخرجه العقيلي في «الضعفاء الكبير».

وهناك لفظ من حديث أنس: «ملعون من لعب بالشطرنج»، وهو حديث ضعيف كذلك وهذا الحديث فيه ابن الهيثم وهو متروك، وفيه شبل البصري وعبد الرحمن ابن يعمر وهما مجهولان، ولذلك قال الشوكاني في «الفوائد المجموعة»: لا يصح، وكذلك هذا الحديث ضعفه ابن حزم في «المحلى» (ج6 ص61)، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى في «المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف» (ص130): أحاديث اللعب بالشطرنج إباحة وتحريما كلها كذب.

إذا لا يلعن لاعب الشطرنج، لكنه وقع في شيء محرم فهو يأثم على هذا اللعب، وبينا تحريم الشطرنج في أحكام اللعب والرياضة، وبينا أن لعب الشطرنج محرم في الإسلام، أما أن يدخل لاعب الشطرنج في اللعن الذي هو الطرد من رحمة الله فهذا لا يثبت، فإذا لاعب الشطرنج لا يدخل في أحكام اللعن، وهذه الأحاديث ضعيفة.

وبينت لكم من قبل أنه لا يجوز لأي شخص أن يصدر حكما خاصة في اللعن، ويلعن شخصا بحديث ضعيف وهو لا يدري أنه ضعيف، ويظن أنه صحيح وهو ضعيف، لأن اللعن فيه وعيد وخطير، فلذلك لا تلعن أحدا إلا بدليل من الكتاب والسنة، على ما بينا في الدروس التي سلفت ولا بد من الانتقال إلى أحكام اللعن الصحيحة، وانتهينا منها بأكملها، فلا بد من الرجوع إليها، وهنا الآن نبين أحكام اللعن الضعيفة.

كذلك بالنسبة إلى من يكذب، الكذاب هذا كذلك ما يدخل في أحكام اللعن، لكن الكذاب الذي لا يدخل في اللعن ويأثم على الكذب لأن الكذب محرم هو العاصي المسلم الذي يصدق كثيرا وممكن أحيانا يكذب فهذا ما يدخل في اللعن، أما الكذاب الفاسق الفاجر الذي يصر على الكذب، وكذلك المبتدع الكذاب فهذا وذاك يدخلون في اللعن، كما بينا في الدروس التي سلفت، أما هذا العاصي الذي يعصي الله سبحانه وتعالى أحيانا بالكذب فهذا وقع في الإثم، لكنه ما يدخل في اللعن، لذلك حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا: «ملعون من كذب» أخرجه الديلمي في «الفردوس» وهو حديث كذب لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك تكلم عليه السخاوي في «المقاصد» (ص335)، وبعض أهل العلم كذلك، ولذلك بينا بالنسبة عن كذب أهل البدع لأنهم يفترون على الله وعلى الرسول فهؤلاء يدخلون في اللعن، أما الكذب العادي هذا فيأثم عليه الشخص كما بين الله سبحانه وتعالى: ﴿فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين﴾ [آل عمران: 61]، هؤلاء هم الذين يفترون على الله الكذب.

إذا الكذاب لا يدخل في أحكام اللعن.

وكذلك بالنسبة عن «لعن الله المغني والمغنى له» فهذا حديث كذب لا يصح، ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (ج2 ص143)، ولذلك قال النووي: لا يصح، وكذلك ضعفه السخاوي في «المقاصد الحسنة» (ص335)، فالمغني لا يدخل في أحكام اللعن لأن الحديث ضعيف لكنه يأثم، آثم على هذا الغناء، ولا يخفى عليكم أن الغناء محرم، ولا يدخل كذلك المغنى له الذي يستمع ويطلب الغناء، فهذا كذلك لا يدخل، لكنه يأثم، لأنه يسمع الموسيقى ويسمع آلات الطرب ويسمع الأغاني، فوقع في المحرم، فهذا الحديث لا يصح.

وكذلك «تارك الورد ملعون»؛ يعني الذكر الذي يكون له وردا فيه، فهذا كذلك لا يدخل في اللعن لأن هذا الحديث موضوع، كما ذكر القارئ في «الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (ص159)، فلا يلعن من ترك الأذكار، وورده، لأن الحديث موضوع، فهذا لا يدخل كذلك في أحكام اللعن.

كذلك حديث «ملعون من حلف بالطلاق»، وهو حديث لا أصل له، ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (ج2 ص216)، فلا يذكر هذا الحديث أصلا ولا في أي كتاب، فمن حلف بالطلاق حلف بمخلوق، فمن كان حالفا فليحلف بالله، ولا يجوز لأي شخص أن يحلف بالمخلوق، فلا يجوز الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز الحلف بالملائكة ولا رأس الأب ولا الأم، ولا بالجن، ولا بالإنس، ولا بالنعمة، ولا بأي شيء.

فلذلك لا يجوز الحلف بالطلاق، وأما أن يقول (بالطلاق) فهذا لا يقع ولا يجوز له أن يقول هكذا، لكن هذا الطلاق ما يقع لكنه يأثم، فعليه أن يستغفر الله ويتوب ويقلع عن هذا الأمر، لأن وقوع الطلاق له ألفاظ شرعية لابد على المطلق أن يطلقها، يطلق هذه الألفاظ حتى تقع ولذلك كثير من العامة يطلقون هكذا (بالطلاق كذا، بالطلاق كذا)، فهذا لا يجوز، ويتبين أن هؤلاء العامة ما يفقهون شيئا في ديننا إلا الأشياء اليسيرة، وأكثرهم لا يفقهون شيئا لا في الصلاة وفي الصيام، ولا أحكام النكاح ولا أحكام الطلاق ولا شيء من ذلك، فهؤلاء معرضون عن طلب العلم، فلذلك وقعوا في الجهل، فهذا الدين لا يعرف إلا بالعلم الشرعي، فمن تعلم علم، إنما العلم بالتعلم، والذي لا يتعلم الدين ما بيعرف شيئا وإن صلى وصام وحج واعتمر، فإن كل هذه العبادات التي فعلها عن جهل فإنه يقع في أخطاء كثيرة في هذه الأحكام.

ولذلك ترى العامة الآن يدرسون الأمور الدنيوية لكي يعلمون، أما الدين لا، بس يكفي أذهب إلى المسجد وأصلي ثم أرجع، ويوم الجمعة أقرأ سورة الكهف بعد بالغلط، وما يعرف حتى يقرأ، يظن أن القراءة هكذا، لا بد للقرآن من تعليم، لا بد للسنة من تعليم، والأحكام لا بد لها من تعليم، لكي يعرف هذا الشخص هذا الدين، فلذلك على الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر.

وهناك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة والمقشورة»، أخرجه أحمد في «المسند»، وإسناده ضعيف، ولذلك قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص169): فيه ما لم أعرفه من النساء، لأن فيه أم نهار صارت أم ظلام، وكذلك فيه آمنة بنت عبد الله وهي كذلك مجهولة، فالحديث ضعيف لا يصح.

والقاشرة: التي تعالج وجهها أو وجه غيرها بالطلاء، يطلى بشيء ليصفو اللون.

والمقشورة: التي يفعل بها، كأنها تقشر أعلى الجلد، وهو حديث ضعيف ما يصح.

فلذلك لفظ القاشرة والمقشورة لا يصح، وبينا في الدروس التي سلفت الواشمة والواصلة، وهذه كلها أحاديث صحيحة، أما لفظ القاشرة والمقشورة فلا يصح.

هذا ما عندنا في درس اليوم، لعلنا نكمل الدرس القادم.

س: ما حكم الرجل يستخدم طيب المرأة والمرأة كذلك تستخدم طيب الرجل؟.

ج: تكلمنا في شرح صحيح مسلم عن العطر كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يستخدم طيب المرأة والمرأة كذلك، لكن إذا كان الرجل يستنكر هذا الشيء ولا يحبه في هذا الزمان لأنه تغيرت روائح عطور النساء وطيب النساء وكذلك الرجال فيقتصر الرجل على طيب الرجال وعطور الرجال، والنسوة يقتصرن على عطور النساء فلا بأس بذلك، وهناك عطور غير مستنكر بين الرجل والمرأة فلا بأس باستخدام الجنسين في ذلك الرجال والنساء، وهناك عطور للنساء وعطور للرجال، فالرجال يستخدمون عطورهم وطيبهم، والنساء يستخدمن عطورهن وطيبهن.

س: هل يجوز للمرأة أن تلبس عباءة الكتف؟.

ج: بين أهل العلم تحريم ذلك لأن فيه تشبه بالرجال، وكذلك هذه العباءة تكشف جسم المرأة، فلذلك لا يجوز للمرأة أن تلبس هذه العباءة التي على الكتف، بل تلبس العباءة التي تكون على الرأس وهذا أستر لها من الفتنة، فلا يفتتن بها رجل ولا هي تفتن رجل، فلذلك يجب على المرأة أن تترك العباءة التي تكون على الكتف، وتلبس العباءة التي توضع على الرأس وهذا أفضل لها.         

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan