القائمة الرئيسة
الرئيسية / أحكام اللعن / الجزء (4) أحكام اللعن: استخدام الحكمة في لعن الـمُعيَّن (تفريغ)

2025-04-14

صورة 1
الجزء (4) أحكام اللعن: استخدام الحكمة في لعن الـمُعيَّن (تفريغ)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

وما زلنا في تبيين أحكام اللعن، وبينا أحكام اللعن وبينا كذلك اللعن المعين لأناس، ويأتي كذلك في الذين لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: «لعن الله من آوى محدثا»، وسيأتي الكلام على هذا بعد ذلك، وأن الذين يؤوون أهل البدع كثر في هذا الزمان، حتى أن منهم من يتسمى بالسلفية، ومنهم من يتسمى بالسنية وأنه من أهل الحديث ومن أهل الأثر، ويؤوي المبتدعة، فهذا ملعون، فكيف يكون سلفيا وكيف يكون سنيا؟ وكيف يكون عالما وكيف يكون شيخا وكيف داعية وهو ملعون؟ والنبي صلى الله عليه وسلم لعنه لأنه يؤوي المبتدعة، ويؤوي الحزبية، وسيأتي الكلام عليه.

وهنا أمر مهم جدا في أحكام اللعن، فيقول البغوي رحمه الله تعالى في «شرح السنة»: اللعن المنهي عنه أن يلعن رجلا بعينه مواجهة برا كان أو فاجرا، لأن عليه أن يوقر صاحب البر، ويرحم الفاجر، فيستغفر له، فإذا لعنه في وجهه زاده ذلك شرا.

وبينا في الأصل أنه يجوز لعن المعين، لكن هناك أناس يجهلون أحكام اللعن، فيلعن الصالح وصاحب البر وفي وجهه كذلك على أنه اختلف معه أو تشاجر معه أو ما شابه ذلك، وهذا بينا أنه محرم بالإجماع ولا يجوز، ومن يلعن الصالح هذا يدل على جهله وأنه ما يعرف أحكام اللعن، وأخذه الغضب وأخذته العصبية، فوقع في هذا المحرم العظيم، فلعن من لا يستحق اللعن وهو من أهل البر، فهذا بلا شك آثم وهذا اللعن سيرجع إليه، ويكون هو ملعون.

بالنسبة للفاجر بينا أنه أحيانا هذا الفاجر أو العاصي أو الفاسق يرجى أنه يتوب ويستغفر، وهناك قرائن عليه أنه يريد التوبة، يريد التدين، فيريد أن يترك هذه المحرمات والمعاصي، لكنه ما زال يفعل هذا الشيء وممكن أن يتوب ويتركه لكنه بعد ذلك يفعل، فهذا لا بد أن نرحمه ولا نواجهه في وجهه باللعن، حتى لو استمر، وضربنا لكم مثالا عن شارب الخمر الذي أوقع عليه النبي صلى الله عليه وسلم الحد أكثر من مرة وما أكثر ما يؤتى به، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن لعنه، لأنه يحب الله ويحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويحب الدين، ويريد أن يتوب لكنه ما يستطيع، فلا بد أن نصبر على هذا ولا نقول: أنت دائما تفعل وتفعل، وأنت منافق، فلينتبه العبد المسلم حتى يتبين أمره جيدا، ويغلب على ظننا أن هذا لا يرجع، وأشكال هؤلاء الذين يستمرون ونعرف أمرهم جيدا وأنهم لن يتوبوا فهؤلاء الله سبحانه وتعالى جعل للناس قرائن في الغالب أن هؤلاء ما يرجعون، كذلك المبتدعة في الغالب لا يتوبون ولا يرجعون، فهؤلاء بعد ذلك العنهم، لكن بينت لكم أن هناك مصالح وهناك دعوة وهناك دين ولا بد على العبد أن يراعي الدين ويراعي نفسه وغضبه، وأراد أن ينكر المنكر على هذا فيلعنه، فلا بد هذا العبد أن يراعي الدين وما يراعي عصبيته ولا غضبه، فيكظم غيظه وغضبه وعصبيته، ولا بد ما دام أنه يقول أنا طالب علم وأنا داعية وأنا كذا وأنا آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فلا بد أن يراعي الدين وما يراعي نفسه هنا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب من المشركين ولم ينتقم لنفسه، وكان يصبر لأجل الدين، وكان يراعي الدين، ومع هذا يضرب صلى الله عليه وسلم.

فأنتم تقولون أن قدوتنا النبي أيها الناس هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم، فهل أنت إذا ضربت أو قيل عنك كذا وكذا تصبر كما صبر النبي صلى الله عليه وسلم، أم تلعن بسبب الغضب والعصبية؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان هكذا، فكان يراعي الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري ومسلم بين أشد موقف أصابه صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة يقول لعائشة يوم الطائف ودماؤه صلى الله عليه وسلم تسيل من رأسه إلى قدمه، وملك الجبال أتى له وأراد أن يعاقبهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم راعى الدين، ولم يقل شيئا، بل قال: لعل الله يخرج من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله، وفعلا أسلم أهل الطائف بعد ذلك، وأنتم كما ترون تغدون وتروحون في الطائف بين مسلمين، وكان في عهد صلى الله عليه وسلم وفي الجاهلية مشركين، فالنبي صلى الله عليه وسلم راعى الدين، أنت بصبرك سوف يفتح الله عليك في هذا وهذا وذاك، وفي الناس وفي القرى وفي المدن وفي البلدان بصبرك، الله سبحانه وتعالى يعلم بك ويراك، الله سبحانه وتعالى قادر أن ينتقم لك، لكنه سبحانه وتعالى له سنن لا بد على طالب العلم أن يعرف هذه السنن ويراعي الدين.

هناك أمور نعم ينتقم لنفسه المسلم، مظلوم، ظلم فلا بأس في مواقف أن يدافع عن نفسه لأنه مظلوم وله حقوق لكن بالطريقة الشرعية وفي حدود الشريعة، ولذلك ما تكون نيته الدنيا والمناصب كالإخوانية، المجرمين، يقولون ظلم، ويقولون منكرات وهم يريدون الوصول إلى الحكم، فيقولون مثل هذا الكلام، وهذا الكلام ينطلي على العامة أتباع الإخوانية الرعاع والهمج فلا يكون المسلم مثل هؤلاء في نياتهم الخبيثة الشيطانية، بل ممكن يؤذى وممكن يضرب ويراعي الدين والله سبحانه وتعالى يفتح عليه، فلينتبه طالب العلم في هذا الأمر، لا يواجه الناس هكذا أو يواجه هذا باللعن، فأحيانا يترك هذا الشيء، وممكن أن يدعو الدعاء العام كما بينت لكم: اللهم العن الفاسقين، الظالمين، المجرمين، الكافرين...، وما شابه ذلك؛ لأن الكافر ممكن يتبين لك قرائن لعله يسلم، حتى لو لم يسلم مثلا أقمت عليه الحجة، ما يقول الإنسان: لو كنت أنا لعنت هذا وأصيب السنة، لا، الآن ترك هذا الأمر لأن عندنا قرائن لعل هذه الكافر يسلم فأنت تلعنه، فالله سبحانه وتعالى يستجيب دعاءك، ويبعد هذا، فلذلك لا بد أن تنتبه، وحتى لو لم يسلم أنت فعلت ما أمر الله سبحانه وتعالى به وانتهى الأمر، هناك كفار يتبين في أمرهم أنهم يريدون الإسلام لأنهم يقرؤون أو يقولون كذا وكذا عن الإسلام، فهذا ما تلعنه في وجهه وتنفره.

وبين البغوي فقال: (ويرحم الفاجر ويستغفر له، فإذا لعنه في وجهه زاده ذلك شرا)؛ لكن إذا تبين أمر هذا وعرفت أنه يستحق ومجرم ويعادي الإسلام والمسلمين فهذا تلعنه، سواء في وجهه أو في دعائك، لأن هذا اللعن دعاء، وكذلك الفاجر وكذلك المسلم العاصي الذي ضرره يتعدى، فهذا صحيح يستحق، لكن ما نأتي له في وجهه إلا في مواقف لا بد أن يتبينها طالب العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم لعن هؤلاء الكفار وبأسمائهم، والصحابة كذلك وأهل الحديث، فلا بد على الناس أن يعرفوا هذا الأمر، متى يلعن ومتى لا يلعن، ومتى يلعن الشخص في وجهه ومتى لا حتى لو فاجر، وممكن يكون هذا فاجر ويستحق وتلعنه في وجهه لعل يضررك خاصة في الأماكن المفتوحة أو المشاجرات ممكن يقتلك، مع عصابة، تواجه عصابة باللعن، اتركه ولا تلعنه ولا تناقشه، وأعرض عنه، وأعرض عن الجاهلين، فما يصح أن تقول: أنا أطبق السنة في هؤلاء، هؤلاء بلدانهم مفتوحة للمشاكل والإجرام وهذه البلدان تعرفونها، فما تذهب لهؤلاء الفساق والفجار تلعنهم، بل اتركهم في هذه المواقف في هذه البلدان، يعني تعرف متى تلعن أشكال هؤلاء، وإن كان هؤلاء يستحقون، لكن هؤلاء يضرونك وممكن يشتكون عليك، وممكن يلقونك في السجن، ويقولون: هو يلعننا، تقول: هؤلاء مجرمون ويستحقون، وهم ما يعرفون شيء أصلا في فقه اللعن، فلذلك ينتبه الواحد ويعرف متى يلعن ومتى لا يلعن، وممكن باللعن العام، وتعرض عن هذه الجماعة والله يتولى أمرها، وترى مصارع القوم بعد فترة، سنة أو سنتين أو ثلاث.

كما كنا نتحدث عن ملعون الله لعنه والله عاقبه وانتهى أمره، مجرم من المجرمين، قلنا من قبل أن هذا أمره سوف يأتي، ولعناه من قديم، والآن انتهى أمره، فهكذا ما يحتاج أنت تباشر، لازم تباشر القضية، بل اترك هذه القضية والعصبية والغضب، الله قال: ﴿وأعرض عن الجاهلين﴾ [الأعراف: 199]، فلا بد أن الإنسان يعرف، فلو كنت مظلوم اصبر، الله سبحانه وتعالى سينتقم لك ويأجرك، لأنك ممكن تصبح ظالم وتأخذ حقك وزيادة وتضرر هؤلاء الناس، وتصير مشكلة، فطالب العلم عليه أن ينتبه لهذا الأمر، فلذلك لا بد من الصبر.

والبغوي إمام من الأئمة يعرف، وعلى التفصيل الذي بيناه لا بد من التطبيق، ولذلك أحيانا ممكن يكون هناك مانع أن هذا اللعن لا يقع، والله سبحانه وتعالى ما يستجيب لك؛ لأنك عندك أشياء، ممكن مثل هذا الذي لعنته وأشد فيك من ظلم الناس وظلم الجيران والمعاصي... وأشياء كثيرة، فهذا يكون مانع، فأنت لا تغضب لهذا الأمر وتنفعل، وتترك الدين، تقول أن الله ما استجاب لي وهذا ظلمني، وفي الحقيقة أنت نفسك ظالم، انته من هذا الأمر، وامتنع، ثم يفعل هذا الذي لعنته أنت لكي يستجيب الله، لأن هناك موانع من الاستجابة ولا بد على طالب العلم أن يعرف ذلك.

ولذلك يبين هذا الأمر شيخ الإسلام ابن تيمية في «رفع الملام»، ويقول: وموانع لحقوق الوعيد متعددة منها التوبة ومنها الاستغفار ومنها الحسنات الماحية للسيئات، ومنها بلاء الدنيا ومصائبها، ومنها شفاعة شفيع مطاع، ومنها رحمة أرحم الراحمين، فهناك تصيب الشخص موانع يعني ما يتوب وما يرحم الناس، هو يفعل السيئات، لكن لو كان هذا الشخص لو فعل أشياء أو عصى وتاب.

كذلك من الأمور التي يستجيب الله سبحانه وتعالى بسببها الذي يستغفر له ولنفسه، وكذلك فعل الحسنات الماحية للسيئات، فالصبر على هذه الدنيا ومصائب الدنيا، لأن هناك أناس ما يصبرون فينفعلون، ويتركون الدين، ويتركون الصلاة، فأشياء كثيرة تحدث للناس، وعليك بالشفاعة للناس، ما تكون في هذه الدنيا كالوحيد والمنفرد ما تدري بحوائج الناس والفقراء والمساكين، تقول: من يموت يموت ومن يحيا يحيا، فهذه مصيبة عليك أنت، يعني فيه أناس في الحقيقة هلكوا بسبب هذا، ممكن أناس ما يدرون بزوجاتهم، ممكن ما يدرون بأولادهم، ممكن ما يدرون ببيوتهم، يصل الأمر إلى هذا، فهذا في الحقيقة مانع من إيقاع اللعن على هذا، ويتأخر اللعن واستجابة الدعاء في هذا، رغم أنه ظالم وملعون ومجرم، فينظر العبد في هذا الأمر وفي الموانع وفي تأخر الإجابة.

كذلك هنا أمر مهم يبينه شيخ الإسلام ابن تيمية في «رفع الملام» يقول: لم يجز أن نعين شخصا ممن فعل بعض الأفعال التي لعن فاعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقول: هذا المعين قد أصابه هذا الوعيد أو اللعن، لإمكان التوبة وغيرها من مسقطات العقوبة، وممكن هذا الآن أنت ما تدري عنه لعله بعيد عنك، لعله سافر، أو ذهب إلى منطقة أخرى، وأنت لعنته، وكذلك يفعل أفعال لعن النبي صلى الله عليه وسلم عليها لكن هذا تاب وأنت ما تدري وتلعنه، وتقول أن النبي صلى الله عليه وسلم لعنه، أو مثلا أن اللعن لم يقع عليه، لم تصبه عقوبة أو ما شابه ذلك، فيبين ابن تيمية رحمه الله تعالى أمر أنه لعله تاب وأنت ما تدري عنه، فيرتفع عنه اللعن، يرتفع عنه الدعاء، فالله سبحانه وتعالى ما يستجيب لك، الآن الله سبحانه وتعالى يعلم أن هذا تاب وأحسن توبته، وتوبته نصوح، فلذلك أنت تنظر إلى أمرك، وتستقيم، وما عليك من هذا هل أصابته اللعنة أو لم تصبه أو مرض أو عاقبه الله أو كذا، هذا الأمر تتركه لله سبحانه وتعالى، هو خالق الخلق، وهو يعلم بكل شيء، فلا تنشغل أنت هل أصابه الدعاء ولماذا لم يصبه الدعاء؟ هذا من الشيطان، فأنت لا بد أن تنتبه، الأصل في هذه الدنيا أن تطهر نفسك من الكفر ومن الشرك ومن المعاصي ومن البدع وتستقيم، ما عليك من الناس، أصابهم الدعاء، عاقبهم الله، كذا وكذا، إن علمت طيب، وإن لم تعلم لا تنشغل بهذا الأمر، ولذلك الله سبحانه وتعالى يريك هذه الأشكال أنه يصيبهم اللعن ويصيبهم العقاب أمام عينك وفي بلدك وفي غير بلدك كذلك من أهل الكفر في الخارج وأهل البدع في الداخل، لكن هناك أناس وقليل ما تدري عنهم فاتركهم لله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى جعل قرائن أن الناس من أهل الصلاح يعرفون أن هذا أصابته اللعنة، وأن هذا أصابه الدعاء، وأن هذا عاقبه الله بأفعاله، وهؤلاء كثر، لماذا؟ لكي تطمئن أنت أن الله سبحانه وتعالى فوق هؤلاء، والله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد، وأن الله معك، لكي تثبت، لكي تطمئن، لكي تستمر في دعوتك وفي دينك وفي التزامك، ما تتضجر، ما تمل، فالله يعلمك، ويبين لك علامات أمامك، ولذلك الله سبحانه وتعالى جعل للأنبياء والرسل علامات ومعجزات يرون هذا الأمر لكي يطمئنوا لكي يواصلوا لكي يدعوا لكي يثبتوا، هذه الحكمة.

كذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا نبي ولا رسول، فيه علامات الله سبحانه وتعالى جعلها للناس من أهل السنة تبين أنهم على الحق، وأن الله سبحانه وتعالى يعاقب هؤلاء، وعلامات أخرى تراها أنت من الرؤى وغير ذلك لكي تثبت، فالأمر تتركه لله سبحانه وتعالى، إذا ما تبين لك شيء في هذه الجماعة أو في هذا الفرد، اتركه وتمسك بدينك، واستمر، وادع الله سبحانه وتعالى أن يحييك على السنة وأن يميتك على السنة، فيبين شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الأمر أنه ممكن للتوبة وغيرها من مسقطات العقوبة الله ما يعاقبه، ما دام هذا تاب، وممكن أنت ما تدري به، وهؤلاء كثر، بعد ما كانوا فيهم وفيهم من الإجرام والظلم الله هداهم وأحسنوا توبتهم، وقليل من هؤلاء ما ترى فيهم شيئا من ذلك، ممكن لو ذهبوا إلى أماكن أخرى فيتوب وأنت ما تدري به، فالله يرفع عنه العقوبة، رغم أنك أنت دعوت عليه أن يعاقبه الله، فننظر إلى هذه الأمور.

وكذلك يبين ابن حجر رحمه الله تعالى في «فتح الباري»، والآن لعن المعين والدعاء عليه قد يحمله إلى التمادي، ويقنطه من التوبة، فإذا نرى من هذا الإنسان علامة، من الكافر أو المشرك أو المبتدع أو العاصي، لا نلعنه اللعن المعين، خاصة في وجهه، إذا كان يغلب على ظننا أنه سيتوب حتى لو بعد فترة، وكذلك إذا لم يتب هو وفعل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم لعنه عليها سوف تصيبه اللعنة فلا حاجة أنت تدعو عليه أنت، ولا تنشغل به أنك لا بد أن تلعنه، ممكن أناس آخرين لعنوا هذا، تقول: أنا لا بد أن ألعن هذا، كالمرجئة، لا بد أن تقيم على هذا المشرك أو المبتدع أو العاصي الحجة، لابد أنت أيها المرجئ هناك آخرين أقاموا عليه الحجة، إذا انتهى الأمر، وما دام هذا في دار الإسلام فاعلم أنه قامت عليه الحجة لماذا أنت تقول هذاالكلام والحجة قامت عليه أصلا؟ لماذا تقول؟ هذا الآن مشرك يعبد القبور، ويطوف عليها ويستغيث بها، تقول: لا أكفره لأنه لا بد أن أقيم عليه الحجة، طيب هناك أناس آخرين أقاموا عليه الحجة وانتهى الأمر، لماذا هذا الحكم؟ لماذا؟ فهكذا كأن الشخص هو ملزوم أن يفعل الشيء معك خلق من الناس، من دعاة السنة، ومن تابعهم من المسلمين يقيمون الحجة على هذا وغيره، ويدعون عليه باللعن وغيره، ويدعون له بالاستقامة والهداية، وهؤلاء يدعون عليه بالعقوبة، كل واحد على حسبه، فلا تظن أنه لا بد أن تلعن، ولا بد أن تقيم الحجة، وتدعو بالعقوبة على هذا، لا، والله سبحانه وتعالى قائم على الخلق، ممكن أنت ما تحتاج أن تلعنه ولا أن تدعو عليه ولا تنشغل بهذا الشيء أصلا، والله سبحانه وتعالى يلعنه، ولذلك الله سبحانه وتعالى لعن إبليس، ما في أحد لعن إبليس، فلذلك لا بد أن ننتبه لهذه الأمور، فلست أنت بملزوم بهذا الأمر.

وبين شيخ الإسلام ابن تيمية هذا في «رفع الملام»، يعني عن نصوص الوعيد في الكتاب والسنة وهي كثيرة، فلا يقال أن هذا ملعون، ولا يقال أن هذا مغضوب عليه، وهذا كذا، ممكن ألا يكون مستحق للعن وغير مستحق للنار، فتقول: هذا في النار، ما يقال في هذا إلا أن هناك نصوص وعلامات ويغلب على ظنك أن هذا ما يتوب كالحزبية عندنا، أعطوني حزبي ترك الحزبية! من ثلاثين سنة وعشرين سنة وهم يتمادون في الضلالات من بدعة إلى أخرى، وأضرار ضرروا المسلمين وبلاد المسلمين، حتى وصل بهم الأمر إلى سفك الدماء وشراء الأسلحة، فيعطون هذا الفريق أسلحة وهذا الفريق أسلحة ويتقاتلون، بين المسلمين، عصابات فهؤلاء تتجارى بهم الأهواء، فهؤلاء ادع عليهم باللعنة والعقاب وما شابه ذلك، أعطني رأس من هذه الرؤوس أنه يتوب ويعلن توبته، ما يستطيع ولا واحد منهم، بل هؤلاء تمادوا كما ترى، فمثل هذا العنه، ما يتوب أصلا، لكن هناك أناس يغلب على ظنك أنه سيتوب، وفعلا ناس تابوا، وبين شيخ الإسلام ابن تيمية أن الذين تابوا والذين على الفطرة خلق لا يعلم بهم إلا الله، ولذلك آخر من يدخل الجنة بعد ما يخرج من النار وقد اسود فيقال له: ادخل الجنة، يعني كثرة الذين سوف يدخلون الجنة لا يعلمهم إلا الله، أنت تعلم بأناس والله سبحانه وتعالى يعلم بخلق من الناس على الفطرة وعلى الإسلام، والذين تابوا من الكفر وتابوا من الشرك وتابوا من البدع، وتابوا من المعاصي، والذين أمامك من أهل البدع وغير ذلك، فادع عليهم لأن هذا الأمر تشهده أنت.

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan