القائمة الرئيسة
الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (27) أحكام اللعن: تتمة الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)

2025-07-21

صورة 1
الجزء (27) أحكام اللعن: تتمة الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

تكلمنا في الدرس الذي سلف عن الأحكام الضعيفة في اللعن من بعض الأحاديث الضعيفة في أحكام اللعن، وفي هذا الدرس نتكلم عن شدة الحرص على الدنيا.

فالذي يحرص على الدنيا بشدة فهذا غير ملعون ولا يلعن ولا يدخل في أحكام اللعن، لأن الأحاديث في ذلك ضعيفة لا تصح، لكنه يأثم، وشدة الحرص على الدنيا يضيع على العبد الأوقات، وكذلك يضيع عليه العبادات والنقص فيها، فذكروا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن عبد الدينار ولعن عبد الدرهم»، فهذا الحديث حديث ضعيف أخرجه الترمذي في «سننه»، وفيه الحسن البصري وهو مدلس وقد عنعن في الحديث؛ ولذلك قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، فهذا حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يلعن عبد الدينار ولا يلعن عبد الدرهم، لأن الحديث ضعيف، ولا يدخل من فعل ذلك في أحكام اللعن، وهذا الحديث يعتبر منكرا، لأنه يخالف ما أخرجه البخاري في «صحيحه» عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة»؛ القطيفة: هي الثوب الذي له خمل، والخميصة: ثوب صوف معلم، فهذا الحديث هو الحديث الصحيح وليس فيه اللعن في صحيح البخاري، أما هناك (لعن عبد الدينار ولعن عبد الدرهم) فهو حديث منكر لا يصح، فلا يدخل في اللعن عبد الدينار، لأن اللعن هو الطرد والإبعاد لمن حرص على الدنيا، فلذلك لا يدخل هذا الحكم في أحكام اللعن.

وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم»، أخرجه الترمذي في «سننه»، وابن ماجه في «سننه»، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم»، وهو حديث ضعيف لا يصح.

وكذلك ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها»، أخرجه الطبراني في «الأوسط»، والبزار في «المسند» وهو حديث ضعيف كذلك. وكذلك ورد عن أبي الدرداء مرفوعا: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها»، وهو حديث ضعيف كذلك أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»، وأخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم»، وهو حديث ضعيف.

 كذلك ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بلفظ: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها»، وهذا كذلك حديث ضعيف لا يصح، كلها أسانيد ضعيفة لا تصح، والشيخ الألباني حسنها بهذه الشواهد وهي لا تصح، لما فيها من المجاهيل.

ومعنى الحديث عند العلماء: الدنيا ملعونة أي مبغوضة من الله، وهي بعيدة، لكن في الحقيقة لا تصح هذه الأحاديث، ويزعمون بلعنت الدنيا لأنها غرت النفوس، وهو حديث ضعيف لا يصح.

فهذا بالنسبة للحرص على الدنيا، أو الدنيا ملعون، أو ملعون ما فيها وغير ذلك لا يصح في هذا شيء، فالأحاديث كلها ضعيفة، وفي الحقيقة أن الوعاظ والقصاص دائما يذكرون هذه الأحاديث، ويريدون بزعمهم أن يترك الناس هذه الدنيا فيذكرون لهم هذه الأحاديث الضعيفة والمنكرة، رغم أن هناك آيات كثيرة تبين هذا الأمر، وكذلك هناك أحاديث صحيحة كثيرة تبين هذا الأمر، فينتقل هؤلاء الوعاظ إلى هذه الأحاديث الضعيفة، لماذا؟ لأن هذا الدين توفيق من الله، فالموفق هو الذي يستدل بالآيات ويستدل بالأحاديث الصحيحة، ويبين أحكام الدين بالكتاب والسنة والآثار، فهذا الموفق. أما الذي لم يوفق في ذلك كالقاص كالواعظ فهؤلاء لم يوفقوا، فلذلك ينقلون للناس كل حديث ضعيف وكل حديث منكر، فعندهم في الدين خلط وخبط، فاحذر هؤلاء.

إذا بالنسبة للحرص على الدنيا لا يدخل هذا في اللعن، لأن الأحاديث ضعيفة.

كذلك بالنسبة للعن الله فقيرا تواضع لغني من أجل ماله، فهذا ما يدخل في اللعن، فلو اغتر فقير بغني وتواضع له من أجل ماله فهذا ما يدخل في اللعن، هذا الفقير المسكين ما يدخل في اللعن لكنه يأثم على هذا، فيخضع للناس من أجل المال ومن أجل الدنيا، فلذلك هذا مغتر، فالفقير الذي يتواضع لغني من أجل ماله فهذا لا يدخل في اللعن، وهو حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله فقيرا تواضع لغني من أجل ماله»، فهذا الحديث ضعيف لا يصح، ذكره السيوطي في «اللآلئ المصنوعة» على أنه موضوع، وفيه عمر بن صبح وهو متهم بوضع الحديث وكذلك قال الدارقطني، واتهمه ابن الجوزي، وقال الشوكاني: موضوع؛ كما في «الفوائد المجموعة» (ص239).

إذا لعن هذا الفقير الذي يتواضع لغني من أجل المال فلا يدخل في اللعن.

كذلك بالنسبة لإيذاء المسلمين والإضرار بهم، الذي يضر بالمسلمين ويؤذي المسلمين فهذا لا يدخل في اللعن، يأثم وفعل أمرا محرما لكنه لا يدخل في اللعن، لأن اللعن هو الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى، فهذا حكم غليظ، فلا بد على الشخص إذا أراد أن يلعن  عبدا فلا بد أن يلعنه بحديث صحيح، وبدليل من الكتاب أو السنة، لأن اللعن هو الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى، فلذلك على المسلم أن ينتبه لهذا؛ لأنه إذا حكم على شخص بهذا الحكم الغليظ وهو ليس فيه لعن ولا يصاب باللعن ولا يقع عليه اللعن، يرجع على الشخص كما لو كفر مسلما وليس بكافر رجع الكفر عليه، كما لو سب مسلما وليس فيه رجع السب عليه وعلى أبيه، وكذلك إذا رمى الشخص مسلما بالنفاق وهو ليس بمنافق رجع عليه النفاق، وهكذا أي شيء يرميه الشخص على شخص آخر وليس فيه يرجع إليه.

كذلك من أقوال أهل البدع الذين يرمون أهل السنة بالعظائم؛ بالكفر والضلال، ويلقبونهم بألقاب حشوية، فهذه الألقاب وهذه الأسماء وهذه الأحكام ترجع على من رماهم بها، فلا تلتفت إلى هذا الأمر، ما دام الأمر ليس فيك فلا تلتفت، لأن هذا الأمر سوف يرجع عليه، ولذلك ترجع هذه الأمور على المبتدعة، فيرمون أهل السنة بأشياء كثيرة، فترجع عليهم، فانظر قول ربيع الحدادي يرمي أهل السنة بالحدادية فرجعت عليه الحدادية، فهو الحدادي وهو الذي ينشر الآن فكر محمود الحداد لأنه كان صاحبه وزميله من القديم، فهذه الأمور ترجع على من رمى بأهل السنة ذلك، فلينتبه الناس لهذا الأمر.

إذا إيذاء المسلمين والإضرار بهم ليس من أحكام اللعن، وحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ملعون من ضار مؤمنا أو مكر به»، هذا الحديث حديث ضعيف لا يصح، أخرجه الترمذي في «سننه»، وأبو نعيم في «حلية الأولياء»، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»، وفي إسناده أبو سلمة الكندي وهو مجهول، وفرقد ضعيف الحديث، وكذلك في شاهد كذلك ضعيف ما يصح.

إذا من ضار مؤمنا فلا يدخل في أحكام اللعن، حتى لو شخص ضار مؤمن يأثم على هذا، لكنه لا يلعن، والحديث ضعيف، ولا يجوز أن يستدل به على لعن الناس في ذلك، لأننا بينا في الدروس التي سلفت الأحاديث الصحيحة في اللعن.

وكذلك حديث أبي جحيفة في لعن من يضر الناس، وهذا الحديث أخرجه الحاكم في «المستدرك»، وكذلك الطبراني في «المعجم الكبير»، وهو حديث ضعيف، وأخرجه أبو داود في «سننه»، وابن حبان في «صحيحه» عن أبي هريرة بدون (قد لعنك الله قبل الناس)، وفيه أبو عمرو وهو مجهول.

فذكروا حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي، لعن الله من يسب أصحابي»، اللعن ليس موجود في هذا الحديث، لكن ثبت فيه كما ثبت في صحيح البخاري ومسلم: «لا تسبوا أصحابي»، ليس فيه اللعن، فزيادة اللعن منكرة شاذة لا تصح، أخرج هذا الحديث الطبراني في «المعجم الأوسط»، وكذلك أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير»، والبزار في «المسند»، لكنه من حديث ابن عمر وهو كذلك حديث ضعيف، وكذلك أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» عن ابن عباس وهو حديث ضعيف، وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» عن أبي سعيد الخدري وهو حديث ضعيف، وأخرجه أبو يعلى في «المسند» عن جابر رضي الله عنه وهو حديث ضعيف، وأخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» عن أنس بن مالك رضي الله عنه وهو حديث ضعيف لا يصح، وممكن أن ينتقل طالب العلم إلى «مجمع الزوائد» في هذه الأحاديث للهيثمي، وهذه الأحاديث فيها مجهولون وفيها مدلسون وفيها متروكون، وفيها ضعاف من الرجال، فلا حاجة إلى ذكرها وهي كثيرة.

وبعض أهل العلم حسن هذه الأحاديث بقوله: بل يرتقي إلى درجة الصحة بمجموع طرقه. لكن كلها أحاديث منكرة وضعيفة، ولا تحسن بمجموع الطرق، والأحاديث المنكرة والأسانيد المنكرة مهما تزيد ومهما تكثر لا تزيد الحديث إلا ضعفا ونكارة، فلا تغتر بكثرة الأحاديث، فتنبه لتحسينات القوم في هذا العصر المقلدة، يقلدون ويحسنون ويصححون عن تقليد ليس عن علم أو بحث، والنهي عن سب الصحابة رضي الله عنهم فقط كما ثبت في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي.. الحديث»، وليس فيه اللعن.

وكذلك حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرق بين الوالدة وولدها، وبين الأخ وبين أخيه»، هذا حديث ضعيف أخرجه ابن ماجه في «سننه»، والدارقطني في «السنن الكبرى»، فلا يصح، فهذا اللفظ لا يصح. وفيه إبراهيم بن إسماعيل وهو ضعيف.

فكذلك عندنا «من دعا رجلا بغير اسمه لعنته الملائكة»، الذي يدعى من غير اسمه ولا اسم أبيه كذلك هذا لا يلعن، ولا يدخل في أحكام اللعن، لأن الحديث ضعيف، حديث عمير بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دعا رجلا بغير اسمه لعنته الملائكة»، أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة»، وهو حديث ضعيف لا يصح، فيه أبو بكر بن مريم وهو ضعيف، وبقية بن الوليد وهو مدلس، فهذا حديث ضعيف. فهذه الألفاظ ممكن تحفظ لكي تعرف أنها ضعيفة.

كذلك بالنسبة عن ما يدخل في أحكام اللعن من فرق بين امرأة وزوجها فهذا ملعون، لكنه ما يدخل كذلك في اللعن، فهذا الذي يفرق بين امرأة وزوجها ما يدخل في اللعن لأن الحديث ضعيف، وهو حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عمل في فرقة بين امرأة وزوجها كان في غضب الله ولعنة الله في الدنيا وفي الآخرة» أخرجه ابن الجوزي في «الموضوعات»، وهو موضوع، فهذا فعل شيء محرم ومنكر، الذي يفرق بين زوجة وزوجها آثم، لكنه ما يدخل في اللعن، وما أكثر هذا الصنف في الحقيقة سواء مثلا الأب، وأحيانا يكون من الأم، وأحيانا يكون من الأخت، وأحيانا يكون من رجل أجنبي، وأحيانا من أناس خارج البيت يتدخلون هنا وهناك، وكذلك هذا الرجل يفعل علاقة مع هذه الزوجة فيفرق بين هذه الزوجة وزوجها، وأشياء كثيرة لا تخفى عليكم، فهؤلاء يأثمون بلا شك، وهذا فعل الشياطين فالشيطان يفرق بين المرء وزوجه، فليحذر العبد من هذا الأمر، فيفعل هذا الأمر إما حقدا أو حسدا أو شهوة أو غير ذلك، لكن له وعيد والعياذ بالله، فليحذر الناس من هذا الأمر، ولذلك هذا الحديث يقول ابن الجوزي في الموضوعات: فيه القاسم، وابن حبان يقول عنه: لا يجوز الاحتجاج بالقاسم بحال، فهو متهم بالوضع.

كذلك من الأحكام الضعيفة بالنسبة للعن الناظر إلى عورة المؤمن، فهذا كذلك ما يدخل في أحكام اللعن، لكن الناظر في عورات الناس فهذا يأثم لكن لا يلعن الناظر إلى عورة المؤمن والمنظور إليه، وفي ذلك حديث عمران بن حصين مرفوعا: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الناظر إلى عورة المؤمن والمنظور إليه»، وهو حديث ضعيف لا يصح، أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان»، وابن عدي في «الكامل»، وفيه إسحاق بن نجيح وهو كذاب يضع الحديث، وهناك نهي كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة»، فيأثم، وهذا النظر إلى عورات الناس منهي عنه، لكنه ما يلعن، فلا يدخل الناظر إلى عورات الناس في أحكام اللعن.

كذلك من الأحكام الضعيفة في اللعن لعن من جلس وسط الحلقة العلمية، الناس جالسون وهو يجلس في الوسط، ولذلك هذا الحديث ضعيف، فمثلا نقول: هذا جلس في وسط الحلقة، فلا يلعن لأن الحديث ضعيف، فيه حديث حذيفة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة» أخرجه أبو داود في «سننه»، وأحمد في «المسند»، والخطيب في «تاريخ بغداد»، وكذلك بلفظ آخر أخرجه الترمذي في «سننه»، والحاكم في «المستدرك»، وهو حديث ضعيف لا يصح، والحديث فيه انقطاع بين أبي مجلز وحذيفة، لم يسمع منه كما قال ابن معين.

لعلنا نكمل إن شاء الله- الدرس القادم في هذه الأحكام.  

س: ما حكم توزيع الميراث وصاحب المال حي؟.

ج: بالنسبة لتوزيع الميراث وصاحب المال حي وموجود فلا يجوز على الأولاد أن يتقاسموا، وممكن أن يكون الأب مريض ولا يستطيع على شيء، فهؤلاء الأولاد يتقاسمون فلا يجوز، وهناك هبات أو وصايا فهذا أمر ثاني. أما بالنسبة للإرث فهكذا.

س: ما حكم مشاهدة الرسوم المتحركة؟.

ج: بالنسبة لمشاهدة الرسوم المتحركة للأطفال التي تكون للتعليم فهذه لا بأس كما بينا كثيرا في هذا الأمر، وفي كذا شريط في هذا الأمر بالتفصيل فليرجع إليه.

سبحانك اللهم وبحمدك، وأشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.               


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan