الرئيسية / أحكام اللعب والرياضة في الإسلام / الجزء (14) أحكام اللعب والرياضة: حكم اللعب بالطيور والحيوانات ووضعها في الأقفاص (تفريغ)
2025-04-16

الجزء (14) أحكام اللعب والرياضة: حكم اللعب بالطيور والحيوانات ووضعها في الأقفاص (تفريغ)
الحمد رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن حكم اللعب بالشطرنج، ولعله تكلم في هذا الدرس عن اللعب بالطيور والحيوانات، وهل يجوز ما يسمى بحديقة الحيوانات أو لا ووضعها في الأقفاص المعروفة وإتيان الناس إليها؟.
فاللعب بالطيور والحيوانات، الأصل فيه الجواز، وبيأتي بشروط بدون هذه الشروط لا يجوز، وكذلك فتح ما يسمى بحديقة الحيوان أو الطيور أو ما شابه ذلك ليأتيها الأطفال والكبار والصغار والرجال والنساء والأبناء والبنات، فهذه كذلك يجوز في الشريعة المطهرة، لكن بشروط فلابد من توفير هذه الشروط.
وكذلك الذي يذهب إلى هذه الأماكن، أو كما يقال الذين يربون الطيور ويضعونها في الأقفاص خاصة تربية الحمام، وهذا منتشر جدا وخاصة يعني انتشرت تربية الطيور في الأقفاص وفي البيوت، فالأصل فيها الجواز، والدليل على ذلك ما ثبت في «صحيح البخاري» من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال أحسبه فطيما وكان إذا جاء قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يا أبا عمير ما فعل النغير؟ نغر كان يلعب به فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس وينضح بالماء ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا). وهذا الحديث كذلك أخرجه مسلم في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه»، والترمذي في «سننه»، وابن ماجه في «سننه».
والنغير: هو طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار، يصغر إلى نغير، ويجمع إلى نغران، كما ذكر ابن الأثير في النهاية في «غريب الحديث».
فهذا الحديث يدل على جواز أن يلعب الأطفال بالطيور وذلك لإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الفعل، لو كان حراما أو لا يجوز لبين النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا الصغير، ولبين لأنس بن مالك -رضي الله عنه- كما بين النبي -صلى الله عليه وسلم- للصغار في أشياء كثيرة، وبين لهم إذا فعلوا أمرا محرما، فهذا يدل على الجواز ويعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الصغار لا يحسنون اللعب مع الطيور بدون ضرر فلا بد من الصغير أن يضرر هذا الطير أو الطيور خاصة إذا وقع الطير في يده، ولذلك ترى كذلك الصغار يرمون الطيور بالحجارة وهم يطيرون أو في الأرض فلا يحسنون هذا الأمر جيدا، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أقر أبا عمير هذا على اللعب بالطير.
والمسلم يكفيه دليل واحد على فعل الشيء وقس على بقية الأمور، خاصة إذا كانت هذه الطيور في أيدي الكبار، فيحسنون المعاملة معها ولا يضرونها بل يربونها ويقدمون لها الأكل والشراب ويعتنون بها ويكنسون أماكن هذه الطيور في البيوت أو في السطوح في القفص ويضعون لها الأنوار ومنهم من يضع لهم المكيفات فيعتنون بها، فإذا كان كذلك فيجوز بشرط أن يعتني يعني الكبار بنظافة هذه الطيور، وكذلك تقديم الطعام والشراب لهذه الطيور.
أما أن تترك الطيور هكذا أو الحيوانات بدون أكل ولا شرب وبإهمال فهذا العبد ممكن أن يعذب إذا مات هذا الطير أو ماتت الطيور أو ماتت الحيوانات أو هذا الحيوان مات عنده مثلا القط مثلا هذا السنور أو غيره فيحبسه في قفص أو في أي مكان أو في الغرفة ولا يهتم به ولا يطعمه ولا يقدم له الماء فهذا إن مات فعلى مشيئة الله -سبحانه وتعالى- إن شاء الله عذبه وإن شاء الله -سبحانه وتعالى- تركه، لكن لا يخفى عليكم أن الله -سبحانه وتعالى- أدخل امرأة النار بسبب إنها لم تطعم هذه الحيوان كما سوف يأتي، فلماذا؟ لأنها حبست هذه الحيوان ولم تطعمه ولم تتركه يأكل ويشرب من رزق الله -سبحانه وتعالى- في الأرض فالأمر هذا ليس بسهل الناس يرون أن هذا أمر يسير أن تترك الطيور بلا أكل ولا شرب أو هذا الطير أو الحيوانات أو الحيوان فلا يهتم فيموتون فيأثم، وممكن أن يعذب على مشيئة الله -سبحانه وتعالى- لأن الله -سبحانه وتعالى- أدخل هذه المرأة بسبب أنها لم تطعم هذه الحيوان.
فلذلك الأصل في تربية الطيور والحيوانات وخاصة الأطفال، أي لعب الأطفال بالطيور والحيوانات يجوز لإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولابد على الكبار أن ينتبهوا لهذا الأمر لأنهم مكلفون بشرط أن يطعموا هذه الطيور ويطعموا هذه الحيوانات ولذلك هذا الحديث دل على جواز اللعب بالطير وما شبه ذلك.
يقول ابن حجر -رحمه الله تعالى- في «فتح الباري»: (في هذا الحديث جواز لعب الصغير بالطير وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به) فابن حجر يبين هذا الأمر جواز لعب الصغير بالطير أو بالطيور أو تربية الطيور أو بالحيوان وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب ما يشاء من اللعب المباح، كما بينا من قبل؛ لأن أنس -رضي الله عنه- وأم سليم تركوا هذا الصغير يلعب بهذا الطير، وكذلك إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لهما بذلك في اللعب بالطير.
ويقول ابن حجر كذلك في «فتح الباري»: بجواز إمساك الطير في القفص ونحوه وقص جناح الطير إذ لا يخلو حال طير أبي عمير من واحد منهما وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم، فكذلك يجوز وضع الطيور في قفص وفي هذه الأقفاص وبشرط إذا فعل الكبير أو الكبار هذا الأمر في الطيور وفي الحيوانات إذا حبسوها أن يقدموا لها الطعام كما يطعم نفسه ويطعم أهله وأولاده فكذلك يطعم حيوانته وطيوره ولا يجوز ترك ذلك، أما إذا نسي إذا كان هو الآن مهتم بهذا الطير وبهذه الطيور يطعمهم ويشربهم ويهتم بهم لكن نسى مثلا هذا الطير في القفص وانشغل ومات هذا ما عليه شيء ﴿ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾ ويعني النسيان هذا معروف من بني آدم في أي شيء ينساه حتى لو كانت عبادة فلا يؤاخذ عليها، فلو أكل أو شرب في نهار رمضان وهو ناس ليس عليه شيء، لو جامع زوجته بنهار رمضان ليس عليه شيء، لو نسي صلاة ليس عليه شيء، لو نساها بالكلية لم يتذكرها، ليس عليه شيء، بشرط أن يكون مهتم بهذه العبادة، ومهتم بدين الله -سبحانه وتعالى-، فكذلك أن يكون هذا العبد مهتم بتغذية هذه الطيور أو الحيوانات من الأغنام من الأبقار وكذلك يعني الحيوانات الأخرى السبع الوحشية هذه توضع في الحدائق الحيوانات لابد أن تطعم وتغذى تقدم لها الطعام والشراب وما شابه ذلك.
أما ترك هذه الحيوانات بدون طعام ويموتون فيأثمون أصحاب هذه الحيوانات فكما أن العبد يطعم نفسه وأولاده والذين تحته كذلك عليه إذا أتى إلى بيته حيوانات يجوز أن يربيها في البيت أو الطيور أو وضع هذه الحيوانات في الحدائق المعروفة العامة فلابد عليهم أن يهتموا بها بالنسبة للطعام، كذلك بالنسبة النظر في الأمراض التي تصاب بالحيوانات والطيور ولابد الاهتمام لهذا الأمر وأخذها إلى البيطري وما شابه ذلك؛ لأن أمراض هذه الحيوانات تنتقل ويتضرر الناس منها، فلابد الاهتمام بهذا الأمر.
فيؤتى بالحيوانات والطيور وتترك هكذا بأمراضها مثلا فهذه الأمراض إذا أصابت الغير فبيأثم هذا بإهماله وإلا إذا لا يستطيع على الاهتمام بالطيور والحيوانات في البيت أو في الزراعة أو ما شابه ذلك فيترك هذا الأمر فيترك تربية الطيور أو الحمام أو الحيوانات؛ لأن إذا وضع هذه الحيوانات أو الطيور في البيت من القطط أو غير ذلك وفيه أمراض أو لا يطعمها جيدا أو مهمل فيها فهذا بيأثم، والأمراض التي تنتقل إلى الناس أو إلى أهله أو أولاده وممكن أن يموتون أو يموت الشخص من جيرانه فيأثم على هذا الأمر.
فلذلك لابد من الاهتمام بهذا الأمر، فبهذه الشروط يجوز، وإلا لا يجوز تربية الطيور والحيوانات، ولذلك يشترط في حبسها في الأقفاص أن يطعمها ويسقيها العبد، ويوفر لها ما يلزم من الأمور من الأدوية عن الأمراض، إذا مثلا مرض هذا الحيوان أو هذا الطير خاصة من الدجاج الآن والطيور المعروفة التي تؤكل فلابد أن يأخذها إلى البيطري هذا، ويهتم بها وهناك أمور وإرشادات وتوجيهات لتربية الطيور والحيوانات في البيوت أو في الزراعات أو غير ذلك من ولي الأمر من هؤلاء الأطباء.
فعلى العبد أن يتعلمها ويطبقها في تربيته للحيوانات وتربية للطيور بهذه الشروط يجوز، وإلا دخل عليه الإثم، وممكن يدخل عليه العذاب في حياة البرزخ والعياذ بالله ويوم القيامة، ويدل على ذلك حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها، إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)، وهذا الحديث في صحيح البخاري ومسلم.
وإذا جاز هذا في الهرة جاز في الطيور ونحوها، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بين أمر وترك أمر، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بين أن حبس هذه المرأة وإهمال المرأة في هذه الهرة أو في هذه الحيوان أنها لم تقدم لهذه الهرة أو لهذه الحيوان الأكل والشرب، ولم تترك هذه الهرة تأكل من أرزاق الله -سبحانه وتعالى- في الأرض، فهي مهملة ومتعمدة، فدخلت والعياذ بالله النار، وهذه في حياة البرزخ والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يبين أن لا يجوز حبسها أو تربيتها فلو هذه المرأة حبستها في قفص أو في أي مكان لكن أكلت هذه الهرة أو هذه الحيوان، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر هذا الأمر، بل أنكر أن هذه حبستها بدون طعام ولا شراب، فيجوز لو حبستها مع الطعام والشراب، فيجوز هذا من مفهوم هذا الحديث.
يؤخذ من مفهوم هذا الحديث، فلذلك يحذر الناس، فالناس بسبب جهلهم بأحكام الشرع، فيتسببون بموت الطيور والحيوانات بلا مبالاة، ولا اهتمام وكأن هؤلاء غير آثمين، وأنهم لا يأثمون وليس عليهم حساب ولا عقاب على هذه الطيور والحيوانات إذا مات ومنهم من الكبار من يقتل هذه الحيوانات كالهرة وما شابه ذلك أو الطيور عمدا ويتعمدون ذلك بدون يعني ضرر هذه الطيور أو بدون ضرر هذه الحيوانات إذا هناك ضرر وأشياء فيجوز لكن لا بد العبد أن يسأل أهل العلم قبل أن يفعل هذا الشيء.
فإذا هناك مضرة هذا أمر آخر لكثرة يعني الطيور والأذية منها في البيوت وما شابه ذلك، أما يعني السبع الوحشية المتروكة، ومثلا الفئران، وغير ذلك من الحيوانات المضرة هذه فيجوز قتلها، أما بالنسبة للحيوانات الوحشية كالأسود والذياب وغير ذلك إذا كانت في الغابات وما شابه ذلك بعيدة عن الناس فلا يجوز قتلها لأنها غير مضرة على الناس فتترك كما هي متروكة، أما إذا دخلت على الناس تضرر الناس فيجوز قتلها.
فلذلك هذا الأمر مهم جدا لابد على العبد أن يتعرف عليه، ويتابع على هذا الحكم بالنسبة للحيوانات والطيور وتربيتها وأي الطيور تقتل وأي مثل الحيوان التي تقتل هذه إذا كانت مضرة على الناس فهذه لابد أن يسأل فيسأل أهل العلم عن هذه الأمور.
فمن هنا فيجوز يعني حبس هذه الطيور أو الحيوانات في الأقفاص وما شابه ذلك، بالشروط التي بينها أهل العلم، وحديث ابن عمر يعني قائم في ذلك فإنه دال على أن المرأة المعذبة لو أطعمت الهرة وسقتها إذ حبستها فإنها لن تعذب بل ممكن أن تؤجر على ذلك لأن خاصة بعض الحيوانات إذا تترك مثلا في الخارج فلا تحصل على الطعام ولا الشراب ويراها الشخص هزيلة فتموت ممكن أن يأخذها إلى أماكن يعني معروفة فيسقيها ويطعمها أو في مثلا زريبة أو زراعة أو ما شابه ذلك فيطعم هذه مثل هذه الحيوانات وهذه الطيور خاصة طير يعني سوف يهلك من البرد أو الحر فيطعمه ويسقيه فهذا له أجر.
كذلك هرة يضع لها الطعام، يضع لها الحليب ويراها هزيلة وتموت فله أجر بذلك، وممكن أن يأخذ مثل هذه يعني الحيوانات والطيور إذا لا يريد أن يأتي بها إلى البيت إلى أماكن أخرى، لأن بعض الطيور تأتي ببعض الأمراض تلقائيا هكذا بعض الحيوانات كالقطط مثلا السنور هذه تأتي بالحساسية فلذلك لابد على العبد يعني أن يتعرف على سنن الله -سبحانه وتعالى- في هذه الطيور وهذه الحيوانات وفي تربيتها وكيف يربيها وكيف يتركها ومتى، وينظر إلى توجيهات يعني ولي الأمر في ذلك، والإرشادات عن طريق المستشفيات المعروفة للحيوانات والطيور، ويسأل لكي لا يتضرر ولا يضر هذه الطيور وهذه الحيوانات ولا يضرر غيره، فلينتبه لذلك الناس وبعد ذلك نتكلم عن الأسئلة هذه .
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.