الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (23) أحكام اللعن: لعن الذين يحرفون الكلم عن مواضعه (تفريغ)
2025-07-21

الجزء (23) أحكام اللعن: لعن الذين يحرفون الكلم عن مواضعه (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام اللعن.
ومن أحكام اللعن لعن الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، ويؤولون القرآن على غير مراد الله سبحانه وتعالى، ويحرفون السنة النبوية على غير مراد النبي صلى الله عليه وسلم، سواء في نصوص الأسماء والصفات، أو نصوص الجهاد، أو نصوص الإيمان، أو غير ذلك من النصوص، ويدخل في هذا اللعن اليهود الذين حرفوا كتبهم، وكذلك يدخل في اللعن النصارى والمجوس وغيرهم من الكفرة الذين بدلوا وغيروا في كتب الله سبحانه وتعالى، ولم يؤمنوا بما جاءت به الرسل، فحرفوا على أهوائهم ما يريدون، فلعنهم الله.
وكذلك يدخل الذين في الداخل من أهل البدع، كالفرقة العقلانية الذين يحرفون القرآن ويحرفون السنة، بل ويضعفون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لأنها تخالف عقولهم، كالقرضاوي وأشكاله، وكذلك يدخل في ذلك الجهمية والإباضية والأشعرية والمعتزلة والربيعية، الذين حرفوا في نصوص الصفات وبدلوا، فحرفوا القرآن وحرفوا السنة، كذلك بدلوا في مسائل الإيمان، وأتوا بالإرجاء، فحرفوا القرآن والسنة في ذلك، فكذلك يدخل الداعشية وتحريفهم للقرآن، فحرفوا آيات الجهاد على ما يهوون، سواء في القرآن أو في السنة، وحرفوا وبدلوا، وكذلك التبليغية وغيرهم ممن حرفوا آيات الدعوة في القرآن والسنة وبدلوا....وهكذا.
وكذلك تحريف الأزهرية للقرآن والسنة ونشرهم الحيل في الدين، وإفتائهم بالباطل، حرفوا وبدلوا في الأصول والفروع، والصوفية يدخلون في اللعن، وأي فرقة تحرف في القرآن والسنة فهي ملعونة في القرآن والسنة.
وإليك الدليل على ذلك: ﴿وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين﴾ [المائدة: 64]، هذه آية منهجية، كلها في المنهج، وهذا يدل على أن في القرآن كل شيء، في الأصول وفي الفروع وفي المنهج وفي الشريعة، أي شيء في تحركات الناس وسكنات الناس، كل شيء في حياتهم وفي برزخهم وفي آخرتهم، كل شيء موجود، وهذا القرآن أقام الحجة على الناس، ما في معذور، يقول: هذا معذور، وهذا جاهل، وهذا عامي، وهذا ما يدري، فلا، ولذلك عند ما كنا في مكة كنا نتكلم عن أمور كثيرة يجهل فيها الناس قلنا: هؤلاء ليسوا معذورين، كل الذين في البلدان، تعجب الناس من الحاضرين من الجزائر ومن بعض الأماكن والبلدان، قلنا: نعم، غير معذورين، لا الذين عندكم ولا الذين عندنا ولا الذين في المشرق والمغرب، قامت الحجة على الناس وانتهى الأمر، من يموت على كفر انتهى أمره، ومن يموت على بدعة انتهى أمره، وغير ذلك مما بيناه.
فلذلك هذه الآيات لو تشرح في المنهج خاصة في الأسماء والصفات تقع في مجلد بستمائة صفحة، والله سبحانه وتعالى يذكر بالإجمال والنبي صلى الله عليه وسلم يفسر القرآن، والصحابة يفسرون القرآن، وأهل الحديث يفسرون القرآن ويبينون ما تحت هذه الآيات من الأحكام.
فيقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية: يخبر الله سبحانه وتعالى عن اليهود –عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة- بأنهم وصفوا الله عز وجل تعالى عن قولهم علوا كبيرا بأنه بخيل، كما وصفوه بأنه فقير وهم أغنياء، وعبروا عن البخل بأن قالوا: يد الله مغلولة، فوصفوا الله سبحانه وتعالى بالبخل.
يعني: وصفوا الله سبحانه وتعالى بالنقص، وصفات الله سبحانه وتعالى ليس فيها نقص، صفات الله كلها كمال، ولذلك يد الله سبحانه وتعالى نثبتها صفة له سبحانه وتعالى وهذه اليد تليق بجلاله وكماله، لا تشبه يد المخلوقين، وهذه اليد عظيمة لا توصف بالنقص، بل يد الله سبحانه وتعالى ملأى وواسعة النفع وغير ذلك مما سوف يأتي.
ولذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿وقالت اليهود يد الله مغلولة﴾ [المائدة: 64]قال: «لا يعنون بذلك إلا يد الله موثوقة، ولكن يقولون: بخيل؛ يعني أمسك ما عنده –تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا-» أخرجه الطبري في «جامع البيان»؛ بإسناد صحيح، فهم يقصدون أن الله سبحانه وتعالى بخيل، والعياذ بالله، وهؤلاء اليهود وصفوا الله سبحانه وتعالى بأن صفاته فيها نقص وأنه بخيل سبحانه وتعالى، وهذا القول باطل بلا شك.
فهنا يبين الله سبحانه وتعالى عن اليهود، هذا أمر. الأمر الثاني: أن الله سبحانه وتعالى ما تركهم، قال: هؤلاء جهال وعوام، واتركوهم... وإلخ، فالله سبحانه وتعالى رد عليهم وبين باطلهم، وهكذا في الرد على المبتدعة الذين يصفون الله سبحانه وتعالى بالنقص أو نفي صفاته سبحانه وتعالى، أو غير ذلك مما بيناه كثيرا، فالله سبحانه وتعالى رد عليهم: ﴿غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا﴾ [المائدة: 64]؛ يعني ليس فقط رد، لا، بل الله سبحانه وتعالى حكم عليهم بالكفر بهذا اللعن، ولذلك الله سبحانه وتعالى أحيانا يطلق اللعن ويراد به اللعن والكفر، فبهذه الكلمة خرجوا عن الدين وكفروا، فلا يقال أن هؤلاء جهال وهؤلاء عوام، وهذا رد فيه على المرجئة، على ربيع وأتباعه، المرجئة الخامسة، وأن هؤلاء لو بزعمهم جاهل عامي يسب الله ويسب الرسول ويسب الدين أو يشرك أو يكفر، عندهم أنه ما يكفر حتى تقوم عليه الحجة بزعمهم، ليس فقط الحجة عندهم، بل لا بد أن يفهم الحجة، وليس كذلك عندهم بل لا بد أن تبين له هذه الحجة وتتضح، فالله سبحانه وتعالى ما قال هذا الكلام ولا يوجد في القرآن، ولم يقل به النبي صلى الله عليه وسلم في السنة، ولم يأت عن السلف الصالح في ذلك، بل الله سبحانه وتعالى لعنهم، وكفرهم بهذه الكلمة.
والأمر الثاني: أنهم أثبتوا اليد لله سبحانه وتعالى، والجهمية الذين يدعون الإسلام والإباضية والأشعرية والمعتزلة لم يثبتوا لله اليد، لا في هذه الآية ولا في غيرها، واليهود أثبتوا اليد، لكن وصفوا الله سبحانه وتعالى بالبخل –والعياذ بالله-، فلعنهم الله سبحانه وتعالى، فالذين يرمون الله سبحانه وتعالى بالنقص، أو يعطلون صفاته ولا يثبتون الأسماء والصفات في القرآن والسنة يدخلون في ذلك، فهؤلاء ملعونون من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وغيرهم.
والأمر الآخر: لا بد أن نثبت نقيض هذا الأمر، ليس فقط إذا أتى الناس من أهل البدع بالباطل نرد عليهم، بل نرد عليهم ونحكم عليهم على حسب قولهم وأفكارهم ومناهجهم، ومذاهبهم، إذا كفار كفار، وإذا مبتدعة فهم مبتدعة، وإذا مشركة مشركين... وهكذا، لأن الله سبحانه وتعالى بين وقال: ﴿غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا﴾ [المائدة: 64]؛ فبين الله سبحانه وتعالى أن هذا الكلام باطل وأن الأمر فيهم، وأنهم أهل البخل، وعرفوا بذلك.
كذلك الذي يرمي أهل السنة بالحشوية، نقول له: أنت الحشوي، يا الإباضي، يا الجهمي، يا المعتزلي، يا الأشعري، يأتي الربيعي ويرمي أهل السنة بالحدادية، نقول له: أنت الحدادي يا المجرم، وشيخكم هو صاحب محمود الحداد، ربيع يأخذ من الحداد والحداد يأخذ من ربيع فهم أصدقاء، فهذا إبليس، وهذا إبليس، فشيخكم هو الحدادي وأنتم الحدادية.
﴿غلت أيديهم﴾ [المائدة: 64]؛ رد الله سبحانه وتعالى عليهم، وأن أيديكم هي المغلولة البخيلة في الدنيا وفي الدين، ولم تسمعوا كلام الله سبحانه وتعالى، ولا كلام النبي صلى الله عليه وسلم، كما هو حال جميع الفرق الضالة.
الأمر الآخر: ﴿ولعنوا﴾ [المائدة: 64]؛ هذا ولا بد أن نقول للمبتدع: مبتدع، والملعون ملعون، والمشرك مشرك، والكافر كافر. يقولون لك: لا تبدع، ولا تفسق، ولا كذا، كيف ذلك؟ هذه أحكام موجودة في القرآن، لكن أنتم ما تفهمون، افهموا هذا الأمر، إذا لم تفهموا ولن تفهموا هذا الدين إلا بالدراسة على يد أهل الأثر وفقط، أما إذا تريدون على يد السحيمي المميع وربيع وعبيد وسلمان وسفر والعريفي وفلان وعلان فهؤلاء ما عندهم العلم الكافي، فلذلك بين الله سبحانه وتعالى أنه إذا أتى الشخص أو أتت جماعة بباطل أن نرد عليهم ونسند الأمر إليه.
ولذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» يذكر من هذا الأمر، ويأتي بالنصوص التي يستدل بها أهل البدع ثم يقلبها عليهم، ولذلك أهل السنة يرمون هؤلاء المبتدعة بالحشوية والمرجئة والخوارج، وتبين الآن للناس أن ربيع وأتباعه من الخوارج، وهم الذين يخوضون الآن في الثورات ويخرجون في بلدان المسلمين ويقتلون المسلمين ويخربون الديار بأمر من ربيع، ولذلك ربيع الآن تتجارى به الأهواء كما يتجارى الكلب إلى صاحبه، حتى أوصله الشيطان الآن ووسوس له في قلبه أنك أمير المؤمنين، فأنت الآن أمير المؤمنين، وأنت الذي تحكم أمة النبي صلى الله عليه وسلم، فضع لك أمراء هنا وهناك وأمر وانهى، ولذلك وضع له أمراء في ليبيا الآن يأمرهم، ويقول: أنا أمرت فلان وأمرت فلان، هكذا بصوته موجود كلامه، فوسوس له الشيطان، كذلك أمر أناس في العراق، الفرقة الربيعية هي بزعمها التي تحكم الآن العالم وهو في المدينة ليس له أمر ولا جيش ولا شعب ولا شيء، وسوس له الشيطان الآن فوضع له أمراء في العراق، في الكويت، في الخليج، وسوس له الشيطان، فهذا يدل على أنه خارجي، وبينت لكم أنه إخواني وتربى من صغره من الثانوي على يد الإخوان وأخذ من سيد قطب وأخذ من حسن البنا وأخذ من عمر الإخواني وغير ذلك من هؤلاء، وقرأ كتبهم، وأما في رده فهذه إلا أمور شخصية انفعالية، انفعل عليهم، وإلا في أفكاره وفي نفسه هذه التربية الإخوانية، ولذلك الآن يدعي البيعة، ولا بد أن يبايع، ولا بد أن يسمع له ويطاع، وأي واحد يخالفه نقض البيعة منه، سواء قال بذلك أو من أفعاله، وهذا السائد الآن في ربيع وأتباعه، ولهم كلام في هذه الأمور، ويذهبون كذلك للتنظيم السري في البلدان، وينظمون كطريقة الإخوان، وهذا يدل على أن هذه الفرقة فرقة إخوانية، عندها تنظيم وعندها تحزب، فلذلك اعرف هذا الأمر، وأمر ربيع وأتباعه انكشف عند الجميع في كل مكان، يختطفون ويقتلون.
فلذلك هؤلاء حرفوا القرآن، حرفوا أحاديث البيعة وأحاديث الجهاد، فهؤلاء ملعونون في القرآن والسنة، حرفوا القرآن وحرفوا السنة في مسائل الإيمان، في مسائل الأسماء والصفات، فلذلك لا بد أن تعرف حقيقة هؤلاء وهؤلاء، فهذا الأمر يبينه الله سبحانه وتعالى، ثم بعد ما نحكم على هذه الجماعة أو على هؤلاء الأفراد لا بد أن نبين محاسن أهل السنة وأن أهل السنة ما عندهم هكذا، أهل السنة عندهم كذا وكذا، وهذا فيه رد على المميعة وعلى الذين ليس عندهم الفهم الواسع في منهج أهل السنة والجماعة، يقول لك: أنت بين العلم وفقط، ما يحتاج الرد ولا التبيين ولا كذا، والناس يفهمون، هذا يدل على أنه ما يفهم شيء، ولذلك بين الله سبحانه وتعالى: ﴿بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء﴾ [المائدة: 64]، فبين الله سبحانه وتعالى أنه واسع الفضل، جزيل العطاء، الذي ما من شيء إلا عنده خزائنه سبحانه وتعالى، ولذلك ثبت في صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يمين الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار»، واسعة في النفع، فكيف هؤلاء اليهود يصفون الله سبحانه وتعالى بالبخل –والعياذ بالله-؟! فهذا يدل على شدة كفر هؤلاء، والذين يخوضون في صفات الله سبحانه وتعالى في القرآن يدلك على شدة كفر هؤلاء من الجهمية والمعتزلة والأشعرية والإباضية وغيرهم، وشدة كفر الخوارج الداعشية الذين يلعبون بالقرآن ويلعبون بالسنة، ويأتون بالباطل، ويقولون: هذه الآيات لنا وهذه الأحاديث لنا ويستدلون، ويحرفون الكلم عن مواضعه، فلذلك الله سبحانه وتعالى بين هذا الأمر جيدا.
ولذلك أي جماعة تبتدع بدعا أو أفراد يبتدعون لا تقل أن فيهم خير، نتعاون معهم، وعندهم دعوة، وعندهم أعمال خيرية، وعندهم علم، مادام هؤلاء كابروا وعاندوا وواصلوا على بدعهم، فإن هؤلاء تتجارى بهم الأهواء، فإذا بينت لهم القرآن ما يزدادون إلا بدعا ونفرة وضلالا، وإذا بينت لهم السنة تقول أناصحهم ما يزداد هؤلاء إلا ضلالا، والعياذ بالله. والله سبحانه وتعالى بين لليهود والنصارى والمجوس وغيرهم وبين لأهل البدع، والنبي صلى الله عليه وسلم بين لليهود والنصارى وهم تحت يديه صلى الله عليه وسلم، يأتونه، ماذا حصل؟ ما ازداد اليهود والنصارى إلا نفرة من النبي صلى الله عليه وسلم وكفر، فأي مناصحة يريدون؟ وهم يخرجون لكم الآن هنا وهناك في ندوات ومؤتمرات، وكلهم من أهل البدع، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، هذا إخواني وهذا تراثي وهذا أشعري وهذا سروري وهذا قطبي، يلتقون تحت طاولة واحدة، وقلوبهم شتى، ونفرة، ظلمات بعضها فوق بعض، فلذلك لا تغتر بهؤلاء، فالله سبحانه وتعالى كشف زيغ هؤلاء المبتدعة، ولذلك بين الله سبحانه وتعالى للناس فلا تنشغل بهؤلاء المبتدعة وما يسمون بالجماعات الحزبية، فهؤلاء لا يرجعون ولا يتوبون من ضلالهم.
ولذلك هذه الآية ذكرت لليهود، فليست لليهود فقط، بل يدخل في هذه الآية كل من اتصف بهذه الصفات ويحرف القرآن والسنة، فيدخل في هذا، أنه يحكم عليه بالبدعة، وبحسبه، ويلعن، ثم يبين له ما أنت عليه من الباطل، ويبين له منهج القرآن ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف، وأنت لست على منهج القرآن ولا منهج النبي صلى الله عليه وسلم ولا منهج السلف، وهذه محاسن القرآن ومحاسن السنة ومحاسن السلف الصالح. ثم بعد ذلك تبين للناس أن هذه الجماعة وهذه الجماعة ما تزداد في الدين إلا ضلال، ﴿وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا﴾ [المائدة: 64]، فاعلم أن هذه الجماعات الحزبية ما تزداد إلا طغيان، وضلال وكفر، وهذا ظاهر منهم. أعطني جماعة من الجماعات البدعية تابت ورجعت وحلت جماعتها؛ ما في لا قديما ولا حديثا، أعطني جماعة أعلنت توبتها وقالت: نحن على باطل، ثم تابت، ما في. وهذا يدل على أن أصدق الحديث كلام الله، وأن هؤلاء المبتدعة في الداخل والكفرة في الخارج ما ازدادوا إلا طغيانا وكفرا وضلالا وبدعة، فانظر في هذا الأمر.
ثم الأمر الآخر وهو أخطر الأمور عليهم أن الله سبحانه وتعالى يلقي بين الجماعة الواحدة البغضاء والعداوة، يتعادون، وينشقون، هم في شقاق، الجماعة تصير جماعات، فهذا ينشق ويأخذ له أتباع، وهذا ينشق ويأخذ له أتباع، وهذا ينشق ويأخذ له أتباع، ويتعادون. انظر إلى الربيعية كيف يتعادون وبغضاء فيما بينهم، بين السحيمي وبين بازمول وبين عبيد وبين ربيع، وغير هؤلاء، في الخليج، في الشام...، الله سبحانه وتعالى ألقى بينهم العداوة والبغضاء ولا بد، ولذلك بين أهل العلم أن الجماعة تكون جماعات والفرقة تكون فرق، انظر إلى الشيعة بدأت فرقة واحدة والآن فرق، والمعتزلة بدأت فرقة واحدة والآن فرق، الجهمية كانت فرقة واحدة والآن فرق، المرجئة كانت فرقة واحدة والآن فرق، الربيعية كانت فرقة واحدة والآن فرق، القطبية، السرورية، الإخوانية، هذه فرق، ويغشون العامة أنهم على يد واحدة، ووحدة وطنية، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
وكما ترى أهل الحديث قديما وحديثا جماعة واحدة لم تتفرق، وهذا يدلك على بطلان قول من يقول أن السلفية جماعات، والسلفية انشقوا، كالمميعة في الرياض يزعمون هذا الأمر، والسلفيون لم يفترقوا يوما من الأيام، يختلفون في أمور لكن لا يفترقون، فالسلفيون قديما وحديثا على منهج واحد وفرقة واحدة لم يختلفوا، وأكبر دليل على ذلك أنهم على منهج واحد في الأصول والفروع، ما افترقوا، والذي ينشق منهم هذا منافق أصلا وحزبي دخل معهم، شبه للقوم المميعة أن هؤلاء سلفيون وهؤلاء سلفيون، وهؤلاء غير سلفيين، لا أتباع ربيع ولا غيرهم، هؤلاء مبتدعة أصلا، يعتبرون من المندسين في السلفيين وعند أهل الحديث، وعند أهل السنة، فلذلك ظهرت ضلالات هؤلاء، وهذا يدل على أن هؤلاء ليسوا بسلفيين، مثل المنافقين الذين دخلوا في الإسلام ولا يريدون الإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يصلون مع النبي ويحجون ويجاهدون وهم منافقون، فهؤلاء كذلك، فهل يقولون هؤلاء أن هؤلاء المنافقون صحابة وهم منافقون؟ فنقول للميعة الذين يقولون أن السلفيين افترقوا: الصحابة افترقوا؟ هؤلاء منافقون وهؤلاء منافقون مبتدعة، ليسوا بسلفيين، السلفيون هم الذين ثبتوا على الكتاب وعلى السنة وعلى الآثار، ولم يبدلوا ولم يغيروا في الدين، سواء كانوا قلة أو كثرة، فالواحد هذا هو السلفي، وهم جماعة السلفيين، الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك، والمميعة في الحقيقة لا يعرفون في ديننا شيئا، وليسوا بسلفيين، فليحذر العبد من هذه الشبه.
ولذلك لا يخفى عليكم أن هذه العداوة والبغضاء في هذه الجماعات الحزبية إلى قيام الساعة، هم في عداوة، فالسحيمي لا يتباكى على الفرقة الربيعية أنهم افترقوا وانشقوا وتعادوا، هذا أمر كتبه الله في أهل البدع، هم في شقاق، فإذا يريد ألا يفترق فعليه بأهل السنة أينما كانوا في بلده فليذهب إليهم، ويقول: أتوب إلى الله من منهج ربيع وأفكار ربيع والربيعية، ما ينشق، ويؤسس له جماعة بدعية، فهو مبتدع الآن، انشق من ربيع وأسس له جماعة مميعة بدعية، لكنه إخواني ربيعي، فلينظر العبد في هذا.
والجماعات الحزبية –كما لا يخفى عليكم- في كل البلدان الإسلامية يوقدون حربا وفتن، فالله سبحانه وتعالى يطفئها، الإباضية يشعلون الفتن في الأمة والله يطفئها في وجوههم، الرافضية، الأشعرية، والإخوانية، السرورية، القطبية، يشعلون فتن، وكما ترون الله سبحانه وتعالى أطفأ هذه الفتن وأطفأ فتنا كثيرة وحفظ هذه الأمة، وهؤلاء في ذل –والعياذ بالله-، ﴿كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله﴾، لماذا؟ لأن هؤلاء يسعون بالفساد وينشرون الفساد، وهم يقولون إصلاح ووحدة وخير! ﴿ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين﴾ [المائدة: 64]، فهذه الجماعات الحزبية ينشرون الفساد في الأرض، والله سبحانه وتعالى ما يحبهم، ما يحب أهل الكفر في الخارج من اليهود والنصارى والمجوس والشيوعيين وغيرهم، ولا يحب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة والإباضية والإخوانية والتراثية والسرورية والقطبية، لأن هؤلاء مفسدون في الأرض، والله لا يحب المفسدين، وهم يدعون أن الله يحبهم، فالله سبحانه وتعالى ما يحبكم لأنكم مفسدون في الأرض، وإفسادكم عريض جدا، في الشام وفي الخليج وفي ليبيا وفي غير ذلك.
فهذه الآية من أقوى الأمور على أهل الكفر في الخارج وأهل البدع في الداخل، وأنهم من المفسدين في الأرض، فأي إصلاح من أهل الكفر في بلدان المسلمين؟ وأي إصلاح من أهل البدع في ديار المسلمين؟ وكله فساد عريض، فاعرف هذا الأمر، فالله سبحانه وتعالى وصفهم بالفساد، والله سبحانه وتعالى لا يحبهم، فالله سبحانه وتعالى لا يحب إلا المسلمين المؤمنين، فلذلك اعرف هذا؛ إذا أردت أن يحبك الله سبحانه وتعالى فعليك بمذهب أهل السنة والجماعة وإن رفضك الناس في كل مكان، فالله سبحانه وتعالى يحبك، هؤلاء يبغضوك والله يحبك، ماذا تريد؟ فعليك بمذهب أهل السنة والجماعة، فالله سبحانه وتعالى وصف هؤلاء بالفساد.
ولذلك نقول للسحيمي: أنت والربيعية من أهل الفساد، وتنشر الفساد أنت وهم، ماذا تريد؟ أي إصلاح تدعي؟ ما تستطيع يا إخواني يا متربي في المدينة على يد الإخوان، فلا بد أن تعرف هذا الأمر، وفساد ربيع وأتباعه هذا ظاهر الآن في العالم لك، فلماذا أنت ساكت عن هذا؟ فهذا يدل على خذلانك وإذلالك في وجه الأرض، فلذلك لا بد للناس أن يعرفوا هذا الأمر.
ولعلنا نكمل في المجلس القادم، هذه الآية شغل عدل في المنهج، ونتكلم عن قوله تعالى: ﴿يحرفون الكلم عن مواضعه﴾، وانظر إلى التحريفات الآن في القنوات والجرائد والصحف والمدارس والجامعات وفي البلدان، وغير ذلك، يحرفون القرآن ويحرفون السنة، ليا بألسنتهم، هؤلاء هكذا، ﴿وطعنا في الدين﴾ [النساء: 46]، يقولون: ما نطعن، ما دام هذا حرف القرآن وحرف السنة فاعلم أنه يطعن في الدين، حتى لو قال: لا، أنا ما أطعن في الدين، أنا كذا، أنا مجتهد وأنا أخطأت، ما عليك منه، كالقرضاوي وأشكاله، فاعلم أن هؤلاء يطعنون في الدين، ومرادهم الدين، بسبب ظلمة البدعة التي في قلوبهم يطعنون في الدين، حتى لو صلى هؤلاء وصاموا وحجوا وقالوا نحن دعاة ونحن نحب القرآن والسنة ونحب النبي صلى الله عليه وسلم وننصر النبي، هؤلاء هم الذين يطعنون في النبي صلى الله عليه وسلم، ما دام هؤلاء أصروا واستمروا على نشر أفكارهم البدعية، قلوبهم هذه معوجة عن القرآن والسنة والآثار، الآن يتجهون إلى الطعن في الدين، لأن الله سبحانه وتعالى قال عنهم: ﴿وطعنا في الدين﴾ [النساء: 46]، انتهى الأمر، ما دام الله سبحانه وتعالى يقول أنهم يطعنون في الدين أنت تقول ما يطعنون في الدين؟ فأنت معهم وتلحق بهم، فاعرف هذه الأمور، ولعل –إن شاء الله- يأتي شرحها في الدرس القادم، وهذه كذلك فيها لعن الذين يحرفون في الأسماء والصفات وفي الدين، وأنت ترى أن هؤلاء لم يوفقوا في شيء، لا في الأعمال الخيرية ولا في جمعياتهم، ولا ندواتهم، ولا في محاضراتهم، ولا خطبهم، ولا في دعوتهم، ولا منهجهم، ولا كتبهم فيها بركة، لماذا؟ لأن هؤلاء ملعنون، ما يوفقوا في شيء، خبط وخلط في الدين، ما في شيء صافي.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.