القائمة الرئيسة
الرئيسية / الشرح الكبير على بلوغ المرام / الجزء (62) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج حديث حذيفة في باب الآنية

2025-07-01

صورة 1
الجزء (62) الشرح الكبير على بلوغ المرام: تخريج حديث حذيفة في باب الآنية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

تكلمنا في الدرس الذي سلف عن تحرير صحبة ابن عكيم، وانتهينا أنه مخضرم، وهو ثقة، من رجال الإمام مسلم في المسند الصحيح، وهو على شرطه.

ولعل في هذا الدرس نتكلم عن تخريج حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، الذي ذكره الحافظ ابن حجر في «بلوغ المرام»، وقرأنا هذا الحديث، ولعلنا نتكلم عن تخريجه.

وهذا الحديث ذكره الحافظ ابن حجر مختصرا، وفي علم الحديث فيه فوائد كثيرة في علم العلل وعلم الرجال، وكيفية تعليل الإمام مسلم الأحاديث في صحيحه في أبوابها، كما وعد بذلك: أنه سوف يعل أحاديث إذا أتيت إلى أبوابها، وأبينها، ومنها هذا الحديث.

وتكلمنا كثيرا عن ذلك، وكيفية تعليل الإمام البخاري للأحاديث، وقرأت كالعادة الشروح في بلوغ المرام والذين خرجوا هذا الحديث، فلم يتطرقوا على ما سوف نتطرق إليه: عزو وانتهى.

هؤلاء ما عرفوا قيمة علم الحديث والعلل وفوائد ذلك، فلا بد عليهم أن يتطرقوا إلى هذا العلم بعد أن يتفقهوا فيه، لكن كالعادة ما يتطرقون إلى هذه الأمور لأنهم ما يعلمون بعلم العلل، وهو علم مهم جدا: يبين لك الرجال الذين رووا هذا الحديث، ويبين لك الألفاظ الصحيحة التي تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم، والكلمات التي لم يتكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم.

لأن كثيرا من الأحاديث مثل حذيفة مسرودة، وأدخل الرواة كلمات وألفاظ بسبب الوهم، وأنها ليست من ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك في كل الأبواب التي سلفت والتي سوف تأتي سوف نهذب أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ونبين الأحاديث التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم والتي لم يقلها، وهذا أمر مهم جدا، لماذا؟

لكي لا نتقول على النبي صلى الله عليه وسلم، والذي يتقول على النبي صلى الله عليه وسلم حتى لو ظن أن هذا الحديث في الصحيحين، فالصحيح أن هذا الحديث لم يروه الإمام البخاري في صحيحه، ذكره وأعله، والناس كلهم في الكتب الأخرى وشروح بلوغ المرام وتخريج بلوغ المرام كلهم عزوه إلى الإمام البخاري، وهذا غلط.

فقط رواه الإمام مسلم، وهذا بيناه في الدرس الذي سلف.

وهنا الآن عند الحافظ ابن حجر قال: متفق عليه، واتبعه الناس، لماذا؟ لقلة علمهم بعلم العلل وأصول الحديث، ومشكلتهم التقليد، والمشكلة الأخرى: لا يرجعون إلى أهل الحديث، يسألوهم عن هذه الأحاديث فيبينون لهم، لكن لم يفعلوا. ولن يفعلوا إلى أن يموتوا لماذا؟ هذا هو الأعراض.

والعجيب أن أمثال هؤلاء يقولون: اطلبوا العلم، واسألوا العلماء، والعالم يسأل من هو أعلم منه، وإلى آخره، لكن عند التطبيق لا يوجد، فوقعوا وابتلوا بالتقليد، والله ابتلاهم بالتقليد إلى أن يموتوا كلهم.

لماذا يقع بنو آدم في الخطأ، وأن كل بني آدم خطاء، لماذا؟ لكي يتواضع لهذا الأمر بالأمور حتى يتواضع هذا الإنسان، لماذا؟ لله، ويتواضع للأعلم منه، والأصغر الذي هو أعلم منه، الله يريد من الناس أن يتواضعوا، ولذلك أرسل لهم الرسول صلى الله عليه وسلم إمام المتواضعين، والصحابة من بعدهم، الله يريد التواضع له، وتواضع لرسوله وتواضع لدينه، وهكذا.

ولذلك بينت لكم كثيرا أن بعض الصحابة كانوا يسألون التابعين عن الأحاديث لأنهم ما علموا بها، فيبينون لهم، والتابعون يسألون الصحابة عن دينهم، وهم بعد ذلك أئمة، فالله يأمرنا بالتواضع.

في هذا الزمان الله أضل بعض أهل التقليد بسبب عدم تواضعهم لله ولا لرسوله ولا لدينه، ويدعون التواضع وتواضعوا إلى آخره، أين التواضع؟ شروح ليس لها أول ولا آخر: في كتب التوحيد، في كتب الاعتقاد، في كتب الفقه، في كتب الحديث، لكن ترى أخطاء كثيرة في ذكر الأحاديث المعلولة والضعيفة، ويعلمون أنها ضعيفة، ولا يتركون.

لو شرح الكتاب مليون مرة في نفس الأحاديث يذكرها، وهي ضعيفة، هل يسأل ويبحث؟ لا يوجد، فلذلك احترس من الشروح الموجودة في النت والقنوات يقول: هذا يشرح كتاب كذا وهذا كتاب كذا، ودورة كذا، حافظ على دينك، لماذا؟

لأن هذا الدين هو أغلى شيء على وجه الأرض، إذا ذهب انتهى الإنسان، وإذا بقي دينه بقي هذا الإنسان، ونجا في الدنيا وفي حياة البرزخ وفي حياة الآخرة.

لذلك خذ من أهل الحديث فقط، شرحوا كتب الاعتقاد، شرحوا كتب السنة، شرحوا كذا وكذا، ما دام هذا حالهم لا يبحثون ولا يسألون فاضرب عليهم، هؤلاء امتحنوا كثيرا، وسنوات طويلة الآن في زعمهم يشرحون كتب السنة، كله تقليد، ما خرجوا لهم بشيء ولا الذين تعلموا عندهم.

لذلك هذا الأمر مهم، سوف نبين حديث حذيفة هذا، وأموره لكي نعرف قوة أهل الحديث في هذا الفن فن العلل والتخريج.

لذلك ذكر الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل« قصة أبيه أبي حاتم وأبي زرعة: حافظان معروفان.

يقول: تدارسوا علم الحديث والعلل وبعض الأحاديث، فأبو زرعة قام يبين وأبو حاتم، فقال أبو حاتم: من يفهم هذا؟ من يفهم علم العلل والأحاديث؟ من يحسن هذا الآن؟ هذا في زمانه، زمان الحفاظ.

لا تقول الآن أمثال الطقات الموجودة عندنا، علم الحديث ويمشي، ويخرجون الأحاديث، أكثره عزو وتقليد، حتى لو يطول الشخص، آخر شيء بيركن هو للتقليد.

فما يدري ما العلل، وإذا درى شيئا منها محتار، فيقول: الإسناد حسن، الإسناد صحيح، وهذا محفوظ، وهو غير محفوظ.

انظر ماذا قال أبو حاتم وماذا قال أبو زرعة: من يحسن هذا؟ وهذه تزكية واجبة لهما، يحق لهما أن يقولا هكذا لكي الناس يرجعون إليهما، وإلا الناس يرجعون إلى الجهلة وأهل التعالم، فالتزكية واجبة.

فيبينان أنهما أهلا للعلل هذه، ولا يحسن أحد غيرهما وبعض أهل الحديث في زمان أبي زرعة وأبي حاتم.

وهذه القصة كذلك ذكرها الحافظ الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»، وكذلك ذكرها وأوردها الحافظ ابن رجب في «جامع العلوم والحكم»، وكان رجلا موجودا معهم، فقال: هذا إلهام، يعني لو سألت أبو حاتم: كيف تعلل أحاديث أو سألت أبو زرعة، ماذا يقول لك؟

ليس هناك كتب في هذه الأشياء، في كتب في العلل التي هي في الكلام على الأحاديث، لكن كيف يعل الدار قطني هذه الأحاديث، لن يجيب عليك أصلا، هذا إلهام من الله، ما أعطاه هذا العلم وهذا الفن إلا أهل الأثر قديما وحديثا.

ولذلك أبو حاتم قال: من يحسن هذا؟ يعني ليس فيه أحد يحسن هذا إلا أنا وأبو زرعة، ومن قبلهما من الحفاظ كيحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم.

لذلك فيه أشياء لا يحسنها إلا أهل الحديث، فعليك بأهل الحديث، وفي كل زمان الله ييسر للناس أهل الأثر في هذه الأمور، لا ينقطعون، انقطع فترة، لكن الله سبحانه وتعالى ينشأ هذا العلم مرة ثانية ومنهج أهل الحديث مرة ثانية والدعوة الأثرية مرة ثانية.

مثل الأنبياء ينقطع نبي وينقطع رسول، وتبقى فترة ليس فيها نبي ولا رسول، والناس يتعبدون الله سبحانه وتعالى بالتوحيد، فيه أناس يثبتون وفيه أناس يبتدعون وما فيه رسول، فبعد فترة قرن قرنين الله يرى الناس حالهم كفروا وأشركوا وعبدوا الأصنام والأشجار وعبدوا الشمس والقمر: بعث الله سبحانه وتعالى لهم رسولا ينذرهم ويبين لهم.

فيعود الإسلام مرة ثانية فيؤمن أناس ويكفر أناس: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل: 36]، في كل زمان.

الآن الله أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم توفى، ورسالته موجودة إلى قيام الساعة: من آمن الإيمان الصحيح إيمان أهل الأثر، إيمان أهل الحديث هذا نجا، أما من يؤمن إيمان أهل البدع الموجودين السرورية وغيرهم: هذا هلك مع الهالكين، لأنه يخوض مع الخائضين.

فالرسالة موجودة، ولذلك تخبط الناس من المرجئة وغيرهم، هل تقوم الحجة على الموجودين وعباد القبور وغيرهم، خبط وخلط وبينا ورددنا عليهم في كتب كثيرة ودروس كثيرة، وأن هؤلاء مرجئة، وأهل العلم كفروا المرجئة قديما وحديثا كما بين أبا بطين في الدرر السنية، وبين أن الفقهاء كفروا المرجئة وانتهى الأمر.

أناس أطاحوا بالدين، وقالوا: الدين في القلب، وهم يزعم أنهم يبينون الصحيح في الدين، وقالوا: لا صلاة لا صيام لا حج لا شيء، إذا ترك العبد هذه الأصول فهو مسلم.

ماذا بقي في الدين؟ انتهى الدين، فقط يقول: لا إله إلا الله، والباقي، فكيف ما يكفرون؟ ولذلك الشيخ العلامة أبا بطين بين هذا الأمر وغيره كما بينته أنا.

فلذلك الأمر خطير جدا، هؤلاء المرجئة يطيحون بالدين كاملا، ولذلك ثبت من البعض أن الإيمان القلبي فقط، وهم صرحوا بذلك في كتبهم وفي دروسهم المرجئة العصريين، فلذلك الأمر خطير جدا.

فلذلك لا بد أن نبين هذه الأمور، وكيف وقع هؤلاء في التجهم والإرجاء وفي غير ذلك من الرفض وغيره؟ لأن هؤلاء يأخذون بعموميات الأحاديث، ويتركون مخصصات لها، فوقعوا في هذا الأمر، فلا بد أن نأخذ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كاملة ونجمع بينها حتى يتبين الحكم الصحيح.

يقول لك المرجئة: الله سبحانه وتعالى ينجي من إيمانه ذرة في قلبه، هذا لأهل التوحيد، الذين ماتوا على التوحيد، ماتوا على الصلاة، على الصيام، على كذا من العبادات، لكنهم أسرفوا في المعاصي وبقي شيئا من إيمانهم، فهذا لأهل الإسلام.

لكنكم أنتم تكتبون الإسلام لشخص لا يصلي أصلا ولا يصوم ولا يحج ولا يدري بشيء في الدين، فتضعون موحد وكافر ولا يصلي ولا شيء، فمصيبة كبيرة.

فيأخذون هذه الأحاديث وفيها ما فيها من الألفاظ الشاذة والمعلولة، ويضعونها في الحديث وفي الدين، ويحكمون عليها، مصيبة، مثل حديث حذيفة.

حديث حذيفة: يأتي زمان في آخر الزمان ما يعرفون شيئا، ما يعرفون إلا لا إله إلا الله، ويسألون يقولون: ما نعرف إلا لا إله إلا الله، لا نعرف صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا كذا ولا كذا، وهو حديث منكر شاذ مخالف للقرآن والسنة، فكيف يحكم به أن هؤلاء تاركين الصلاة وتاركين الدين كله، ويقولون: لا إله إلا الله، يقول لك الجربوع هذا الذي لا يعرف شيئا: أن هؤلاء مسلمون.

والعجيب من الجربوع هذا أن يرد على المرجئة وهو مرجئ، هذه هي المصيبة، شر البلية ما يضحك، ماذا تريد من ذلك؟

وربيع المخربي هذا يقولون بأنه يرد على المرجئة، وهو أن من أقواله: أنه يكفي الإيمان في القلب، ترك الصلاة الصيام الحج، كل شيء، يكتب بإسلامه، ويقول: أنا أرد على المرجئة، كيف أنت ترد على المرجئة؟ يا أيها المرجئ

وهذا عبدالمحسن العباد يرد على الخوارج والداعشين والإرهابيين، وماذا يقول في هؤلاء السروريين الذين جالس معهم! هو وأبنه،ترى أعاجيب في هذا الزمان، والإرهابيين السروريين الخوارج يقدون ويروحون في بيته، كيف هذا؟

وإلا هذا عبدالكريم الخضير يقولون عنه بأنه من أهل الحديث وعالم في علم الحديث: مخبط ومخلط أصلا، ما يعرف شيئا من العلل، ويتكلم فقط يقول: ابن حجر قال كذا وفي علم الحديث والعلل خلاص كله يقلد مخبط سروري، يقول أيضا هو عن نفسه بجواز العمليات الانتحارية، ويزعم أنه يرد على الخوارج، ومؤيد لحماس الإخوانية لأنه إخواني سروري، ومؤيد لسلمان وسفر والثوار، كيف هذا يرد على هؤلاء؟ مستحيل أن الله سبحانه وتعالى يعطي هذا علم الحديث، والرجل مخبط ويعادي أهل الأثر، ويقول: نحن نرد على الخوارج ونرد على المرجئة وعلى الأرهابيين وهكذا، وخبط وخلط.

الآن هؤلاء خلط وخبط في هذه الحياة الدنيا، فاحذروهم، وسمعت لهم في شروح الأحاديث فيها علل وفيها أشياء كثيرة، ما كشفوها لأنه ليس عندهم علم الحديث.

ولهذا هذا عبدالكريم الخضير منهم يسأل عن الأحاديث الصحيحة، وهو لا يعرف شيء أصلا قد صحح أحاديث منكرة، بلوه من البلاوى، فلذلك لا بد أن نعرف أهل الحديث الحقيقيين ونأخذ عنهم.

ولذلك في الزمن القديم كان الناس يحدثون ولهم مجالس أمالي، لكن أهل الحديث ما يجلسون عندهم ولا يحثون عليهم بل ويحذرون منهم، رغم أنهم عندهم مجالس، لكنهم ليسوا بأصحاب حديث، ولذلك يذكر لك أبو حاتم مثلا: فلان بن فلان ليس صاحب حديث، الإمام أحمد يذكر فلان بن فلان ليس صاحب حديث، يعني ليس أهلا أن يروى عنه ويؤخذ عنه.

فلذلك هؤلاء يزعمون أنهم عندهم علم الحديث لكن ليسوا أهلا للحديث، خبط وخلط، الكوثري اشتغل في علم الحديث وهو جهمي، وخرج كتب أهل الحديث، وأفسدها.

أبو غدة الصوفي هذا، تلميذ للكوثري مخرج كتب الحديث ويعمل في كتب الحديث، مخبط، والحويني هذا القطبي يشتغل في علم الحديث وهذا عندهم من علماء الحديث ومتمكن، أنتم أصلا جهال في علم الحديث، كيف تقول أن هذا شخص متمكن في علم الحديث وأنت لا تعرف في علم الحديث؟.

لو تقول لشخص خباز: أنت طبيب متمكن لضحك عليك الناس، كيف تقول عن خباز متمكن في الطب؟ يا الخباز، وهكذا فيه أناس يصلحون حق الخبابيز يشتغلون في سوق الخضرة، كيف يعمل في علم الحديث.

فهذا الحويني هذا يخرج الأحاديث لكن عند العلل يخبط، حسن أحاديث كثيرة منكرة، وصحح أحاديث منكرة ويقلد، ولذلك سقط هذا في القطبية ومع حماس وفي الثورات وفي البلاوى؟ مستحيل يكون من أهل الحديث أصلا، هذا صاحب دينار كويتي خلاص فهمتوا هذه هي المسألة

ويزعم أنه يرد على التراثيين وعلى السروريين ويرد على الصوفية وغيرهم، فأهلكه الدينار الكويتي وأشكاله، فلذلك لا بد أن نعرف الناس.

فأهل الحديث ما يقبلون على الشخص وهو يحدث في مجلس إلا من أهل الحديث، فإذا جاء مثلا في بغداد يسألون عنه: هل هو من أهل الحديث؟ إذا كان هو من أهل الحديث وأهلا أقبلوا عليه وأخذوا منه، وإذا كان ليس كذلك فلا يرى واحدا جالس معه، فيشرب قهوته ويمشي.

مثل الآن يجلس واحد جاهل مثل ذاكر هذا الإخواني كرفنه وجالس لهم هالهنود والبنجالية، وترى كثيرا من الناس يجلسون عليه، ولا يعرف شيء في الدين، يقولون: داعية يدعوا النصارى إلى الإسلام، خله يدعوا أولا نفسه.

فلذلك لا بد أن نعرف حقيقة هذه الحياة والناس، ولا نقبل على أي شيء، لماذا هلك كثير من الناس الآن مع أهل البدع؟ بسبب الجهل، أي واحد يأتيهم يجلسون عنده.

فحديث حذيفة هذا: جاء هذا الحديث من طرق عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه من رواية ابن عمر ومن رواية قتادة بن دعامة ومن رواية أبي وائل، جميعهم عن حذيفة بن اليمان، وهي كلها ضعيفة لا تصح، وسيأتي الكلام عليها مجمل فقط في تخريجها، لأنه لا حاجة بها.

لكن البيان عن هذا الأمر عن طريقين: طريق ابن أبي ليلى عن حذيفة، وطريق ابن عكيم عن حذيفة، وهذه الطرق التي ذكرت سوف يأتي الكلام عليها مختصرا، ولكن سوف نتكلم عن طريقين عن حذيفة بن اليمان، وهما المشكلة في هذا الحديث.

فلا بد من التفصيل في هذين الطريقين لكي تتبين العلل في الطريقين والألفاظ الشاذة، لأن الطريقين في الصحيحين البخاري ومسلم.

وهذا الحديث له طرق وله ألفاظ، بيأتي الكلام عليها وعلى هذه الألفاظ.

لفظ: ولا تأكلوا في صحائفها: هذه معلولة شاذة ولا تصح، فالأكل شاذ.

يوم القيامة: شاذة، لأنه يكفي: ولكم في الآخرة، ويوم القيامة لا حاجة في هذه اللفظة في هذا الحديث لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل في الآخرة ويوم القيامة، فيوم القيامة شاذة لا تصح.

وتأتي ألفاظ أخرى.

فالوجه الأول: عن عبد الله بن عكيم الجهني عن حذيفة بن اليمان.

الوجه الثاني: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة بن اليمان.

وسوف نتكلم عن الوجوه هذه التي في صحيح مسلم، وبعد ذلك نتكلم عن الطرق التي في صحيح الإمام البخاري.

فالوجه الأول: من طريق سفيان بن عيينة وعبد الواحد بن زياد البصري، كلاهما عن أبي فروة الجهني، قال: سمعت عبد الله بن عكيم به، بالحديث الذي قرأناه عليكم هو اللفظ الصحيح في هذا الحديث، غير ذلك كله شاذ.

وفي هذا الطريق ذكر ابن عكيم أنه شهد الواقعة التي بين حذيفة وبين هذا المجوسي، مما يدل على ثبوت سماعه من حذيفة بن اليمان.

وقد وردت هذه الرواية بإسناد صحيح، وبينت لكم من قبل أن هذه الرواية أخرجها مسلم في «صحيحه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى من السنن المسندة»، إلى آخر ما ذكرناه من الكتب، وهذا الوجه هو المحفوظ.

وحديث عبد الله بن عكيم عن حذيفة بن اليمان: رواه ابن أبي عمر العدني وهو من الحفاظ من أهل الحديث، وإبراهيم بن سعيد الجوهري وسعيد بن عمرو وإبراهيم بن بشار الرمادي، وعبد الله بن الزبير الحميدي، صاحب المسند، ومحمود بن آدم، وعبد الجبار بن العلاء، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وعلي بن المديني، وهو الحافظ معروف، شيخ الإمام البخاري.

كلهم عن سفيان عن أبي فروة الجهني، قال: سمعت عبد الله بن عكيم، فذكروا، وهذا هو المحفوظ وهو الصواب، حفاظ كبار أكثرهم الذين رووا عن سفيان كلهم حفاظ أثبات، فضبطوا الحديث والإسناد.

لذلك نحن صححنا هذا الوجه لرواية هؤلاء الجهابذة، وإن كان الإمام البخاري ضرب عليه، وأثبت صحته الإمام مسلم، لكن الصحيح أنه محفوظ لهؤلاء، ضبط هؤلاء الجماعة الحديث وضبطوا الإسناد، فالقول قولهم.

وتابع سفيان بن عيينة عبد الواحد بن زياد البصري، أخرجه أبو عوانة في «المسند الصحيح» من طريق عبد الواحد البصري، قال: حدثنا أبو فروة، قال: سمعت عبد الله بن عكيم، قال: كنت مع حذيفة، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الديباج والحرير في الدنيا، ولنا في الآخرة»، هكذا رواه مختصرا، وإسناده صحيح مع ذكر شهود عبد الله بن عكيم لحذيفة بن اليمان في هذا الحديث في قوله: كنت مع حذيفة.

وهذا يدل على أنه سمع منه هذا الحديث، انتبه: كنت مع حذيفة، لأنه ستأتي الطرق الآن ليس فيها الشهود، وفيها شهود من طريق ابن أبي ليلى، لكنه شاذ.

فتخريج هذا الحديث لا بد له من ثلاثة دروس: تخريج وتبيين.

فانتبه بقوله: كنت مع حذيفة، يعني شهد الحادثة.

وقد اختلف على أبي فروة الجهني فيه: فروى سفيان بن عيينة عن أبي فروة قال: سمعت عبد الله بن عكيم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه به، أخرجه مسلم في «صحيحه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى»، والحميدي في «المسند»، وغيرهم برواية ابن عكيم عن حذيفة بن اليمان.

فهذا الوجه قوي، ويدل على أن ابن عكيم سمع من حذيفة، وأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من حذيفة، وسيأتي الكلام عليه.

نحن الآن نحرر رواية الإمام مسلم في «صحيحه»، ورواه سفيان بن عيينة قال: حدثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه به.

الآن اختلف الطريق والإسناد: هو عن ابن عكيم عن حذيفة، هنا الآن عن ابن أبي ليلى عن حذيفة، وهذا الطريق الثاني لا يصح.

فقط الوجه الأول عن سفيان بن عيينة هو الصحيح الذي في صحيح مسلم، ورواية سفيان بن عيينة هذه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن حذيفة، فرواه عبد الجبار ابن العلاء وإبراهيم ابن بشار الرمادي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا ابن أبي نجيح به، وهذا الطريق أخرجه مسلم في «صحيحه»، وابن حبان في «صحيحه».

وهذا الطريق معلول لا يصح، والإمام مسلم ذكره في صحيحه ليعله، وسيأتي الكلام عليه بعد ذلك، لكن لا بد من ذكر هذه الطرق والأوجه.

 وهذا الوجه معلول لا يصح، وذلك أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعه من حذيفة بن اليمان مباشرة، فهو مرسل، وعبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري هو أبو عيسى الكوفي كذلك، وأبو عيسى هذا روى له ابنه عيسى، ذكرناه في الدرس الذي سلف: عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأخوه كذلك محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، فعيسى بن أبي ليلى.

وفيه عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى، هذا يروي عن الجد كذلك، يروي عن جده عبد الرحمن بن أبي ليلى.

عبد الرحمن لم يسمع من حذيفة شيئا، وقد روى عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم مرسلا، فهو ثقة، لكنه يرسل عن الصحابة، فعبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري أبو عيسى الكوفي لم يسمع من عمر بن الخطاب ولم يسمع من عثمان بن عفان ولم يسمع من معاذ بن جبل ولم يسمع من المقداد، ولم يسمع من عبد الله بن زيد وغيرهم، فلم يسمع منهم، كذلك لم يسمع من حذيفة.

كيف أثبت بعض أهل العلم سماع ابن أبي ليلى من حذيفة بسبب الطريق الذي سوف يأتي أنه شهد الواقعة ولم يشهدها؟ خطأ من الرواة.

وانظر في عدم سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى لبعض الصحابة، ومن جماعة من الصحابة لم يسمع منهم: «تهذيب التهذيب» لابن حجر، و«المراسيل» لابن أبي حاتم، و«سؤالات الآجري»، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر، و«السنن الكبرى» للبيهقي، و«تحفة التحصيل» للعراقي، و«السنن» للترمذي، و«العلل الكبير» له، ترى الكلام على هذا.

قال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى»: عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل، فكيف يسمع من حذيفة بن اليمان؟ فهو لم يسمع من حذيفة بن اليمان، وشهوده للقصة غلط من الرواة، وسيأتي الكلام على ذلك.

لذلك عدد من أهل العلم أثبتوا سماعه من حذيفة بن اليمان بهذا الحديث بلفظ: شهدت حذيفة، ولم يشهد، وسيأتي الكلام على هذا بعد ذلك.

وهذه الرواية غلط، أعلها الإمام البخاري وأعلها الإمام مسلم وغيرهما، فهي معلولة في البخاري وفي مسلم، وأهل التقليد يقولون: أخرجه البخاري من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، وهو أصلا أعل الحديث، ذكره وأعله.

إذا كنتم لا تعرفون: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43].

والإمام مسلم يقولون كذلك: أن هذا الطريق رواه الإمام مسلم والإمام البخاري، الإمام مسلم ذكر ويعله بالوجه الأول وجه ابن عكيم، وسيأتي الكلام بعد ذلك.

وعبد الرحمن بن أبي ليلى ليس له عن حذيفة بن اليمان إلا هذا الحديث فقط، ليس هناك شيء ثاني، وهو إسناد منقطع مرسل.

وذكر الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» أنه لم يروي عنه إلا هذا الحديث، وإلا هو روى أحاديث كثيرة عن غير حذيفة، لكن حذيفة لم يروي إلا هذا الحديث، وهذا الحديث لم يسمعه عبد الرحمن بن أبي ليلى من حذيفة، بل سمعه من عبد الله بن عكيم، فمرة يرويه عن ابن عكيم عن حذيفة، ومرة يرويه عن حذيفة مباشرة، وفيه العنعنة وسيأتي الكلام على ذلك.

نحن الآن ننتهي من رواية الإمام مسلم، وهذا الطريق وقد أعله الحافظ سفيان بن عيينة بذلك.

قال الإمام مسلم في «صحيحه»: قال سفيان: فظننت أن ابن أبي ليلى إنما سمعه من ابن عكيم، قال: كنا مع حذيفة بالمدائن.

كنا ما تدل على السماع ولا شهود القصة ولا الواقعة، لماذا؟ لأن قوله: كنا، يعني يمكن تقول: قومه، ليس هو، يشير إلى قومه، يشير إلى أناس آخرين من قومه.

وذكرت لكم شيئا من هذه الروايات، وهي منقطعة، والعجيب إذا هؤلاء يحققون من كتب أهل الحديث كذا يقولون: إسناده صحيح، كنا مع حذيفة يعني سمع منه، فيصحح الحديث وهو مرسل، ما عندهم خبرة بالعلل.

هنا الآن يبين سفيان بن عيينة وهو خبير، إمام حافظ، صاحب علل، يبين أن ابن أبي ليلى لم يسمع منه، لو سمع منه ما قال ظننت، لا بل قال: سمع منه.

والإمام مسلم نقل كلام سفيان بن عيينة هذا في صحيحه ليبين العلة، ومع هذا هؤلاء الذين الآن يشرحون بلوغ المرام ما كشفوا هذه العلة، رغم أنها واضحة في صحيح مسلم، لكن ما عندهم نور علم الحديث وإلا ذكر الإمام مسلم حديث ابن عكيم والطرق الأخرى، وذكر كلام سفيان بن عيينة وأنه يعل هذا الحديث بالإرسال، وأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من حذيفة، فأعله سفيان بن عيينة بالإرسال، بعدم سماع ابن أبي ليلى هذا الحديث من حذيفة بل سمع من عبد الله بن عكيم.

ونقله عنه الحافظ المزي في «تحفة الأشراف»، ويبين الأمر وضوحا الحافظ ابن حبان.

وقال الحافظ ابن حبان في «صحيحه»، قال سفيان: ولا أظن ابن أبي ليلى سمعه إلا من عبد الله بن عكيم، لأنه أدرك الجاهلية.

فيبين الحافظ ابن حبان أن ابن أبي ليلى لم يسمعه من حذيفة، بل سمعه من ابن عكيم، عن حذيفة، فيدل على أن رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة مباشرة معلولة بالانقطاع والإرسال.

هؤلاء العلماء الحفاظ يبينون هذا الأمر، وقد تبع عبد الجبار بن العلاء بذكر إعلال سفيان الحديث بالإرسال، تابعه إبراهيم بن بشار الرمادي على هذا الإعلال.

وعبد الجبار بن العلاء العطار صاحب حديث، قال الحافظ الذهبي في «العبر في خبر من غبر»: كان صاحب حديث.

فانظر بينت لكم قال: صاحب حديث، يعني يحدث ويتكلم في علم الحديث وصاحب حديث، يوثق به ويؤخذ عنه، لكن فيه أناس أو واحد يتكلمون في علم الحديث والعلل، ويخرج مخطوطات لكنه ليس صاحب حيث أصلا، فلا يؤخذ عنه.

وإبراهيم بن بشار حافظ لكنه يهم أحيانا، كما في تهذيب التهذيب لابن حجر، هذه الآن متابعة قوية على أن الحديث مرسل.

وسفيان بن عيينة ابن أبي عمران الهلالي إمام حافظ ثبت، لذلك قال الحافظ العجلي في معرفة الثقات: كوفي ثقة ثبت في الحديث، فهو ثبت، فروى الطريق الصحيح وضبطه، والباقي وقعوا في الاضطراب، وسيأتي الكلام على الأوجه الأخرى.

نحن الآن نؤصل هذه الرواية: رواية ابن عكيم.

وقال الحافظ يحيى بن سعيد القطان: سفيان بن عيينة إمام في الحديث، فهؤلاء حجة، فعلى الناس أن يأخذوا من أهل الحديث، الكبار والصغار قديما وحديثا، لكي يعرفوا دينهم الحق، أما مجرد هكذا، مجرد يجلس ويسمع حلقة ومحاضرة، هذا دايخ ما منه فائدة.

لذلك ترى شابا ملتحيا ثوبه قصير لا تغتر به، ما دام ما رأيته مع أهل الحديث أهل الأثر اغسل يدك منه، فاعلم في الغالب حتى ما نتهم الغير: في الغالب أمثال هؤلاء الشباب ما تراهم عند أهل الحديث وأهل الأثر يدرسون فاعلم أنهم مع أهل البدع من الداعشيين وغيرهم. النبي صلى الله عليه وسلم بين صغار السن هؤلاء الخوارج، فلذلك في الغالب هكذا، لكن القليل منهم على عدد الأصابع الذين ليس لهم شأن بأهل البدع في بيته وفي حاله، ويمكن يسأل أهل الحديث في شيء وهكذا.

لكن الغالب إذا ما رأيت هؤلاء الشباب ملتحين ثوبهم قصيرة، ما تراهم عند أهل الحديث فاضرب عليهم كلهم دواعش قطبية وصوفية وهكذا.

فلذلك لا بد من حث الشباب الدراسة على يد أهل الحديث أهل الأثر فقط، بعد ذلك يعرف دينه، ما يعرف راحت عليه.

فسفيان بن عيينة إمام حافظ، ضبط هذا الحديث الذي عند مسلم.

أما رواية أو حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يضبط، ورواية يحيى بن سعيد القطان أخرجها يعقوب بن سفيان الفسوي في «المعرفة والتاريخ»؛ بإسناد صحيح.

وقال الحافظ ابن سعد في «الطبقات الكبرى»؛ عن ابن عيينة: كان ثقة ثبتا كثير الحديث حجة، فلذلك نأخذ من شخص حجة في الإسلام ثقة، قدوة، ليس بأي أحد.

وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات»: كان من الحفاظ المتقنين، فكيف ما نأخذ حديثه هذا؟ لكن ليس هناك أحد معصوم، هو عنده شيء من الأوهام، لكن الحكم هذا أنه من الحفاظ المتقنين.

أما واحد عالم أو غيره لا بد يخطئ، لا يفلت أحد من الخطأ.

قال الحافظ الذهبي في «الميزان»: أجمعت الأمة على الاحتجاج به، يعني سفيان بن عيينة، فالقول قوله هنا.

وانظر ترجمته في «سير أعلام النبلاء» للذهبي، لذلك الإمام مسلم ذكر حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة وأعله، ونهى الأمر.

ولعل في الدرس القادم نكمل لكم كيف الإمام مسلم أعل هذا الحديث، وكيف يعل الإمام مسلم الحديث إذا جاء في أبوابها.

ذكرنا الشيء الكثير والكتب موجودة، منزلة في الانترنت، فكيف يقال أن الإمام مسلم أخرجه في صحيحه من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى؟ ما يقال، وكيف يقال أن الإمام البخاري أخرجه في صحيحه؟ ليس على شرطه، الإمام مسلم، ليس على شرطه، الإمام مسلم على شرطه الوجه الأول وجه ابن عكيم، هذا هو الصحيح.

ولعلنا إن شاء الله نتكلم في الدرس القادم عن ذلك.

السؤال: غير مسموع.

الجواب: السؤال هكذا: إذا مات الميت ولم يصلي، هل يقضى عنه؟ لا يقضي عنه ولا فيه فائدة من القضاء عنه، فالذي سوف يقضي عنه هذا سوف يشق على نفسه بدون أي فائدة تذكر.

العبادات هذه الله سبحانه وتعالى كلف الشخص نفسه، هو يقوم بالعبادات التي أمره الله سبحانه وتعالى بها، إذا بلغ في الإسلام، فكلفه الله سبحانه وتعالى بنفسه يقوم بدينه وبعبادته.

الصيام هذا شيء آخر، لكن المشكلة أنه كان لا يصلي، فما فيه فائدة، وإذا كان لا يصوم بالكلية كذلك كافر، بينا حكمه قبل ذلك، يصوم عنه وليه هذا على الاستحباب، وهذا كلام طويل.

لكن على هذا السؤال هكذا يكون، فلا فائدة من القضاء، ولا يقضى عنه.

ولذلك نبهنا كثيرا للناس: لا بد أن يصلوا ويقومون بصلاتهم، وتكون صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ليست أي صلاة أو على كيفه يصلي الشخص، لا بد أن تكون الصلاة على علم، علم نافع لا بد من ذلك، فهذه الصلاة تقبل.

أما أن يصلي على علم غير نافع مثل العوام والرهبان فلا فائدة منها أصلا، وكتاب كامل ألفته في هذا الأمر مطبوع وموجود، سميته الذهب الأصلي، ستين سنة يصلي الشخص بدون علم، خمسين سنة، أربعين سنة بدون علم، فاعلم أنه بيخبط في صلاته وأخطاء كثيرة، ما يعرف سجود السهو، لا بد أنه يخطئ ولا يصلح، لماذا لا يصلح؟ لأنه لا يعرف أحكام سجود السهو، ما يعرف صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ما يعرف الأركان والواجبات والسنن، فيخبط في الصلاة طوال عمره: أربعين سنة، خمسين سنة، سبعين سنة، فما فائدة هذه الصلاة.

وإذا صلحت الصلاة صلح سائر العمل، وإذا فسدت فسد سائر العمل، يعني بقية الأعمال ما منها فائدة، فلذلك لا بد من تصحيح مسار هذه الصلاة، فالمسارات للناس يصححونها على الصراط المستقيم، ويتعلمون الصلاة: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي».

الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لهم ولا فيه فائدة، ما يريد أن يتعلم أحد إلا ما شاء الله من العوام، ما يطلبون فقه أحكام سجود السهو، ما يقرؤونها ولا يسمعونها، والشخص يسهو ويلهو في صلاته.

الرسول صلى الله عليه وسلم الله سبحانه وتعالى بين له هذا الأمر، وكان خيرا للأمة، لأننا نخطئ كثيرا وننسى كثيرا في الصلاة، فالنبي صلى الله عليه وسلم بين للأمة أحكام سجود السهو حتى يجبروا الأخطاء في الصلاة.

لأنه ليس بمعقول سروري وإماما يصلي سنة ما مرة سجد سجود السهو، معقولة سنة كاملة ما سها، نحن في الأسبوع نسهو، في الأسبوعين نسهو في الصلاة، شيء طبيعي من الإنسان، الرسول صلى الله عليه وسلم سها، الصحابة سهو.

فهذا سنة سنتين ثلاث الإمام السروري وما يسجد للسهو، معقولة لا يسهو؟ يسهون ولا يدرون أن هذا خطأ، أو يسهو ويخاف من العوام، أو يسهو في الصلاة ويتورط لا يدري ماذا يفعل، كيف يجبر هذا الخطأ؟ فلا يدري، فيبقى هكذا ويمشي الأمور.

وإلا ذاك كنت مرة من قديم مسبوقا، وكنت أكمل الصلاة أسمعه التفت لهم وقال لهم: هذا ليس خطئا لأنه جلس الثالثة، وإلا لو انتظر كنت كلمته وغيره وغيره كلمتهم عن أحكام سجود السهو وأشياء أخرى في الصلاة.

لما قابلته قلت له: لا بد أن تسجد للسهو وأخبرته بذلك، وإذا تركت ركنا لا بد أن تأتي به، وبعد ذلك قال لي: ماذا أفعل؟ عشرين سنة إماما، قلت له: عليك ركعة كاملة وكذا ولا عليك أن تكبر مرة أخرى، دخل المحراب وأدى هذا، لو ما أتى لأني أدركت هذا الخطأ، لصليت بهم، والمصلون لا بد كل واحد منهم أن يأتي بهذه الركعة التي فاتته ويسجد سجود السهو لوحده وانتهى.

فالركن ما يصح أن تسجد للسهو فقط، لا هذا الواجب فقط إذا تركه الإمام يسجد للسهو وانتهى الأمر، ترك مثلا التشهد الأول يسجد سجود السهو ولا يأتي به.

أما الركن لا بد أن يأتي به ويسجد سجود السهو.

فلذلك أمور كثيرة يفعلها هؤلاء، فلماذا أنتم الآن لا تتعلمون أحكام سجود السهو؟ أئمة وخطباء.

وفي الثلاثين سنة هذه في خلالها كم أخبرني من الأئمة ومن المصلين أخطاء كثيرة ما يعرفون كيف يؤدونها، حتى قال لي أحدهم: ماذا أفعل؟ اترك الإمامة واذهب إلى بيتم، هي راتب، هل تنظر إلى الراتب فقط؟ لا يتعلمون شيء.

نحن صلينا في المساجد خلف هؤلاء أعاجيب، فلذلك لا بد من تعلم الصلاة وأحكام سجود السهو على طريقة أهل الحديث، لأنه يجبر بها، وإلا سوف يأتي الملايين الملايين من الناس يوم القيامة صلاتهم في رقابهم، لماذا؟ لأنهم لا يعرفون أحكام سجود السهو، وما يعرفون صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، كلها تقليد وفقط ركوع وحركات وأفعال، لا يصح هذا في الإسلام.

لا بد من دراسة فقه الصلاة على يد أهل الحديث حتى تعرف كيف تؤدي هذه الصلاة، أما هكذا الآن لا.

فلذلك الأمر هذا لا بد منه.

والأمر الثاني وهو الأعظم: مصيبة كبيرة وهؤلاء المقلدة الآن المفتين والوعاظ والخطباء والدكاترة هؤلاء في كل مكان يفتون، ماذا فعلوا بعد ذلك؟ في كل يوم يصلون على التقاويم الفلكية، الصلوات الخمس ويصلون الفجر في الليل، كلهم يسمونهم مشايخ، ويدرون في الليل، معاندين، لماذا؟

يخافون يتكلم يفصلونه من منصبه، وماذا يقول؟ خائف من العوام، فيقول: بأن التوقيت صحيح، الفلكيون هم الذين يكذبون، والمواقيت الشرعية في القرآن والسنة وآثار الصحابة.

يرد القرآن والسنة وآثار الصحابة، فيفتون لهم بصحة هذا، ماذا يقولون للعوام الآن؟ هذا غلط، تقويم صلاة الفجر في الليل غلط، صعب عليهم ويخافون.

ما يخافون من الله ويخافون من العوام ويخافون من الذين معهم في المناصب وغيره.

فهذه الأمور تمشي دنيويا، لكن في القبور ما تمشي، في الآخرة ما تمشي، كيف المصيبة الكبيرة؟ الصلاة لها توابع، لها شروط، ليست تؤدى هكذا بمفردها، مجردة، بل تمشي بالمواقيت، لا تصح الصلاة إلا بمواقيتها الشرعية، إذا دخل الوقت يصلي الناس وصحت، ولا بد تكون المواقيت الشرعية هذه ليست على الحساب الفلكي وعلى الفلكيين، بل على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة.

أنتم تقولون: كتاب الله كتاب الله، إذا طبقوا، صلحوا صلاة الفجر، فلها توابع، فالله سبحانه وتعالى ما قال للناس صلوا فقط، بل وضع الله سبحانه وتعالى لها شروطا وأركانا وواجبات، لماذا؟ لتنضبط الصلاة.

وإلا الله إذا لم يضع هذه الشروط ولا الأركان ولا الواجبات ولا الأصول صار عند الناس فوضى، ولذلك انظر إلى فوضى أهل البدع في الصلوات، انظر إلى صلاة الصوفيين، صلاة الرافضة، وانظر إلى الصوفية هؤلاء الذين باكستان كيف يصلون، وفوضى.

لكن أهل السنة والجماعة منضبطين مع الشروط التي في الصلاة.

فهم يأتون يوم القيامة وتقول لهم الملائكة: أنتم قلتم أن المواقيت الشرعية شرط لصحة الصلاة، إذا كيف أنتم ما كنتم تصلون على المواقيت الشرعية؟ تصلون على تقاويم يسمونها تقاويم فلكية، أنتم سميتموها، يعني ليست بصحيحة، في كل الصلوات بينتم التقاويم الفلكية غلط، وبين الشيخ ابن باز هذا الأمر وشيخنا الشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني وغيرهم.

فأنتم تقولون: المواقيت الشرعية شرط لصحة الصلاة، وتقولون: إذا فسدت الصلاة فسد سائر العمل، وإذا صحت الصلاة صلح سائر العمل.

أنتم الآن تركتم المواقيت الشرعية وتصلون في المساجد كلكم في البلدان على التقاويم الفلكية، يعني كأنكم لم تصلوا، وتأتون وهذه الصلاة أعماركم على ستين وسبعين وخمسين وأربعين تصلون على المواقيت الفلكية.

فهذه مشكلتكم الآن، أنتم تقولون: أنه إذا صلحت الصلاة صلح سائر العمل، يعني عملكم الباقي الآن: الأذكار والعلم والمحاضرات والإفتاء، هباء منثورا، ليش صلاتكم ليس لها مواقيت شرعية.

أنتم تقولون: نحن نصلي على التقاويم الفلكية التي في المساجد، هل أحد ينكر، فاعترفوا بذنبهم، كلكم سوف تعترفون يوم القيامة.

وهذه هي المصيبة أن تجد البعض يصلي صلاة مجردة من الشروط، ليس فيها شيء قبل، ولا بعد، لماذا؟ حتى منهم من تكلم عن هذا الأمر.

الآن يدخل وقت العشاء وانتهى وقت المغرب قبل أذان العشاء، والناس خرج عليهم وقت صلاة المغرب، لماذا؟ لأنهم يقولون: ما أذن العشاء عندهم، ووقت المغرب انتهى، لماذا؟ على ذهاب الشفق الأحمر، والشفق الأحمر يذهب وتكون ظلمة جهة المغرب والأذان ما أذن.

وهذا الرجل الذي في عمله الآن أو في أي مكان يظن أن الوقت إلى الآن باقي، فلذلك هذا الأمر خطير.

بعض النساء يجهلن حتى أحكام الحيض، لا يعرف الكثير منهم شيئا في أحكام الحيض، وخلط وخبط، كيف النسوة ينجين يوم القيامة،ليس لهم نجاة يوم القيامة، لا يعرفون شيء في تلك الأحكام.

هؤلاء الآن نسوة كثر يصلون قبل أذان العشاء مثلا بخمس دقائق، والوقت خرج، وتظن المرأة تقول: قبل أن تؤذن العشاء نصلي المغرب، والمغرب أصلا انتهى، وأنت انتهيت أصلا مع الوقت.

فلذلك لا بد أن نحذر الآن النساء والأهل والبنات من هذا الأمر، يصلون على المواقيت الشرعية الصحيحة.

هذا الكلام تكلم به منهم؟ وكم شخص خرج عليه وقت المغرب ويظن أنه ما خرج لماذا؟ لأنه يقول: أن الأذان ما أذن، مصيبة التقاويم الفلكية عليهم.

فلذلك الله سبحانه وتعالى يسر لأهل الحديث ومن تابعهم في العالم كله بالمواقيت الشرعية، يصلون رجالا ونساء على المواقيت الشرعية، حتى نقول في العالم: صلوا في المساجد فهم يصلون بنية دخول الوقت على المواقيت الشرعية، أما الباقي لا، العوام الرهبان ربما لا يدرون بشيء، يصلون هكذا على المواقيت الشرعية.

وإذا صلت النسوة وغيرهم هنا وفي غير ذلك من البلدان يصلون على المواقيت الشرعية وهي موجودة، والناس يطلبون المواقيت الشرعية، وهي موجودة، المواقيت أسبوعية موجودة، فهذا هو الأصل.

لذلك يستحيل أن الله سبحانه وتعالى يترك الناس هكذا على التقاويم الفلكية يصلون، مستحيل ذلك، لا بد أن الله يميز بين الخطأ والصواب في المواقيت وغيره، ولذلك خلق من الناس يصلون على المواقيت الشرعية، ويظن هؤلاء الآن المقلدة أنه ليس هناك أحد يصلي على المواقيت الشرعية، يظنون هذا الظن.

هل معقول هذا؟ أنتم تقولون بأن هذا هو دين الله، والله قادر على كل شيء، فالله سبحانه وتعالى يسر أهل السنة أن يعلموا الناس المواقيت الشرعية، وهي الآن منتشرة وتنتشر.

فعلى الناس أن يتركوا الغفلة ويطلبوا المواقيت الشرعية، وهذا هو الأصل، فما يصير نصلي صلاة مجردة من الشروط ومجردة من الأركان ومن الواجبات ومن السنن، ما يصير ذلك، فلا بد أن نعرف المواقيت الشرعية.

ولذلك يجلس الواحد يشرح الفقه في المواقيت الشرعية بعد صلاة العشاء، ويقول: الفجر إذا طلع النهار في المشرق، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «عليكم بالأحمر»، وكذا وكذا، شرح الكتاب وذهب ونام، وقام وصلى على التقويم الفلكي في الليل.

أين الشرح الذي شرحته للشباب الضائع؟ ألست كنت تشرح المواقيت؟

فالكلام غير والتطبيق غير، المفترض تقول لهم صلاة الفجر غلط وهي على  التقويم الفلكي، ولا بد أن تصلي إذا طلع النور وطلع الفجر الصادق، فما وفق هؤلاء، لماذا؟ لأنهم يكتمون الحق وهم يعلمون، فالله ابتلاهم بالسكوت كلش، لا يتكلمون في الحق إلا النادر.

فلا بد أن نعرف هذه الأمور.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan