الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (16) أحكام اللعن: هضم المرأة لحق زوجها في الفراش فتلعنها الملائكة (تفريغ)
2025-07-21

الجزء (16) أحكام اللعن: هضم المرأة لحق زوجها في الفراش فتلعنها الملائكة (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
وما زلنا نبين أحكام اللعن.
عندنا في الدرس هضم المرأة لحق زوجها في الفراش، والمراد إعراضها عن الجماع، وفي ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا الرجل زوجته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح» أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه»، والنسائي في «السنن»، وأحمد في «المسند»، والطبراني في «المعجم الكبير».
إذا دعا الرجل امرأته يعني زوجته إلى فراشه، والفراش كناية عن الجماع، فهذا الحديث يبين الوعيد الشديد للزوجة التي تمتنع عن زوجها، وتمتنع عن حقه في الفراش، والمقصد أن تمتنع عن الجماع، فإذا بات هذا الزوج غضبان فالملائكة تلعنها إلى الصباح، هذا إذا لم ترض بذلك، ولم تأت ولم ترجع عن هذا الأمر، فالملائكة تلعنها إلى الصباح.
وهذا الحديث وإن كان ظاهره اختصاص اللعن بما إذا وقع منها ذلك ليلا، لقوله: (حتى تصبح)، لكنه هذا عام سواء امتنعت في الليل أو النهار، فاللعن يصيبها، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم وخص ليلا لأنه قال: (فأبت فبات)، وهذا يكون ليلا لأن هذه الأمور تقع في الغالب ليلا، وعلى الأغلب، لكن كذلك لو امتنعت نهارا فالملائكة تلعنها حتى تصبح.
فأبت أي امتنعت، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فبات غضبان عليها) فلا بد من الغضب، فإذا غضب الزوج من هذا الأمر وأراد حاجته هذه وبات غضبان فالملائكة تلعنها، لكن أحيانا ممكن الزوج أن يطلب زوجته لهذا الأمر فتأبى ذلك وتمتنع لكن عنده الأمر عادي فلا يغضب ولا يحزن فيتركها هكذا ويدل هذا على رضاه بهذا الأمر، لأن الذي يطلب هذه الحاجة وتمتنع الزوجة ففي الغالب الرجال يغضبون ويحزنون، فهذه المرأة تلعنها الملائكة، لكن أحيانا تمتنع المرأة فلا يغضب الزوج ولا يحزن، ويعرض عنها فهذه المرأة لا تلعنها الملائكة ولا يقع عليها اللعن، وهذا الأمر يعتبر عنده عذرا لها، فيعذرها، وهذا نادر، وأما إذا هذه المرأة تركت هذا الأمر وامتنعت وغضب الزوج فهنا يدل على أنه غير عاذر لهذه المرأة فالملائكة تلعنها حتى الصباح.
والدليل الثاني: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع» أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، وأحمد في «المسند»، والدارمي في «المسند»، وفي رواية: «حتى تصبح»، فكذلك هذا الحديث يدل على هذا اللعن؛ أن المرأة إذا هجرت وهذه الرواية تبين الأمر الذي ذكرناه وتفسر الرواية التي سلفت: إذا باتت المرأة مهاجرة يعني بالكلية بعد أن طلبها فهجرت الفراش، وأحيانا يطول هذا الهجر، ففي ذلك تلعنها الملائكة، حتى ترجع يعني: حتى تتوب إلى الله تعالى؛ لأن هذا الأمر أمر الله سبحانه وتعالى في القرآن وأمر النبي صلى الله عليه وسلم في السنة، فهذه المرأة التي تهجر زوجها في الفراش هي امتنعت في الأصل عن أمر الله سبحانه وتعالى وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك زوجها هذا له حق في هذا الأمر، ومع هذا تمتنع عن هذا الأمر، أمر الله سبحانه وتعالى وأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأمر زوجها؛ فلذلك تلعنها الملائكة حتى ترجع، وفي الرواية الأولى: (حتى تصبح)، والرواية الثانية: (حتى ترجع)، يعني ممكن يتم لها يوم ويومين وثلاثة إلى أن تتوب، فممكن هذا اللعن من الملائكة يأخذ أيام وساعات، ويكون الأمر خطير على هذه الزوجة التي تمتنع عن الفراش.
فلذلك هذه المرأة بدأت بالهجر، والهجر محرم، وتكلمنا كثيرا عن هجران المسلم، مثلا لجيرانه أو لصديقه...، هذا الهجر محرم، ما بالك بالمرأة تهجر زوجها؟ فهذا الأمر أشد إثما وفيه وعيد شديد وهو اللعن، واللعن هو الطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى، والأصل في هذا اجتماع الزوج مع زوجته والزوجة مع زوجها، وفيهم أمور كثيرة من المحبة والألفة، فهذه الأمور مطلوبة بين الزوجين، فكيف هذه المرأة تبدأ بهذا الأمر وهو الهجر؟ فهذه المرأة خالفت الله سبحانه وتعالى وخالفت النبي صلى الله عليه وسلم، وردت النصوص في هذا الأمر، وامتنعت من حق زوجها، فيكون هذا الأمر أخطر عليها، ورد النصوص من أخطر الأمور، كيف وصل أهل البدع إلى ما هم عليه تتجارى بهم الأهواء؟ هذا الأمر لأنهم يردون النصوص في توحيد الألوهية وفي توحيد الأسماء والصفات وغير ذلك، فضلوا ضلالا بعيدا، فرد النصوص من أخطر الأمور، فهذه المرأة ردت نصوص الآيات ونصوص السنة والأحاديث، فهذا الهجر هو الذي جلب الغضب من الزوج، فلما بدأت الهجر غضب عليها، ولذلك بسبب هذا الغضب لعنتها الملائكة.
وفي رواية الأولى: (حتى تصبح) أي إلى الصباح تلعنها، والرواية الثانية: (حتى ترجع).
وهناك نساء قاصرات جدا في هذه الأمور من ناحية الجهل بالعلم الجهل بالقرآن والسنة، والجهل بالدين، ولا تعرف حقوق الزوج، ولا تعرف كذلك حقوقها أصلا، فيفعلن أشياء كثيرة تخالف الكتاب والسنة، يخالفن الأزواج، فيقعن في أمور كثيرة من المحرمات والمعاصي والآثام تجري عليهن بسبب جهل المرأة، فلذلك لا بد على المرأة أن تتعلم حقوق الزوج لا مجرد الزواج؛ لأن الآن أكثر الناس يتزوجون لا المرأة تعرف حقها ولا حق زوجها ولا الزوج يعرف حقها ولا حقوقه، وليس لهم علم بأحكام النكاح وأحكام المعاشرة وأحكام الطلاق، فيجب على الذي يريد الزواج أن يتفقه أحكام الزواج، ويعرف حقه وحقوق زوجته، وكذلك المرأة يجب عليها أن تتعلم أحكام النكاح وأحكام العشرة لكي تعرف حقها وحقوق زوجها.
ولذلك هذه المرأة الآن تهجر زوجها لأنها ما تعرف الحقوق أصلا، ما تعرف أحكام النكاح وأحكام العشرة، فيكن منها هذا الأمر وهذا الجهل، ولا تدري أن الملائكة تلعنها، ولا تدري بهذه الأحاديث التي ذكرناها، وهذا يدل على أن أكثر النسوة هجرن العلم والأحكام، فلا يعرفن من حقوق الزوج إلا الطبخ، لأن الخادمة تقوم بهذا الشيء، وهي الآن مشرفة البيت، فلذلك ما يعرفن شيئا من الحقوق ولا الأحكام ولا شيء، وكذلك الرجال للأسف ما يعرفون الأحكام، فلذلك ما يأمر زوجته أن تتعلم، بل يأمرها أن تتعلم عمل البيتزا والطبخ، كذ تعلمي وتعلمي كله أكل وشرب، فلذلك تحدث مثل هذه الأمور، ما في أحد من الأزواج –إلا من رحم الله- يفكر أن يكلم زوجته لتطلب العلم حتى لو في هذا الأمر، في الحقوق، في أحكام النكاح وأحكام العشرة، أو مثلا يأتي بها إلى الدروس، أو يأخذها ويذهب بها إلى الدروس وهكذا، لكي تتعلم، ما في، فلذلك أكثر الرجال ما يعرفون حقوقهم ولا النساء كذلك.
فهذا الأمر مهم جدا، لا بد على الرجال أن يتعلموا العلم الشرعي، ويجب على النساء أن يتعلمن العلم الشرعي، والله سبحانه وتعالى فرض على العباد العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم فرض على العباد العلم، فلا بد من معرفة هذه الأحكام، والعلم –ولله الحمد- متيسر وموجود، لكن الإعراض من الرجال والنساء فيقع مثل هذا الأمر.
وهذا الوعيد الشديد الذي جاء حكمه من الشارع لأمور في لعن الزوجة.
الأمر الأول: لماذا لعنت هذه الزوجة؟
أولا: هذه الزوجة خالفت أمر الله سبحانه وتعالى، في مسألة العشرة بالمعروف مع الزوج.
الأمر الثاني: أنها خالفت أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فليس هو مجرد هجران الفراش فقط، بل هذه الأمور يترتب عليها أمور أخرى، فالأمر الأول أن هذه المرأة أعرضت عن أمر الله سبحانه وتعالى، والأمر الثاني أنها أعرضت عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة العشرة.
كذلك الزواج فيه ما فيه من الاجتماع والألفة والمحبة، وغير ذلك بين الزوجين، فهذه بهجرها لزوجها في هذا الموطن تفرق بين الأهل وبينها وبين زوجها، وبينها وبين أولادها، لأنه لا بد أن تقع بعض الأمور من الزوج من المشاجرة، وممكن هو يبادر بهجرها، وممكن يترك البيت... إلخ، فيحدث افتراق في العائلة وفي البيت، وممكن أن يصل الأمر إلى الطلاق، ويصل إلى تشتيت هذه العائلة وهي عائلة طيبة ومتماسكة، فهذه المرأة تسبب هذا الافتراق بهذا الأمر.
الأمر الرابع: تنفيذها للهجران الممنوع، وهذا الهجران يسبب المشاكل بين العوائل، فهي ليست عائلة أو أسرة واحدة، عوائل كثيرة وأسر كثيرة متزوجة، ومثل هذه المرأة تفعل المرأة الأخرى والأخرى وهكذا، وبيوت كثر في هذا الأمر، حتى المرأة تراها في هذا الأمر إذا طلبت تهجر البيت، فكذلك هذا الهجران يسبب المشاكل بين الأسر وبين العوائل، فيجب على المرأة أن تنتبه لهذا الأمر، وعليها أن ترجع ولا تفعل هذا الفعل وتتوب إلى الله لكي تطبق أمر الله وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتجمع هذه الأسرة، وتجتمع مع زوجها ومع أولادها. كذلك بتوبتها ورجوعها إلى زوجها في هذا الأمر وفي غير ذلك هي تجمع زوجها وتجمع أولادها وتجمع أسرتها، وهذه الأمور كلها مطلوبة من الاجتماع والألفة والمحبة، والشارع ما أمر بهذه الأمور إلا للاجتماع والألفة بين الأسر، لأن الألفة والمحبة تجلب الاجتماع وإقامة هذه الحياة بين الأسر، وتستمر هذه الأسر، ولا يحصل طلاق ولا خلع، ولا تحصل مشاكل ولا مشاجرات، فالشارع يأمر بهذه الأمور لأمر مهم جدا، فلا بد على الناس مع أهاليهم وأولادهم أن يصبروا عليهم، مهما يحصل، والتنازل لا بد منه لكي تستمر هذه الأسرة، ولكي تجتمع هذه الأسرة ولا يصيبها شيء من الافتراق ومن الطلاق وما شابه ذلك، فلا بد على الناس أن ينتبهوا، وخاصة المرأة، لأن المرأة سريعة التقلب، فمن أقل شيء تحصل منها أمور وخاصة في هذا الزمان، فعلى الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر.
فهذه المرأة لعنت بسبب ما ذكرنا، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع»، وفي رواية: «حتى تصبح»، وهذا يدل على أن الهجران يشتت الأسر ويشتت حياة الناس والبيوت، فليس الأمر بالسهل، فلا بد على المرأة أن تنتبه لهذا الأمر، ليس مجرد هجران زوج، بل هذا الهجران ترتب عليه أمور كثيرة، فلا بد على المرأة أن تنتبه لهذا الأمر.
وهذا الحديث يدل على أن منع الحقوق في الأبدان أو في الأموال مما يوجب سخط الله سبحانه وتعالى على هذه المرأة، فالمسألة تتطور، وليس المسألة فقط هجران الزوج في الفراش أو الامتناع، لا، الأمور المقصود أنه تحدث أمور أخرى ومشاكل ومشاجرات، وتريد أن تنظر اذهب إلى المحاكم وانظر الخلافات بين الأزواج، مشاكل لا لها أول ولا آخر، وهذا بسبب ماذا؟ إعراض الرجال عن العلم الشرعي، فلا يعرفون حقوقهم، ولا يعرفون حقوق الزوجات، فالرجال كل واحد راكب رأسه ويفعل ما يشاء ولا يدري بزوجة ولا يدري بشيء، فتحدث أمور كثيرة من الخلافيلت، فلا بد على الرجال أن يتعلموا العلم الشرعي ويعرفون أحكام النكاح ويعرفون حقوقهم، فيطلبون حقوقهم الشرعية لكن لجهل هؤلاء الرجال إلا من رحم الله منهم ممكن يطلبون من المرأة أمور ليست من حقوقهم، بل أمور محرمة ومعاصي، فتحدث هذه الأمور خلافيات، ممكن الزوجة تتحمل سنة أو سنتين أو ثلاث أو أربع، ثم بعد ذلك تنفجر وتجمع الزوج في المحكمة، وينفذون فيه بعد ذلك، فلا بد على الرجال أن يتعلموا العلم الشرعي علم الكتاب والسنة، ولا يركبوا رؤوسهم ويعرضوا عن العلم ويصروا على الجهل، فلذلك اجمع هؤلاء الرجال واسألهم عن أشياء يسيرة من أحكام النكاح ما يعرفون، ما يعرفون إلا الدرهم والدينار، يحسبونه ليل ونهار، ويخططون للاستثمار، أي استثمار؟ ما تعرف دينك، ما ترى الذيخاض في هذه التجارات إلا انكسر، تراكمت عليه الديون فإذا هو معروض أمام المحكمة حضوريا، وينفذون فيه، فهؤلاء ما يعرفون منافعهم في الحياة الدنيا وما الذي ينفعهم، فتحدث هذه المشاكل بين الزوج وزوجته.
كذلك النسوة ما يعرفون شيئا من العلوم الشرعية في أحكام النكاح، وأحكام الإسلام، وحقوق المرأة على زوجها، ما تعرف شيئا، الزوجة أمرها وهي تعرض وتهجر ما تعرف هذا الوعيد لها، فما تنفذ أوامر زوجها، فتحدث هذه الافتراقات وهذه الطلاقات –كما لا يخفى عليكم-، مشاكل كثيرة بين الأزواج بسبب ذلك، فهذه المرأة إذا امتنعت عن فراش زوجها –والمراد الجماع- لعنتها الملائكة إلى أن تصبح، إلى أن تتوب.
وعدد كثير من النسوة يعرضن عن الأزواج في هذا الأمر، وهذا الأمر إذا كان من غير عذر عندها ولا فيها أي شيء، ولا تعتذر لأمر آخر، فهذه إذا أبت عن فراش زوجها لعنتها الملائكة إلى أن تصبح، لكن إذا كان عندها عذر في هذا الأمر وأعرضت فالملائكة لا تلعنها لأنها معذورة، وعلى الزوج أن يعذرها، فمثلا: دخل عليها البيت وهو لا يعلم وهي مريضة، وطلبها وهي مريضة أو على تعب، فما تستطيع أن تتحمل، وما شابه ذلك من الأمور، مثلا طلبتها أمها المريضة، أو شيء من ذلك، فلذلك قالت له: بعد ذلك، والمسألة هكذا، عليه أن يعذرها، ويصبر عن هذا الأمر إلى أن يتيسر له، فإذا كانت معذورة فعلى الزوج أن يعذرها، وإذا كانت معذورة –حتى لو غضب- فالملائكة لا تلعنها وليس عليها شيء من الله سبحانه وتعالى وفي الشرع، فعلى الناس أن يصبروا عند أعذار الزوجات، وهناك أعذار كثيرة للزوجات إذا طلبها الأزواج، فعلى الأزواج أن يعذروا نساءهم في هذا الأمر ولا يغضبوا، ولا يسبب مشاكل، بل يصبر، لأن الألفة والمحبة بين الزوجين مطلوبة، وتقليل هذه المشاكل والمشاجرات بين الزوج والزوجة هذا من الأمور المطلوبة، وعلى الرجال ألا يغضبوا في كل لحظة وفي كل دقيقة وفي كل يوم وما شابه ذلك، فبني آدم هذا يغضب ويعصب، لكن أحيانا، فعلى الرجال ألا يغضبوا في هذا الأمر وفي غيره، لتستمر هذه الحياة وتستمر الأسرة بدون تفكك وبدون تشتت، لأن الذين تشتتوا في هذه العوائل لم يحصلوا على خيرا؛ لأن من الممكن أن يصبر الزوج على زوجته إذا غضب، كذلك المرأة تصبر على زوجها إذا غضب، لكن كذلك على النسوة ألا يغضبن دائما، ويرفعن الأصوات على الرجال، فعلينا كذلك بالصبر، والزوج يعذر زوجته، والزوجة تعذر زوجها، وهكذا، لكي تستمر هذه الحياة بين الأزواج وبين العوائل والأسر، وإلا الأسر التي تشتت ما حصل لها أي خير، إلا التعب، تعب هذا الزوج وتعب الزوجة وكذلك الأولاد.
وفي الحقيقة أحيانا تفترق العوائل بمشاكل يسيرة وأمور يسيرة، لكن إما ترى الزوج يسمع كلام أبيه أو أمه على زوجته، أو الزوجة تسمع كلام أباها أو أمها أو ما شابه ذلك، فهناك أناس يحركون الزوج أو يحركون الزوجة، فتحدث هذه الأمور، فعلى الزوج أن ينتبه لهذا الأمر، ولا يأخذ كلاما حتى من أبيه أو أمه، كذلك الزوجة لا يحركها أناس من الخارج كالأب أو الأم أو غيرهم، فلا تسمع لهذا الكلام، فزوجها أولى وكذلك هذا الزوج زوجته أولى، وعندهم أولاد وبيت وأسرة قائمة لسنوات طويلة، وبعد ذلك يفترقون على أشياء تافهة في الحقيقة، فعلى الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر.
يعني هذه الأمور في الأسر والبيوت تحدث، حدثت في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثت في بيوت الصحابة، في بيوت كثير من المسلمين، لكن لم يفترقوا، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم عندما كسرت عائشة رضي الله عنها الإناء النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل لها شيئا ولا ضربها ولا رفع صوته عليها، وإنما قال: غارت أمكم، هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم عن النساء، والنبي صلى الله عليه وسلم علم الأمة هذا الأمر وهذه المعاملة الطيبة مع المرأة إذا حدث شيء من ذلك عندها، أو عند النسوة أو الزوجات.
ولذلك لا يقول الزوج للزوجة: الملائكة تلعنك إلا إذا فهم هذا الأمر، لأن ممكن يكون الأمر منه، امتنعت من سوالفه التي يفعلها مع الخدم، مع النسوة خارج البيت، وهذه أمور تحصل في الحقيقة، يحدث بعض الرجال أشياء ولا استحياء ولا ورع وخيانات ما بعدها خيانات، والزوج يأتي بخادمة ثم يتزوجها، ماذا تفعل هذه المرأة؟ صارت مشكلة عليها كبيرة، وهذا أمر حقيقي وحاصل، هذه كلها أسئلة تأتينا في هذا الأمر، ماذا تفعل هذه المرأة في هذا الرجل الآن؟ فعلى العبد ألا يحدث مشاكل ثم بعد ذلك يقول لها: الملائكة تلعنك، فالمرأة تنفر هنا، وهذا الذي يحصل بسبب قلة العلم، وعدم معرفة أحكام النكاح وأحكام العشرة مع النسوة، ولذلك يقولون: لماذا هذه المشاكل؟ ولماذا كثرة المشاكل؟ ولماذا ترتفع نسب الطلاق؟ هذا بما كسبت أيدي الناس، فلذلك على الناس أن ينتبهوا.
فهذا الأمر بينه النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بشروط تلعن، أما إذا هذا الزوج يفعل أفاعيل وأشياء وتمتنع منه بسبب ذنوبه وسيئاته فهذه المرأة ما تدخل في اللعن، ما تدخل إلا بشروط، والشروط لا بد على الرجل أن يضبطها لكي ينضبط مع الشرع في بيته، بعد ذلك إذا امتنعت المرأة لعنتها الملائكة، أما ما يعرف الزوج هذه الأمور ويقع منه أشد من المرأة فهذه لو هجرته لها هجران هذا الزوج، وبينا أنه يجوز للزوجة أن تهجر زوجها لأمور، أو الزوج كذلك يجوز له أن يهجر زوجته لأمر تحت الشارع على الكتاب والسنة، فالهجران يكون أحيانا مطلوب.
يقول النووي في «المنهاج» (ج10 ص 18): هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه من غير عذر شرعي، وليس الحيض بعذر في الامتناع، لأن له حقا في الاستمتاع فوق الإزار، ومعنى الحديث أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية بطلوع الفجر والاستغناء عنها أو بتوبتها ورجوعها إلى الفراش. فهذا إذا امتنعت من غير عذر كما بين النووي.
أما إذا امتنعت بعذر فلا تلعنها الملائكة، وعلى الزوج أن يعذرها، فليست بمشكلة، ولذلك على الرجال أن يعرفوا هذا الأمر، فإذا أراد الشخص أن يتزوج قبل أن يتزوج يجلس ويسأل عن دينه، يسأل عن أحكام النكاح ويسأل عن حقوقه وحقوق زوجته، ويبين له هذا الأمر، كذلك المرأة إذا أرادت أن تتزوج لا بد أن تتعلم أحكام النكاح وتسأل عن المعاشرة وعن حقوقها، حتى تستمر الحياة الزوجية، ولا يجوز لها أن تمتنع حال الحيض؛ لأنه ممكن أن يستمتع بها فوق الإزار، واللعنة هذه تستمر عليها، وفيها وعيد شديد، إلى طلوع الفجر، أو بتوبتها ورجوعها إلى الفراش، فالله سبحانه وتعالى بعد ذلك يعفو عنها، ويرفع عنها اللعن لأنها تابت، أما إذا استمرت على هجر الفراش تلعنها الملائكة.
وهذا ما عندنا في أحكام اللعن، وهذا هضم المرأة لحق زوجها.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.