الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (17) أحكام اللعن: لعن السارق (تفريغ)
2025-07-21

الجزء (17) أحكام اللعن: لعن السارق (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام اللعن، ومن الملعونين في الشريعة المطهرة السارقين، وكذلك السرقة هذا من أكل أموال الناس بالباطل، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده» أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، والنسائي في «السنن»، وابن ماجه في «سننه»، وأحمد في «المسند»، وفي رواية أخرى عند مسلم في «صحيحه» يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن سرق حبلا وإن سرق بيضة»، فهذا الحديث يبين هذا الأمر، لعن الله السارق، يسرق البيضة ملعون، ما بالك بمن يسرق شدة بيض؟ ما بالك الذين يسرقون كراتين من البيض في الدول الإسلامية من أصحاب المناصب، من الأغنياء، من الفقراء، من الموظفين... إلخ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم قال: يسرق البيضة، ما بالك بالذين يسرقون المئات من الأموال؟ ما بالك بالذين يسرقون الألوف من الأموال؟ ما بالك بالذين يسرقون الملايين من الأموال؟ فماذا لهم من العقاب يوم القيامة؟ فلا تغتر بهؤلاء ولا فعل هؤلاء ولا ترك هؤلاء، فإن الله سبحانه وتعالى يحصيهم يوم القيامة ويحصي لهم في سجلاتهم السرقات الكبيرة والصغرى، حتى الدرهم يرونه في سجلهم.
وكذلك الدنانير وما شابه ذلك، وهناك أشياء نسوها هؤلاء، فالله سبحانه وتعالى يوم القيامة يأتي لهم بهذه السرقات الصغيرة والكبرى، فيتعجبون من هذا الأمر، وهذا الأمر نسوه، فلذلك النبي صلى الله عليه وسلم يبين خطر سرقة أموال الناس وأكل أموال الناس بالباطل، فإن الذي يأكل أموال الناس بالباطل ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وما بالك بالأب يسرق الابن، أو الابن يسرق الأب، أو الأخ يسرق الأخ؟ أو البنت تسرق الأم، أو الجيران يسرقون الجيران؟ فما بالك بالسرقات في الأسواق؟ في الطرقات، في البيوت، في المحلات؟ سرقات ما بعدها سرقات، كل هؤلاء ملعونون، وهذا يدل على أن هؤلاء الذين يسرقون الآن ولا يشعرون ولا يحسون أن هؤلاء جهال بشرع الله سبحانه وتعالى، وهم في غفلة عن هذا الوعيد الشديد، وغفلة عن عذاب الله سبحانه وتعالى، وغفلة عن نار جهنم، فهؤلاء في غفلة وما أكثرهم، فيقول: هذه عادي مائة دينار، مائة فلس، ويأخذها ويمشي، ما بالك بالذين يسرقون حصالات، فهذا يدل على أن هؤلاء السراق ما يشعرون، ما يحسون، فإذا مات بعد ذلك يعرف ماذا أخذ، الذي غل في دراهم دخل النار، فما بالك بالذين يسرقون الآن الألوف والملايين ومئات الملايين؟ فهؤلاء لهم عذاب شديد.
وبزعمهم مصلي ويسرق، وخطيب يسرق، يضع بشته في المسجد ولا يستحي، ويسرق أموال الناس أمامهم، هذه سرقة عجيبة، نحن نعلم أن السرقات خفية، الآن صارت السرقات علانية، يعلن الخطيب السارق ويضع بشت السارق ويسرق الأموال ويخرج من باب المنبر ولا أحد يدري أين ذهب بأموال الناس، والذين يسرقون عند الأبواب بحجة جمع التبرعات وما شابه ذلك، وهؤلاء الأعاجم في الجمع في المساجد يجمعون في كراتين ويسرقونها، انظر السرقات في المساجد، وهذا الإمام يضع له صندوق لا مرخص ولا شيء، ويقول: تبرعات للمسجد ويضعون الناس ولا يرون شيء تغير في المسجد، حتى المصابيح مطفأة، على الأقل بدل هذه المصابيح: محترقة، خلاص سرق الأموال وأكلها، نجد سرقات ما بعدها سرقات الآن، وانظر النبي صلى الله عليه وسلم قال: يسرق البيضة فتقطع يده، وهذه بيضة، فالآن السرقات تفنن فيها الناس على مسمع ومرأى وظاهر، والحزبية يذهبون إلى الأغنياء يقولون: أعطونا أموال، يعني يسرقون عينك عينك، في الطرقات يضعون صناديق، وانظر إليهم جالسين كالصبيان وغيره يعطون الأموال وسرقات ولا رقيب ولا حسيب، بلاوى، فتفنن أهل السرقات الآن، وسرقات بأنواع، لا لها أول ولا آخر، الطرق كثيرة ومتنوعة، رغم أن الشارع شدد في هذا الأمر، أن السارق تقطع يده.
(ويسرق الحبل فتقطع يده)؛ الحبل ما له قيمة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يضرب للناس مثل، أن العبد مهما يكون الشيء الذي يسرقه حتى الشيء الحقير لا تسرقه، لا تسرق حتى مائة فلس، لا تسرق أي شيء ولو يسير، لا تسرق شيء، يعني النبي صلى الله عليه وسلم يبين هذا الأمر للناس، وأن الأمر خطير جدا، فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يبين للناس أن لا تضع يدك حتى لو في شيء حقير، لماذا؟ لأن العبد إذا وضع يده في هذا الشيء بعد ذلك في دينار، في دينارين، في مائة، في مائتين، ألف، ملايين، وهذا أمر مشاهد ومعروف، ﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان﴾ [البقرة: 168]، فالأمر خطير جدا.
فليحذر هذا الأمر، وممكن ألا يقام عليه الحد، كما الآن، لكن هذا له وعيد شديد، وهذا يدل أن كثرة السرقات وسرقات متنوعة وظاهرة وبينة حتى في المساجد، يدل أن هؤلاء ما يشعرون ولا يحسون في قلوبهم، فلذلك على العبد إذا أراد أن يعالج هذا الأمر فعليه أن يحيي قلبه بالكتاب والسنة والخوف من الله سبحانه وتعالى، ويدعو الله سبحانه وتعالى أن ينجيه من الشيطان، وماذا يفعل فيه هذا الشيطان ويوسوس له، فلذلك لا بد على العبد أن يطهر قلبه، وإلا إذا ما اهتم بالإيمان وقوة الإيمان والكتاب والسنة فإن الشيطان يلعب في هذا الإنسان، ويجره إلى سرقات، إلى زنا، إلى بدع، إلى شرك، إلى كفر، لأن قلبه مريض، ﴿في قلوبهم مرض﴾ [البقرة: 10]، وكلما ابتعد العبد عن الدين ولم يهتم بتطهير قلبه من هذه الأمراض الفتاكة ففي الحقيقة يزداد هذا المرض في قلبه، حتى يؤذي الناس، ولا يهتم ولا يحس.
وانظر إلى اليهود والنصارى ماذا يفعلون في المسلمين، وانظر إلى أهل البدع ماذا يفعلون في المسلمين، ما في إحساس، ما في إيمان، هكذا، ﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا﴾ [البقرة: 10]، هذا الذي لا يهتم بتطهير قلبه من هذه الأمور، ولا يعالج فيزداد مرضه، والعجيب أن الناس مقبلين على المستشفيات والعلاجات بجميع أنواعها، يتعالجون بالأقراص والأدوية والإبر، ممكن أن يجلس في المستشفى أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو شهرين، ما يهتم بالذين في الخارج، يريد أن يعالج جسمه، ويذهبون إلى الخارج ويذهبون إلى الداخل لعلاج هذا الجسم، رغم أن هذا الجسم بدون علاج القلب ما منه فائدة، لأن الأمراض تنزل عليهم بما كسبت أيديهم، فلذلك هؤلاء يقبلون على علاج أجسامهم ولم يقبلوا على علاج قلوبهم، وهذا أحق بالعلاج، علاج القلب أحق بالعلاج من علاج الجسم، فعلاج القلب العلم وهذه الحلقات ما ترى من يقبل على هذه الحلقات كإقبالهم على المستشفيات؟ طوابير ما لها أول من آخر، ومواعيد، وممتلئة، حتى المريض يمرض يريد مكان وسرير ما يحصل، وهذا يدل على أن هؤلاء اهتموا بعلاج أمراض أجسامهم، وترى أكثر الناس معرضون عن طلب العلم، رغم أن طلب العلم علاج القلب، فهؤلاء صحوا أجسامهم وأمرضوا قلوبهم، ﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا﴾ [البقرة: 10]، فالأمر خطير جدا.
ولذلك ترى هؤلاء كلهم رجالا ونساء في البلدان حيارى، لأن القلوب مريضة، والأجسام صحيحة، ممكن فيها أمراض يسيرة لأنهم يتعالجون، لكنهم في حيرة وتيه وضياع ودمار وهلاك، لماذا؟ لأن هؤلاء اهتموا بعلاج أجسامهم، وتركوا علاج قلوبهم، وهذا القلب علاجه معنوي بعلم الكتاب والسنة والآثار ومجالسة أهل العلم والصالحين، وأن يكون العبد على منهج السلف لكي يطهر قلبه، بعد ذلك يستطيع هذا العبد أن يستقبل كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويأتي بعد ذلك الخوف من الله، وبعد ذلك يقلع عن السرقة، يقلع عن الزنا، يقلع من الكفر ويسلم، يقلع من الشرك ومن البدع، من الحقد، من الغل، يطهر قلبه من أمور كثيرة، وإلا كما ترون السرقات بمسمع ومرأى، حتى في المساجد، في المؤسسات، في الطرقات، في المحلات، في البيوت، في الأسواق، الجار يسرق جاره، والخطيب يسرق بالبشت، كل واحد خمسمائة فلس فقط ويفرش بشته، وهو يعلم أن الناس همج يضعون أكثر، ويخرج من باب المنبر ولا أحد يدري به، إذا هذا خطيبنا سارق ما بالك بالعوام؟ يزعم أن هذا من أصحاب الورع والخوف، مبتدع مريض القلب، أكيد يسرق، الآن أكثر السراق الذين يسرقون أموال الناس ويأكلونها بالباطل هم أهل البدع سواء في المساجد أو في غير ذلك، فالأمر خطير جدا.
هؤلاء مرضى القلوب لماذا وقعوا في هذا الأمر؟ وإلى الآن مستمرين، يستغلون كذلك الحوادث والحروب السياسية، أي مشكلة تقع في بلد أو منطقة رفعوا لهم الإعلانات: أغيثوا صرخة، صرخة في رأسكم، فقط للسرقات وأكل أموال الناس بالباطل، ولا يدري الناس، فلذلك كيف يعمدون إلى هذه الأمور بلا استحياء؟ لأن هؤلاء مرضى القلوب، رغم أن هؤلاء المبتدعة أي مرض يصيبه طار إلى المستشفى، أول واحد يعالج جسمه هناك، أو ابنه يصيبه شيء أو بنته طار به، لكنه ما يعالج قلبه من العقائد الفاسدة، والمناهج والأفكار الرديئة، فيبقى هذا مريض القلب وصحيح الجسم، لأنه عالج جسمه وترك قلبه، أما السلف رضي الله عنهم عالجوا قلوبهم أولا ثم أجسادهم، فعالجوا القلوب بالكتاب والسنة والآثار، وعالجوا أجسامهم بالطب المعروف، وأما أكثر الناس لا، يعالجون أبدانهم بالمستشفيات والطب الحديث والقديم وتركوا علاج قلوبهم، فالقلوب مريضة فيفعلون أشياء كثيرة وما يهتمون، لا الابن يهتم بأبيه ولا البنت تهتم بأمها، ولا الأب كذلك يهتم بأولاده، ولا الجيران يهتمون بالجيران، ولا الأخ مع أخيه، ولا المسلم مع المسلم... وهكذا هرج ومرج كما ترون، ولا أحد يثق في أحد. لماذا؟ لأن أكثر الناس مرضى القلوب، ولذلك ترى الصفوف الكثيرة في المستشفيات يتعالجون، وقلوبهم مريضة، وترى الشخص أوشك على الانتهاء من هذه الحياة الدنيا وأشرف على القبر ومع هذا تراه يسرق، هذا مريض القلب ومريض الجسم وسينتهي ومع هذا يسرق، أو يزني، يحقد، ويفعل أمور كثيرة، لماذا؟ لأن قلبه مريض، فلذلك لا بد من الاهتمام بعلاج القلوب، علاج القلوب ليس لها إلا العلم، ما في شيء ثاني، لو تضرب في الأرض يمنة ويسرة شرقا وغربا ما تجد هذا العلاج، إلا في طلب العلم، والاجتهاد فيه، فيطهر القلب شيئا فشيئا حتى يترك السرقات، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده».
فإذا النبي صلى الله عليه وسلم بين أدنى شيء وأحقر شيء وملعون عليه، فهذا فيه تحذير من السرقات الكبرى والصغرى، والأشياء الحقيرة لا تأخذها ولا تسرقها، إذا النبي صلى الله عليه وسلم بين الحبل وكم يساوي الحبل أن يلعن عليه الشخص وتقطع يده وهو شيء حقير؟ البيضة ما هي البيضة ومع هذا فيها وعيد شديد وهو اللعن وقطع اليد؟ الآن ممكن الشخص نقول له: سنقطع يدك يقول: أعطيكم الملايين وهو سرق دينار، يدفع ملايين وهو سرق دينار، فالأمر خطير جدا، فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يبين للناس أنه لا تمد يدك حتى على الأشياء الحقيرة، لأن هذه من أموال الناس وأنت لا ترضى أن يمد أحد يده إلى أموالك لا الصغرى والكبرى ولا الصغيرة ولا الحقيرة، فكيف أنت تسرق الأموال الكثيرة؟
وبينا أنه تفنن السراق في سرقة الأموال، سواء في الأسواق أو في البيوت أو في المؤسسات أو في أي مكان، فإن هؤلاء ملعونين على لسان النبي صلى الله عليه وسلم فالأمر خطير جدا، فليحذر العبد أن يأخذ شيئا ولا مائة فلس، والذي دخل النار غل في بضع دراهم ما تفعل شيء، فلذلك أنت لا تمد يدك لأن للأسف ضعاف النفوس يرون كثرة السرقات ولا أحد يقول شيء، فهذا يتجرأ، قلبه مريض ضعيف النفس وضعيف الإيمان، يقول: ما دام أنهم يأخذون سوف نأخذ، ويأخذ وبعد ذلك يكون له وعيد من الله سبحانه وتعالى، فكثر هؤلاء السراق بسبب أن ضعاف النفوس هؤلاء يرون هؤلاء فيفعلون مثلهم.
وكذلك الأموال محبوبة للنفوس، ما في أحد إلا ويحب المال، سواء كان غنيا أو فقيرا أو مسكينا أو كبيرا أو صغيرا، رجلا أو امرأة، ابنا أو بنتا، ما في أحد يقول : أنا لا أحب المال، فالكل يحب المال والمال كثير، وممكن أن يكون بين يديك، ولا في أحد يراك من الخلق فتتجرأ فتأخذ، مثل ما يحدث للصغار عند المؤسسات وغير ذلك؛ الأموال بيده وهو صغير وضعيف النفس ويحب الأموال فلذلك يأخذ ويتعلم بعد ذلك حتى يكبر ويصير من السراق، وفيه بلدان السرقات فيها حدث ولا حرج، لضعف البلد في العقاب والقوانين، فترى تمشي يسرقونك، وخاصة في الغرب، فلذلك العبد لا يرى هذا الأمر ويتجرأ، يرى كثرة السرقات وكثرة الأموال وأموال ممكن أن تكون بين يديه، فيمد يده، فالأمر خطير جدا، لأن السارق ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم بين للناس ألا يأخذوا بيضة، وألا يأخذوا حبلا، لشدة هذا الأمر، ولذلك في رواية مسلم: «إن سرق حبلا وإن سرق بيضة»، وهذا تحذير من الأشياء الكبيرة، وبينت لكم لا تغتر بأناس يسرقون الأموال الكثيرة فإن هؤلاء لهم وعيد في قبورهم ويوم القيامة، فلا تغتر بهؤلاء وتفعل، لأن هؤلاء يفعلون، حتى لو لم يكن عندك أموال اصبر على الفقر، إلى أن يغنيك الله سبحانه وتعالى ويرزقك الأجر والحسنات بصبرك، وأنت ترى هؤلاء الناس يسرقون ليلا ونهارا وأنت صابر مع قلة مالك، فالله سبحانه وتعالى سيمن عليك بالأموال والأجر، وكذلك في قبرك الله سبحانه وتعالى بصبرك ينور عليك قبرك، وينجيك الله سبحانه وتعالى من دخول نار جهنم –والعياذ بالله-، هؤلاء إذا دخلوا نار جهنم هذه الأموال التي عندهم والسرقات ذهبت وينسى ومتاعه بهذه الأموال ذهب، فالأمر خطير جدا، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يبين هذا الأمر: «لعن الله السارق يسرق البيضة.. يسرق الحبل»، قال: لعن الله السارق.
ولذلك إذا أراد العبد ألا يقدم على هذا الأمر لأن ما يسمونها سرقة الآن، بل يسمونها بأسماء أخرى، لكن كلها سرقات، هي في الأصل سرقة، فعلى هذا العبد أن يطلب العلم وأن يلتزم بدينه والكتاب والسنة ويتدرب على الورع، ويستمر، ويثبت، ويبتعد عن أهل البدع، لأن هؤلاء يعلمونه السرقة، خاصة أنهم يعطونك شيء ويقولون: اجمع أموال، خذ فقط، نصف الأموال في الجيب ونصفها تسلمهم للقوم، وكذلك الأمور الأخرى التي تحدث فأنت ابتعد عن أهل البدع؛ لأن هؤلاء يجرئونك على السرقات، كذلك أهل الفسق خاصة أصحاب المخدرات وغير ذلك، يجعلونك تتاجر وتأكل أموال الناس بالباطل، وفيها المضرات والخبث والخبائث، والجلوس مع هؤلاء الفسقة يدلونك على أشياء تفعلها، سنفعل كذا وكذا اسرق من أبيك، فيسرق، اسرق من أمك كذا، قل لأخيك كذا بالأكاذيب، يسرقون بالأكاذيب، ويلعبونبها هؤلاء الفسقة، فأهل البدع وأهل الفسق لا تجربهم في شيء، بل عليك بأهل الصلاح فهم يدلونك على الدين وعلى الخوف من الله والعلم، وتعرف كيف تمشي في حياتك، فتعرف أمر الله سبحانه وتعالى ونواهيه، فالأمر خطير جدا.
والنبي صلى الله عليه وسلم بين للصحابة الذين غل في بضعة دراهم، قال لهم: «هو في النار»، بهذا النبي صلى الله عليه وسلم علم الأمة ألا يتجرؤوا ويسرقون أشياء يسيرة، ويظنون أنها أشياء يسيرة، لأن كثير من الناس هكذا، يقال: هذه مائة فلس خذها، دينار خذه، فهذه مشكلة، فلذلك لا بد الانتباه لهذا الأمر، لا تأخذ من أهل البدع ولا من أهل الفسق شيئا، وبعد ذلك تكون ملعونا على دينار أو دينارين أو ثلاثة، وتدخل النار على ذلك –والعياذ بالله-، فأنت عليك بأهل الصلاح ومجالستهم، يعلمونك العلم ويبينون لك الأوامر والطاعات والعبادات، يبين لك المنهيات كي تجتنبها... وهكذا، أما الشخص يجلس هكذا في دنياه ولا يهتم بالعلم ولا يهتم بعلاج قلبه ولا فيه شيء من ذلك فهذا في الحقيقة يوشك أن يقع في السرقة وغيرها.
انظر الآن إلى شراب الخمر، شارب الخمر ملعون، انظر إلى الزناة، انظر إلى كذا، وما أكثرهم، كيف كثر هؤلاء؟ لأن هؤلاء ما عالجوا قلوبهم، والعجيب من شارب الخمر أنه يشرب الخمر وإذا أصابته حمى يذهب يتعالج، وبعد ذلك يشرب الخمر أم الخبائث، أم الأمراض في الجسم، فهذا كله جهل، لأن هذا يجالس شاربي الخمر، والذي يزني يجالس الزناة، والمبتدع يجلس مع المبتدعة، والكافر يجالس الكفرة، والشيوعي يجلس مع الشيوعيين، والمنافق يجلس مع المنافقين وهكذا، فكيف هؤلاء يعالجون قلوبهم؟ ﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا﴾ [البقرة: 10]، فأنت لا بد أن تجلس مع أهل الصلاح لكي تعالج قلبك من هذه الأمراض التي حرمها الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى ما يحرم شيء إلا فيه فائدة للناس، وما يأمرهم بشيء إلا وفيه خير للناس، سواء عرفوا الحكمة أو لا، أمرك الله بشيء لا تسأل عن الحكمة، إن عرفت فهذا طيب وإن لم تعرف خلاص، فاعلم أن الله سبحانه وتعالى أراد لك خيرا.
انظر ماذا بين الله سبحانه وتعالى في القرآن، وبين النبي صلى الله عليه وسلم مسألة الصفات، بين الله سبحانه وتعالى الصفات وبين معناها، لكنه ما بين لنا الكيفية، فذهب أناس يبحثون، كالممثلة وكالمعطلة، يقولون: إذا كان الأمر هكذا فلا بد فيه مشابهة بالمخلوق، إذا قلنا أن لله يد فلا بد من مشابهة المخلوق، انظر إلى المعطلة النفاة، ما يلزم من ذلك، الله سبحانه وتعالى بين لكم أمر فلا تبحثون فيه، هذه أمور غيبية، فضلوا ضلالا بعيدا. وانظر إلى الممثلة الذين يشبهون اليد كيد المخلوق تماما، يعني يد الخالق كيد المخلوق –والعياذ بالله-، هؤلاء ضلوا ضلالا بعيدا، فالمفروض أنه ما يبحث في أشياء لا يسأل عنها العبد، وكل ذلك خير للناس، وإذا حرم الله على الناس شيء فلا يقولون: لماذا؟ مثل التدخين بزعمهم يقولون: فقط مكروه، كيف ذلك وفيه مضرة؟ والنبي صلى الله عليه وسلم بعث ليحرم على الناس الخبائث، فلذلك هؤلاء وقعوا في ضلالات لا لها أول ولا آخر بسبب هذا الأمر يحكمون عقولهم في الدين، فضلوا، تتجارى بهم الأهواء.
ويبين ابن حجر في فتح الباري عن هذا الأمر وأن ما يضرب المثل في مثله بالشيء الذي لا وزن له ولا قيمة، لكي لا يقع الشخص في أمور كبرى، يعني إذا الشخص حرم عليه شيء حقير فمن باب أولى الشيء الكبير ألا يقع له فيه السرقة، ولكي لا يأتي شخص ويقول: هذه مائة فلس سآخذها، لا، النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه لا يجوز أخذ الصغير أو الكبير من أموال الناس، وإنما وجه الحديث وتأويله إلى ذم السرقة مطلقا، سواء كان الشيء صغير أو كبير، لا يجوز للشخص أن يأخذه، ولا قلم في عمل، ولا ممحاة في بيت ولا في مدرسة ولا أي شيء، لو رأينا كبارا يمرون على شجرة في البيت وخرجت في الخارج ولها ثمار، يأخذ اللوز ويمشي وهو ذاهب إلى المسجد، يغسلها في المسجد ويأكلها وبعد ذلك يصلي! وما يدري أن هذه سرقة ولا يعرف، من علمه؟ علمه الإخوان، ما علموهم شيء، ثمار موجودة خارج البيت والشجرة في الداخل يقولون: هذا في الخارج وصاحب البيت لن يقول شيء، أقول لهم: لا يجوز، يجب أن تستأذن صاحب البيت، إذا أذن يجوز وإذا ما أذن لك لا يجوز.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ضرب هذه الأشياء الصغيرة والتحريم فيها؛ لكي لا تكون بريد للأشياء الكبيرة، فإذا حرم النبي صلى الله عليه وسلم الأشياء الصغيرة فمن باب أولى تحريم الأشياء الكبيرة، والأشياء الكبيرة يسرقها الناس ولا يشعرون ولا يحسون أنه سرق، وهذه مصيبة، ولا يخرج لك في التواصل المرئي واحد مجرم إخواني يسرق أموال الناس بالتبرعات وبعد هذا يذم هذا ويذم ذاك بزعم أنه سرق، هذا ملعون، فكيف ينكر هذا على غيره أنه يسرق وهو يسرق، والإخوان والتراثية والقطبية والسرورية سرقات لا لها أول ولا آخر من أموال المسلمين تحت مسمى جمعياتهم.
وانظر كيف في كثير من البلدان يحاكمون هؤلاء لأنهم يسرقون أموال الناس بالباطل، وما زال ناس موجودة يسرقون إلى الآن، وكذلك ما يسمى بالتواصل المرئي والإنترنت وما شابه ذلك شركات وهمية وشخصيات وهمية، يبيعون ويشترون بزعمهم ويسرقون الأموال، والعجيب أن الناس يدفعون لهم، ولا يعرفونهم نهائيا، واستثمارات بزعمه ويسرق أموالهم، هذه مشكلة كبيرة الآن أن السرقات تنوعت، كانت السرقات خفية وما تسمع عنها إلا نادر من أربعين سنة أو من خمسين سنة، ما تسمع عنها شيء وخفية، لأن الناس كانوا يستحون أن يسرقوا هكذا في الظاهر، أو يعرفونهم، ولعل ما تسمع إلا واحد في الشهر أو السنة، كانوا يخافون، أما الآن لا، فالشارع شدد في هذا الأمر، لعن الله السارق، فالأمر خطير جدا، فليحذر العبد من ذلك.
والسرقة ما هي الاعتداء على أموال الناس والعبث بها، والأموال أحب الأشياء إلى النفوس فيتجرأ العبد ويأخذ أموال غيره ويأكلها بالباطل، انظر إلى القراء –بزعمهم- على الجن، والذين يعالجون بالأعشاب والسحر والشعوذة، كيف يأكلون أموال الناس بالباطل وهذه كلها سرقات، وهذه سرقات علنية، ينزل إعلانات في التواصل وغير ذلك ويعلن أني أنا أقرأ وعندي أعشاب يعني سرقات علنية، يسرقون أموال الناس، وهذا يقرأ بألف دينار وهذا يقرأ بخمسمائة دينار وهكذا، ولا يحصل العلاج، الشخص على هذه الخسائر ولا يحصل أي علاج، بل يشتد به الأمر، فليحذر الناس.
وشدد الإسلام بقطع يد السارق التي باشرت السرقة؛ لأن هذه اليد بمثابة عضو مريض يجب بتره ليسلم الجسم، ولذلك لا بد من إقامة الحدود على هؤلاء السراق لكي لا يتجرأ الناس على السرقة، يعني إقامة الحدود على أهل البدع بجميع أنواعهم، لأن هؤلاء يسرقون أموال الناس علانية، لكي لا يتجرأ الناس فيسرقون، فلذلك الأمر خطير جدا في هذا الأمر، لأنه تضيع أموال كثيرة إذا ما تقام الحدود على هؤلاء المبتدعة الحزبية، وهذا الأمر واضح لكم.
س: جوزة الطيب هل محرمة؟.
ج: أنا عرفتها، فهذه يستعملها الناس من القديم، وحديثا، وفيها نسبة من المخدر، لكن هذا ما يؤثر، مثل بعض المواد التي فيها نسبة من هذا ما تؤثر، فهذه هي توضع في الطعام كاملة هكذا، وتعطي رائحة للطعام وطعم وما يؤثر، لذلك الناس يستخدمون هذه الجوزة، ولا أحد يتخدر، ولا سمعنا أحد يتخدر، لأنها تطبخ، وإن كانت فيها نسبة من المخدر يذهب مع الطعام وما شابه ذلك، لكن لو طحنت وأكلت هكذا طازجة بدون طبخ ويتناول الشخص كثيرا منها ممكن تسكر، لكن ما سمعنا بهذا لأن الناس يستخدمون هذا الأمر من قديم وهو شيء مجرب، فلا يؤثر هذا الأمر.
إذا كان شيء قليل ما يؤثر، كثرته ممكن تؤثر، ما وجدنا أناس يقولون: نكثر من هذا وأصابنا شيء من المخدر، لكن ما نسمع قديما وحديثا ونستعمله، والناس كذلك في الطعام، ما وجدنا شيئا من السكر أو المخدر، لأن هذا نبات، يعني لو فيه شيء لبينه الله سبحانه وتعالى للناس، كذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وكما قيل عن هذا الأمر، وهذه الأطعمة والأشربة لا بد لها من دليل للتحريم، أو مثلا تندرج تحت قاعدة، وهذا الأمر مجرب للناس، ولم يجدوا شيئا من أنه يتخدر الشخص أو العائلة أو الناس، ما سمعنا بهذا.
س: هل يجوز أخذ المال على الحجامة؟.
ج: الأصل أن كسب الحجام خبيث، وأخذ أهل العلم بذلك أنه يكره، فالأصل في ذلك أن المسلم يبتعد عن هذه الوظيفة، أن يتخذ هذا المسلم وظيفة له مثل العيادة أو المحل أو المكان ويحجم الناس، فكسبه خبيث، لأن الأصل في ذلك أن هذا المسلم يأخذ له وظائف محترمة، وهي كثيرة، فيترك كل هذه الوظائف الطيبة ويذهب يحجم الناس، فهذا ما ينبغي له، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين هذا الأمر إذا اتخذ العبد هذا وظيفة واتخذ له مكان ومشغول مع الناس في تحجيم الناس فهذا كسبه خبيث، لكنه إذا كان أحيانا يأتيه الشخص في البيت أو يتصل به ويطلب منه الحجامة ولم يجعل ذلك وظيفة لكن فقط لينفع أخاه المسلم فهذا لا بأس، وممكن هذا الشخص يعطيه أموال بدون طلب وبدون تحديد، فلا بأس أن يأخذ هذا المال ولا يكون كسبه هذا خبيث؛ لأن الكسب الخبيث هو وضع وظيفة وتحديد مبلغ، مثلا يحجم بعشرة دينار ونحو ذلك، فهذا كسبه خبيث، أما أحيانا ولا يطلب شيئا وهذا يعطيه وهذا يعطيه وهو يأخذ هذا ما عليه شيء.
س: هل ورد في السنة القراءة على الماء وشربه، والزيت والعسل؟.
ج: هذا كله من بدع أهل الشعوذة وأهل التحزب، وليس له أصل، وإن كان بعض أهل العلم يفتي بهذا، لكن عندنا الأصل والميزان عند الاختلاف النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قرأ ولم يقرأ على الماء ولا العسل ولا الزيت، قرأ على المريض مباشرة كما لا يخفى عليكم، وهذا هو الأصل قراءة القرآن مباشرة، ما حاجة أن تقرأ في الماء ثم يشربه، تقرأ مباشرة وانتهى الأمر، ولو فيه شيء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، ولو فيه شيء لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولنقل الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لم يوجد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة هذا الأمر، وأهل الشعوذة كذلك استحدثوا أشياء أخرى غير القراءة على الزيوت، يعني الآن يقرؤون على العسل وعلى الأعشاب ويرفعون السعر، وهكذا كل واحد يقول: ارتفع سعر الشيء ويرفع السعر، فهذه من الأمور البدعية التي لم تثبت لا في الكتاب ولا في السنة، ما في شيء خير إلا بينه النبي صلى الله عليه وسلم للناس، وما في شر إلا بينه النبي صلى الله عليه وسلم للناس، فعلى الناس الاتباع.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.