القائمة الرئيسة
الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (63) الشرح الكبير على بلوغ المرام: طريقة مسلم لإعلال حديث ابن أبي ليلى عن حذيفة في باب الآنية

2025-07-01

صورة 1
الجزء (63) الشرح الكبير على بلوغ المرام: طريقة مسلم لإعلال حديث ابن أبي ليلى عن حذيفة في باب الآنية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

تكلمنا في الدرس الذي سلف عن تخريج حديث حذيفة من طريق عبد الله بن عكيم، ويقال ابن حكيم، والأول أشهر.

وخرجنا طريق ابن عكيم جملة وتفصيلا، وبينا ذلك، وبينا طريق الإمام مسلم في صحيحه، وخرجنا ذلك جملة وتفصيلا، لأننا بينا أن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما ورد من طريقين: طريق عبد الله بن عكيم.

والطريق الثاني: طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد اختلف عليه في شهود الواقعة التي وقعت لحذيفة بن اليمان.

وبينا أن الطريق الصحيح طريق ابن عكيم، وأن طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه غلط ومعلول، أعله الإمام مسلم وخرجنا هذا الحديث جملة وتفصيلا، وسيأتي في تخريج حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عند جميع الرواة.

وقلنا لكم: سوف نبين لكم كيف الإمام مسلم يعل الأحاديث في صحيحه، منها هذا الحديث: حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة، كيف أعل هذا الحديث؟ وكذلك أعله الإمام البخاري، وأن الإمام البخاري لم يروي عن عبد الله بن عكيم، لأن حديث حذيفة عنده ضعيف.

لكن الصحيح بيناه، وأن الحديث يصح فقط من طريق ابن عكيم عن حذيفة.

فنبين لكم كيف الإمام مسلم أعل حديث حذيفة وأثبت حديث ابن عكيم عن حذيفة، وأعل حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري.

قال الإمام مسلم في «صحيحه»: حدثنا سعيد بن عمرو بن سهل بن إسحاق بن محمد بن الأشعث بن قيس، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، سمعته يذكره، عن أبي فروة، أنه سمع عبد الله بن عكيم، قال: كنا مع حذيفة بالمدائن، فاستسقى حذيفة، فجاءه دهقان بشراب في إناء من فضة فرماه به، إلى آخر الحديث، وهذا الحديث قرأناه، لا حاجة إلى إعادته.

ثم قال الإمام مسلم: وحدثناه ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن أبي فروة الجهني، قال: سمعت عبد الله بن عكيم، يقول: كنا عند حذيفة بالمدائن، فذكر نحوه، ولم يذكر في الحديث يوم القيامة.

فيتبين أن يوم القيامة يعلها الإمام مسلم، وهي زيادة شاذة بقوله: ويذكر في الحديث يوم القيامة، لماذا؟

بينت لكم في الدرس الذي سلف لأنه يكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وهو لكم في الآخرة»، والآخرة هي يوم القيامة، فلا حاجة أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: هو لكم في الآخرة يوم القيامة، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالألفاظ وبيوم القيامة.

لذلك في آخر الحديث كما بينت لكم: هو لكم في الآخرة يوم القيامة، يوم القيامة شاذة، هذه اللفظة يعلها الإمام مسلم.

ثم يقول الإمام مسلم: وحدثني عبد الجبار بن العلاء، حدثنا سفيان، حدثنا ابن أبي نجيح، أولا عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن حذيفة، ثم حدثنا يزيد بن أبي زياد، سمعه من ابن أبي ليلى، عن حذيفة، هذا الطريق الثاني عن ابن أبي ليلى، ثم حدثنا أبو فروة، قال: سمعت ابن عكيم، فظننت أن ابن أبي ليلى إنما سمعه من ابن عكيم، قال: كنا مع حذيفة بالمدائن، فذكر نحوه، ولم يقل: يوم القيامة.

يعني يوم القيامة هذه زيادة شاذة لا تصح، هذا الإمام مسلم يعل هذه اللفظة بالإشارات، ويسوق الألفاظ مع ذكر الزيادات الشاذة.

الآن في هذا الطريق الإمام مسلم يعل رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، كيف ذلك؟ قال: عن يزيد عن ابن ليلى عن حذيفة، وبيأتي الكلام في طرق في صحيح البخاري وفي غيره يذكر: شهدت حذيفة، وكنا مع حذيفة، وخرجنا مع حذيفة، هذا كله أبو ليلى يقول ذلك.

لكن في الحقيقة أن الحديث مرسل: يرويه عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا عن حذيفة، ولم يحضر هذه الواقعة، لكن ابن عكيم حضرها، وهي الصحيحة كما بينت لكم من قبل في الدروس التي سلفت.

وكذلك طريق ابن أبي نجيح قال: عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن حذيفة، ما قال: شهدت، ولا قال خرجنا، ولم يقل: كنا مع حذيفة، عن حذيفة.

يعني روى الحديث بالعنعنة، والإمام مسلم ذكر عنعنة ابن أبي ليلى عن حذيفة ليعل هذا الحديث وأن الحديث مرسل.

كيف ذلك؟ لأنه لم يقل كما قال الآخرون أن الحديث كنا مع حذيفة، وخرجنا مع حذيفة، فهو الصحيح عن حذيفة بالعنعنة، والعنعنة بتأتي رواية أن حذيفة، وهذا يدل على أن الحديث مرسل، ويعله الإمام مسلم بالإرسال بذكره رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن حذيفة.

فيبين أن ابن أبي ليلى لم يسمع من حذيفة، ولذلك بعض أهل الحديث ذكر أن ابن ليلى سمع من ابن أبي ليلى، لكن الصحيح أنه لم يسمع، لماذا؟ لأنه اغتروا برواية الإمام البخاري له، لكن الإمام البخاري يبين أمرا والإمام مسلم هنا يبين أمرا، وهو الإرسال، ولم يتفطن بعض أهل العلم لإعلال الإمام مسلم للأحاديث في «صحيحه».

والإمام مسلم وعد في «مقدمة صحيحه» أنه يأتي إلى أحاديث في أبوابها ويعلها، وهذا الباب واضح أن الإمام مسلم يعل رواية ابن أبي ليلى عن حذيفة.

ثم ماذا قال؟ قال: وحدثنا أبو فروة، قال: سمعت ابن عكيم.

هذه الرواية الصحيحة، هو يعل رواية الآن ابن أبي ليلى، في هذه الرواية: سمعت ابن عكيم، وبيناها في صحيح مسلم، وفي غيرها من الكتب كتب أهل الحديث، وأن هذه الرواية الصحيحة، وأن ابن عكيم سمع من حذيفة وحضر وشاهد الواقعة، فأثبتها الإمام مسلم أن ابن عكيم سمع من حذيفة، وأن ابن أبي ليلى لم يسمع من حذيفة.

وأكبر دليل قال: عن ابن أبي ليلى عن حذيفة، عن تدل على أنه لم يسمع من حذيفة، وهو يعل ذلك.

إلى الآن الإمام مسلم يذكر هذه الطرق في صحيحه.

ثم يقول الإمام مسلم: وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، يعني معاذ، ومعاذ معروف، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، أنه سمع عبد الرحمن يعني ابن أبي ليلى، قال: شهدت حذيفة استسقى بالمدائن، يعني عطشان طلب الماء من ذلك المجوسي، وبيناه في الدرس الذي سلف، فأتاه إنسان بإناء من فضة، فذكره بمعنى حديث ابن عكيم، عن حذيفة.

وهنا الآن ابن أبي ليلى قال: شهدت حذيفة، يعني حضر الواقعة، والصحيح أنه لم يحضر، لماذا؟ لأن هذه الرواية تفرد بها معاذ العنبري، وأخطأ في ذلك، وسيأتي مزيد من الطرق، نحن الآن نتكلم كيف الإمام مسلم يعل الأحاديث.

هو ذكر هذا الطريق طريق معاذ ليعل هذه الرواية، ثم ذكر بعد ذلك الإمام مسلم قال: وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، ابن أبي شيبة صاحب المصنف الحافظ الكبير، ثم قال: ح، يعني تحويل إلى طريق آخر، وحدثنا ابن المثنى وابن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، ح، حول إلى طريق آخر، وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عدي، ح وحدثني عبد الرحمن بن بشر، قال: حدثنا بهز، كلهم عن شعبة بمثل حديث معاذ وإسناده، ولم يذكر أحد منهم في الحديث: شهدت حذيفة غير معاذ وحده، إنما قالوا: إن حذيفة استسقى.

الآن رجع الحديث بالعنعنة، يعني معاذ العنبري: هو حافظ وإمام في الحديث، لكن شذ هنا، خالف الجماعة، كل الجماعة ذكرهم الإمام مسلم في صحيحه، وكلهم قالوا بقوله: إنما حذيفة استسقى، لكن معاذا قال: شهدت حذيفة، فشهدت حذيفة، هذه الرواية شاذة، لماذا؟

لأن معاذا خالف الجماعة وهم أكثر وهم حفاظ، فالجماعة أولى، والمنفرد في الغالب يخطئ، إذا خالف الجماعة ففي الغالب يخطئ، والقول يكون قول الجماعة.

فالإمام مسلم ذكر رواية وكيع، وكيع حافظ، إمام معروف، يمكن ينفرد أحيانا ويخالفه اثنان أو ثلاثة، فالقول قول وكيع لحفظه، هذا أحيانا، وبينت لكم في درس صحيح مسلم في مثل هذه الأمور، لأنه تفرد الإمام سفيان بن عيينة في الحديث حديث يعلى بن أمية، لكن ما يضر، سفيان بن عيينة إمام حافظ ثقة ثبت، فلا يضر في ذلك.

فما بالك إذا اجتمع وكيع ومحمد بن جعفر غندر، حافظ إمام معروف ثقة ثبت، فإذا روى غندر عن شعبة شيء وخالفه أحد فالقول قول غندر، لذلك لا بد نفهم هذه الأمور.

عندنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي كلهم هؤلاء اجتمعوا بالأنأنة والعنعنة ليأتي الكلام على هذا، بالأنأنة والعنعنة.

وهذا يدل على أن الإمام مسلم يعل رواية معاذ الذي قال: شهدت حذيفة، وهو لم يشهد، وأحيانا يقول الراوي: شهدت أو شهدنا، أو خرجنا، ففي لغة العرب يريد الراوي قومه، أن قومه حضروا، مثلا قصة حذيفة أو قصة عمر، وهكذا، فيقولون هكذا.

ولذلك أكبر دليل: أنه روى هذا الحديث بالأنأنة والعنعنة كما أسلفنا.

فالإمام مسلم أعل رواية ابن أبي ليلى عن حذيفة رواها بالعنعنة، كذلك أعلها بالأنأنة برواية الجماعة، فرواية الجماعة أولى وهم أضبط من الواحد، الواحد يهم، الجماعة لا، فلذلك الإمام مسلم يعل هذا الحديث.

ثم يقول الإمام مسلم: وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، ابن راهويه المعروف إمام، قال: أخبرنا جرير، جرير بن عبد الحميد، كذلك إمام وحافظ، عن منصور، ح، وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن عون، انتقل الحديث إلى ابن عون، عبد الله بن عون البصري، كلاهما عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمعنى حديث من ذكرنا.

انتهى كلام الإمام مسلم، فانظر كيف أعل الإمام مسلم هذه الرواية، ويتبين بهذه الرواية أن ابن أبي ليلى لم يسمع هذا الحديث من حذيفة بن اليمان، فلذلك قال: عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة، عنعن.

ثم انتقل والحديث حديث حذيفة أصلا، القصة حديث حذيفة، هو بعد ذلك ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك قال: عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الحديث موقوف على حذيفة، قصة حذيفة ثم انتقل حذيفة إلى رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ففي هذا الآن البحث يتبين أولا عندنا أن الإمام مسلم يعل يوم القيامة، وكذلك بين الإمام مسلم أن ابن أبي ليلى يروي عن حذيفة بالعنعنة والأنأنة، وذكر رواية الجماعة، فهذا الإمام مسلم كيف يعل هذه الرواية، وتأتي الآن الروايات.

الآن ننتقل إلى تخريج الحديث حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى جملة وتفصيلا بألفاظه وبأسانيده، هذا فقط الآن سمعتم أسانيد الإمام مسلم ذكرها في صحيحه.

فهذا الحديث تكملة على ما بينا في الدرس الذي سلف، لأننا تكلمنا عن روايات عبد الله بن عكيم الجهني، الآن نتكلم بالتفصيل على رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى.

ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا سيف بن أبي سليمان، قال: سمعت مجاهدا يقول: حدثني عبد الرحمن بن أبي ليلى أنهم كانوا عند حذيفة، فاستسقى، فسقاه مجوسي، الحديث، وفيه: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها»، وزيادة الذهب شاذة لا تصح، لأن أصلا ابن أبي ليلى يروي هذا الحديث مرسلا، والرواة لم يضبطوا هذا الحديث من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى، لكن الصحيح هي رواية ابن عكيم.

وزيادة الذهب شاذة في الحديث لا تصح، وزيادة: ولا تأكلوا في صحافها أيضا شاذة في الحديث، فلم يثبت إلا الشرب.

وأين النهي؟ في آنية الفضة، فرواية: ولا تشربوا في آنية الذهب، فرواية الذهب شاذة، ولا تأكلوا في آنية الذهب شاذة أيضا ولا تصح، لأنها كلها من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو لم يسمع، فالإسناد مرسل، هذا الحديث مرسل.

لذلك في حديث ابن عكيم كما هو في صحيح مسلم وخرجناه: لم يذكر إلا الشرب في الفضة، ولم يذكر في الذهب، ولا الأكل أيضا، ولذلك الحافظ ابن حجر ذكر الحديث في الجملة هكذا ولم يبين، وذكر أنه متفق عليه، وهو ليس بمتفق عليه.

متفق يعني الإمام مسلم هو الذي رواه رواية ابن عكيم وهي الصحيحة، فلا بد أن يقول أخرجه مسلم لوحده، الإمام البخاري ما أخرج هذا الحديث، أخرجه ليعله ويبين علله، كذلك الإمام مسلم بين علة ابن أبي ليلى.

ولذلك كما قلت لكم: سمعت من شرح هذه الأحاديث وبلوغ المرام ومن خرج بلوغ المرام وغيره، كلهم ذكروا أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، ولم يبينوا، وعندنا الكتاب هنا أيضا نفس الشيء، مخرج كتاب بلوغ المرام.

هذا حديث حذيفة يقول: صحيح هكذا، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داوود وابن ماجة والترمذي، وعند أصحاب السنن: نهى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى آخره، الإمام البخاري ذكره ليعل هذا الحديث، الإمام مسلم ذكر طريق ابن أبي ليلى ليعل هذا الطريق، فلم يثبت إلا حديث ابن عكيم.

ومثل هذه التخاريج كثيرة، لا يصلح هذا السرد، فالناس يضنون أنه صحيح، لماذا؟ بسبب قلة الخبرة في علم العلل، علم التخريج، علم العلل وأصول التخريج على كبار أهل الحديث، ما في، كله عزو، ومشكلتهم أنه يصعب ربما على بعض هؤلاء أن يرجعوا إلى أهل الحديث، ماذا عن هذا الحديث؟ ماذا كذا وكذا؟ يخرجون ويمشون.

وفيه هذا يعني حديث حذيفة في بلوغ المرام: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة»، الذهب ليس بصحيح، وعندك: ولا تأكلوا في صحافها، كذلك الأكل لم يثبت، لماذا؟ لأن هذا كله في رواية ابن أبي ليلى، وهي مرسلة مضطربة أصلا.

هذه الآن رواية الفضل بن دكين، ومن رواية سيف بن أبي سليمان، وهذا الحديث الآن ماذا قال؟ قال عبد الرحمن بن أبي ليلى أنهم كانوا عند حذيفة، وعند مسلم يقول: شهدت.

فالآن نقول: أنهم كانوا عند حذيفة أو شهدت أو شهدنا أو خرجنا، فالآن هذه الألفاظ متساوية عند الحفاظ كلهم والأثبات، ما يستطيع الواحد يرجح.

إذا أتينا إلى هذا حافظ وهذا حافظ، وهؤلاء حفاظ، لذلك رواية ابن أبي ليلى لا تصح لإرسالها ولاضطرابها.

وحديث الفضل بن دكين أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومن طريقه البغوي في «شرح السنة»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، وفي «السنن الصغرى»، وفي «الآداب»، وإسناده معلول، وهو مرسل بين عبد الرحمن بن أبي ليلى وبين حذيفة، ولم يشهد عبد الرحمن بن أبي ليلى الواقعة.

وقد أخطأ فيه سيف بن أبي سليمان المكي، وإن كان ثقة ثبت، لكنه خالف الجماعة كما سوف يأتي، فرواه الفضل بن دكين وهو إمام معروف ثقة ثبت، عن سيف المكي بشهود عبد الرحمن بن أبي ليلى الواقعة، وإن كان قولهم أنهم كانوا عند حذيفة لا تدل على وجوده في القصة، بل يعني أهل قومه كما هو معلوم في لغة العرب، فيقصد قومه أنهم حضروا.

وكيف حصل؟ لاضطراب الرواة على ما في كتبهم رووا هذا الحديث، وإن كانوا هم حفاظ، لكنه ليس هناك أحد معصوم، والكل يخطئ ويهم.

وخالف الفضل بن دكين عبد الله بن نمير والمعافى بن عمران الأزدي، وهما ثقتان، كلاهما عن سيف المكي، دون التصريح بشهود الواقعة مع حذيفة بن اليمان، فهؤلاء كذلك ثقات، اثنان ثقتان.

قال سيف بن أبي سليمان المكي: سمعت مجاهدا يحدث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة، استسقى حذيفة فسقاه مجوسي فذكر الحديث.

الآن عنعن هنا ابن أبي ليلى في هذه الرواية، مثلما في الرواية التي عند مسلم التي أعلها، فعنعن يعني لم يسمع من حذيفة ولم يحضر القصة.

وزاد سيف: ولا تأكلوا في صحافها، وهي شاذة، فرواية ابن عكيم لم تذكر هذه الألفاظ لا الذهب ولا الأكل في الذهب، يعني إناء الذهب.

هنا يذكرون مع الاضطراب، وسيف المكي هنا ذكر الذهب أيضا، فرواه سيف هكذا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة بالعنعنة، يعني ليس مباشرا، ففي الألفاظ الأخرى أنه حضر القصة بالعنعنة دون التصريح لشهود الواقعة، أخرجه مسلم في صحيحه وأعله كما قرأت لكم، فكيف يكون صحيحا؟

فلم يروي الإمام مسلم رواية ابن أبي ليلى على شرط الصحيح، أورد هذه الرواية في كتابه ليعل الحديث، ورواه كذلك النسائي في «السنن الكبرى»، هذا طريق.

ورواه عبد الله بن نمير والمعافى بن عمران، كلاهما عن سيف بن أبي سليمان، قالا: سمعت مجاهدا يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: استسقى حذيفة، فسقاه مجوسي في إناء من فضة، الحديث.

وهذه الرواية رواية ثقتين يذكرون أنه شهد، ورواية الفضل بن دكين بالعنعنة.

السؤال: غير مسموع.

الجواب: لكن عندي هنا الرواية الثانية عبد الله بن نمير هكذا فردية، لأنه يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: استسقى حذيفة، ففي الرواية الأولى فيها بالعنعنة، فالرواة يضطربون فيها، وإلا هنا ذكر بحضور القصة، وهذه القصة موجودة كذلك في صحيح مسلم.

فهذه الرواية أخرجها مسلم في «صحيحه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفيها ذكر: «ولا تشربوا في آنية الذهب، ولا تأكلوا في صحافها»، وهي معلولة، ورواه ابن أبي عدي عن ابن عون عن مجاهد عن ابن أبي ليلى، قال: خرجنا مع حذيفة، وذكر فقط: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة»، ولم يذكر الأكل، ولم يذكر ولا تأكلوا في صحافها.

وفي حديث الفضل بن دكين ذكرت هذه الزيادة، فأحيانا يذكرون الزيادة وأحيانا لا يذكرونها، وأحيانا يذكرون الذهب وأحيانا لا يذكرونه، وأحيانا يذكرون الأكل في آنية الذهب والفضة، وأحيانا لا يذكرونها.

فالرواة لم يضبطوا هذا الحديث، هذه رواية ابن أبي عدي.

وفي حديث عبد الله بن نمير المعافى بن عمران ذكرت هذه الزيادة، وحديث ابن عون أخرجه البخاري في «صحيحه»، وأحمد في «المسند»، وهنا يذكر عبد الرحمن بن أبي ليلى خروجه مع حذيفة، لكنه قال: خرجنا، ولم يقل خرجت، وهذا يدل على أنه يقصد قومه، فهو حديث مرسل، وهكذا لغة العرب.

ورواه عثمان بن عمر قال: حدثنا ابن عون عن مجاهد عن ابن أبي ليلى، قال: خرجنا مع حذيفة إلى المدائن، وذكر الحديث، هذه رواية عثمان بن عمر يذكر خرجنا، ولم يذكر العنعنة عن حذيفة، أو أن حذيفة، فهم مضطربون في هذه الأسانيد وفي الألفاظ، ورواية عثمان بن عمر أخرجه الدارمي في «المسند»، والخطيب في «تاريخ بغداد»، وإسناده معلول بالإرسال والاضطراب في متنه.

وأخرجه مسلم في «صحيحه»، والبزار في «المسند» من طريق ابن أبي عدي عن عبد الله بن عون وهو البصري الإمام المشهور، عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

يعني الآن ابن أبي ليلى قال: عن حذيفة، حذيفة قال: عن النبي، والقصة قصة حذيفة بن اليمان، وهنا عنعن ابن أبي ليلى، هذه من رواية ابن أبي عدي، والإمام مسلم يعل هذه الرواية، وإنها مرسلة.

وهنا عبد الرحمن بن أبي ليلى يتبين أنه لم يسمع هذا الحديث من حذيفة، فرواه بالعنعنة دون التصريح بحضوره مع حذيفة في هذه القصة.

وتوبع ابن أبي عدي عليه، تابعه يزيد بن زريع وأبو إسحاق الضرير، يزيد حافظ ثقة معروف، لكن أبو إسحاق ضعيف الحديث، كلاهما عن عبد الله بن عون عن مجاهد عن عبد الرحمن أن حذيفة، ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة»، ولم يذكر ولا تأكلوا في صحافها.

هنا الآن بالأنأنة، يعني نفس العنعنة، وهذا يدل على أنه في هذا الحديث لم يسمع هذا الحديث من حذيفة، فرواية ابن أبي ليلى رواية مرسلة مضطربة لا تصح.

وهذه الرواية أخرجها النسائي في «السنن الكبرى»، والطحاوي في «مشكل الآثار»، وفي «شرح معاني الآثار»، وهذه الروايات ترجح أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يشهد الواقعة مع حذيفة فهي مرسلة مضطربة.

ويؤيد ذلك: ما رواه منصور بن المعتمر، الإمام الحافظ الثقة وحماد بن أبي سليمان وأبي بشر ومسلم الأعور، جميعهم عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال حذيفة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن الفضة والذهب.

الآن نهانا عن الفضة والذهب، يعني ليس عن الشرب والأكل، انتقل إلى اللبس مثلا، نهانا عن لبس الذهب والفضة، والفضة للرجال، ويجوز لهم من أحاديث أخرى لبس الفضة، مثلا خاتم أو ما شابه ذلك.

والنساء يلبسن الذهب والفضة من الخواتيم وغيرها، فهنا لم يذكر الشرب ولم يذكر الأكل في آنية الذهب والفضة، هذه مطلقة نهي عن الذهب والفضة، يعني نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال عن لبس الذهب، ولم يذكر الشرب والأكل، وهذا يدل على أن الرواة مضطربون، وهؤلاء جماعة أيضا، أربعة معهم ابن المعتمر، يذكرون بالأنانة ولم يذكروا الشرب ولم يذكروا الأكل.

فالقول قول الجماعة، وأن ابن أبي ليلى روى الحديث مرسلا دون حضور الواقعة والخطأ من الرواة ومنه.

ولعلنا نكمل الدرس القادم.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan