الرئيسية / محاضرات / كلمة حق في وفاة العلامة عبدالله الغديان رحمه الله
2025-04-16

كلمة حق في وفاة العلامة عبدالله الغديان رحمه الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأخبرني بعض الإخوان أن ألقي كلمة عن وفاة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان رحمه الله تعالى، وهذا الأمر مهم لأنه يتعلق بالعلماء فلا بأس بذلك، وسنة الله سبحانه وتعالى في خلقه كل نفس ذائقة الموت لكن شتان بين ميت وآخر، فمن الناس من إذا مات فما بكت عليهم السماء والأرض، وشهد الخلق عليهم بسوء، واستراح منه الناس، ثم ذهب ذكره، وبين من كان قبضه مع كوكبة من إخوانه العلماء، علامة وإمارة على قيام الساعة.
فموت العلماء علامة على قيام الساعة ودنو الساعة خاصة إذا كثروا، وبقي جهال الأمة يقودون الأمة، فهؤلاء العلماء الربانيون يقودون الأمة إلى الأمان، والاطمئنان، وحب الأوطان، والله المستعان، وأما المتعالمون فإنهم يقودون الأمة إلى الهلاك والضلال والجهل باسم العلم وباسم الدعوة وباسم الدين، وهم في الحقيقة من المجرمين، وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر في أحاديث كثيرة لا تُحصى، فبيّن قبض العلماء، وأنه من علامات الساعة، ويتخذ الناس لهم جهالًا فيضلونهم بغير علم، فهلكوا وأهلكوا.
والنبي صلى الله عليه وسلم بيّن ذلك كما في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو حديث عظيم لا بد على كل مسلم أن يتدبر هذا الحديث، ويعرف معنى هذا الحديث، ويدعو الله سبحانه وتعالى أن يرزقه الفرقان لأن الأمر خطير جدًا، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح البخاري ومسلم أن الله لا يقبض العلم، العلم موجود: «إن الله لا يقبض العلم ينزعه انتزاعًا من الناس» العلم موجود، لكن الناس يتركون العلم، ويرجعون إلى الثقافات، وإلى التعالم، وإلى علم البدع، وعلم الجهل، وإلى علم الدنيا، ويتركون علم الشريعة إلا إذا كان هناك مصلحة لهم تعلموا العلم لأجل المكاسب والمشارب، ومن أجل الرئاسة، ومن أجل المراكز الاجتماعية، ومن أجل الدنيا، وليس رأس مال هؤلاء إلا الشهادة بما تسمى بالدكتوراه أو الماجستير أو الشهادة الجامعية المعروفة، لكن بالنسبة للعلم فليس عند هؤلاء علم كما بيّن شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرحه للسياسة الشرعية، وكذلك بيّن جهل هؤلاء الدكاترة بالعلم الشرعي أصحاب الشهادات.
* الشيخ ناصر الدين الألباني في تقديمه لكتاب: «ماذا ينقمون من الشَّيْخُ»، وبيّن ذلك الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في الفتاوى أمر هؤلاء الجهال، «فإن الله لا يقبض العلم ينزعه انتزاعًا من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء» فالله سبحانه وتعالى إذا تمسك الناس بالعلوم الدنيوية وحرصوا عليها، ولا يتعلمون علم الدين إلا لأجل الدنيا قبض الله العلماء.
وبيّن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في «مفتاح دار السعادة» أن قبض العلماء هو عذاب للناس وعقاب لهم؛ لأن هؤلاء لا يستحقون العلماء علماء أهل السنة والجماعة، أهل العلم، وأهل الفقه، وأهل الحديث، وأهل التفسير، وأهل العقيدة الصحيحة، فلا يستحقون هؤلاء الناس عندما أعرضوا عن العلماء ولجأوا أهل الجهل وأهل التعالم فالله سبحانه وتعالى يقبض العلماء عقابًا لهم، فبيّن هذا الأمر ابن القيم رحمه الله تعالى.
ليس الأمر كذلك فقط، لا يقبض الله سبحانه وتعالى العلماء فقط لا، فالله سبحانه وتعالى يعاقبهم بأهل الجهل، وهذا يقول ابن القيم العقاب الثاني، العقاب الثاني الذي الله سبحانه وتعالى يعاقب به الناس الذين ابتعدوا عن الدين، وابتعدوا عن العلم، وابتعدوا عن علماء أهل السنة والجماعة، وركنوا إلى أهل الجهل، وإلى القصاص، وإلى أهل البدع، فترى في حلقة العالم الفقيه أناس قليل، وترى في حلقة القاص الكذاب خلق من الناس، هذا بسبب الجهل، فما دام الناس هكذا، فالله سبحانه وتعالى يقبض العلماء، ويعاقبهم بالجهلة إلى أن يهلكوا، وليس لهم في هذه الدنيا أي من رؤوس الضلال ومن أتباعهم إلا أنهم يتمتعوا إلى حين. والكل كاسرٌ مكسورُ.
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: «حتى إذا لم يترك عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا ولا بد» فما دام هؤلاء الناس تركوا علماء الشريعة الحقيقيين فلا بد أن يزين لهم شياطين الإنس والجن دعاة الضلالة، فيتخذونهم رؤوسًا يفتون لهم ويدرسونهم بكل باطل، بل يخلطون الحق بالباطل، ومن يكن له الغراب دليلًا يمر به على جيف الكلاب، فالحذر الحذر من دعاة الضلالة، وإن درسوا في الجامعات ودرسوا في المساجد، وكان لهم شأنًا في البلد، وكان لهم من الإمكانيات ما لهم، فأمرهم إلى الله سبحانه وتعالى، فهؤلاء يتمتعوا إلى حين، فلا تغتر بهم.
فاسمع ماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم عنهم «حتى إذا لم يُترك عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسئلوا» في الإذاعات، في التلفاز، في فضائيات، في المحاضرات في المساجد، في الخطب وما شابه ذلك، >فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا< هذا أمرهم أين شهادة الدكتوراه، وأين الأستاذ الكبير، وأين اللقب الذي يلقب به الداعية الكبير أو الداعية؟ أين الدكتوراه، وأين بزعمه الجهاد؟ فهذا أمر هؤلاء، «فأفتوا» وفي رواية: «بالرأي»، آخر هؤلاء «فضلوا وأضلوا» هذه النتيجة نتيجة هؤلاء ولا تسأل عن ضال وأضل الناس: «وكل بدعة وكل ضلالة في النار» فالأمر هؤلاء يرجع إلى الضلالة، فلا يغتر الناس بهؤلاء، فإن وجودهم كوجود إبليس.
بيَن ابن سرين رحمه الله تعالى لو لم الله سبحانه وتعالى يريد ألا يُعصى يقول ما خلق إبليس، فكذلك هؤلاء بلا شك أنهم جند إبليس، وخلقوا للضلالة، ويضلون هؤلاء الناس الجهلة بغير علم لأن هؤلاء الناس لا يستحقون علماء أهل السنة والجماعة، يستحقون علماء السوء وعلماء الضلالة، فالحذر الحذر من هؤلاء.
وفي الحقيقة موت الشيخ الغديان رحمه الله تعالى هي سلسلة للعلماء، فهي سلسلة ذهبية انفرد عقدها ببقية السلف، العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، ثم بمحدث الشام العلامة الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، ثم بالعلامة الفقيه فقيه الأمة شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وموت العالم مصيبة بلا شك لا تُجبر ولا تُسد، وما عالم كعالم، وبلا شك أن موت هؤلاء العلماء دفن معهم علمًا كثيرًا، فهؤلاء العلماء دُفن معهم علمًا كثيرًا، فعلى الناس مما ييسر الله سبحانه وتعالى لهم من وجود علم هؤلاء الناس في الأشرطة وفي الكتب وفي مواقعهم أن يحرصوا على علم هؤلاء الأئمة أئمة هذا العصر.
والشيخ عبد الله الغديان رحمه الله تعالى من علماء أهل السنة والجماعة بلا شك، وهو عضو في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية مع إخوانه من علماء أهل السنة والجماعة، وهو كذلك عضو في اللجنة الدائمة للإفتاء، ومنهجه منهج أهل السنة والجماعة، ومنهجه اتباع الكتاب والسنة وعدم رد شيء منهما، ويكون ذلك على فهم السلف الصالح، ومن سمع فتوى الشيخ في ذلك أدرك هذا الأمر جيدًا.
وكذلك يبين هذا الأمر اهتمامه بالتوحيد والعقيدة، وهي القاعدة الأساسية لبناء المجتمع المسلم الصحيح، وكان رحمه الله تعالى يدعو إلى التوحيد، وإلى الاجتماع على التوحيد، وإلى السنة، فلا بد علينا أن نقتدي بأمثال هؤلاء العلماء لأن هذا الأمر هو الذي أمر به الله سبحانه وتعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم، والسلف، وكان اعتقاده على منهج أهل السنة والجماعة في فهم الإسلام والتوحيد.
وهذا الأصل عند جميع علماء أهل السنة والجماعة كلهم يدعون إلى التوحيد وتحقيق التوحيد؛ لأن التوحيد هو الذي يوحد الأمة، وهو الذي يجمع الأمة على الأصل لكي تصبح أمة قوية تستحق نصر الله سبحانه وتعالى، وهؤلاء العلماء غير علماء السوء الذين يدعون إلى أفكارهم وأراءهم الضالة، فهؤلاء أفكارهم تشتت الأمة وتفرق الأمة كما هو واضح وظاهر من أفعالهم في بلدان المسلمين، فرقوا البلدان بعقائدهم الفاسدة وأراءهم الكاسدة، وشتتوا الأمة، وما أضعف الأمة إلا هؤلاء المبتدعة أصحاب الأهواء في بلدان المسلمين، ومع هذا هؤلاء يتباكون على ضعف الأمة، وأن الأمة الذين فرقهم هم أهل الكفر، أهل الكفر فرقوا الأمة في الخارج وأنتم أيها المبتدعة فرقتم الأمة في الداخل، فلننظر في هذا الأمر، وعلينا بالعلماء.
ولا يخرج لنا أناس إعلانات تُلصق في المساجد فضيلة الشيخ والدكتور والداعية، كل هؤلاء مبتدعة الحذر الحذر منهم، فلا تجلس معهم في مسجد ولا في محاضرة ولا في ندوة ولا في مؤتمر ولا تسمع منهم شيئًا، كلهم قصاص من دعاة الكذب والحقد، فهؤلاء هم الذين يحاربون علماء السنة في كل مكان ويبغضونهم خاصة علماء الحرمين، فهؤلاء المبتدعة يبغضونهم لأن هؤلاء يدعون إلى التوحيد، ويدعون إلى العقيدة الصحيحة، وإلى تأليف قلوب الناس على السنة، وهؤلاء يشتتون الأمة ليصطادون الأمة، ولا يستريح مبتدع حتى يفرق الأمة، فإذا رأى الأمة مفترقة فرح الشيطان هذا المبتدع بتفريق الأمة؛ لأنه يستطيع أن يصطاد هذا ويصطاد هذا، أما إذا رأى الأمة مجتمعة في البلد فلا يستطيع، فيحزن ويحاول يكيد بكل قوته أن يشتت الأمة في البلد ليصطاد منها على ما يشاء الله سبحانه وتعالى، فالأمر خطير جدًا، فلذلك الحذر الحذر.
وبلا شك عندما يموت العلماء الربانيون فإن الهلاك سيحيط بالناس، ولذلك انظر من أهلك الناس بالعراق غير دعاة الضلالة، ومن أهلك الناس في فلسطين غير دعاة الضلالة من الإخوانيين الحماسيين وغيرهم، ومن أهلك الناس في أفغانستان غير دعاة الضلالة، ومن أهلك الناس في السودان وفي مصر، ومن قبلهم في الجزائر، وفي باكستان، والهند، وإلى آخره، كل ذلك من دعاة الضلالة، والأمر ينجر والشر ينجر إلى الخليج عن طريق دعاة الضلالة دعاة السياسة، يفرحون إذا أضلوا شابًا في السياسة فإنه يصطادونه بسهولة، وإذا رأوه مع أهل الأثر يحزنون ما يستطيعون عليه، فيحاولون إسقاطه فإذا وقع انتهى.
ولذلك البعير إذا سقط كثرت سكاكينه انتهى أمره، فلذلك الأمر خطير جدًا، فالهلاك يحيط بالناس، فقد «سُئل سعيد بن جبير رحمه الله تعالى وهو من أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم» ماتوا، هذه هلاك الناس ما قال شيئًا آخر، ما قال وهذا الأثر أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»، وأبو نعيم في «الحلية» بإسناد صحيح، ومعلوم أن قيام الدين قائم على الاجتماع على العلماء، هذا هو الاجتماع الصحيح لا اجتماع المؤتمرات من دعاة الضلالة، فاجتماع هؤلاء باطل لأجل المكاسب والمشارب، ولأجل أحزابهم، ولأجل الشهرة والظهور والبروز، فيحصلون مالًا هنا وهناك، فالدين قائم على الاجتماع على العلماء، والأخذ منهم، وبصلاحهم صلاح الدين والدنيا، وبفسادهم فساد ذلك كله، وبوجود الهدى الذي بيّنوه، وهم ورثة الأنبياء، وطلبة العلم ورثة العلماء.
فعليك بالعلماء وبطلبة العلم، فبهؤلاء تسعد الأمة وتفلح، وإذا الناس أرادوا الاعوجاج فاتركهم وأمرهم وضلالهم، فعليك أنت حتى لوحدك تمسك، فسوف تحصل على السعادة وتفلح في الدنيا وفي الآخرة، وليس عليك بهؤلاء الناس، ولا بدعواتهم الباطلة، فإن الله سبحانه وتعالى ما كتب عليك أن تتعاون وتتعامل مع هؤلاء، فتسعد لوحدك، ولكن سنة الله في خلقه أن يكون معك إخوانك من أهل السنة والجماعة، وهم كثر ولله الحمد تعمل معهم وتغدو وتروح، ولهم دروس، ولهم دعوة، ولهم كتب وأشرطة، وأعمال شرعية، وهؤلاء موجودون في كل زمان فلا تحزن.
وروى ابن الأعرابي في معجمه، والبيهقي في «مناقب الشافعي»، وابن عساكر في تاريخ دمشق بإسناد صحيح عن قتيبة بن سعيد قال: «مات الثوري ومات الورع»، وسفيان الثوري إمام من أئمة أهل السنة والجماعة وهو معروف بورعه وزهده، ثم يقول: «ومات الشافعي وماتت السنن»؛ لأنه أظهر السنن، والإمام الشافعي إمام سني معروف بيّن السنن، وهكذا لا بد على كل مسلم أن يقتدي بهؤلاء العلماء فيبين التوحيد، وليس عليك بكلام المبتدعة في أهل الأثر، فإنه كسراب بقيعة لا شيء، وهؤلاء يلقبون أهل السنة والجماعة بأمور كثيرة قديمًا وحديثًا، منها بالحشوية، بالناصبية، بالشكاكة، لمزوهم بالحدادية بأشياء كثيرة، وهم الحشوية وهم الشكاكة وهم الحدادية وهم المبتدعة، فانظر ماذا ترى.
فمات الثوري ومات الورع ومات الشافعي وماتت السنن، ويموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع، وانظر من بعده كيف خرجت البدع تترا، بدع الاعتزال، وبدع الرفض، وبدع الإرجاء، وبدع التصوف، وبدع القدرية، وما زالت البدع تخرج على يد أهل البدع، فانظر إلى بدع الإخوانية، وبدع السرورية، وبدع المرجئية العصرية، وبدع القطبية، وبدع الصوفية، وبدع التراثية، وبدع هؤلاء كثيرة، مات أحمد وظهرت البدع، فالأمر خطير جدًا بموت العلماء، فإذا رأيت عالمًا فتمسك به، ولا تحدث معه أي فتنة، فإن الفتنة مرجعها إلى صاحب الفتنة، فلا تحدث شيئًا.
وآخر الفتن فتنة ربيع المدخلي المرجئ وشيعته المرجئة الذين أحدثوا فتنة مع علماء أهل السنة والجماعة فعادت عليهم، فالفتنة تخرج من أناس، لكنها لا تصيب أهل السنة والجماعة، فهي ترجع إلى صاحب الفتنة، هذه سنة الله في خلقه، فلذلك الفتنة إذا خرجت عرفها العالم وجهلها الجاهل، فإذا أدبرت عرفها الجاهل، فلذلك الحذر الحذر مما أحدثه الناس من البدع، فموت العلماء أمر خطير، ولذلك يقول القائل:
مـا الـفخر إلا لأهـل الـعلم إنـهم على الهــــــــــــــدى لمن استهدى أدلاء
وقـدر كـل امـرئ ما كان يحسنـــه والـجـاهلون لأهـل الـعلم أعـداء
فلا تمشي مع الجهال وإن حاضروا وإن درّسوا وإن خطبوا، فإن هؤلاء جهاّل، فأهل العلم هم الأصل وطلبة العلم هم الأصل، علماء السنة وطلبة السنة، فموت العالم وموت صاحب السنة يقول فيه الإمام أيوب السختياني رحمه الله تعالى: «إنه ليبلغني موت الرجل من أهل السنة، فكأنما أفقد به بعض أعضائي»، فهكذا يكون صاحب السنة، وهذا الأثر أخرجه أحمد في «العلل»، وابن أبي الدنيا في «الإشراف»، وأبو نعيم في «الحلية»، والمروزي في «حديث ابن معين»؛ بإسناد صحيح، فهذا أمر أهل السنة والجماعة إذا ماتوا، فكأن الشخص فقد عضوًا من أعضائه لأن الله سبحانه وتعالى امتن على هذه الأمة بالعلماء الربانيين وطلاب العلم المتمكنين، فكانت نعمتهم أعظم النعم على الأمة وأجلها، وهم أكرم الخلق عند الله، وأرفعهم قدرًا، وأفضلهم على وجه الأرض بعد الرسل عليهم السلام، فالرسل هم القدوة، وهم الأساس في الدعوة والعلم والفضل، ويليهم العلماء ثم طلاب العلم، فكل من كان أعلم بالله كان أقرب الناس من الرسل عليهم السلام.
فعليكم بالعلم قبل أن يُقبض وقبضه قبض العلماء، وأن من تمام هذه النعمة توريث الله سبحانه وتعالى العلماء وطلاب العلم علوم الرسل والأنبياء، فكانوا هم ورثتهم القائمون في الأمة والبلاغ ونشر العلم والتعليم، وبيان الحلال والحرام، وتوجيه الناس إلى الخير، وإرشادهم إلى الحق، وتوصيل إليهم الهداية، فأخلاقهم عظيمة، وصفاتهم حميدة، وأعمالهم جليلة خلفاء الرسل، فأثارهم عظيمة شكر الله لهم السعي في العلم.
والعلم من علامات الخير والفلاح، ومن علامات التوفيق في العبد أن الله سبحانه وتعالى ييسر له عالمًا يدله على الخير، ويبين له الشر، فهذا الأصل في العالم، والله سبحانه وتعالى لعظم العلماء أرشد الناس إليهم ألا يسألوا إلا علماء أهل الحديث كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل:43]، فهذا هو الأساس، الأساس الرجوع إلى العلماء، وبيّن هذا الأمر الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره في هذه الآية.
وكذلك الذي يشهد على التوحيد من بعد الله سبحانه وتعالى هم العلماء وهم القائمين بالقصد والعدل كما بيّن الله سبحانه وتعالى ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ [آل عمران:18] هم الذين يقومون بالقسط والعدل، أما دعاة الضلالة الذين ينتسبون إلى العلم والذين ينتسبون إلى العلماء وما هم بعلماء، فهؤلاء أهل جور وأهل الظلم يظلمون أهل السنة، وبيّن البيهقي في شعب الإيمان هذا الأمر ويبين يقول: فضل العلماء بهذه الآية.
ويقول ابن القيم في «مفتاح دار السعادة»: (استشهد سبحانه وتعالى بأولي العلم على أجل مشهود عليه وهو توحيده، وهذا يجل على فضل العلم وأهله)، فعليك به أهل العلم، ولذلك يقول الإمام مالك رحمه الله تعالى في قوله تعالى: ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ﴾ [الأنعام:83] قال: «بالعلم»، فالله سبحانه وتعالى يرفع الناس بالعلم، فإذا رفع الله العلماء فعليكم بالعلماء، تتركون العلماء ثم تذهبون إلى دعاة الجهل والضلالة رؤوس الجمعيات! ما لكم كيف تحكمون! فالأمر خطير.
ولذلك ما ضل هؤلاء إلا بسبب تركهم للعلماء، ويدعون أنهم يرجعون إلى العلماء، وهم في الحقيقة يرجعون إلى دعاة الجهل رؤوس الضلالة، وهذا الأثر أثر الإمام مالك أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى بإسناد صحيح، ولذلك لا يعقل هذا الدين ولا هذه الدنيا كذلك إلا العلماء، فهم يميزون بين البدعة والسنة، وبين الخطأ والصواب والحق والباطل، هم الذين عندهم الفرقان، ولا بد أن يكون عند العبد الفرقان كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت:43]، ما يعرفها إلا العالمون، والعلماء هم علماء الشريعة وعلماء أهل السنة والجماعة أهل الحديث أهل الأثر، هم الأثريون.
وبيّن هذا الأمر الشيخ السعدي في «تَفْسِيرِهِ» يقول: ما يفهمها ولا يتدبرها ولا يطبقها إلا أهل العلم، هذا هو الأصل، أما الذي يتشكك في فتاوى العلماء أو في علمهم فهذا خسران بلا شك، ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول في هذه الآية العظيمة ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر:28]، فأهل الخشية هم العلماء، فعلينا بالعلماء، وعلينا بعلماء الحرمين الأحياء منهم الأموات، ومن تابعهم على التوحيد والاعتقاد والمنهج، أما من تركهم ففي الحقيقة فهذا لا يعتبر شيئًا، ولا نتبعه، ومن يتبع أمثال هذا فهو هالك، ولذلك الذين تركوا علماء الحرمين واعتقادهم في مسائل الإيمان وفي غيره كربيع هلك فلذلك هؤلاء عندما اتبعوا ربيعا هلكوا وما زال هؤلاء في هلاك وفي تشتت حتى الله شتت شملهم ولذلك ترى أتباع ربيع منهم من ذهب إلى السرورية وإلى القطبية وإلى الإخوانية وإلى التراثية يتلقطون الأموال والمكاسب والمشارب والمصالح كما ترونهم ومن أنكر ذلك جداول أتباع ربيع عندنا مع أهل البدع ومحاضرات أهل البدع ودروس أهل البدع فالحذر الحذر من أمثال هؤلاء ولذلك الشيخ عبدالله الغديان رحمه الله تعالى كان من الذين قمعوا ربيعا في الإرجاء هو الشيخ الغديان رحمه الله تعالى وحتى أنه سمي أسمه فبين أمره وأن هذا إرجاء الذي أخرجه ولذلك أتباع ربيع تكلموا فيه في شبكة خراب فالحذر الحذر من هؤلاء فهؤلاء في الحقيقة يطعنون كثيراً في الشيخ عبدالله الغديان لأنه رد على ربيع وهذه مشكلة هؤلاء المتعصبة فيتعصبون لإراء الرجال ولرؤوس الضلالة فيهلكون فهذا الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء أتخذوا هذا رأساً لهم يفتي لهم وتركوا علماء الحرمين ولذلك رددت عليهم وبينت أمرهم في كتابي الشهب المرمية على الفوضى والفوضوية في شبكة سحاب البدعية وهو موجود في الانترنت فبينت تعصب هؤلاء فبينت تعصب هؤلاء وأنه لا يجوز أن يجعل أي رجل رأساً للأمة ولا يجوز لهذا الرأس أن يقبل ذلك بل يجعل الناس يرجعون إلى علمائهم وإلى المسلمين يخالطونهم ويتعاونون معهم فهذا الأمر لا يجوز أن يجعل الشخص رأساً للأمة ويترأس عليهم فلا يجوز فعلماء الشريعة كلهم جاده للأمة الأحياء منهم والأموات وعلى رأسهم صحابة النبي والتابعين وتابعي التابعين والأئمة والحفاظ مما ذكرناهم ولا يجوز للشخص أن ينصب نفسه رأساً للأمة فيدعوا الأمة إلى نفسه وإلى أموره وأن يرجعوا إليه فلا يجوز فالأمر خطير جدًا فالذي يفعل فهذا من دعاة الضلالة والذي يتبعه فهو ضال فيهجر وينبذ ويحذر منه فلابد أن يكون علماء الشريعة كلهم جادة لنا ما في تخصيص ولا في تفضيل إلا بالعلم هذا هو الأصل ولذلك لا يجوز تفريق الرسل كما بين الله سبحانه تعالى وبينت هذا الأمر في الرد على أتباع ربيع وهؤلاء هم الفرقة الربيعية وهي من الفرق الضالة ومن الثنتين وسبعين فرقة هذا الجزء الأول الجزء الثاني أن فرقة ربيع من الثنتين وسبعين فرقة وهناك بحث سوف يأتي في بحث ثالث على هذه الفرقة الجزء الثالث وبينت أمر هؤلاء كلهم فلا يجوز لأي شخص أن ينصب نفسه رأساً على الأمة من دون العلماء علماء الشريعة ويشتت الأمة ويفرق الأمة لأجل نفسه فالأمر خطير جدًا فيستحيل أن ترجع الأمة كلها إلى واحد فإذا أدعى فاعلم أنه رأس ضلاله فهو شيطان يدعوا إلى نفسه فلابد على الشخص إذا كان صادقاً أن يدعوا إلى علماء الشريعة الأحياء منهم والأموات حتى لو ردوا عليه حتى لو خطؤه في أي شيء فلابد أن يعترف بفضلهم وبتوحيد وبعلمهم وأنهم أعلم منه لا يطعن فيهم كم فعل ربيع وأتباعه فالأمر خطير جدًا فالعلم النافع يورث الخشية ويكون سبباً في زيادة التقوى والتقرب إلى الله وهي الغاية التي خلق الله العباد من أجلها فعليك بالعلم فالعلم النافع يورث الخشية ويكون سبباً في زيادة التقوى والتقرب إلى الله وهي الغاية التي خلق الله العباد من أجلها حصول الهداية وحصول التقوى ودخول الجنة ورضى الله والألفة والمحبة فعليك بأهل السنة والجماعة وأترك أهل الفرقة والشناعة ومن ترك العلم هلك فلينظر الناس ماذا يختارون فإن اختاروا دعاة الهداية فهذا الأمر هو الأصل ونجوا في الدنيا وفي الآخرة وإن اختاروا دعاة الضلالة هلكوا في الدنيا وفي الآخرة وهذا آخر ما عندنا في هذه الكلمة وهي كلمة حق في الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الغديان رحمه الله تعالى في أي سؤال أو شيء.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.