القائمة الرئيسة
الرئيسية / أحكام اللعب والرياضة في الإسلام / الجزء (32) أحكام اللعب والرياضة: حكم المصارعة والملاكمة (تفريغ)

2025-04-16

صورة 1
الجزء (32) أحكام اللعب والرياضة: حكم المصارعة والملاكمة (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 وما زلنا في تبيين أحكام الرياضة واللعب، ففي هذا الدرس سوف أتكلم عن المصارعة.

 والمصارعة: لغة الأصل فيها يدل على سقوط شيء إلى الأرض عن ممارسة اثنين، ويحمل على ذلك ويشتق منه من ذلك صرعت الرجل صرعا، وصرعته مصارعة، وهذا الذي ذكره ابن فارس في معجم «مقاييس اللغة»، فالأصل في ذلك سقوط شيء إلى الأرض، وهذا يكون ممارسة بين اثنين، يعني يتصارعان وهذا ظاهر أن المصارعة سقوط رجل ويسقطه رجل آخر على الأرض.

 والمصارعة: في الاصطلاح هي لعبة رياضية يتقابل فيها لاعبان، يسعى كل منهما إلى طرح خصمه أرضا أو تثبيته عليها.

 ومن هنا يعني في هذا التعريف تعلم أن المصارعة المباحة أن يلعب ويتقابل لاعبان يتصارعان ويسعى كل واحد منهم بإسقاط خصمه على الأرض وتثبيته وبس، هذه هي المصارعة التي كانت يلعب بها السلف، فليس فيها ضرب وجه، ولا إضرار جسم ولا رمي جسم على الأرض بقوة، ولا رفع جسما ورميه كذلك، ولا ضرب باليد على الوجه أو الرأس أو الظهر أو غير ذلك ولا ألواء اليد وغير ذلك من الأمور التي يلعب بها الغرب، فالمصارعة التي يلعب بها الغرب هذه مصارعة محرمة، وبيأتي بيان هذا الأمر.

 فنريد أن نبين المصارعة المباحة، المصارعة المباحة التي يجوز للمسلمين أن يلعبون بها، وتكلمنا كثيرا يكون بين المسلمين ليس في النوادي واللعب المعروف في العالم من تضيع الوقت وتبذير المال وما شابه ذلك هذا تكلمنا عنه كثيرا وهذا لا يجوز، لكن إذا كان فيما بين المسلمين في منطقة أو في مركز أو ما شابه ذلك أو بين الصغار اثنين مثلا يلعبان هكذا فهذه المصارعة مباحة، وبيأتي جميع الأحاديث التي جاءت عن مصارعة السلف كلها أحاديث ضعيفة، ومصارعة النبي -صلى الله عليه وسلم- كذلك كلها ضعيفة، وإقرار الرسول -صلى الله عليه وسلم- ببعض المصارعات كذلك أحاديث كلها ضعيفة، ومصارعة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأبي جهل لا أصل لها، ومصارعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لركانة في الجاهلية كذلك ضعيفة لا تصح، الوعاظ دائما يذكرونها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صرع أشد رجل في الجاهلية ويدعون ويسمونه بركانه، وهذه المصارعة لا تصح.

 لكن في الجملة فبين أهل العلم جواز المصارعة هكذا، أن يشتبك المصارعان وكل واحد يميل بالآخر على الأرض أو إلى الأرض ليسقطه، فإذا سقط أثبته على الأرض وتركه، ليس فيها ضرب وليس فيها أي شيء وبين أهل العلم كالحنابلة والحنفية والمالكية والشافعية جواز هذه المصارعة في هذه الحدود يعني في حدود الشرع كما ذكر ابن قدامة في المغني، وكذلك الشربيني في مغني المحتاج وغيرهما من العلماء، فإذا المصارعة تجوز في هذه الحدود احفظ هذا الأمر.

 لكن المصارعة في هذا العصر الحديث تختلف عن مصارعة السلف والتي جوزها أهل العلم ولها صور فمن أشهر هذه المصارعات وهذه المصارعات كلها محرمة لا يجوز اللعب بها من قبل المسلمين ولا نشرها ولا مشاهدتها ولا الإنفاق المال عليها ولا شيء، فمن فعل ذلك أثم ولذلك تكلمنا كثيرا أن المسلم في هذه الدنيا وقته قليل والدنيا هذه وقتها قصير، وأيامها قصيرة، كما ترون فلا يسمح للمسلم أن يلهو ويلعب بهذه الدرجة التي يلعب بها الغافلون في هذا الزمان فلا تتشبه بهؤلاء، هؤلاء الله سبحانه وتعالى أز إليهم الشياطين الإنس والجن في الغرب والشرق أن يضلونهم، ويلهون ويلعبون في هذه الدنيا ويهلكون بعد ذلك يندمون.

 فالمسلم ما يكون هكذا، فعليه أن يحافظ على وقته ويحرص عليه أشد الحرص، وليكن يومك ساعة فساعة، كما بين النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث حنظلة في «صحيح مسلم»، ولا تغتر بهؤلاء الذين يلهون ويلعبون ﴿الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا﴾ [الأعراف:51]، فهؤلاء غرتهم هذه الحياة وغرهم اللعب واللهو والغفلة وهؤلاء يدركهم الموت وهم غافلون هالكون، فيعرف كل واحد في قبره ماذا فعل، فإنه فرط في هذا الدين وفرط في العبادة.

 فعلى المسلم أن لا يغتر بهؤلاء ولا بأموالهم ولا إمكانياتهم ولا أماكنهم من النوادي وغير ذلك، ولا هذه الصالات فلا تغتر بذلك، فأنت حافظ على وقتك واعرف هذا الأمر، وفي الحقيقة هذه المصارعات الآن بهذا المستوى فتنة لكل عامي جاهل هالك، فالمسلم ما ينفتن في هؤلاء ولا ينظر إليهم ولا يغتر بهم؛ لأن الإنسان في الحقيقة مبرمج، فأي شيء يكثر من رؤيته أو فعله وهو محرم يركن في قلبه ويفتتن فيه فلا يستطيع بعد ذلك تركه والامتناع عنه واجتنابه، ولا يستطيع عليه إلا ربه سبحانه وتعالى وإلا أكثر الناس كما ترون مفتونون في كرة القدم، في المصارعات في كذا في كذا بينت لكم كثيرا ولا يخفى عليكم هذا الأمر.

 فعلى المسلم أن ينتبه لنفسه في ذلك، والله سبحانه وتعالى عليه يراقبه، فلا تملأ صحيفتك اليومية بالنظر إلى هذه الألعاب التي هي من شياطين الإنس والجن ليلهون الناس ويهلكون ويفسدونهم والله لا يحب المفسدين، فانظر في هذا الأمر فاللعب واللهو فتنة لكل مفتون، وطالب العلم يحذر من هذه الأمور فتتتبع هذه الأشياء تنفتن فيها ويصعب بعد ذلك ترك هذا الأمر فالحذر الحذر من هذا الأمر.

 فعندنا ما تسمى الآن «بالمصارعة الحرة»: وهي لعبة بدنية عنيفة، تجري بين اثنين يحاول كل منهما أن يصرع الآخر بشتى الوسائل الممكنة، من ضرب أو ركل أو لكم وصولا إلى تحقيق الفوز بتثبيت الخصم أو إلقائه خارج الحلبة أو دفعه للاستسلام أو بالضربة القاضية فهمتم،  هذه المصارعة الحرة يسمونها المصارعة الحرة تأتي هكذا، وهذه المصارعة محرمة في ديننا، ويجوزها الغافلون، اللاعبون في هذه الدنيا، للمسلمين، وهي محرمة، فهذه اللعبة عنيفة، حتى أن الصغار إذا يرون هذه الأشياء يطبقونها على زملائهم الصغار، فيلعبون بها.

 يجب على كل مسلم إلا يتتبع بمثل هذه المصارعة، لا في التلفاز، ولا في الهاتف ولا في مباشرة، وممكن أن يؤتى لكم بمصارعين، ويلعبون وترى الهمج والرعاع، يذهبون إلى هؤلاء، يرون هؤلاء مباشرة، فلا تذهب أنت، لو ذهب كل الناس أنت حافظ على نفسك وعلى دينك واجلس في بيتك، فلا تخالط أهل البدع ولا تخالط أهل الفسق ولا تخالط أهل الغفلة، إذا خالطت أهل البدع كنت مبتدعا، وإذا خالطت أهل الفسق كنت فاسقا، وإذا خالطت أهل الغفلة كنت غافلا، وجميع هؤلاء هالكون، فاحذر فهذه المصارعة لا تصح في ديننا وهي محرمة؛ لأن فيها اشياء كما ترون من الأضرار بالجسم، وديننا ليس فيه ضرر ولا ضرار، يعني لا تضر نفسك ولا تضر غيرك، فلينتبه الناس رجالا ونساء.

 ثانيا الملاكمة، الملاكمة: هذه هي لعبة قاسية تقام بين لاعبين يسعى كل منهما إلى الإطاحة بخصمه عن طريق توجيه اللكمات إليه باليدين على الوجه والرأس وما فوق الوصف ويفوز اللاعب عند تسجيله نقاطا أكثر في جولات المباراة البالغة خمسة عشر جولة أو بالضربة القاضية أو انسحاب أحد اللاعبين، فهكذا تكون الملاكمة.

 وهذه لعبة قاسية بلا شك أنها محرمة في الإسلام؛ لأن فيها أضرار ومؤذية، كذلك بالملاكمين أو المصارعين يلهون الناس، وضياع الأموال والأوقات وأشياء كثيرة، فلذلك ديننا يحرص على وقت العبد في هذه الحياة، ويوعظه أن يهتم بوقته، وهؤلاء يضيعون الأوقات، أوقات الناس بلا فائدة تذكر أصلا إلا شهوة هذا اللعب والفتنة بها فقط والله ما في شيء، ولذلك يخرج لنا الآن بعض الجهلة ويلعبون مثل هذه اللعبة الملاكمة.

 لذلك المسلم لا يضيع وقته، ومراد الكفرة في الخارج، ومراد الفسقة في الداخل تضييع وقت المسلمين، وعدم التفات المسلمين إلى طاعة الله سبحانه وتعالى، وعدم التفات المسلمين إلى إسلامهم، لأن هذه فتنة تلهي الناس عن الدين بلا شك، فعلى الناس أن يحرصوا على هذا الأمر وينتبهوا، فليس الأمر بالسهل، فإن العبد إذا هو ينظر إلى هذه الأشياء أو ينشر هذه الأشياء أو يدعوا إليها صحيفته تمتلئ كلها سيئات في يومه هذا كل شيء يجري عليه، فلينتبه الناس من هذا الأمر.

 وهاتان اللعبتان محرمتان لأمرين:

الأمر الأول: أن فيهما ضررا عظيما على النفس والبدن، والضرر مدفوع في الشريعة، فقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾ [البقرة:195]، وهذه هلكة، فممكن الشخص يموت، يتلاكم فيموت بعد ضربة أو جرحه والاضرار به، الأضرار البالغة في جسمه والإسلام يحرم هذا الأمر، وهذه الأضرار كما لا يخفى عليكم، ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول:  ﴿ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما﴾ [النساء:29]، الله سبحانه وتعالى رحمه، رحم الناس وبين لهم الأضرار، من عدم القتل وعدم الضرب، وغير ذلك.

 كل هذه الأشياء للمحافظة على هذا الإنسان، يحافظ على نفسه، يحافظ على غيره فحرم القتل والضرب، الله سبحانه وتعالى وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بين هذا الأمر والاضرار هذه منفية في الشريعة، فكيف هؤلاء يضربون أنفسهم ويضربون غيرهم ? ويقولون هذه لعبة وهذه رياضة وهذه ما يشبه ذلك، بل هؤلاء في الغرب عصابات في المصارعة وفي الملاكمة وغير ذلك.

 والنبي -صلى الله عليه وسلم- كما بين في حديث أبي سعيد الخدري الذي أخرجه الدارقطني في «السنن»، والحاكم في «المستدرك»، والبيهقي في «السنن الكبرى» وهو حديث حسن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا ضرر ولا ضرار)، يعني لا تضر نفسك ولا تضر غيرك، ولا بد أن تعظ أنت الناس عن الاضرار وعن القتل وسفك الدماء وما شابه ذلك، فإذا في هذه الأشياء الله سبحانه وتعالى حرم على الناس بعضهم ببعض، أو شخص مع شخص آخر أشياء انفرادية، ما بالك بسفك الدماء في البلدان والخروج، خروج الخوارج والثوار في البلدان ويدعون أن هذا من الجهاد والأضرار جسيمة في البلدان تحدث بسبب الخروج سواء كان كافرا الحاكم أو مسلما ما يجوز الخروج عليهما؛ لأن الأضرار متحتمة والبلدان كما ترون عندكم وترون في التواصل المرئي وفي كل مكان الأضرار التي حصلت بسبب الخروج هذا الحاكم واحد فلا تؤذي الملايين بسبب خروجك وتقول إن في ظلم وفي كذا، الآن أنت تسببت ظلم أكبر من ظلم الحاكم.

 فلذلك انتبه لهذا والله سبحانه وتعالى حرم الخروج مطلقا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حرمه مطلقا ولم يجوز الله سبحانه وتعالى هذا الأمر ولا ضرورة، ويقولون سوف نجعل البلد بعد الخروج إلى الأفضل، أين الافضل؟ الادمر، دمروا البلدان، فلذلك انتبه، لهذا الأمر، فصبر على الحاكم الظالم إلى أن الله سبحانه وتعالى يأذن بشيء، فلذلك على الناس أن ينتبهوا لهذا الأمر.

 وفيه أن كذلك النقطة الثانية عن هذه الملاكمة والمصارعة أن فيها اعتداء على الوجه، وقد جاء بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه)، وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، مسلم في «صحيحه»، فعندنا الآن بينا لكم المصارعة والملاكمة.

 

   سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 

 

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan