الرئيسية / أحكام اللعب والرياضة في الإسلام / الجزء (35) أحكام اللعب والرياضة: حكم المصارعة بعوض، وبيان ضعف حديث مصارعة النبي مع ركانة (تفريغ)
2025-04-16

الجزء (35) أحكام اللعب والرياضة: حكم المصارعة بعوض، وبيان ضعف حديث مصارعة النبي مع ركانة (تفريغ)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام اللعب والرياضة، ووصلنا في لعبة المصارعة وبيننا جملة وتفصيلا عن هذه اللعبة، وفي هذا الدرس نتكلم عن ما ورد في المصارعة بعوض وهو محرم، وذكرت أحاديث في المصارعة بالعوض وهي كلها ضعيفة وبيأتي الكلام عليها، وقد اتفق الفقهاء من الحنفية كما في رد المحتار، وكذلك المالكية كما ذكر ابن جوزي القوانين الفقهية، وكذلك فقهاء الشافعية كما ذكر الشربيني في مغني المحتاج، وفقهاء الحنابلة كما ذكر ابن قدامة في المغني على جواز المصارعة إذا كانت بلا عوض، وبيننا هذا الحكم في الدرس الذي سلف.
وكذلك يعني حرم الفقهاء المصارعة بعوض يعني منعوا لعبة المصارعة بعوض، كما بيننا كثيرا في الألعاب الأخرى، وذكر الفقهاء أحاديث كلها ضعيفة، وذكروا في ذلك قصة ركانة عندما كان في الجاهلية طلب من النبي- صلى الله عليه وسلم- المصارعة فصرعه النبي- صلى الله عليه وسلم-، وهذه القصة مشهورة القصاص والوعاظ والخطباء يذكرون مصارعة النبي- صلى الله عليه وسلم- لركانة في أيام الجاهلية، وهي قصة ضعيفة ووردت بألفاظ كثيرة وبطرق مختلفة وكلها ضعيفة، فاللفظ الأول وكذلك الطريق الأول أخرجه أبن سعد في «الطبقات الكبرى» من طريق أبي الحسن العسقلاني عن أبي جعفر محمد ابن ركانة عن أبيه ركانة أنه صار النبي- صلى الله عليه وسلم- فصرعه النبي- صلى الله عليه وسلم-، وسمعت النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلادس، وهذا الحديث فيه أبو الحسن العسقلاني هذا وهو مجهول، كما في تهذيب الكمال للمزي وكذلك فيه أبو جعفر محمد ابن ركانة ركانة هذه المصارع الذي صارع النبي- صلى الله عليه وسلم- لكن هذه القصة كما ذكرت لكم لا تصح، هذا أبو جعفر محمد ابن ركانة كذلك مجهول، والأحاديث هذه كذلك أخرجه البخاري في التاريخ الكبير وأبو داوود في سننه، والترمذي في سننه، وأبو يعلى في المسند، والطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن الكبرى، وذكره البيهقي في دلائل النبوة مطولا بذكر العوض، وإسناده ضعيف كما ذكرت لكم لجهالة أبي الحسن العسقلاني، وأبي جعفر محمد ابن ركانة، وكذلك كما ذكر البخاري عن إسناده، يقول الإمام البخاري في التاريخ الكبير إسناده مجهول لا يعرف سماع بعضه من بعض، فالحديث هذا لا يصح وكذلك ضعفه الترمذي في السنن بقوله هذا حديث غريب، ولذلك قال ابن حبان في الثقات في إسناده نظر يعني ضعيف ما يصح.
و القلانس جمع قلنسوة وهي ملابس الرؤوس المعروفة، وهي تلتصق بالرأس وتلف بعد ذلك العمامة عليها وتسمى في زماننا بالطاقية كما ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب، وكذلك ابن عابدين في حاشيته، هذا الطريق الأول ضعيف لا يصح، الطريق الثاني أخرجه عبد الرزاق في المصنف عن معمر عن يزيد ابن أبي زياد عن عبد الله ابن الحارث قال صارع النبي- صلى الله عليه وسلم- أبا ركانة في الجاهلية، وكان شديدا فقال شاة بشاة فصرعه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقال أبو ركانة عاودني فصارعه فصرعه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أيضا، فقال عاودني في أخرى فعاوده فصرعه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ثم قال النبي- صلى الله عليه وسلم- ما كنا لنجمع عليك أن نصرعك ونغرمك خذ غنمك، وهذا الحديث كذلك حديث ضعيف فيه يزيد ابن أبي زياد وهو ضعيف.
وكذلك يقول الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير، هكذا وقع فيه أبو ركانة، وكذا أخرجه أبو الشيخ في السبق والرمي من طريقه والصواب ركانة، ففي هذه الحديث فيه صارع عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أبا ركانة، هكذا بالكنية والصحيح أنه أنه اسمه ركانة هكذا، وهذا يدل على أن الألفاظ كذلك مختلفة والطرق مختلف، وهذا يدل على اضطراب الألفاظ واضطراب الأسانيد، وهذا كذلك يوجب الضعف والحديث هذا أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في السبق والرمي عبد الرزاق في المصنف، وإسناده ضعيف كما ذكرت لكم لأمور ضعف يزيد ابن أبي زياد، وكذلك أنه مرسل فعبد الله ابن الحارث تابعي، فالحديث كذلك منقطع.
الطريق الثالث أخرجه أبو داود في المراسيل من طريق حماد ابن سلمة عن عمرو ابن دينار عن سعيد بن جبير أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان بالبطحاء فأتى عليه يزيد ابن ركانة أو ركانة ومعه عنز له، فقال له يا محمد هل لك أن تصارعني؟ قال وما تسبقني، يعني ماذا تعطيني؟ قال شاة من غنمي فصارعه النبي- صلى الله عليه وسلم- فصرعه إلى آخر الحديث، وهذا الحديث مرسل، لأنه من طريق سعيد ابن جبير عن النبي- صلى الله عليه وسلم- سعيد بن جبير تابعي لم يدرك النبي- صلى الله عليه وسلم، ولذلك أخرجه أبو داود في المراسيل، يعني الإسناد مرسل منقطع لا يصح، وكذلك الحديث أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة، والحديث مرسل وكذلك حماد بن سلمة تغير، ولذلك اختلف في هذا الإسناد فالإسناد ضعيف لا يصح لإرساله، ولذلك قال ابن حجر في تلخيص الخبير سعيد ابن جبير لم يدرك ركانة، وقال البيهقي مرسلا جيد كما في السنن الكبرى وقد اختلف في إسناده على حماد ابن سلمة، فكذلك الإسناد مختلف فيه، فالإسناد ضعيف لا يصح وهذا الطريق الثالث كذلك لا يصح، وغريب الحديث ما تسبقني أي ما تعطيني، يقال سبقه إذا أخذ منه السبق، وهو ما يتراهن عليه وسبقه أعطاه إياه.
الطريق الرابع: أخرجه البيهقي في دلائل النبوة من طريق يونس ابن بكير عن ابن إسحاق، قال حدثني والدي إسحاق ابن يسار أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال لركانة ابن عبدي يزيد أسلم، فقال لو أعلم أن ما تقول حقا لفعلت، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكان ركانا من أشد الناس أرأيت إن صارعتك أتعلم أن ذلك حق؟ المهم أن النبي- صلى الله عليه وسلم- صارعه النبي- صلى الله عليه وسلم- فصرعه ومع هذا ما أسلم، فهذا الحديث كذلك لا يصح فيه أحمد ابن عبد الجبار ليس بالقوي وكذلك مرسل وكذلك مرسل، وإسحاق ابن يسار المدني والد محمد بن إسحاق صاحب السيرة من التابعين وأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في دلائل النبوة وإسناده ضعيف لإرساله، وكذلك إسناد أبي القاسم الأصبهاني معضل فهذا كذلك الإسناد لا يصح، وكما ترى في اسمه أحيانا يقال عنه ركانة، وأحيانا يقال عنه أبو ركانة وهكذا، فهذا اضطراب كذلك في اسمه.
والطريق الآخر هذا أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة مطولا جدا في (ج٢ ص١٢١٤) من طريق أبي عبد الرحيم، قال حدثنا أبو عبد الملك عن القاسم عن أبي أمامة، قال كان رجل يقال له ركانة وكان من أفتك الناس وأشدهم وكان مشركا وكان يرعى غنما له في واد يقال له إظم، وفيه أنه صارع النبي- صلى الله عليه وسلم- فصرعه النبي- صلى الله عليه وسلم-، وهذا كذلك الحديث لا يصح وهو ضعيف، وكما ترون في هذه الأحاديث وهذه القصة أن ركانة هذا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في بعوض دائما بالغنم هذه، لكن هذه القصص لا تصح عن النبي- صلى الله عليه وسلم- في مصارعته بركانة هذا، وهذا الحديث كذلك أخرجه البيهقي في دلائل النبوة وإسناده ضعيفا لضعف علي ابن يزيد ابن أبي هلال، فهذه الآن عندكم هذه الأحاديث كلها ضعيفة، فلذلك قصة مصارعة النبي- صلى الله عليه وسلم- لركانة هذا لا تصح، والوعاظ يذكرونها دائما وكذلك القصاص والخطباء وهي لا تصح عن النبي- صلى الله عليه وسلم-، وكذلك مصارعة النبي- صلى الله عليه وسلم- لأبي جهل لم تثبت ولا أصل لها، بيننا من قبل وبين الفقهاء في تحريم المصارعة بعوض، فذهب الحنفية كما في بدائع الصنائع للكاراتيه والمالكية كما في الكافي لابن عبد البر والحنابلة كما في المغني لابن قدامة، وهو ظاهر مذهب الشافعي إلى منع بذل العوض في المصارعة بذل العوض في المصارعة، وبيننا إذا كان في أمر عادي بين يعني الناس، وبيننا كيفية المصارعة ويعني السلف لم يلعبوا بهذه اللعب بعوض، وبيننا ذلك كثيرا، وبعض أهل العلم يعني جوزوا المصارعة بالعوض ولم يصيبوا في ذلك وكل هذه الأدلة ضعيفة التي استدلوا بها، ومن هؤلاء العلماء الذين جوزوا المصارعة على عوض شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذلك الإمام ابن القيم وكذلك الشافعية، وفي وجه لهم وكذلك وجه للحنابلة وهذا اجتهاد منهم، وبيننا أن هذه الأحاديث لا تصح ولا يجوز المصارعة على عوض.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.