الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (26) أحكام اللعن: الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)
2025-07-21

الجزء (26) أحكام اللعن: الأحاديث الضعيفة في اللعن (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدروس التي سلفت عن أحكام اللعن جملة وتفصيلا، وتكلمنا عن أحكام اللعن الصحيحة الثابتة في الكتاب والسنة والآثار، ولعلنا في هذه الدروس نتكلم عن أحكام اللعن الضعيفة التي لم تثبت في الشرع للفائدة.
عندنا مسألة النجش والاحتكار وستر العيب في البيع، فالناجش غير ملعون، والمحتكر غير ملعون، والذي يستر العيب في البيع غير ملعون، لماذا؟ لأن الأحاديث التي ذكرت ضعيفة، وبينت لكم من قبل أن هذا الدين أحكامه لا تثبت إلا ثابتة في الكتاب أو السنة الصحيحة، فالأدلة المعتمدة في ذلك القرآن والسنة الصحيحة، ولا يعتمد في الدين على الأحاديث الضعيفة حتى لو صححها أو حسنها بعض العلماء، هؤلاء العلماء يجتهدون فنترك الأمر في الاجتهاد، لكن لا يجوز الأخذ بهذه الأحاديث وهي ضعيفة وإن صححها بعض العلماء أو حسنها بعضهم، ولذلك لا يعتمد على أحكام المقلدة في الأحاديث ولا في الفقه من الدكاترة وغير ذلك، فهؤلاء يعتمدون على اجتهادات العلماء، ولا ينظرون أن هذا العالم يخطئ ويصيب وأن هذا العالم يجتهد، نأخذ منه ما أصاب ونترك منه ما أخطأ فيه، المقلدة يقولون هذا الأمر لكن قولا، عند التطبيق لا يقلدون، فيقلدون مثلا الشيخ الألباني في التصحيح أو التضعيف والشيخ الألباني مجتهد فأحيانا يصيب وأحيانا يخطئ، فيأخذون خطأه في التصحيح أو التحسين، ويأخذون من قبله من المنذري، وكذلك الهيثمي وغير هؤلاء، وهذا الأمر خطير على الناس خاصة على العامة، فيسمعون ويأخذون.
فإذا حكم المقلد أن الناجش ملعون بهذا الحديث الضعيف هذا ظلم، صحيح أن هذا النجش محرم، لكن الناجش غير ملعون والحديث ضعيف، فكيف نحكم على شخص ملعون وهو غير ملعون من حديث ضعيف، واللعن من أخطر الأحكام وأشدها على الناس، لأن اللعن هو الطرد من رحمة الله، فأنت تطرد شخص من رحمة الله وهو غير مطرود، وتحكم عليه باللعن من حديث ضعيف، أو تقول: حسنه فلان أو صححه فلان، فلا بد من البحث والتنقيب والتحقيق والتدقيق، فهكذا ديننا.
فانظر إلى الناس في بلدانهم كيف يبحثون ويحققون ويدققون في دنياهم حتى جعلوها كما ترون عمارات، ناطحات السحاب، وأجهزة، وهواتف، وتجارات، ومواصلات على مستوى، وطائرات.... إلخ، يقول لك: لأن هذه الأمور لا بد فيها من التحقيق والتدقيق والتضحية والعلم، وإذا أتيت لهذا صاحب الكرافتة في الدين ما يعرف يتوضأ ولا يعرف يصلي، يركع غلط، وتتعجب وتراه يطير الطائرة، ما يعرف يتوضأ ويطير الطائرة! ما يعرف يسجد ريل فوق وريل تحت، وتراه يسوق قطار، الذين يقودونكم هم هؤلاء المرتزقة، ويتكلمون في الدين، أنت ما تستحي، البس لك ثوب واذهب تعلم وبعد ذلك تكلم في الدين، ما يعرف شيء، ما يعرف يغسل يده، ولا يعرفون شيء في الأحكام، ثم بعد ذلك يتكلمون في الدين ويسخرون، ويقولون هؤلاء المطاوعة كذا، فانظر إلى هؤلاء إذا أتيتهم في الدنيا تجدهم محنكين في العلوم الدنيوية، لكنه ما يحرك ساكن في أحكام الدين ولا يتعلم شيء، حتى من أهم الأمور ومن أهم الأحكام الصلاة ما يتعلم كيفية الصلاة، ولا كيفية الوضوء، فكيف هؤلاء يعرفون ويفلحون في دنياهم؟ وهؤلاء يدعون أن أهل السنة هم الذين يخربون البلدان وهم المخربة مع ربيع وأتباعه المخاربة، هم الذين خربوا بلدانهم، فلذلك هؤلاء المقلدة لا يفلحون يحكمون من حديث ضعيف، ولا يقول لك الحكم في الدين كذا وكذا والدليل كذا والحديث ضعيف، لا يذكر لك بعد، فلذلك أمور كثيرة أحدثها المبتدعة المقلدة في الدين.
فلذلك لا يجوز لعن الإنسان والحكم عليه هذا الحكم الغليظ بناء على حديث ضعيف، فاللعن أمره خطير، فلذلك لا بد على المسلم الحق أن يتثبت في الأحكام خاصة في أمور التوحيد وفي أمور الاعتقاد، وفي أمور الفقه، وفي مسائل الإيمان، ومسائل اللعن، تقول عن إنسان أنه ملعون من حديث ضعيف؟ فهذا الشخص الذي يلعن من أحاديث ضعيفة حتى لو حسنها بعض العلماء ليس له حجة ولا عذر يوم القيامة، فهو مؤاخذ، لأن ديننا دقيق ولا بد فيه من التحقيق، والحكم ما ثبت بالكتاب والسنة، فجعلوا الدين فوضى، وجعلوا دنياهم غير ذلك بل فيها انضباط، لكن الدين الكل يتكلم فيه –كما ترون-، ما في أحد يقول له شيء.
والله سبحانه وتعالى أنزل القرآن وأنزل السنة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبين الأصول والقواعد للناس، فلا يجوز الخروج عن هذه الأصول والقواعد، ويجعلون ديننا فوضى، فإن هذه الفوضى تنسب إليهم وإلى أحزابهم وجماعتهم وجمعياتهم، لا يكون في الدين فوضى نهائيا، فالدين فيه انضباط وفيه قواعد وأصول فعلى الناس الاتباع، والذي يحدث أي فوضى فهو فوضوي أصلا، فليس في الدين فوضى، في دنياهم فوضى كما ترون، أما في ديننا فلا، والطائفة المنصورة الناجية قائمة بهذا الدين بقواعده وأصوله وانضباطه، أما غير الطائفة المنصورة فهؤلاء أهل الفوضى، هؤلاء لهم دين آخر ليس دين الإسلام وإن انتسبوا لدين الإسلام، فلذلك لا يجوز الحكم في الدين بالأحاديث الضعيفة، والناس مؤاخذون، إذا أهملوا هذا الأمر وتكلموا في الدين بالأحاديث الضعيفة فهم مؤاخذون وعليهم المسئولية، يقول: أنا أخذت بقول فلان من العلماء وفلان، هؤلاء العلماء من أهل الاجتهاد، ما في أحد يحتج بقولهم ولا بأفعالهم، فلينظر العبد أين يضع قدمه في هذا الدين، فليعرف ذلك.
فمن الأحاديث الضعيفة حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الناجش آكل ربا ملعون» أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» ولا يعرف للعوام بن حوشج من ابن أبي أوفى سماع، فهو منقطع، فهذا الحديث ضعيف لا يجوز لأي أحد أن يحكم به باللعن والطرد من رحمة الله، والحديث الصحيح ليس فيه اللعن، فالحديث الضعيف فيه لعن الناجش، فأخرج البخاري في «صحيحه» عن عبد الله بن أبي أوفى موقوفا بلفظ: «الناجش آكل ربا خائن»، فلا يوجد اللعن.
والنجش: بفتح النون وسكون الجيم بعدها معجمة وهو في اللغة تنفير الصيد، واستثارته من مكانه ليصاد.
والنجش في الشرع: الزيادة في ثمن السلعة، ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها.
فالناجش ماذا يفعل؟ يرفع السلعة للزيادة، وفي ثمن السلعة، وهو لا يريد الشراء، بل يريد إيقاع الضرر بالغير، فإذا زاد الناس في هذا المزاد هذا بمائة وهذا بمائتين يأتي الآخر يريد أن يضر صاحب المائتين فيرفع عليه فيقول: ثلاثمائة، ويعلم أنه لا يستطيع أن يزيد في ذلك فيرفع عليه ويزيد عليه السعر، فهذا هو الناجش، والحديث فيه ضعيف، والنجش هو الزيادة في ثمن السلعة التي فيها مزاد، والحديث ضعيف، فعندنا الآن الناجش آكل ربا ملعون، فلا يدخل الناجش في اللعن لأن الحديث ضعيف، لكنه فعل محرما وهذا أمر آخر، لكن نحن نتكلم عن أحكام اللعن الضعيفة، فلا يأتي أحد ويلعن الناجش ويقول: ثبت فيك حديث، أو هناك حديث بلعنك وأنت مطرود من رحمة الله، فلا يجوز ذلك، لأن اللعن أمره خطير وهو الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز لعن الناجش.
الحديث الثاني وهو حديث ضعيف كذلك وهو حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون» أخرجه ابن ماجه في «سننه»، والدارمي في «المسند»، والحاكم في «المستدرك» وغيرهم، والحديث ضعيف، يقول ابن حجر في «التلخيص»: سنده ضعيف، وكذلك المنذري ذكر أن فيه علي بن سالم وهو مجهول، وكذلك فيه علي بن جدعان وفيه علي بن أبي سالم وهما ضعيفان، فهذا الحديث ضعيف، فلا يجوز لعن المحتكر، محتكر السلع والبضائع لأن الحديث ضعيف، ولا يستدل أحد أن بعض العلماء صححه أو بعض العلماء حسنه، وهو حديث ضعيف.
والجالب: أي الذي يجلب المتاع ليبيع ويشتري، مرزوق أي يحصل له الربح من غير إثم ويبارك الله سبحانه وتعالى له في تجارته، فهذا هو المرزوق، فلذلك على الناس إذا أرادوا أن يبارك لهم الله سبحانه وتعالى في تجارتهم ولكي لا يأثم الناس فعليهم أن يبيعوا ويشتروا على الكتاب والسنة، وعلى معرفة بفقه البيوع جملة وتفصيلا.
وفقه البيوع يكون واجب على التجار، على كل تاجر سواء كان صغيرا أو كبيرا في التجارة، إذا دخل في التجارة يجب عليه أن يتعلم أحكام البيوع جملة وتفصيلا، ما يفلت منه ولا حرف، لأن هذا الدين فيه تدقيق وهو دقيق، ليس معلومات متناثرة من هنا وهناك، ولذلك التجار وقعوا في آثام كثيرة وفي أحكام باطلة كثيرة، وآثام لا لها أول ولا آخر، من الربا وغير ذلك، لماذا؟ لأن هؤلاء دخلوا في التجارة بجهل، واستمروا فيها، وعندهم أن الرابح هذا هو الناجح في التجارة وهو الذي يعرف التجارة، وهو أجهل خلق الله في التجارة، ويظنون أن هذا عارف وهو جاهل وعليه آثام يوم القيامة، يتاجر في السيارات أو كذا ويحصل المبالغ الكبيرة ويغتر به الناس أن هذا تاجر محنك ويعرف وهو جاهل ولا يعرف شيء، ما يعرف الأحكام، خبط وخلط، ما عنده فقه البيوع، فوقع في هذه الآثام. وانظر إلى الميسر والقمار عندهم، فهؤلاء وقعوا في الآثام وعليهم المسؤولية يوم القيامة، يتمنى أنه ما تاجر ولا في مائة فلس، فإن هذه الحياة الدنيا الناس متروكون يفعلون ما يشاؤون والحساب يوم الحساب، فهؤلاء التجار الذين وقعوا في الآثام والمحرمات والمعاصي وظلموا أنفسهم وظلموا الناس والظلم ظلمات يوم القيامة يتمنى الواحد منهم أنه لم يتاجر ولا في مائة فلس، فلا تغتر بأموالهم ولا بتجاراتهم، فأنت يوم القيامة -أيها الفقير المسكين- تحمد الله أن الله نجاك من هذا البلاء وأنك رجل صالح أدخلك الله سبحانه وتعالى جنته بإذنه، فحمدت الله أنه لم يكن عندك إلا اليسير.
فلذلك كن هكذا؛ إذا الله سبحانه وتعالى جعلك هكذا تعبد الله سبحانه وتعالى، واحمد الله، لأنه سوف تحمد الله على هذه النعمة؛ نعمة الفقر مع العبادة. وهؤلاء الهالكون سوف ترونه يوم القيامة، فالأمر خطير جدا، فعلى الناس إذا أرادوا أن يتاجروا والله سبحانه وتعالى يبارك لهم في أرزاقهم فعليهم بالكتاب والسنة والسؤال جملة وتفصيلا.
وانظر الذين أعطوا الأموال الكثيرة مصارف وغير ذلك أولاده يكرمون المبتدعة والزنادقة، مسابقة كذا، ومسابقة كذا، كيف يكرمون هؤلاء المبتدعة وهم يحادون الله ويحادون الرسول صلى الله عليه وسلم؟ والمفروض أنتم تحمدون الله على نعمة الأموال، ما تلعبون بهذه الأموال وتكرمون بها المبتدعة والزنادقة في هذه المسابقات الفاشلة، فهؤلاء عليهم مسؤولية، لأن هؤلاء أولادهم مبتدعة زنادقة خوارج، فيلعبون بالأموال، يصطادون الفقراء والمساكين ويدعون إلى الباطل بهذه الأموال، فهكذا يشكر الله سبحانه وتعالى؟!
والمحتكر: المحتبس للطعام الذي تعم الحاجة إليه للغلاء، فيحتكر الطعام أو السلعة التي يريد أن يتاجر فيها، فإذا قلت في السوق أخرجها، فلا بد أن يخرجها غالية سعرها مرتفع، فهذا المحتكر، فيبيعها بأسعار كبيرة كما يفعل الآن أكثر التجار، يقول لك: هذا وكيل كذا وهذا وكيل كذا، وهذا احتكار لا يجوز نهائيا، فهذا المحتكر فعل محرما ويأثم على هذا، لكنه ما يدخل في أحكام اللعن، لأن الحديث ضعيف، فيصيب الناس بذلك الضرر، هؤلاء التجار في العالم الإسلامي يرفعون الأسعار في التجارات كلها، الشيء الذي بخمسين دينار مثلا يبيعه بمائة دينار ومائتين وثلاثمائة، المفروض البائع يرفع السعر شيئا لا يتضرر به، ولا يضرر غيره، شيء معقول كما يقال، فهذا الله سبحانه وتعالى سوف يبارك في تجارته، أما أن يرفعوا الأسعار ويستغلوا هذه الأمور فهؤلاء آثمون لا يبارك الله سبحانه وتعالى في تجاراتهم، تدخل عليه الملايين ويصرف الملايين في يوم، ما في بركة، وهم كذلك في عيشة ضنك مع جمع هذه الأموال؛ لأن جمع الأموال يضيق به الصدر، ولا يرتاح هذا التاجر في حياته من أول ما يتاجر إلى أن يموت، وإذا فتح وعزم الناس الناس يأكلون كل الطعام الذي في طاولته وهو لا يأكل شيئا، حاطين له صحن أبيض وفيه غوجه هنا ونصف تفاح هنا والناس ضرب في الذبائح، أهذه حياة؟ فلذلك الناس اغتروا بهؤلاء في الحقيقة بسبب الجهل، والعامة يرون هؤلاء ويدخلون في هذه التجارات الصغيرة، وما يلبث إلا يخسر.
فلذلك على طالب العلم ألا يفكر في هذه الأمور، ولا يفكر في هذه الدنيا، ما دام الله سبحانه وتعالى عافاه، وعنده أمواله وعنده سيارته وبيته وأهله وعياله، فلا يدخل في هذه الأشياء، لأنه من بعد هذه الحياة الطيبة يدخل في حياة تعيسة، وفي الحقيقة تحدث مشاكل كثيرة في المستقبل لهؤلاء، لأن هؤلاء ما يريدون كتاب الله ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فيريدون أن يركبوا رؤوسهم، وفي الحقيقة الذي يركب رأسه هذا عيشته ضنك، فلا تدخل في هذا فتغير حياتك من الحياة السعيدة إلى حياة الشقاء –والعياذ بالله-، والله سبحانه وتعالى يسر للناس الأموال من طريق الأعمال في الوزارات وغيرها، فعليك بهذه الأعمال، وعليك بعد ذلك بطلب العلم والعبادة والدعوة، واصبر على بعض النقص، والله سبحانه وتعالى سوف يرزقك إلى أن تموت.
والحديث الصحيح ما أخرجه مسلم في «صحيحه» قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من احتكر فهو خاطئ»، هذا هو الحديث الصحيح، أما «من احتكر فهو ملعون» فهذا حديث ضعيف، إذا المحتكر لا يدخل في أحكام اللعن.
الحديث الآخر حديث واثلة بن الأصقع رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من باع عيبا لم يبينه لم يزل في مقت الله ولم تزل الملائكة تلعنه»، أخرجه ابن ماجه في «سننه»، وهو حديث ضعيف لا يصح، الناجش ما يدخل في أحكام اللعن ولا المحتكر ولا الذي يستر العيب في البيع، ما يدخلون في اللعن، لكن فعل حراما، وإسناده ضعيف، وله ثلاث علل؛ فيه ابن الوليد وهو مدلس معروف، ومعاوية الصدفي ضعيف، وعبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك، فلا يصح هذا الحديث.
فالذي لم يبين العيب غير ملعون، لكنه فعل محرما، والذي باع عيبا كذلك في التجارة أو في الطعام كذلك ما يدخل في اللعن، لم يزل في مقت الله أي: في غضبه الشديد، والمقت: أشد الغضب.
وكذلك حديث: «ملعون من زاد ولم يشتر»، هذا الناجش، وهو حديث موضوع كما قال السخاوي في المقاصد الحسنة، وكذلك ضعفه العجلوني في كشف الخفاء، فهو حديث منكر.
هذه بعض الأحاديث التي في هذا، ولعلنا نكمل الدرس القادم –إن شاء الله-، هناك أحكام كثيرة في اللعن ضعيفة.
س: هل تجوز الصلاة خلف من لا يعرف أحكام سجود السهو؟
ج: الآن المساجد فيها عدد من الأئمة ليس عندهم لا صفة صلاة النبي، ولا أحكام سجود السهو ولا غير ذلك، فالأصل في ذلك أن الناس على قدر استطاعتهم يذهبون إلى أئمة من أهل السنة والجماعة إن وجدوا، يعرفون صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويعرفون الأحكام، هذا هو الأصل، فيذهبون إلى هذه المساجد، لكن إذا لم يوجد مثل هؤلاء الأئمة فالإنسان يصلي على قدر استطاعته ويهتم بهذا الأمر، ولم يجد إلا هذا العامي، أو مثلا ممكن أن يعرف صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ما يعرف أحكام سجود السهو فيصلي خلف هذا، وأي شيء يقع فيه هذا الإمام من الخطأ الإثم عليه، والناس يصلون في هذه المساجد على قدر استطاعتهم.
أما إذا كان مبتدعا خارجيا داعشيا إخوانيا فلا يصلي في هذا المسجد، يذهب إلى مسجد آخر، وإذا كان لا يوجد إلا هذا المسجد كما يكون في الخارج يكن في المسجد صوفي خارجي مشرك فهؤلاء لا يصلون في هذا المسجد، بل يصلون في بيوتهم، أهل القرية هؤلاء يصلون في بيوتهم، كما أخبرت من سألني كثر في الخارج عن أمثال هؤلاء، قلنا: أصحاب القرية أو أصحاب المدينة يصلون في بيوتهم، وأما في أوروبا قلنا لهم: ممكن أن تجعلوا أي شقة عندكم أو بيتا مسجدا وتصلون فيه، أما البلدان الإسلامية فيها ولاة أمر وفيها قوانين لكن صلوا في بيوتكم، لأن هذه صلاة، والشخص ما يجهل هذا الأمر، يريد أن يحافظ على أجر الجماعة ويبطل صلاته، وهذه المشكلة يقول: أنا أريد أن أحافظ على صلاة الجماعة في المسجد، فيصلي هنا وهناك بدون اهتمام وتدقيق في الأئمة، وهذه من الأمور في ديننا فيها تدقيق، أما في دنياهم لا ما يذهب إلى عمل إلا بعد السؤال والتدقيق والتحقيق وواسطه... إلخ، فلا يذهب إلا عن علم، أما المسجد فيذهب أي مسجد، ويصلي خلف أي إمام، لأنه يريد أن يحصل على أجر الجماعة بزعمه، ويبطل صلاته، وإذا بطلت صلاته بطلت هذه الجماعة وأجر الجماعة بطل، لأن الجماعة هذه والأجر مرتبط بالصلاة، ليست منفردة، فإذا صلى العبد خلف مبتدع بدعته مكفرة ويزعم أنه لصلاة الجماعة بطلت صلاته وبطلت الجماعة فبطل أجره، فلينتبه الناس لهذا الأمر.
وفوق هذا أنه أثم، وعليه الإثم، يأتي يوم القيامة ليس له صلاة لأنها في ذمته، ما برئ من الإثم إلى الآن ما صحت هذه الصلاة، ولذلك لو صلى في بيته لأن هو اتبع أمر الله في هذا، والله سبحانه وتعالى يرضى للعبد أن يترك الصلاة خلف هذا المبتدع، ويرضى الله سبحانه وتعالى أن يصلي هذا في بيته، فإذا صلى في بيته حصلت صحة الصلاة وصح الأجر، فحصل على أجر الجماعة، فانظر هكذا ديننا، ديننا بالدليل ليس بالرؤوس والأهواء والجهل، ديننا بالدليل، ولذلك السلف يقولون هكذا: يحصل على أجر الجماعة في بيته؛ يعني الأمر ينعكس، لكنه لو لم يكن معذورا وإمام المسجد صاحب سنة فلو صلى في بيته صلاته صحيحة لكنه ذهب عليه أجر الجماعة، والله سبحانه وتعالى ما يرضى أن هذا الغير معذور يصلي في بيته، فينعكس الأمر، فلذلك لا بد من تتبع السنة في هذا الأمر، فلينظر العبد.
والتخلف عن الصلاة خلف هذا المبتدع من الأعذار الشرعية، أرأيت إذا نزل المطر في وقت صلاة العشاء فللناس عذر، وهذا الأمر يعرفه الناس، هو الأمر نفسه إذا كان هناك إماما في المسجد مبتدعا بدعته مكفرة، فالتخلف عنه وعدم الصلاة خلفه عذر كعذر المطر، ما في شيء ثاني، هذا عذر وهذا عذر، لكن الناس لماذا ما يعرفون هذا الأمر؟ لأنهم اعتادوا الأحكام فجعلوا ديننا أشياء معتادة وتقاليد على الذين يعرفونه ويقلدونه، وتقاليد آبائهم وأجدادهم، فهذا هو الحكم الصحيح، وهذا عذر، لكن التخلف عن صلاة الجماعة بوجود هذا المبتدع ما عندهم فيذهبون ويصلون خلف أي واحد، حتى زنديق من زنادقة الصوفية، فرغم أن هذا أشد عذرا من المطر، لكنهم ما يعرفون ويعرفون المطر.
انظر إلى مسألة الصور للجوازات، للبطاقات، موجودة للرجال والنساء، وكل واحد يقول لنا من المقلدة أن هذا عذر، أو كذا، لكن في أشياء ثانية ما يصور رغم أن فيه عذر، يقول: هذا ما يجوز، إذا لماذا تصورت أنت في جوازك؟ يقول: هذه ضرورة، وهذه ضرورة، لماذا الناس في الجوازات يرون أن هذه أمور عادية؟ لأنهم اعتادوا هذه الأحكام، هذا ما عرفوه وتربوا عليه، الأشياء الثانية من الصور ضرورة وحاجة يقول لك: حرام، نفس الطريقة ما في شيء ثاني، لأن هذا ما اعتادوا عليه فحرموه، وهذا ما اعتادوا عليه فأحلوه، وهذه المسألة الآن مع هؤلاء المقلدة والمتشددة والمتعصبة والمذهبية والحزبية، هذه الأمور الآن، فترى هؤلاء يشددون في أشياء فيها عذر وضرورة وحاجة ويحلون أشياء هي نفس الشيء أصلا.
ولذلك انظر الآن عند ما كانوا ينكرون علينا من عشرين سنة عند ما بينا أنه يجوز يوم الجمعة الجمع بين الجمعة والعصر في المطر، قالوا: ما يجوز، كلهم هؤلاء الخطباء، فإذا بنا الآن نراهم خاصة في هذه السنوات يجمعون، في يوم الجمعة كلهم يجمعون، الحزبية، فهؤلاء ما يعرفون شيئا، الآن يجمعون بين الجمعة والعصر ويقول لك: وجه للمالكية، وجه للشافعية، هيا يا جماعة سنجمع بين الجمعة والعصر، وجه المذهب، أين كتاب الله؟ أين سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟ أين قال الله وقال الرسول؟ ثم لماذا النكير لما بينا من عشرين سنة؟ لماذا تنكرون علينا؟ المفروض أن تخضعوا لأهل الحديث، اسكت فقط ولا تتكلم ولا تنكر على غيرك، قل خيرا أو اصمت كما يقول لك الرسول صلى الله عليه وسلم، فخاصة في هذه السنة حدث ولا حرج عن الجمع. قلنا لهم: المفروض في الأمطار وما شابه ذلك يقول المؤذن: صلوا في رحالكم، صلوا في بيوتكم، قالوا: لا، ما في. هناك مساجد تقول في الخليج وفي غيرها، فسلموا لأهل الحديث في الأصول والفروع، وإلا لا بد يوما من الأيام سوف تطبقون ما يقوله أهل الحديث ولا بد، فعلى الناس الاتباع، وأشياء كثيرة.
الآن بالنسبة عن لماذا يجمعون في المطر ولا يجمعون في الحر الشديد؟ ولماذا يجمعون في البرد الشديد ولا يجمعون في الحر الشديد؟ وكما قرأتم عن العلفية ينكرون الجمع في الحر الشديد، ما هو الفرق بين هذا وذاك؟ هذا اعتادوا عليه فقط، الجمع في البرد الشديد أو المطر اعتادوا عليه، تربوا هكذا، وهذا الحكم ما يدرون عنه شيئا، رغم أن الحر الشديد في المشقة أشد من البرد، ولعل يقول قائل: ممكن نبقى هكذا ثلاثة شهور نجمع أو نتخلف، حتى السنة تخلف، وهذا بسبب رأسك المتخلف، وإلا لماذا أنت تتخلف عن العمل شهر وشهرين وتقول: مريض؟ لأنكم فقط لا تريدون العمل، هذا نفس الشيء، تربى الناس على التخلف عن الأعمال شهر وشهرين، يجوز لك تتخلف عن المسجد أو تجمع شهر وشهرين وثلاثة على حسب؛ الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك عشرين يقصر ويجمع، وفي خمسة عشر يوم وفي شهر وغير ذلك، هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا نبيكم، لكن الناس الآن يفعلون الأشياء على حسب ما اعتادوها هم وآباؤهم وأجدادهم، أما الأحكام، فلذلك من أراد فعلا زيادة الإيمان والأمن والإيمان وينشرح صدره لهذا الدين فليطبق هذا الدين جملة وتفصيلا، ما في يرد ولا حرف، إذا رد حرف واحد سيرد حرفين وثلاثة، وسيرد حديث، وسيرد حديثين ومائة وعشرة ومائتين.... وهكذا.
يقول الإمام أحمد كما أخرج ابن الجوزي في «مناقبه»؛ بإسناد صحيح: «من رد حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة»، وهلك الناس كما ترون، يظن أنه أمر سهل أن يرد حديث، في الأصول والفروع لا أحد يرد حديث، وأنت ما ترد قول فلان أو علان بل أنت ترد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الآن، أنت ترد دين، ترد ما أنزله الله سبحانه وتعالى، ليس لأن فلان قاله، هذه المصيبة الآن الأخرى، فليحذر الواحد وعليه أن يسكت فقط وما يجادل، ولا نقول أنه يسلم، لعلك تسلم، أما الذي يرد حديث وخاصة إجماع الصحابة، يرد إجماع الصحابة لا، ولذلك أحيانا شخص من أهل السنة يخالف في مسألة فقهية فهذا لا يدخل فيما نقوله الآن، فهذا لا يهجر ولا يبدع، فلينتبه طلبة العلم لهذا الأمر، فممكن أن يحكم سني بأمر أو مسألة فقهية فلا يدخل في الابتداع، بل يبقى سنيا سلفيا، ولا يبدع ولا يهجر.
أما هؤلاء المعاندون من الحزبية والمذهبية، هؤلاء هم الذين نتكلم عليهم ونبدعهم ويهجرون، هؤلاء هم المبتدعة، هؤلاء هم الذين يهجرون لأنهم معاندون، والسلف اجتهدوا في بعض الأشياء في الفقه فلم يهجروا ولم يبدعوا، فيبقى هذا من أهل السنة، فلينتبه طلبة العلم في هذا الأمر. أما المعاند الذي مثل المذهبي والحزبي هذا الذي نقصده في الفروع، هذا ما خالف في مسألة أو مسألتين بل هذا في مسائل ويرد أحاديث ويتعصب، هذا هو المبتدع، وهذا السلف شنوا عليه الحرب حتى في المسائل الفقهية؛ لأنه ينتقل أمره إلى الأصول، وهذا أمر معروف، ﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان﴾ [البقرة: 168]؛ تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب إلى صاحبه، فهذا لا بد أن ينتبه له.
فالأمر الأول والأخير أن المسألة ليست الأعذار والرخص على ما تعاهده الناس، لا، ولذلك الآن أخرجت ثلاثة أجزاء في الرخصة، وسوف أصل إلى خمسين جزء في الرخص، أكثر الناس لا يعرفونه حتى الذين ينتسبون إلى العلم ما يدرون عنها، وينكرونها وهي موجودة في كتب الفقه، لا تقل في المخطوطات، بل في كتب الفقه المطبوعة والموجودة، وينكرون.
وانظر إلى عبيد المكابري يخرج لنا ويقول بسبب جهله أن الآن يصعب أن ننظر إلى الفجر الصادق لأن فيه كهرباء، أنت ما ترى، أي كهرباء؟ ما ترى حتى لو تلبس نظارة ما في فائدة، كيف تقول هذا الكلام؟ كيف واحد يفتي هكذا؟ أهذا حكم أحد يحكم به؟! ويقول عن نفسه أنه الإمام والعلامة، ولا يدري بفقه السلف ولا الآثار، المفروض الواحد يحكم بالكتاب والسنة وبالآثار، الآن تكلمنا كثيرا أن الفجر الصادق يطمس هذه الأنوار المزعومة بالكهرباء، يطمسها بالكلية، كيف هذه الأنوار تطمس الفجر؟ وهذه الشمس عظيمة ترتفع شيئا فشيئا إلى الأرض، هذه الأنوار تطمس هذه الشمس؟! أهذا معقول؟ فلذلك هؤلاء المقلدة ويزعمون أنهم من أهل الاجتهاد والإفتاء بالكتاب والسنة والراجح وهم لا يعرفون شيء، فلذلك ما نرى هؤلاء أنهم يرجعون إلى الآثار، آثار الصحابة والسلف، لكن فقط كلام: الصحابة، السلف، الإجماع، وكلها أشياء نظرية، فلذلك لا أحد يأخذ هذه الأمور هكذا بالأمور المعهودة والمعروفة، لا، هناك أحكام كثيرة كثير من الناس لا يعرفها، فإذا أظهرها أهل الحديث فعلى الناس الاتباع، والذي يعارض هذا هالك.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.