الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (66) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تتمة تخريج حديث حذيفة في باب الآنية
2025-07-01

الجزء (66) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تتمة تخريج حديث حذيفة في باب الآنية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تخريج حديث حذيفة، وهنا في طرق: ورواه أبو سعيد الأشج عن يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، قال: أخبرنا أبي، الذي هو عبد الملك، عن الحكم.
وطريق الحكم تكلمنا عن كثيرا، هذا بعد منها: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كنت مع حذيفة، فذكر الحديث.
يعني بشهود الحادثة هنا، وبينا من قبل أن شهود الحادثة لم يحضرها ابن أبي ليلى، فالحديث كما بينا كثيرا مرسل، والصحيح أنه لم يشهد الحادثة، هكذا بشهود الحادثة من ابن أبي ليلى ولا يصح، أخرجه ابن خزيمة في «الفوائد» وغيره، وقد سبق تخريج هذا الطريق.
ورواه الوليد بن شجاع أبو بدر، قال: حدثنا عبد الملك بن أبي غنية عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كنت مع حذيفة بن اليمان بالمدائن فذكر الحديث، أخرجه قاضي المارستان في مشيخته، وإسناده منكر، فيه أبو بدر شجاع بن الوليد الكوفي، له أوهام وهذه منها، فإنه جعل عبد الرحمن بن أبي ليلى شهد الواقعة، وهو لم يشهد.
ورواية الجماعة رووا الإسناد بالعنعنة، يعني عن ابن أبي ليلى عن حذيفة بن اليمان، وسبقت هذه الرواية.
وشجاع الكوفي هذا قال عنه أبو حاتم: هو شيخ ليس بالمتين، لا يحتج بحديثه، يعني ليس بالحافظ، فله أوهام.
وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر، و«تقريب التهذيب» له، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم.
ورواه أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن أبي عبد الملك بن عبد الملك بن أبي غنية، قال: حدثنا أبي عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تشربوا في الذهب ولا في الفضة»، الحديث.
هكذا رواه بالعنعنة، والعنعنة حفظ الرواة ذلك، والإمام أحمد ما شاء الله جبل في الحفظ، لذلك رواه الإمام أحمد بالعنعنة، خلاف شجاع وغيره من الرواة الذين ذكروا شهود الحادثة.
هكذا رواه بالعنعنة، فاضطرب فيه الرواة، ومنهم يحيى بن عبد الملك، فمرة يرويه بشهود الواقعة، ومرة يرويه بدونها وبالعنعنة.
ورواه داوود بن يزيد عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة، هكذا مرسلا، ولم يذكر في الإسناد حذيفة بن اليمان.
فهنا ابن أبي ليلى أرسل الحديث وهو من التابعين، ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى.
رغم أن حذيفة ذكر نهي النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا مرسل، وهذا يدل على اضطراب الحديث، وأن الرواة لم يضبطوا هذا الحديث، وهذا الحديث المرسل أخرجه البزار في المسند، وإسناده منكر في داوود بن يزيد الأودي، وهو ضعيف الحديث لا يحتج به، فوهم في هذا الحديث فأرسله.
والأودي هذا قال عنه أحمد: ضعيف الحديث.
وقال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء.
وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يتكلمون فيه.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، يعني عند أهل الحديث.
وضعفه يبين: الحديث موصول عن حذيفة، وهو أرسله إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر، و«الضعفاء» للعقيلي، و«تهذيب الكمال» للمزي، و«المجروحين من المحدثين» لابن حبان، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي.
ورواه محمد بن عبيد الله العرزمي عن الحكم عن أبي وائل عن حذيفة، وعبد الله بن مسعود مرفوعا، أخرجه الدار قطني في «الأفراد»، وإسناده واه، فيه العرزمي هذا، وهو متروك الحديث كما بين ذلك الحافظ ابن حجر في «تقريب التهذيب».
فجعل الآن الحديث عن أبي وائل بدلا من ابن أبي ليلى، وزاد في الإسناد ابن مسعود مع حذيفة، فهو حديث منكر بهذا الإسناد.
ولذلك ضعفه الدار قطني بقوله: قال الدارقطني: هذا حديث غريب، وقال ذلك لتفرد محمد بن عبيد الله هذا بهذا الحديث.
والحديث معروف عن ابن أبي ليلى عن حذيفة، ليس عن أبي وائل، لذلك لا دخل لأبي وائل في هذا الحديث، والرواة كلهم ضبطوا الحديث على أنه من رواية ابن أبي ليلى عن حذيفة.
فأي طريق يأتي عن غير ابن أبي ليلى فهو إسناد منكر، وإن كان رواية ابن أبي ليلى ضعيفة أصلا لا تصح، كما بينا لأنها مرسلة أصلا.
لكن المحفوظ هكذا: المحفوظ من رواية ابن أبي ليلى عن حذيفة.
أما هنا الآن عن أبي وائل عن حذيفة، ولا دخل في الإسناد، فهو أدخل، أبو وائل أدخل في الإسناد وليس هو من حديثه أصلا، أبو وائل معروف إمام، ثقة ثبت، لكن الرواة يخطئون، وبينا هذا.
وكذلك رواية الحكم هي تكون عن ابن أبي ليلى عن حذيفة، ما تكون عن غيره كما عندكم في الكتاب.
إذا كما قال الحافظ الدارقطني: هذا حديث غريب، فلا يصح.
ورواه محمد بن طلحة عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة»، أخرجه البزار في «المسند»، والمحاملي في «المحامليات»، والخطيب في «تاريخ بغداد»، وأبو نعيم في «حلية الأولياء».
وهذا بعد يكون هذا الإسناد ليس بصحيح، لأنه لا دخل في هذا الحديث لأبي وائل.
ثم ذكر القول فقط ولم يذكر القصة، الحديث مشهور بالقصة قصة حذيفة بن اليمان مع المجوسي، هذا الحديث لا يصح، وإسناده منكر: فيه محمد بن طلحة بن مصرف الكوفي، وهو ضعيف، وله أوهام، وهذه منها.
فمحمد بن طلحة الكوفي وهم في هذا الحديث، فذكره عن أبي وائل، وهو عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة، لأنه يحدث بالمناكير، فلا دخل لأبي وائل في هذا الحديث، بل هو من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى.
ولذلك قال الحافظ أبو نعيم: غريب من حديث الأعمش، فهو ليس من حديث الأعمش، وليس من حديث أبي وائل.
لكن علة هذا الإسناد هو محمد بن طلحة هذا الكوفي، وله مناكير، وانظر تهذيب التهذيب لابن حجر، ومحمد بن طلحة هذا قال عنه ابن معين: ضعيف.
وقال النسائي: ليس بقوي، وقال ابن سعد: كانت له أحاديث منكرة، وهذه منها، الأحاديث المنكرة هذه منها.
وقال أبو داود: يخطئ، فأخطأ في الحديث عندما رواه عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة.
هكذا يخطئون رواة الأحاديث، ولذلك قال الحافظ ابن حبان في الثقات: كان يخطئ في الأحاديث، فالذين يخطئون في الروايات هكذا ترى الحديث محفوظ عن ابن أبي ليلى عن حذيفة، فيأتون عن أبي وائل عن حذيفة أو عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة، فلا يصح هذا الإسناد.
وترى هؤلاء الذين يخرجون الأحاديث والمخطوطات والأجزاء الحديثية وغيرها يرون هذا الإسناد كله ثقات وصحيح، فيقول: إسناده صحيح، وهو أصلا غير محفوظ، الرواة أخطئوا في ذلك.
فصححوا أحاديث كثيرة في الأصول والفروع منكرة، وهم يتعبدون بها، والناس يتعبدون بها من الرهبان، ولذلك أمثال هؤلاء الله سبحانه وتعالى توعدهم، لماذا؟ لأنهم يخوضون في دين الله بغير علم، بدون علم.
الآن العوام يخوضون في الدين بجهل بسيط، وهؤلاء أهل البدع وأهل التقليد وغيرهم يخوضون في الدين بجهل مركب، وأضلوا أنفسهم وأضلوا خلقا كثيرا.
لذلك هؤلاء إذا ذكرت مثلا آيات نار جهنم فيذهبون بعيدا أن هذه للكفار لليهود للنصارى للمجوس ولكذا، ما يأتون أن هذه لأهل البدع، أهل البدع هم أولى بهذه النار يوم القيامة، أضلوا أنفسهم وأضلوا أمة النبي صلى الله عليه وسلم، ما ضلوا بعد الكفار، أضلوا أمة النبي صلى الله عليه وسلم، أضلوا أمة الدعوة، لكن ما يستطيعون على أمة الإجابة، الله حافظها في هذه الدهور وكر العصور، فالله حافظها، ما يستطيعون عليها.
ولذلك هؤلاء السرورية والإخوانية والصوفية والجهمية والأشاعرة وغيرهم يحاربون أهل التوحيد، ولذلك هؤلاء أولى أهل البدع بنار جهنم، لماذا؟ لأنه كما بين شيخنا الشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوزان ومن قبلهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم: أن هؤلاء المبتدعة هم المنافقون، فهم في الدرك الأسفل من النار، والكفار واليهود والنصارى فوقهم.
لماذا؟ اليهود والنصارى وغيرهم ما يستطيعون يضلون أمة النبي صلى الله عليه وسلم بسهولة إلا من طريق الكفرة، إلا من طريق أهل البدع، فيدخلون من طريقهم بلدان المسلمين يأخذونهم ويتعاونون مع أهل البدع.
والنبي صلى الله عليه وسلم عينهم: «سوف تفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة»، هذا نص صحيح صريح أن هؤلاء أهل البدع في النار، والذين قال عنهم الشيخ ابن باز وبعض أهل العلم منهم العاصي ومنهم المبتدع بدعة غير مكفرة هؤلاء أفراد، وهؤلاء تحت المشيئة، وهم قله.
لكن الكلام على أهل البدع، النبي صلى الله عليه وسلم تكلم على أهل البدع كجماعات وليس كأفراد في هذا الحديث، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم تكلم كذلك على أفراد من أهل البدع.
لكن غالب الأحاديث كل أهل البدع هؤلاء في النار، ويظنون الصوفية وغيرهم وغيرهم أنهم ما يدخلون النار، وأن النبي صلى الله عليه وسلم سيشفع لهم، كيف سيشفع لكم وأنتم تعبدون القبور؟ وأضللتم العوام والهوام بهذه الشركيات والبدع وتضعون لكم قبورا ليست هي قبور الأنبياء أصلا ولا أحد يعلم أين قبور الأنبياء، لماذا؟
الله أخفاها عن الناس، حكمة منه، لا يعلم إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذا الله حفظه من الشرك ومن عبادة القبر، كما ترون في بلد الحرمين، ما أحد يستطيع يعبد النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك خرج مثلا صوفية في اليمن قالوا: هذا قبر هود، وهم كاذبون، ويعبدونه، والله أعلم يمكن فيه حمار، فلذلك اعرفوا الله هذه الأمور.
والله سبحانه وتعالى توعد لأهل البدع قبل أهل الكفر في الخارج، توعد لأهل البدع في الداخل قبل أهل الكفر في الخارج، كثيرا منها هذا الحديث الآن يدخلون النار، هم أهل البدع فمن هم؟ أهل الحديث أهل الأثر ما يصير، أهل الإسلام لا.
أهل البدع الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء في النار، ليس فيه إلا هم، ولذلك الله سبحانه وتعالى بين: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس} [الأعراف: 179]، انظر هذا الوعيد الشديد، ذرأنا: خلقنا، لجهنم كثيرا من الجن والإنس، هل فقط من اليهود والنصارى والمجوس فقط يدخلون؟ لا، بل هؤلاء المبتدعة.
وهنا يدل على أن الله سبحانه وتعالى خلق كثيرا من الجن والإنس يدخلون النار، الآية ليست هكذا، هذه اللام لجهنم اللام للعاقبة، لأنك لو نظرت إلى ظاهر النص الآية كأن الله خلق الجن والإنس هكذا، ما فيهم شيء يدخلون النار، لا، هذه اللام هنا للعاقبة: عاقبة أهل الكفر في الخارج وأهل البدع في الداخل نار جهنم.
يعني يوم القيامة لجهنم: اللام هنا تسمى للعاقبة، ولذلك كما قال الله سبحانه وتعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون} [النحل: 25].
الآن ليحملوا: يحملون الآن ذنوب هؤلاء الناس؟ لا، بل يحملون الذنوب يوم القيامة، يعني العاقبة، عاقبة هؤلاء دعاة الضلالة دعاة نار جهنم أنهم يحملون أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم بغير علم يوم القيامة.
اللام هنا ليحملوا: اللام هنا للعاقبة، عاقبتهم هكذا، فلا تغتر بهؤلاء وتقلبهم في البلاد والمناصب وكذا أهل البدع، ما عليك منهم، عاقبتهم نار جهنم، وسوف يحملون ذنوبهم وذنوب هؤلاء الرهبان الذين أضلوهم بغير علم.
فمن أين لكم أيها المبتدعة العلم، الله سبحانه وتعالى يقول: {بغير علم} [النحل: 25]، فأين ذلك؟
ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول: {إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} [فاطر: 6]، انظر، ليكونوا، هل يكونون الآن؟ حزب إبليس يكون الآن في جهنم؟ لا، متى؟ في العاقبة، عاقبتهم في نار جهنم، {إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} [فاطر: 6]، فهكذا.
فهؤلاء المبتدعة حزب إبليس بجميع أنواعهم يدخلون الجنة، وأنهم إذا حاربوا الناس وكذا شهداء وكان؟ لا شهداء ولا شيء، هذه عاقبتهم هكذا.
ليكونوا: هذه اللام للعاقبة تسمى كذلك، فما يكون في الدنيا.
فهذا الطريق ليس بصحيح أصلا.
ورواه أبو قتيبة قال: أخبرنا شعبة عن الأعمش عن أبي وائل أن حذيفة استسقى، هذا بحضور الواقعة.
وأخرجه البزار في «المسند»، وابن حبان في «صحيحه»، الآن أبو وائل يذكر عن حذيفة، وإسناده منكر، فيه أبو قتيبة سلم، سلم بن قتيبة الخرساني.
ولذلك سمى أبو قتيبة لأن أبوه قتيبة، والناس دائما هكذا، وهو كثير الأوهام، وهذه منها.
ما دخل أبو وائل في هذا الحديث؟ يروي الحديث عن حذيفة.
لا يحتج به، وقد تفرد به، وهذا الإسناد ضعفه الحافظ البزار في «المسند»، وأبو قتيبة هذا قال عنه أبو حاتم: كثير الوهم، وهذه منها، يهم، فأدخل أبا وائل في الحديث وهو حديث ابن أبي ليلى.
وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر، و«الضعفاء» للعقيلي.
لذلك ذكره الحافظ يحيى بن سعيد القطان أنه: لا يضبط الحديث، يعني إذا روى الأحاديث لا يضبطها، فيشذ ويتفرد، يذكر لك مثلا الحديث عن حذيفة، هو يأتي به مثلا عن ابن مسعود، الحديث عن ابن عمر معروف ومشهور، يأتي به عن ابن عمرو، هكذا يهم.
ورواه علي بن عابس، قال: أخبرنا الأعمش ومسلم الملائي عن أبي وائل عن حذيفة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير، إلى آخر الحديث.
أخرجه البزار في «المسند»، وإسناده منكر، فيه علي بن عابس الأسدي، وهو ضعيف، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في «تقريب التهذيب».
هذا الآن أخر الكلام في رواية الحكم رواية شعبة فيه شيء يسير، لعل الدرس القادم ننهي التخريج كاملا إن شاء الله.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.