القائمة الرئيسة
الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (24) أحكام اللعن: تتمة لعن الذين يحرفون الكلم عن مواضعه (تفريغ)

2025-07-21

صورة 1
الجزء (24) أحكام اللعن: تتمة لعن الذين يحرفون الكلم عن مواضعه (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

وتكلمنا عن قوله سبحانه وتعالى: ﴿وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء﴾ [المائدة: 64]، وبينا في هذه الآية أن هؤلاء اليهود وصفوا الله سبحانه وتعالى  بالبخل، وهذا فيه ما فيه من نسبة النقص كما بينا، وهذه الآية وإن كانت في اليهود قلنا أنه تدخل جميع الطوائف سواء الكفرية الذين في الخارج من النصارى والمجوس والشيوعية وغير ذلك، الذين يحرفون الدين، ويطعنون في الدين، وينسبون إلى الله سبحانه وتعالى النقص والعيب وغير ذلك، وبينا كذلك أنه تدخل الطوائف البدعية الذين في داخل بلدان المسلمين، الذين عطلوا صفات الله سبحانه وتعالى ووصفوه بالنقص وهم يدعون أنهم ينزهون الله سبحانه وتعالى من النقائص، وهم في الحقيقة ينسبون إلى الله تعالى النقص لأنهم يعطلون صفات الله سبحانه وتعالى وهذا نقص، كالأشعرية وكالجهمية وكالرافضية والصوفية وغيرهم؛ فهؤلاء يدخلون في هذه الآية.

والله سبحانه وتعالى بين في ذلك: ﴿ولعنوا بما قالوا﴾؛ فهؤلاء كلهم ملعونون، لأنهم يصفون الله سبحانه وتعالى بالنقص والعيب، وبينا هذا الأمر، فكل فرقة تعطل صفات الله سبحانه وتعالى وتحرف القرآن وتحرف السنة بأي شيء سواء في الأصول أو في الفروع فهم ملعونون في القرآن، والله سبحانه وتعالى لعنهم، وبينا من قبل الذين ينشرون الحيل في الفتاوى فيفتون الناس بالحيل مثل اليهود، فهؤلاء كذلك ملعونون، وبينا هذا من قبل، فلذلك يحذر العبد أن يحرف كتاب الله سبحانه وتعالى في مسألة من المسائل، سواء في الصفات أو في مسائل الإيمان، أو مسائل الفقه، أو في الأصول والفروع، فلا يجوز للشخص أن يحرف القرآن أو يحرف السنة لكي يفتي بهواه، أو يفتي للناس على حسب أهوائهم، فإن هذا ملعون، وسيأتي بعد ذلك الكلام على التحريف، وهذا إن شاء الله- يكون في الدرس القادم.

ولذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: إن الله تعالى أنكر على اليهود نسبة يده إلى النقص والعيب، ولم ينكر عليهم إثبات اليد له، فقال تعالى: ﴿وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان﴾، فلعنهم على وصف يده بالعيب دون إثبات يده، وقدر إثباتها له زيادة على ما قالوا بأنهما يدان مبسوطتان، وبهذا يعلم تلبيس الجهمية المعطلة على أشباه الأنعام، فهذا في مختصر الصواعق ج3 ص957.

فهذا الإمام ابن القيم يبين هذا الأمر؛ أن اليهود نسبوا إلى يد الله سبحانه وتعالى النقص والعيب يعني البخل، مغلولة يعني بخيلة، كما بينا في الدرس الذي سلف، ويبين الأمر الثاني أن الله سبحانه وتعالى ما أنكر عليهم اليد وهذا يدل على إثبات اليد لله سبحانه وتعالى، وأنه له يد تليق بجلاله لا تشبه يد المخلوق، ولو لم يكن له يد لكان الإنكار كذلك، لكن الله سبحانه وتعالى أنكر عليهم أنهم نسبوه إلى النقص والعيب، يعني البخل، فأنكر الله عليهم ذلك، ولم ينكر عليهم إثبات اليد، لأن هم أثبتوا لله اليد، وهذا يدل على أن الله سبحانه وتعالى له يد تليق بجلاله، وهذا فيه رد على الجهمية والأشعرية والإباضية والصوفية وغيرهم من الذين يعطلون صفة اليد، ويعطلون صفات الله سبحانه وتعالى، وهذا يدل على أن اليهود أعلم من هؤلاء المبتدعة بصفات الله سبحانه وتعالى؛ فهؤلاء المبتدعة الذين ينتسبون إلى الإسلام يعطلون الصفات ولا يعلمون أن لله صفات وأن لله يد واليهود يعلمون أن لله يد وهؤلاء كفرة، وهؤلاء مبتدعة، فانظر في هذا الأمر اليهود أفضل حالا من هؤلاء المبتدعة الذين يدعون الإسلام.

وأهل السنة والجماعة يثبتون لله الصفات، كما أثبتها الله سبحانه وتعالى لنفسه في القرآن، وأثبتها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة، على ما يليق بجلاله، فلله يد، ووجه، وقدم وعينان، وغير ذلك من الصفات العظيمة التي أثبتها الله سبحانه وتعالى لنفسه في القرآن، وأثبتها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة.

ومذهب أهل السنة والجماعة هو مذهب الأمن والأمان في هذه الدنيا، وبه النجاة في الحياة الدنيا وفي الحياة البرزخية وفي الحياة الأخروية، فمن أراد الأمن والأمان في الحياة والبرزخ والآخرة فعليه بمذهب أهل السنة والجماعة، وأما الطوائف الأخرى فهي طوائف بدعية النبي صلى الله عليه وسلم عينها في النار ولا بد أن تدخل النار، شاءوا أو أبوا، ولذلك من أهل البدع الذين يقولون: لا، عكسوا الحديث، قالوا: هؤلاء الطوائف كلهم في الجنة وهذه الطائفة في النار، كيف يكون ذلك؟ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سوف تفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: ما هي يا رسول الله؟ قال: ما عليه أنا اليوم وأصحابي»، فواحدة في الجنة، واثنين وسبعين فرقة كلها في النار، هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم فقولك أنت لا يلتفت إليه، فلذلك هذا الأمر بينه الإمام ابن القيم.

إذا الذين يعطلون الصفات ملعونون في القرآن، وبينت لكم أن الذي يلعن في القرآن أو يلعن في السنة فلا تسأل عنه، فإنه معذب في دنياه وفي قبره وفي آخرته، فإنه مجرم.

ولذلك الله سبحانه وتعالى يبين للناس عن هؤلاء المعطلة من الجهمية والأشعرية والإباضية والصوفية والرافضية وغيرهم، أن هؤلاء ملحدون في القرآن وملحدون في السنة، وبينت لكم كثيرا؛ فليس إذا أطلق ملحد أو ملحدون ذهبوا إلى الروس، هذا عند العامة، لا، أي واحد يحرف القرآن أو يحرف السنة وهو مبتدع ويتحايل في الأحكام فهو ملحد، لأن الإلحاد هو الميل عن الحق، فأي واحد يميل عن الحق فهو ملحد وإن صلى وصام وحج وقال أنا مسلم، فكيف أنت مسلم تلحد في القرآن وتلحد في السنة، وتدعي الإسلام، وتنتسب إلى الإسلام؟

الذي ينتسب إلى الإسلام يستسلم للإسلام، لأن معنى الإسلام: الاستسلام لله سبحانه وتعالى جملة وتفصيلا، ما يخرج شيء بهواه، يقول: هذا ما يصلح، أو هذا لم؟ أو هذا كيف؟ ما في لم ولا في كيف، هذا هو الأصل في المبتدعة دائما يميلون إلى الإلحاد والبدع وأهل البدع، ويعارضون أهل السنة والجماعة في الأصول والفروع، فكيف يكون هذا مسلم ومستسلم لله تعالى؟ لا بد من التسليم والانقياد للكتاب والسنة والآثار، ما في أحد يعارض، حتى لو يعارض في آية فهو ملحد، ويصر عليها ويدعو إليها ومات على هذا الذنب فهو ملحد، يعتبر مبتدعا، أو يعارض حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويرده، حديث واحد ويصر عليه فهذا يعتبر مبتدعا ملحدا، لأنه يعلم أن هذا قول الله ويعارض ويصر ويدعو بقوله ويحارب ويعادي ويوالي إليه، فهذا يعتبر ملحدا مال عن الحق، مبتدعا، ابتدع شيء، لأن الذي يخالف الله لا بد أن يبتدع، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ والذي يخالف النبي صلى الله عليه وسلم ويصر على الحكم ويظن أنه يخالف أهل الأثر، ما يدري أنه يخالف الله سبحانه وتعالى في الأصل ويخالف النبي صلى الله عليه وسلم في الأصل، ما يعارض أهل الأثر؛ أهل الأثر ليس لهم أي شيء في دين الله إلا من الكتاب والسنة، ما أتوا بشيء من أنفسهم، ولا من عندهم أصلا، فأتوا من الكتاب والسنة، فأنت تعارض الكتاب والسنة، فتعتبر مبتدعا، فلذلك على الناس أن ينتبهوا لهذا.

ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه﴾ [الأعراف: 180]، (ولله الأسماء) وكذلك الصفات تدخل، يعني لله الأسماء الحسنى ولله الصفات العلا، وإن ذكر الله سبحانه وتعالى هنا الأسماء، فيدخل فيها الصفات، فلذلك هذه الأسماء يشتق منها صفات؛ فإذا قلت (الرحيم) يعني لله صفة الرحمة.. وهكذا، إذا قلت اسم العزيز فيشتق من هذا الاسم صفة العزة، ﴿ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين﴾ [المنافقون: 8]، فلذلك هنا الأسماء وتدخل الصفات، فالذي يعطل الأسماء ويعطل الصفات كالجهمية، هؤلاء ملحدون في القرآن وملحدون في السنة، ملاحدة، مالوا عن الحق، فالجهمية عطلوا الأسماء والصفات، يقولون: ليس لله أسماء وليس لله صفات، وفي القرآن ماذا؟ وفي السنة ماذا؟ أسماء وصفات موجودة، لكنهم يعارضون القرآن والسنة عمدا فهؤلاء ملاحدة مبتدعة.

والذين أثبتوا الأسماء ونفوا الصفات -وهم المعتزلة- هؤلاء ملاحدة، فأثبتوا الأسماء وعطلوا الصفات، فالمعتزلة أثبتوا الأسماء وعطلوا الصفات. والأشاعرة بين ذلك، وهم كذلك ملاحدة؛ بزعمهم أنهم أثبتوا بعض الصفات والباقي نفوها وعطلوها، فيقولون: ليس لله وجه ولا يد ولا قدم... إلخ، هؤلاء ملاحدة موجودين عندنا في البلدان الإسلامية، هؤلاء ملاحدة ويزعمون أنهم يردون على الملاحدة الشيوعية، وهم نفس الشيء، فلينظر الناس في هذا، والإباضية كذلك، والرافضة كذلك، والصوفية... وغير هؤلاء الملاحدة الموجودين الآن في العالم الإسلامي.

فالسلف الصالح ينهون عن تفسير نصوص صفات الله سبحانه وتعالى  ويريدون به النهي عن تفسيرها بتفسير الجهمية المعطلة البدعية، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا﴾ [الإسراء: 48]، فيضربون الأمثال لله سبحانه وتعالى، ولأسمائه ولصفاته، والله سبحانه وتعالى بين الأحكام في القرآن، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم بين الأحكام في السنة، لكن هؤلاء يعارضون ويضربون الأمثال (لم، وكيف)، ثم يحرفون هذا الدين، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ [النحل: 74]، فلا تلحدوا في أسمائه ولا في صفاته ولا في الفقه، ولا في الفروع ولا في الأصول، فلذلك الله سبحانه وتعالى يعلم وأنتم لا تعلمون جهلة، فالله سبحانه وتعالى علمكم ما في القرآن والسنة فعليكم بالتسليم والانقياد لما بينه الله سبحانه وتعالى لكم في القرآن، وبينه لكم النبي صلى الله عليه وسلم في السنة.

ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ولا يحيطون به علما﴾ [طه: 110]، ما أحد يستطيع أن يحيط بالله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى علمنا أن له صفات ولم يعلمنا كيفية هذه الصفات فلا تقل لما وكيف، ما نحيط بالله سبحانه وتعالى بهذا الأمر، ولا نستطيع أن نحيطه سبحانه وتعالى، فعلى الناس أن يثبتوا له الصفات في القرآن والسنة كما أثبتها الله سبحانه وتعالى وكما أثبتها النبي صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل، وينتهي الأمر، أما أن نخوض ونقول: الوجه بمعنى الثواب واليد بمعنى القوة وكذا وكذا ونحرف، والهرولة نقول بمعنى سرعة ثواب الله وما شابه ذلك، فلذلك على الناس أن ينتبهوا حتى من بعض أهل السنة والجماعة الذين وقعوا كما وقع هؤلاء، وقعوا في علم التعطيل والتأويل، فلننتبه كذلك.

وبين شيخ الإسلام ابن تيمية أن بعض أهل السنة وقعوا في تحريفات المعطلة النفاة، فلا يأتينا شخص ويقول: هذا عالم من أهل السنة، نقول: هذا أخطأ وهو مجتهد، والمجتهد إذا أخطأ له أجر، وإذا أصاب له أجران، فعليك بالإجماع ودع عنك قول فلان وعلان أو هذا العالم وهذا العالم الذين أخطأوا، هم اجتهدوا وأخطأوا، وكل بني آدم خطاء، عالم أو شيخ أو إمام أو عامي، أي شخص يخطئ ويصيب، لكن أنت عليك بما أجمع عليه السلف في الصفات، وتنتقل أنت إلى الصحابة، والصحابة أجمعوا على جميع الصفات فعليك بالصحابة، واترك عنك المتأخرين والمعاصرين فيما اختلفوا فيه، لأنهم يجرونك إلى الاختلاف.

ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ليس كمثله شيء﴾ [الشورى: 11]، وهنا الله سبحانه وتعالى أطلق على نفسه شيء، فيجوز أن تقول: الله شيء، لأن الله يقول: ﴿ليس كمثله شيء﴾، يعني يجوز أن تقول لله (شيء)، فهؤلاء المعطلة النفاة ينتقلون إلى عقولهم وتخيلاتهم، ويتخيلون صفات المخلوق ويتخيلون أشياء، ثم ينفون، بناء على عقولهم، وهذا غلط، لا تتخيل، ما تحيط أنت بالله سبحانه وتعالى، أنت أثبت ما أثبته الله لنفسه في القرآن وانته، تنتهي إلى هذا، أثبت ما أثبته النبي صلى الله عليه وسلم في السنة وتنتهي إلى هذا، فالله سبحانه وتعالى علمنا أن له صفات ولم يعلمنا كيفية هذه الصفات، فلا تقول: لم وكيف.

والإنسان شيء، والله سبحانه وتعالى شيء، ﴿ليس كمثله شيء﴾، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم﴾ [الإسراء: 36]، الله يقول لك: أيها المبتدع، أيها الجهمي، أيها الأشعري، أيها الإباضي العماني، أيها الصوفي القراشي، ما تفهمون. فلذلك ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم﴾ [الإسراء: 36]، الله يقول لك: شيء ما تعرفه لا تنطق به ولا تقوله واسكت، وينتهي الأمر، لكنهم خاضوا فضلوا، ما يستطيعون سبيلا، كلما راحوا يريدون أن يسيروا في السبيل الصحيح انفلتوا علو قول العامية زر منك شمال وكل ما يبون السبيل الله تقول زروا على اليمين، فلذلك العجائز أفضل حالا من المبتدعة الذين يقولون عن أنفسهم الآن قاده وخطباء وأئمة ومشايخ.. إلخ، وهم أئمة ضلالة وعلماء سوء ومشيخة باطل، فلذلك كلما يريدون السبيل ذهبوا يمنة إلى شيطانهم، أو يسرة إلى شيطان آخر، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، ما يصيدون الصراط المستقيم، يستحيل.

متى يصيبون الصراط المستقيم؟ لا بد أمور؛ إذا تجردوا من الأهواء والبدع، وتابوا توبة نصوحة أمام الله وأمام الخلق، وقالوا: نحن أخطأنا ونحن على باطل، هكذا إذا فصلوهم من العمل ذهبوا إلى المسئول قالوا: نحن نتوب، اسمح لنا... إلخ، فالله سبحانه وتعالى أعظم من ذلك، فلماذا لا يتوبون؟ وينزلون في الجريدة نحن خلاص، كذلك في الدين الله سبحانه وتعالى، يتوبون إلى الله وأمام الله وأمام الخلق، وكما كتبوا في الباطل يكتبون في الحق أمام الناس، أمام الملأ، لكي يعرف أن هؤلاء فعلا تائبون متواضعون في دين الله سبحانه وتعالى، غير مكابرين، لكنهم ما يستطيعون، هذه التوبة ما يستطيعون عليها، فما يصيدون نهائيا الهدف، ولا يسيرون على صراط الله سبحانه وتعالى، هذا صراط الله سبحانه وتعالى صراط عظيم ما يسلكه إلا الذي أحبه الله سبحانه وتعالى، واختاره لدينه ولطاعته، وسيأتي -إن شاء الله- أقوال إبليس في الإغواء والضلالة وغير ذلك مما وعد الخلق.

وانظر إلى تفسير هذه الآيات ماذا يفعل إبليس،  وهو في الحقيقة ليس بشيء، الذين يقولون: هذا كله من إبليس، إبليس فعل فيه كذا، أنت بنفسك إبليس، أنت إبليس يراك يفر، فتقول من إبليس ومن الشيطان، فهؤلاء من أنفسهم مبتدعة شياطين، وهؤلاء يعتبرون مردة، كل مبتدع ضال هو شيطان مارد، ويدخل في هذه الآية كما سيأتي، سواء الذين ماتوا أو الموجودين، كلهم شياطين مردة، كربيع المدخلي هذا فيه شيطان مارد، هذا أخس المردة، لأن الناس يتفاضلون في الطاعة، ويتفاضلون في المعصية، وفي البدعة يتفاضلون، في الكفر يتفاضلون، في النفاق يتفاضلون، في التمرد يتفاضلون كذلك، وسيأتي شروح أهل العلم في الآيات.

فلذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص36): وتأويل الصفات هو الحقيقة التي انفرد الله تعالى بعلمها وهو الكيف المجهول. فالتأويل الذي جعله الله سبحانه وتعالى له هو تأويل كيفية الصفات، أما إثبات معنى الصفات وتفسير الصفات فهذا وارد أن لله يد يعني يد، الوجه هو وجه، كذلك الثمرة وإثبات المعنى هذا ثابت عند السلف، لكن الكيفية عند الله سبحانه وتعالى، فهي مجهولة لنا، وهذا التأويل الذي لا يعلمه إلا الله هو علم كيفية صفاته سبحانه وتعالى، كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وما يعلم تأويله إلا الله﴾ [آل عمران: 7].

فهذا الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى هو كيفية الصفة، ونحن لا نعلم كيفية الصفة، ولذلك ما يعرف عن الصفات وتفاسير الصفات إلا الراسخون في العلم، ﴿والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا﴾ [آل عمران: 7]، فيؤمنون بهذا ويفسرون ما بينه الله سبحانه وتعالى وبينه النبي صلى الله عليه وسلم التفسير الصحيح والتأويل الصحيح، فيجب التسليم بجميع ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبوله واتباع سنته كما قال تعالى: ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما﴾ [النساء: 65]، فيجب التسليم والقبول لآيات الله سبحانه وتعالى وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات.

ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في «التدمرية» (ص169): وهذا الدين هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا غيره. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في التدمرية ص169: فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته.

ولذلك يقول الشيخ صالح البليهي رحمه الله تعالى في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص168): يجب الاستسلام والتسليم لنصوص الكتاب والسنة.

فهذا هو الإسلام، أما هؤلاء المبتدعة غير مسلمين أصلا، لم يستسلموا لله ولا لرسوله صلى الله عليه وسلم، ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية أمر: فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فما تستسلم له ولرأس الحزب، أو لهذا المبتدع وهذا الزنديق وهذا الملحد، ويعبدون بزعمهم الله ويعبدون الأضرحة، ما يصح هذا، فيقول  شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن استسلم له أي لله- ولغيره كان مشركا، فانظر إلى الإخوانية، الإخوانية مشركون، كيف ذلك؟ استسلموا لله بزعمهم واستسلموا لحسن البنا، استسلموا لسيد قطب، للهضيبي، لرؤوس الضلالة، رؤوس حماس، رؤوس البنائية، رؤوس القطبية، رؤوس السرورية في البلدان الإسلامية، فيأخذون كلام الله وكلام هؤلاء، بل هؤلاء يردون أشياء كثيرة من القرآن والسنة ويأخذون لرؤوسهم، هؤلاء هم المشركون، ما يجوز أن تسمع كلام الله وتسمع كلام غيره وهو مخالف. فأي واحد يستسلم لله ولشخص فاعلم أنه مشرك، وإن صلى وصام وقال أنا مسلم، فافهم هذه الأمور المنهجية، كل هذا مذكور في القرآن والسنة.

وانظر كيف أحبار الإسلام العلماء يستنبطون لك من القرآن والسنة، فانظر ماذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، من يستنبط هذا الشيء الآن؟ الدكاترة هؤلاء جهله.

يقول:  ومن لم يستسلم له؛ يعني ما يستسلم لله، كان مستكبرا والعياذ بالله عن عبادته. فما أكثر الذين لا يستسلمون لله، ولا لعبادته، يصلون صلاة من عند أنفسهم، يصومون كذلك، يذكرون -بزعمهم- الله بأذكار من عند أنفسهم، وأشياء كثيرة يفعلونها، المسلمون يصومون اليوم هم يصومون غدا، كالرافضة وغيرهم المبتدعة، وكذلك غيرهم يصومون بعد غد، هؤلاء مستكبرين عن عبادة الله، معرضين، لم يستسلموا لله، الصوم يوم صوم الناس والفطر يوم فطر الناس، يعني المسلمين، أما لا، ناس يصومون غدا وناس بعد غد... وإلخ، وممكن ناس بعد أسبوع، هذا صيام؟ فلذلك هؤلاء من المستكبرين، فهؤلاء ما يفلحون نهائيا.

ولذلك الحكومات معهم حروب في جميع البلدان الإسلامية، وخاصة الداعشية، هؤلاء الداعشية وضعوا لهم أشياء كثيرة، فلا بد أن نعرف هذه الأمور، فلذلك يجب الاستسلام لنصوص الكتاب والسنة.

ولهذا كان السلف الصالح الأوائل يعدون التأويل مذهبا من مذاهب الجهمية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «درء التعارض» (ج2 ص95): وهم يثبتون الصفات يعني السلف- لا يقولون بتأويل الجهمية النفاة التي هي صرف النصوص عن مقتضاها ومدلولها ومعناها.

ولذلك يقول الإمام ابن القيم في «الكافية الشافية» (ص295):

كلا ولا التأويل والتبديل *** والتحريف للوحيين بالبهتان

هؤلاء مكشوفون، وهؤلاء أهل السنة والجماعة قديما وحديثا لهم بالمرصاد، كلما ألحدوا في القرآن ضربوهم بسهام وبشهب، وكما ترى مصارع القوم قديما وحديثا، وكلما حرفوا في السنة في الأصول والفروع ضربوهم أهل السنة، هم لهم بالمرصاد، حروب، الآن معارك حامية الوطيس في الصفات، فلذلك فلينتظر هؤلاء المبتدعة من الإباضية واضعين لهم قنوات ويحرفون في الصفات، ويحرفون في السنة، وأهل السنة لهم بالمرصاد حروب لا لها أول ولا آخر، فلذلك فليعلم المبتدعة أن أهل السنة لهم بالمرصاد، وإلا كيف في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿إن ربك لبالمرصاد﴾ [الفجر: 14]، هكذا يسلط عليهم أهل السنة، فتكون معارك والعاقبة للمتقين، والمعركة ليست ابتداء، بل المعركة في الخاتمة، والنصر في الخاتمة، فالله سبحانه وتعالى يعطيهم حروب مع أهل السنة ثم الله سبحانه وتعالى يقمعهم، ﴿قاتلهم الله أنى يؤفكون﴾ [المنافقون: 4].

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.                            


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan